بعد قرار واشنطن: أزمة تمويل تضرب بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال

الإثنين 12/مايو/2025 - 03:25 م
طباعة بعد قرار واشنطن: علي رجب
 


رفضت الولايات المتحدة بشكل قاطع تقديم الدعم المالي لبعثة الاستقرار الجديدة التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال (AUSSOM)، التي يفترض أن تحل محل بعثة الاتحاد الانتقالية (ATMIS) في يوليو المقبل، مما يزيد من هشاشة الوضع الأمني في البلاد ويهدد بفراغ محتمل في مواجهة الجماعات المسلحة، وعلى رأسها حركة الشباب.
القرار الأمريكي
جاء هذا الرفض بعد زيارة وفد رفيع من الاتحاد الأفريقي إلى واشنطن في محاولة أخيرة لتأمين التمويل الضروري لاستمرار عمليات حفظ السلام، لكن المسؤولين الأميركيين أصروا على موقفهم، مشيرين إلى "غياب الكفاءة التشغيلية" و"ضعف تقاسم الأعباء المالية" بين المانحين الدوليين.
زار وفد رفيع المستوى من الاتحاد الأفريقي واشنطن مؤخرا في محاولة أخيرة لضمان دعم بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال، والتي من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال في يوليو/تموز.
بعثة حفظ السلام الأفريقية في الصومال (ATMIS) هي بعثة حفظ سلام معتمدة من الاتحاد الأفريقي حلت محل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (AMISOM) وتهدف إلى دعم قوات الأمن الصومالية في مكافحة حركة الشباب وتأمين البلاد.

معارضة متكررة لإطار القرار الأممي 2719
وفي اجتماع سابق عقد في كمبالا، أعادت واشنطن تأكيد رفضها لاستخدام إطار القرار 2719 لتمويل البعثة، وهو الإطار الذي كان يسمح بتمويل بعثات حفظ السلام الأفريقية من ميزانية الأمم المتحدة. الولايات المتحدة ترى أن الصومال لا يمثل "سياقًا مناسبًا" لهذا النموذج، ودعت إلى بدائل تمويلية جديدة خارج المانحين التقليديين.

تزامن ذلك مع تقديم مشروع قانون في الكونغرس الأميركي لمنع تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال تحت القرار 2719، في خطوة تنذر بتوقف نهائي للدعم الأميركي لأي وجود عسكري أفريقي منظم في البلاد.
في الثاني من مايو/أيار، قدم أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي " قانون تقييد تمويل قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي لعام 2025 "، بهدف منع المساهمات الأمريكية في قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي بموجب القرار 2719.
ويمثل القرار الأمريكي ضربة قوية للجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في البلاد مع انتقالها من قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (ATMIS) إلى بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار والاستقرار (AUSSOM).
على الرغم من الوجود العسكري للاتحاد الأفريقي في الصومال منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، فإن جماعة الشباب الإسلامية المتمردة لا تزال راسخة الجذور وتكتسب جرأة متزايدة.
وفي حين ساعدت عمليات الانتشار الأولية لقوات الاتحاد الأفريقي في استعادة مناطق رئيسية من سيطرة المتشددين، فإن الهجمات الأخيرة التي شنتها حركة الشباب أدت إلى عكس العديد من هذه المكاسب

أزمة تمويل تهدد بانهيار المهمة
تعاني بعثة ATMIS المنتهية ولايتها من عجز مالي حاد، وصل إلى أكثر من 100 مليون دولار في الرواتب المتأخرة والديون التشغيلية، مما أضعف معنويات القوات، وأثار المخاوف من انهيار أمني شامل في حال لم يتم إطلاق بعثة AUSSOM في موعدها.
وبحسب تقرير صادر عن مجلس الأمن، أعربت الولايات المتحدة عن معارضتها المستمرة لاستخدام إطار القرار 2719 بشأن الصومال.
تم اعتماد الإطار في ديسمبر 2023 ويمثل تطوراً هاماً في تمويل عمليات دعم السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي، مما يسمح، لأول مرة، باستخدام المساهمات المقررة من الأمم المتحدة لتمويل مثل هذه البعثات على أساس كل حالة على حدة.
أكدت الولايات المتحدة أن الصومال ليس سياقًا مناسبًا لتطبيق إطار القرار 2719، وعارضت نموذج التنفيذ الهجين، بحجة أنه لا يعكس روح القرار 2719 أو مقصدها. واقترحت الولايات المتحدة استكشاف خيارات تمويل بديلة تتجاوز قاعدة المانحين التقليدية . وأشار التقرير إلى ذلك.
وقد اضطرت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى خفض 124.9 مليون دولار من ميزانية AUSSOM من خلال تقليص رواتب القوات وإلغاء تكاليف التأمين والمعدات والرحلات، مما جعل الميزانية المعدلة تبلغ 166.5 مليون دولار فقط، مقارنة بالميزانية المتوقعة البالغة 190.2 مليون دولار.

تمدد حركة الشباب
رغم قرابة عقدين من الانتشار العسكري للاتحاد الأفريقي، لا تزال حركة الشباب تحتفظ بسيطرة واسعة في الجنوب والوسط، وشهدت الأشهر الأخيرة سلسلة من الهجمات العنيفة التي أدت إلى تقويض المكاسب السابقة.

في ظل هذا التصعيد، يرى مراقبون أن أي انسحاب غير منظم للقوات الدولية قد يفتح الباب أمام استعادة الجماعات المسلحة للمزيد من الأراضي، بل وربما تهديد العاصمة مقديشو نفسها.
وفي الوقت نفسه، تواصل الانقسامات السياسية في الصومال تقويض جهود الإصلاح. فالرئيس حسن شيخ محمود تعهد بإجراء أول انتخابات "صوت واحد للشخص الواحد" في 2025، إلا أن الصراعات بين الحكومة الفيدرالية والولايات الأعضاء، إلى جانب سيطرة المتشددين على أجزاء كبيرة من البلاد، تطرح تساؤلات حول إمكانية تنظيمها.

إرهاق المانحين ومخاوف من "الفراغ الأمني"
أدى فشل التقدم السياسي والعسكري إلى إرهاق واضح في صفوف المانحين الغربيين، حيث يصف البعض الوضع بأنه "تشاؤم استراتيجي" بعد سنوات من التمويل دون نتائج ملموسة، فيما يخشى آخرون من أن يؤدي انسحاب الاتحاد الأفريقي دون خطة بديلة إلى فراغ أمني قد تستغله الجماعات المتشددة لتوسيع نفوذها.

شارك