اليمن.. "داعش" يعلن ولاية "صنعاء" ومخاوف من صراع مذهبي
الأربعاء 29/أبريل/2015 - 01:14 م
طباعة
يستعد فرع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في اليمن لإطلاق أول الإصدارات المرئية بعنوان "ضرب الرقاب" إعلانا رسميا على وجود التنظيم باليمن، ويتضمن الفيديو الجديد- حسبما أوردت مواقع يمنية- عمليات ذبح لعدد من اليمنيين الحوثيين وفقا لما جاء في البرومو الأول الذي تداوله عدد من المواقع المقربة من التنظيم الإرهابي.
وجود "داعش"
في فبراير 2014 أعلن أبو بكر البغدادي، زعيم "داعش" عن تأسيس فرع للتنظيم في اليمن، وهو ما أثار غضب تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، منذ إعلانه عن ولايات جديدة في اليمن والسعودية.
وفي فبراير 2015 بايع عددٌ من أعضاء تنظيم القاعدة بجزيرة العرب زعيمَ تنظيم "داعش"، بحسب ما أفادت به كلمة صوتية نشرها موقع سايت الأمريكي المتخصص في متابعة مواقع الجماعات الجهادية على الإنترنت، فضلاً عن رسالة على موقع تويتر.
ويعتبر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أقوى فروع التنظيم الذي يقوده أيمن الظواهري، وقد سبق لهذا الأخير أن رفض سلطة تنظيم داعش، الذي أعلن دولة الخلافة على أراض في العراق وسوريا.
وتدهور الوضع الأمني في اليمن منذ سيطر الحوثيون رسمياً على السلطة الأسبوع الماضي، حيث تعهد تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" بالقضاء على الحوثيين؛ الأمر الذي أجج مخاوف من نشوب حرب أهلية.
وكتب أنصار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب: "نعلن عن تشكيل كتائب مسلحة تتخصص بدك الروافض في صنعاء وذمار".
وأضافوا: "نعلن نقض البيعة من الشيخ المجاهد العالم الشيخ أيمن الظواهري، ونبايع خليفة المؤمنين إبراهيم بن عواد البغدادي".
ولاية صنعاء
وفي 25 أبريل، نشر فرع "داعش" باليمن، مقطع فيديو زعموا إنه لعناصر التنظيم في اليمن، يعلنون فيه عن تأسيس ولاية صنعاء كأحدث الولايات التابعة لتنظيم الدولة.
وأظهر مقطع فيديو تبلغ مدة عرضه تسع دقائق و20 ثانية، حوالي 20 مقاتلاً، يجرون تدريبات عسكرية، واستعراضًا عسكريًا باستخدام الأسلحة الآلية، وتم تصوير الفيديو في منطقة صحراوية، وهو ما يرجح المراقبون أنه تم تصوره خارج اليمن.
وقال أحد عناصر التنظيم في التسجيل المزعوم: "أنتم أيها الروافض الحَوَثَة، يا من تطعنون بعرض أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها وتلعنون الصحابة رضي الله عنهم فوالذي رفع السماء بغير عمد، لقد جئناكم بالذبح جئناكم برجال يتعطشون لشرب دمائكم، فبيننا وبينكم أيام يشيب منها الولدان، ولنسحبنكم لجهنم ألفا تلو ألف، ولننتقمن لأعراض أهل السنة التي اغتصبتموها، ولنعيدن أراضي أهل السنة التي احتللتموها..".
وأضاف: "الحمد لله الذي منّ علينا ببيعة الخليفة، وجعلنا من جند الخلافة ووفقنا للتدريب والإعداد تحت راية دولة الإسلام..".
صعود الحوثيين
في عام 2010 سيطر تنظيم القاعدة على أرجاء واسعة من جنوب اليمن، ولكن التحرك العسكري الأمريكي ومعه تدخل القوات اليمنية دفعهم إلى الانسحاب من تلك المناطق، ومع صعود جماعة أنصار الله "الحوثيين" إلى الحكم أنعش من آمال تنظيم القاعدة و"داعش" في التمدد باليمن، كما حدث في مناطق حضرموت شرق اليمن حيث سيطرة تنظيم القاعدة على مناطق واسعة بالبلاد.
وتتولد مخاطر تأسيس تنظيم داعش في اليمن بالنظر إلى خارطة القوى في اليمن؛ حيث تبرز قوة مذهبية صاعدة وهي جماعة الحوثي بما تملكه من مخزون كبير من السلاح والمقاتلين العقائديين.
وهو ما سيدفعها للصدام مع تنظيم داعش بسبب العداء العقائدي بين الطرفين، وهو ما يعني حربا طائفية شرسة مفتوحة الجبهات، وكان لافتا التهمة التي ساقها تنظيم القاعدة لتبرير ذبح الجنود بوصفهم "روافض".
وسبق أن أصدر تنظيم القاعدة في اليمن شريطا مصورا في الشهر الماضي يتوعد فيه أنصار جماعة الحوثي بالثأر لما قال إنها جرائم جماعة الحوثي ضد أنصار الشريعة، وجاء تهديد التنظيم مع تبنيه في الشريط عملية انتحارية استهدفت موقعا لجماعة الحوثي في محافظة الجوف.
وكشف مسئول أمني يمني كبير، أن عشرات من الإسلاميين السعوديين المتشددين تركوا ساحات القتال في سوريا والعراق، وانتقلوا إلى اليمن حيث أسهمت خبراتهم على ما يبدو في سلسلة من الهجمات القاتلة لتنظيم القاعدة.
وقال المسئول الأمني اليمني الذي طلب عدم نشر اسمه لوكالة «رويترز»: إن «السعودي الذي يأتي إلى هنا الآن مقاتل اكتسب خبرة من الحرب في العراق أو سوريا ومستعد للشهادة»، مضيفا أنهم «يعرفون كيف يصنعون الأسلحة والقنابل ويعلمون الآخرين».
القاعدة و"داعش"
الحديث حول إمكانية نية عناصر القاعدة التحول إلى تنظيم داعش، يرى مختصون في شئون القاعدة أمرا قد يصعب تحقيقه، وأن طبيعة اليمن قد تنعكس سلبا على التنظيم.
حيث يشير المختصون إلى أن سياسة بث الرعب التي ينتهجها عناصر "داعش" في العراق وسوريا قد تُفْهَم بالنظر إلى طبيعة المجتمعات المدنية هناك، لكنه قد لا ينجح في مجتمع قبلي مسلح مثل اليمن.
ويقول مختصون: إن تنظيم القاعدة يدرك أهمية الحاضن القبلي الذي سهل لبعض العناصر التحرك، والناتج بسبب عدم الرضا عن سياسة الدولة في الماضي، والذي جعل أغلب القبائل لا تتحمس مع الدولة للدخول في حربها ضد القاعدة.
وهو ما قد يخسره التنظيم؛ كون مثل هذه الأفعال تخالف الأعراف القبلية التي تحرم قتل أسرى المعارك، فضلا عن خطف جنود خارج أرض المعارك وذبحهم، وهو ما يعد عيبا أسود في العرف القبلي.
مراعاة هذه الخصوصية برز جليا من خلال حادثة العرضي التي فجرت غضبا شعبيا؛ بسبب مشاهد القتل التي قام بها عناصر التنظيم ووثقتها كاميرات المراقبة، وهو ما دفع بتنظيم القاعدة إلى إصدار بيان يتبرأ فيه مما حصل، مُرْجِعًا ذلك إلى خطأ أحد عناصره.
خطورة فقدان التعاطف أو القبول الشعبي في مجتمع قبلي كاليمن تؤكده تجربة تنظيم أنصار الشريعة في أبين، التي سيطروا عليها لعام كامل، ولكن التجاوزات التي قام بها عناصر والتي وصلت لحد صلب بعض الأشخاص بتهمة التجسس، دفعت بقبائل المنطقة للاشتراك مع الجيش في قتال القاعدة، من خلال اللجان الشعبية، والتي أسهمت في طرد عناصر القاعدة ومنع عودتها للمحافظة.
المشهد اليمني
ظهور "داعش" في اليمن يُزيد من تعقيد المشهد السياسي، وسيؤدي إلى صراع متعدد بين "داعش" و"الحوثيين" من ناحية، وتنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة من ناحية أخرى، وسيؤدي إلى صراع القبائل والجماعات المتطرفة أو التعاون معها، وهو ما يعني مزيدا من تفتت الدولة اليمنية، واتساع وتيرة الصراع، وتعدد أوجهه من سياسي إلى طائفي ومذهبي.