تصريحات متناقضة تكشف تخبط الحوثيين بعد إعلان وقف إطلاق النار
الإثنين 12/مايو/2025 - 02:02 م
طباعة

في تصريح لافت يعكس حجم التداخل بين الأجندة الإيرانية وممارسات ميليشيا الحوثي في اليمن، علّق وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف العملية العسكرية ضد الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران.
وقال الوزير اليمني أن "إعلان الرئيس الأمريكي أثار حالة من الارتباك داخل صفوف المليشيا، انعكست في موجة من التصريحات المتناقضة التي صدرت عن قادتها وإعلامها، فمن قائل إن القرار جاء نتيجة حوارات غير معلنة استمرت لأسابيع، إلى من يروج أنه موقف أمريكي أحادي لا علاقة للحوثيين به وانه خاضع للتقييم، إلى من يؤكد عدم وجود أي تفاهم وأن وساطة عمانية بطلب امريكي تدخلت لوقف إطلاق النار".
وأضاف الإرياني في تغريدة له على منصة "إكس" "هذه الحالة من التخبط والتناقض تشير بوضوح إلى ان المليشيا الحوثية لم تكن في صورة ما جرى، ولم تكن طرفا فيه لا من قريب ولا بعيد، كما تسلط الضوء على حقيقة طالما أشرنا إليها، وهي أن المدعو عبدالملك الحوثي لا يعدو أن يكون دمية بيد الحرس الثوري تُدار بالريموت كنترول من طهران، وأن المليشيا ليست طرفا في المعادلة السياسية والعسكرية كونها لا تملك قرار الحرب والسلم، بل مجرد ذراع رخيصة يتم تحريكها وفقا لمصالح الداعم الإيراني".
وتابع الإرياني "الواقع أن التفاهمات حول اعلان وقف إطلاق النار لم يُصنع في صنعاء ولا في صعدة، بل جاءت نتيجة تفاهمات إيرانية–أمريكية بوساطة عمانية، تهدف إلى تهدئة الأجواء تمهيدا لاستئناف المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، حيث لجأت طهران مجددا لتوظيف اوراقها في المنطقة، وعلى رأسها مليشيا الحوثي الإرهابية، بعد تعثر عقد الجولة الرابعة من تلك المفاوضات".
ولفت الإرياني إلى أن ما حدث ليس جديدا على من تابع سلوك المليشيا الحوثية منذ نشأتها ووضعها مصالح الإيرانيين فوق دماء اليمنيين ومعاناتهم المستمرة منذ سنوات، فكلما اشتدت الضغوط الدولية على إيران، جرى تسخين الجبهة اليمنية أو تفجير أحد ملفاتها. والعكس صحيح، حين تتجه إيران إلى طاولة المفاوضات، تحاول أن تخفف من حرارة الجبهات، كجزء من هندسة سياسية إيرانية هدفها الأول والأخير تعزيز نفوذ طهران في الإقليم وتحسين موقعها التفاوضي ولو على حساب اليمنيين وأمنهم واستقرارهم.
ونبه الإرياني إلى أن ما حدث يعيد التأكيد على أن الهجمات الإرهابية التي نفذتها مليشيا الحوثي ضد الملاحة الدولية، منذ نوفمبر 2023، لم تكن مدفوعة بأي بُعد أخلاقي أو تضامن حقيقي مع القضية الفلسطينية، كما يدّعي الحوثيين، بل كانت تنفيذا مباشرا لتعليمات طهران، فتلك الهجمات التي شكلت تهديدا خطيرا للمصالح الدولية، يتم استخدامها الآن كورقة ضغط وتفاوض إيرانية في مواجهة الغرب، في إطار لعبة الابتزاز الاستراتيجي التي تمارسها طهران كلما شعرت بأن موقعها التفاوضي يتراجع، وبغض النظر عن مسار الاحداث في قطاع "غزه".
ويرى المراقبون أن تصريحات وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني تعكس قراءة واقعية لطبيعة العلاقة بين ميليشيا الحوثي والنظام الإيراني، وتؤكد المؤشرات التي لطالما تحدث عنها المجتمع الدولي حول استخدام طهران للحوثيين كورقة تفاوضية في صراعاتها مع الغرب، لا سيما في سياق الملف النووي. ويعتبر المراقبون أن حالة التخبط التي ظهرت في مواقف الحوثيين عقب إعلان وقف العملية العسكرية الأمريكية، تكشف عن غياب استقلالية القرار داخل الجماعة، وتعزز من قناعة متزايدة بأن الحوثيين لا يتحركون وفق معطيات وطنية أو ميدانية، بل بحسب توجيهات إيرانية تخدم أجندات خارجية. كما يرون أن استغلال الحوثيين لقضايا إقليمية، كالقضية الفلسطينية، لم يكن يوماً نابعا من التزام مبدئي، بل مجرد ذريعة لتبرير أعمال عدائية موجهة تخدم مصالح طهران التفاوضية، وهو ما يعيد التأكيد على خطورة التعاطي مع هذه الجماعة كطرف شرعي في أي تسوية قادمة دون نزع سلاحها وقطع ارتباطها بالمشروع الإيراني في المنطقة.