حرب استنزاف في جبال المسكاد: هل تنجح بونتلاند في إنهاء تهديد داعش الصومال؟

الإثنين 30/يونيو/2025 - 05:02 م
طباعة حرب استنزاف في جبال
 
أطلقت قوات دفاع بونتلاند الصومالية، فجر الإثنين، عملية عسكرية جديدة ضد فلول تنظيم داعش المتحصنين في سلسلة جبال المسكاد شمال شرقي الصومال، ضمن حملة أمنية ممتدة تهدف إلى القضاء على بقايا الجماعة المتطرفة، التي ما زالت تشكل تهديدا أمنيا في بعض المناطق الوعرة من إقليم بري.

عملية ممتدة دون حسم
تستمر المواجهات في جبال المسكاد للشهر السادس على التوالي دون حسم عسكري واضح، في ظل تحديات تضاريسية وتكتيكية تواجهها القوات المحلية، رغم ما أحرزته من تقدم منذ فبراير/شباط الماضي، حين بدأت بونتلاند حملة "هيلاك" الأمنية واسعة النطاق ضد التنظيم.

ورغم انتزاع السيطرة على عدد من المواقع والمرافق التي كانت تحت سيطرة داعش، لا تزال الجماعة قادرة على المناورة والانتقال بين مواقع مختلفة، ما يضعف فعالية الضربات الجوية ويرهق القوات الميدانية.

اغتيال قيادي بارز في التنظيم
في تطور لافت، أعلنت غرفة العمليات العسكرية الأسبوع الماضي عن مقتل القيادي البارز في تنظيم داعش، أحمد موسى سعيد، في وادي ميرالي، وهو مسؤول ملف العلاقات الخارجية والمكلف بعمليات التجنيد في التنظيم، ويعد من أبرز المطلوبين محليا ودوليا.

وأكد عبد الفتاح محمد نور، وزير الدولة لرئاسة بونتلاند، أن تصفية سعيد "وجهت ضربة قاصمة للتنظيم"، مشيرا إلى أن "داعش لن يتعافى بسهولة من خسارته"، باعتبار أن سعيد هو أعلى قيادي يقتل منذ انطلاق العمليات في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

عملية "هيلاك" في عمق التضاريس
جاء في بيان قيادة عملية "هيلاك" أن القوات بدأت تنفيذ "عملية تطهير ضد الإرهابيين الفارين، وتتقدم حاليا باتجاه الجيوب التي يشتبه بوجود عناصر داعش فيها".

ويعتقد أن مقاتلي التنظيم المتطرف فروا من مناطق مثل وادي بعالاد، ميرالي وجاكايل، إلى مواقع أكثر وعورة مثل واليسور ومارماركا، التي تتعرض الآن لضغوط ميدانية مكثفة.

ورغم قلة عدد مقاتلي داعش، إلا أنهم يعتمدون تكتيكات حرب العصابات وتشكيلات صغيرة متنقلة، مما يفرض على القوات الحكومية تقسيم صفوفها والتوغل سيرا على الأقدام في تضاريس لا تسمح بمرور المركبات العسكرية، وفق تصريح سمية شيخ عبد القادر، الخبيرة في شؤون الأمن الصومالي.

تحديات ميدانية وحرب استنزاف
ورغم الدعم الشعبي الواسع، تواجه "قوات دفاع بونتلاند" تحديات ميدانية معقدة، أبرزها الطبيعة الجبلية الوعرة وتشتت عناصر التنظيم. فبينما تواصل القوات تأمين المناطق المحررة لمنع إعادة تمركز المقاتلين، يثير طول أمد المعركة مخاوف من إنهاك مستمر للقوات وانعدام رؤية واضحة لنهاية وشيكة للصراع.

وقال مسؤول أمني إن  "داعش يستغل الطبيعة الجغرافية لإعادة ترتيب صفوفه، وتحريك عناصره عبر مسارات جبلية خفية"، مشددا على أهمية "عدم الاكتفاء بالحسم العسكري، بل ضرورة الاستثمار في الأمن المجتمعي وحرمان التنظيم من الحاضنة المحلية".

ملاذ الجبال وتكتيك الكر والفر
لطالما كانت جبال المسكاد ملاذا للجماعات المسلحة، وتحديدا عناصر داعش الذين يستفيدون من وعورة الجبال وانخفاض الوجود الأمني. وقد استخدمت الجماعة هذه المنطقة كقاعدة انطلاق لعملياتها المحدودة ضد قوات الأمن ومراكز مدنية في بوصاصو والمناطق المحيطة.

ويرى مراقبون أن الحرب ضد التنظيم في بونتلاند باتت "أكثر تعقيدا من أي وقت مضى"، نظرا لتحول التنظيم إلى أسلوب الكر والفر وتجنب المواجهات المباشرة، ما يصعب من مهمة القضاء عليه بشكل كامل في المدى القريب.

دعم شعبي واستمرار التقدم
ورغم ذلك، فإن التحرك العسكري الجاري يلقى دعما شعبيا متزايدا، في ظل تصاعد المخاوف من عودة نشاط داعش في حال تراخي القبضة الأمنية، وتؤكد حكومة بونتلاند استمرار عملياتها "حتى تطهير كامل" للمناطق الجبلية من أي وجود مسلح.

وتشير التقديرات الميدانية إلى أن تنظيم داعش في الصومال بات أضعف من حيث العدد والتمويل، لكنه ما يزال يحتفظ بقدرات قتالية كافية لإرباك الجهود الأمنية، إذا لم تدعم الحملة العسكرية باستراتيجية متكاملة تشمل التنمية، والتأهيل المجتمعي، وتفكيك بيئة التجنيد.

شارك