عطية لاشين: "تجديد الخطاب الديني" هو تبسيط كتب التراث وقد يؤدي إلى الكفر!!
الأحد 12/يوليو/2015 - 01:56 م
طباعة
قال الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر إنه: "قد يكون تجديد الخطاب الديني إيجابيًّا، وقد يكون سلبيًّا، فيكون إيجابيًّا إذا كان المراد به تبسيط المادة العلمية وتبسيط كتب التراث وتوصيلها لأذهان العباد، فهذا ما ندعو الناس إليه ونحثهم عليه، أما التغيير السلبى إذا قصد به الإتيان على الثوابت، وما أجمع عليه أهل العلم، فذلك قد يخرج صاحبه من عداد المؤمنين، ويصنف من عداد الكفار، فلا يمكن أن آتي بآية قرآنية قطعية الثبوت وقطعية الدلالة وأجعلها مساحة للاجتهاد أو إعمال العقل فيها، فالاجتهاد هو أن نكون أداة جيدة بين الناس، من خلال تبسيط اللغة لهم باللغة القريبة من أذهانهم".
الدكتور عطية لاشين أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر
وحول رأيه في المناهج التي تدرس بالأزهر، قال الدكتور لاشين، لـ "البوابة نيوز": "كنت واحدًا ممن طوروا مناهج الإعدادية الأزهرية في الفقه الشافعي ومناهج الثانوية الأزهرية في الفقه الشافعي كذلك، وأصبحت المناهج سليمة، وأزلنا منها الحشو، ولم نبق إلا ما ينفع أبناءنا، أما من يقولون: إن الأزهر يدرس الفكر الإخواني فهذا أمر لا صحة له أبدا، وإن وجد فهذه حوادث فردية، أما إن كان القصد أن الأمر ممنهج من الجامعة، فهذا ليس صحيحًا على الإطلاق".
سيد قطب - يوسف القرضاوي
وعن تدريس كتب سيد قطب ويوسف القرضاوي داخل جامعة الأزهر أكد:"ليس ليّ علم في ذلك، ولم أر كتابًا لواحد منهما على الأقل في كليتي (الشريعة والقانون)".
هناك ثلاث مسائل مهمة اختلطت على استاذ الفقه في جامعة الأزهر قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تبني فكر جامد ماضوي يدعو إلى التطرف والإرهاب؛ نظرا لأن معظم الجماعات الموجودة على الساحة والتي تعمل في مجال الإرهاب إنما تتبنى نفس منهج استاذ الفقه في الجامع الأزهر:
أولًا: ثوابت الدين
هذا المصطلح وإن صح وضعه في قائمة اصطلاحية ليس له مفهوم محدد رغم شيوع استعماله في الفترة الأخيرة من قبل المؤسسة الدينية تارة ومن قبل الجماعات الإسلامية تارة أخرى، دون أن يحدد لنا أحد الطرفين ماهية هذه الثوابت، ويظل تعبير "الثوابت الدينية"، تعبيرا غير محدد ويختلف من مذهب إلى مذهب ومن بلد إلى بلد ومن شخص إلى شخص. فثوابت السعودية الدينية ليست هي ثوابت مصر وثوابت الشيعة الدينية ليست هي ثوابت السنة وثوابت الفرد المصري الدينية تختلف من طبقة لطبقة ومن مسلم لآخر. ولكن الجميع يشتركون في الثوابت التالية:
- وحدانية الله.
- ملائكته.
- كتابه المفصل قرآنا مع غير ذي عوج.
- رسله ابتداءا من نوح عليه السلام إلى الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) خاتم الأنبياء.
- المحرمات التي حرمها الله في كتابه المحكم .
- الحدود التي وضعها الله في كتابه المفصل.
- المناسك الإسلامية التي أوصانا بها الله وعلمنا إياها رسوله الكريم من صلاة وزكاة وحج وصيام.
تلك هي الثوابت المتعارف عليها في كل العالم الإسلامي ولا يختلف عليها مسلمان حتى وإن كان أحدهم مهملا في تطبيق شرائع الله.
فلا تحشروا معها ما لم يكن متعارفًا عليه في عهد رسول الله. لا تخرسوا الألسنة بحجة الثوابت الدينية، لا تضعوا رءوسكم في الرمال بحجة الثوابت الدينية، لا ترهبوا المبدع بحجة الثوابت الدينية، لا تعتقلوا الإنسان بحجة الثوابت الدينية، لا تقتلوا المدنية بحجة الثوابت الدينية.
ثانيًا: الإجماع
وقضية "الإجماع"، والذي يعد المصدر الثالث للتشريع الإسلامي بعد القرآن والسنة.
قد اختلف الأصوليون في تعريف الإجماع اصطلاحاً تبعاً لاختلافهم في كثير من مسائل الإجماع المتعلقة بأركانه وشروطه وأحكامه.
والتعريف المختار أن الإجماع هو: اتفاق مجتهدي الأمة، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم في عصر على أي أمر كان.
الشيخ علي عبد الرازق
ويقوم الشيخ علي عبد الرازق على امتداد صفحات كتابه "الإجماع في الشريعة الإسلامية" بعرض الآراء المختلفة للعلماء في ذات الموضوع، فيسوق آراء وحجج من أنكر إمكان الإجماع ويناقشها ويقدم لحججهم مستدعيا كلمة الإمام أحمد بن حنبل ومقولته المشهورة: من ادعى الإجماع فهو كاذب. ليوضح أنه ليس مراده بها نفي وقوع الإجماع أو حجيته قطعاً؛ لكون الإمام يحتج به، ويستدل به في كثير من الأحيان، وقد حملها العلماء على عدة أوجه، ومن أحسنها: أنه قال ذلك على سبيل الورع، لجواز أن يكون هناك خلاف لم يبلغه، أو أنه قال ذلك في حق من ليس له من معرفة بخلاف السلف، ويدل لذلك تتمة كلامه السابق حيث يقول: من ادعى الإجماع فهو كاذب، لعل الناس اختلفوا، هذه دعوى بشر المريسي والأصم، ولكن يقول: لا نعلم الناس اختلفوا، إذا هو لم يبلغه.. أي إذا لم يبلغه في المسألة خلاف.
ونخلص في نهاية المطاف في قراءات عديدة حوا الاجماع قديمة وحديثة، أن الإجماع كمصدر مهم من مصادر التشريع الإسلامي به خلاف بين العلماء في معظم جوانبه بداية من تعريفه وانتهاء بوجوبه والاستناد إليه.
ثالثا: الاجتهاد
وقد اقتصر مفهوم الاجتهاد عند استاذ الفقه في جامعة الأزهر بتلك العبارات التي حفظها من كتب السلف بغض النظر عن التطور المفاهيمي والمعرفي والدلالي للفظة نفسها بتطور المجتمع وتقدمه؛ مما يؤكد على آليات للخطاب الديني تؤدي بنا إلى الجمود والتطرف، دون أن يعلم أن هناك تمييزًا واضحًا بين الدين والخطاب الديني المجسد للسلطة التي يلحقها الإنسان بالنص من الخارج، بما يتلاءم مع رؤيته إلى المجتمع والكون. وهكذا نستطيع أن نتهم أستاذ الفقه بالمغالطة وتزييف المفاهيم؛ لأنه ليس هناك دعوة للتحرر من النصوص، بل من سلطة النصوص، وهي السلطة التي أضفاها الشافعي على الفكر الديني.
نصر أبو زيد
لقد حدد نصر أبو زيد آليات هذا الخطاب الديني فيما يلي:
- التوحيد بين الفكر والدين وبين التراث والدين، مما يجعل كلاًّ من الفكر والتراث ديانتين.
- تفسير الظواهر كلها بردها جميعا إلى مبدأ أو علة أولى فيؤدي ذلك إلى تغييب التفسيرات العلمية.
- الاعتماد على سلطة السلف، وسلطة النصوص.
- إطلاقية الأحكام، وغياب النظرة النسبية إلى الحقيقية.
- إهمال البعد التاريخي لتشكل الحقائق.
تلك الآليات التي انتجت لنا الإرهاب والتطرف بداية من جماعة الإخوان وانتهاء بداعش وأخواتها، وتلك الآليات هي التي يتمسك بها الخطاب المؤسسي في أروقة الأزهر وجامعته، وكذلك وزارة الأوقاف والجميع يدعي أنه يقوم بتجديد الخطاب الديني.
يقول أستاذ الفقه في تعريف الاجتهاد " فالاجتهاد هو أن نكون أداة جيدة بين الناس، من خلال تبسيط اللغة لهم باللغة القريبة من أذهانهم". حيث يتضح من هذا التعريف منهجية تفكير المؤسسة المنوط بها تجديد الخطاب الديني والفكر الديني في آن واحد، تلك المنهجية القاصرة والتي لا تتجاوز فكرة ترديد ما تم إنتاجه في العصور السابقة ولكن بلغة عصرية تتناسب مع لغة الشارع. أي كما قال هو تبسيط كتب التراث وتوصيلها للعباد، ويبقى السؤال الجوهري، ماذا ننتظر من مثل هؤلاء الأساتذة في جامعاتنا؟