مساحات "الظلام" في فكر وممارسات "النور" السلفي
السبت 28/فبراير/2015 - 08:54 م
طباعة
الديموقراطية كفر.. المرأة النائبة حرام.. "النصارى".. كفار..!!
يشارك في الانتخابات البرلمانية وعلى قوائمه أقباط ونساء
"ان مشاركة الصالحون تقلل المفاسد عملا بقاعدة ( ارتكاب المفسدة الصغرى لدفع المفسدة المفسدة الكبرى ) و طالما ان المشاركين اخذوا بقواعد شرعية، قائمة على ادلة علمية فمشاركتهم من العمل بالسياسية الشرعية و لا يشترط في القائمين بالسياسية الشرعية الا يقعوا في منكر قط، بل يجوز لهم ذلك - وقد يجب - اذا كانوا يدفعون منكرا اكبر، عند عجزهم عن انكار المنكر كله، اكبره و اصغره ) ومن هذا المنطلق يتضح موقف الحزب من ترشيح المرأة و النصراني على القائمة في ظل قانون للانتخابات يلزم بذلك و ليس مختارا و في ضوء ثبات الحكم و تغير الفتوى بتغير الحال فنحن نعتقد ان مشاركة المرأة و النصارى غير جائزة على الراجح و لكن الفتوى جواز مشاركتهم للمصلحة الراجحة."
محمد القاضي عضو مجلس ادارة الدعوة السلفية
بهذه الكلمات يبرر محمد القاضي عضو مجلس ادارة الدعوة السلفية ترشح المرأة والنصارى على قوائم حزب النور في الانتخابات البرلمانية القادمة حيث المصلحة السياسية للحزب في ترشحهم تتغلب على القاعدة الفقهية والفتاوى التي لا تجوز هذا الترشح من وجهة نظرهم الضيقة، وبهذا تنتهج الدعوة السلفية في مصر المنهج البرجماتي نفسه للشقيقة الكبرى "جماعة الاخوان" التي خرجت عن اطار المنافسة الانتخابية نتيجة حل الحزب والجماعة والعزل المجتمعي لها.
كما كان هذا التبرير لأعضاء الدعوة السلفية الذين بدأوا مهاجمة قيادتهم لمشاركتهم في الانتخابات البرلمانية القادمة لاعتبارها حرام شرعا حسب الفتاوى الوهابية التي يستندون اليها من ناحية ومن ناحية أخرى تبني أعضاء الدعوة السلفية أراء تنظيم الدولة "داعش" ومنهجها وهذا ما نص عليه ياسر برهامي نفسه، نائب رئيس الدعوة الدعوة السلفية حيث أقر في بداية فبراير الجاري في وسائل اعلامية مختلفة، بتعاطف الكثير من أبناء التيار السلفي مع تنظيم الدولة "داعش" وقبولهم له ودفاعهم عنه جهلاً منهم بحقيقة هذا التنظيم. وقال: "أجزم بأن كثيرًا جدًا من شباب التيار السلفي المتدين يقبلون داعش ويدافعون عنه". وأوضح برهامي أن تقديرات أعداد "داعش" في زيادة مستمرة، مقابل تأكل الفصائل السلفية المعتدلة.
والموقف من المرأة والأقباط وكذلك من نظام الحكم يسبب اشكالية رئيسية لحزب النور والدعوة السلفية في المرحلة القادمة:
الموقف من الأقباط
يطلق حزب النور على اقباط مصر لفظ "النصارى" وهذا للدلالة على تمسكهم بالقرآن والسنة حتى في استخدام الألفاظ والعبارات رغم انهم بعيدون كل البعد عن استخدامهم للمفاهيم القرآنية والنهج القرآني الذي تعامل به مع الآخر، حيث نشر الموقع الرسمي للدعوة السلفية "أنا السلفي" 4 يناير الماضي فتوى متطرفة لتحريم تهنئة المسلمين للأقباط بأعياد الميلاد. وكانت على شكل سؤال: ماهو "حكم تهنئة النصارى بما يسمى بـ"عيد ميلاد المسيح" أو "الكريسماس".. وأردف بالإجابة على السؤال بفتوى قديمة للشيخ "ابن عثيمين" والتي جاءت كالتالي: "قال الشيخ ابن عثيمين: تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم- رحمه الله- في كتابه "أحكام أهل الذمة" حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الكُفْرِ فَهُوَ مِنَ المُحَرَّمَاتِ. وَهُوَ بِمَنْـزِلَةِ أَنْ تُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدرى قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية، أو بدعة، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه".
بعد هذا التصريح بحرمة التهنئة بالأعياد فكيف لهذه الدعوة السماح للأقباط بالترشح على قوائم حزب النور الزراع السياسية لها، ان لم تكن الفتاوى والآراء تتغير حسب تغير المصالح! فان كانت مصلحة الدعوة الأن مع الأقباط فلا مانع من غض الطرف عن هذه الفتوى وهذا الرأي!
الموقف من المرأة
الدكتور-ياسر-برهامي
أما الموقف من المرأة رغم ان الدعوة السلفية وزراعها السياسية حزب النور يؤكدون في اكثر من موضع عدم الاعتراف بها وبترشحها ويؤكدون على حرمانية هذا الا انهم يقومون عمليا بضم النساء الى قائمة حزب النور في الانتخابات البرلمانية القادمة وكأنهم لم يطلقون تلك الفتاوى والآراء من قبل مثال ذلك ما قاله الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية: إن تولي المرأة لمنصب الرئاسة حرام بإجماع العلماء، والأئمة الأربعة وغيرهم، لأنها من الولايات العامة، مؤكدًا أن الدعوة "لديها ثوابت إسلامية" في أنه لا يصح أن تتولى أمور الحكم امرأة، وهذا يفسر رفضهم للجلوس مع إحدى النساء اللواتي أعلنَّ عن خوضهن انتخابات الرئاسة الماضية.
الشيخ أحمد حمدي، مسئول الدعوة السلفية بالقاهرة
وقال الشيخ أحمد حمدي، مسئول الدعوة السلفية بالقاهرة: إن الأصل في جميع الولايات سواء كانت ولايةً كبرى أو صغرى أن تكون للرجال، مشيرًا إلى وجود خلاف في كون ترشح المرأة لعضوية البرلمان، من الولايات أم لا؟ واعتبار أن المجلس يمثل ولايةً بمجموع أفراده أم بآحادهم؟
وأكد في مقطع صوتي أن الدعوة السلفية تعتقد أن وجود المرأة في البرلمان من الولايات التي حرمها الإسلام، لافتًا إلى أنهم وافقوا على قبول ترشحها على قوائمهم في الانتخابات المقبلة بشكل اضطراري بسبب قانون الانتخابات، وأنهم يوازنون بين مفسدتين، أحدهما وجود المرأة في البرلمان مع كونه حرامًا، ومفسدة حل الحزب وضياع الدعوة.
وأضاف مسئول الدعوة بالقاهرة أن مسألة تحريم تولي المرأة للرئاسة من المسائل التي أجمع عليها فقهاء الإسلام، ومن يقول بخلاف ذلك يكون قد خرق إجماع الأمة.
فأين ذهبت هذه الثوابت بتحريم تولى المرأة الرئاسة، والمشاركة في البرلمان؟
النموذج الاسلامي في الحكم
تعددت الأقوال والتصريحات من فصائل مختلفة للتيار الاسلامي حول ما يسمى ب "نموذج الحكم الاسلامي" ولأننا هنا نتناول الفصيل السلفي فقد نعرض تصريحات عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية والذي يطلقون عليه "أسد السنة" حول هذا الموضوع من خلال تفريغ لمجموعة من حلقاته المسجلة على موقع "أنا سلفي" والتي يتدارسها أعضاء الدعوة السلفية.
ففي 31 اكتوبر تحت عنوان "لماذا نقاطع الانتخابات" تسائل عبد المنعم الشحات في بداية الحلقة "اذا كنا ممكنين هل نبني النموذج الديموقراطي؟"
وقد اجاب على نفسه بالقول "ما نجزم به لا.. لا نبني النموذج الديموقراطي.. بل نبني النموذج الاسلامي، والنموذج الاسلامي يخالف النموذج الديموقراطي تماما.
واحد المشاكل ان اخواننا الذين يدخلون الانتخابات يضطرون الى الثناء على النموذج الديموقراطي ويضطرون الى ان يجعلوا اسمى امانيهم هو تطبيق النموذج الديموقراطي.
لدينا نظام اسلامي مقيد بالشرع والشورى فيه مقيدة بالشرع، بينما النظام الديموقراطي ليس فيه كذلك، وان كان هناك نظام ديموقراطي الشورى فيه مقيدة بالشرع فلم تكن هذه ديموقراطية، لان قوام الديموقراطية حكم الشعب فحينما نقيدها بالشرع فأنت تهدم الركن الأعظم للديموقراطية، فإذا نحن سنقيم نظام فسوف نقيم نظام اسلامي وليس ديموقراطي.
والنظام الاسلامي الشورى فيه مقيدة بالشرع، والشورى لا تلزم بوجود احزاب بل لا يجوز وجود احزاب، فكل كتب العقيدة تنص على التحذير من الفرقة، فالشورى ان يشاور الامام الأمة، فليس هناك من هو جالس في كراسي المعارضة ومن هو جالس في كراسي الحكومة، وليس هناك تداول سلطة، فعقد الامامة عندنا عقد ابدي الى ان يموت الامام او يطرأ عليه ما يوجب انخلاعه."
ويتساءل مرة اخرى عبد المنعم الشحات "فماذا تبقى من الديموقراطية؟ ولماذا ننقح اسلامنا من غيرنا؟
ليس هناك مجلس مخصص للشورى بل الامام يستشير اهل الحل والعقد، والامام يحتاج في النظام الاسلامي الى مجتهدين دائمين ليشاورهم في الامر الشرعي" هذا النموذج الاسلامي للحكم طبقا لرؤية الدعوة السلفية وزراعها السياسية حزب النور، والتي تؤكد على :
1- ليس هناك تداول للسلطة
2- عدم وجود أحزاب سياسية
3- عقد الامامة ابدي ينتهي بموت الامام
4- ليس هناك مجالس نيابية
5- الامام يختار المجموعة التي يحق له مشاورتها
6- رأي الشورى ليس ملزم للإمام لأنه راي استشاري وليس قرار او قانون
7- الامام هو الذي يسن القوانين
فلماذا اذن يمارسون الديموقراطية طالما انها لا تتوافق مع نظامهم الاسلامي كما يدعون؟
يرد عبد المنعم الشحات على هذا السؤال في مقطع فيديو اخر على قناة الحدث بتاريخ 30 ابريل 2011 اي بعد قيام ثورة 25 يناير التي كانوا يهاجمونها ويقولون بتحريم الخروج على الحاكم او ولي الامر، فيقول ردا على هذا السؤال "حينما ننشئ نظام من جديد سوف نقول ان الشعب يشارك في اختيار الحاكم، الشعب يحاسب الحاكم، الشعب يعارض الحاكم اذا أخطأ ويساعده في تقويم الخطأ، ويساعده من باب أولى في الصواب "مش نعمل احزاب وكل حزب عاوز يعظم مصالح نفسه"، لكن الواقع الحالي، فالنظام قائم على التعددية الحزبية، فهناك أحزاب ليبرالية ويسارية فهل نسكت نحن "الدعوة السلفية" وبالذات في هذه المرحلة التي يتم فيها صنع دستور جديد ليصوغو لنا دستور ليبرالي لا يتوافق حتى مع تدين الشعب؟
أم نحاول من خلال أحزاب ونقول ان تقوم الأحزاب الإسلامية بهذا وبالمناسبة الدعوة السلفية لن تنشئ حزب فهذه الآلية فرضت علينا ولابد ان يكون هناك أحزاب تدافع عن الهوية الاسلامية للشعب المصري ونحن لا ننشئ حزب لأننا دعوة لها وجود دعوي كبير، والدعوة أشمل من الحزب فلة اننا أنشأنا حزب نخشى ان يحدث تجريف للأرض الدعوية وانتقال عدد كبير من المشتغلين بالدعوة الى القناة السياسية الضيقة ويتركون نهر الدعوة."
فهنا يقرر عبد المنعم الشحات ويجزم بعدم انشاء الدعوة السلفية لحزب سياسي وبعد هذا الحوار باقل من شهر تشرع الدعوة السلفية في انشاء حزب النور السلفي وكذلك بقية الفصائل السلفية!
وعن موضوع الديموقراطية يقول عبد المنعم الشحات في مقطع فيديو آخر في 3 أغسطس 2011 على موقع " انا سلفي": في الواقع بعض المصطلحات لا يصلح الاجابة عليها اجابة مجملة منها (الديموقراطية) فلا نقول فقط بأن الديموقراطية حرام بل الديموقراطية كفر.. لأن المراد بها حكم الشعب بنفسه، والتي من أصولها النظرية ان اذا الشعب اختار الشذوذ يقر الشذوذ، فهذه الديموقراطية تتناقض مع الاسلام.
خلاصة القول عند الدعوة السلفية وحزب النور:
1- لا يجوز ترشح المرأة للانتخابات
2- لا يجوز ترشح المسيحي للانتخابات
3- الديموقراطية كفر
فلماذا اذن يسارع حزب النور والدعوة السلفية الى المشاركة في الانتخابات البرلمانية بآليات الديموقراطية الكافرة؟ فالديموقراطية كما قال أحدهم انها مجرد مطية يمتطونها للوصول الى البرلمان وتشريع ما يؤمنون به وفرضه على المجتمع بالآليات التي اختارها هذا المجتمع، كما انهم يجدون فتوى مناسبة لكل ما يريدون فعله ليس هذا فقط بل ينتجون الفتاوى والتخريجات التي تحقق مصالحهم واهدافهم بغض النظر عن كونها متناقضة مع ما سبقها من فتاوى تبنوها في وقت سابق.