"الزحيلي".. أحد مناهضي التمدد الإيراني في سوريا
الإثنين 10/أغسطس/2015 - 01:31 م
طباعة
توفي الفقيه والعالم الإسلامي الدكتور وهبة الزحيلي، السبت 8 أغسطس 2015، عن عمر ناهز الـ 83 عامًا، في مدينة دمشق، ويعتبر أحد أبرز علماء الدين الإسلامي في سوريا والمنطقة العربي والعالم الإسلامي.
حياته
ولد وهبة بن مصطفى الزحيلي في مدينة دير عطية بريف دمشق في 5 يناير 1932م، من أسرة تعمل بالزراعة والتجارة، وكان والده يحفظ القرآن الكريم، والدته بنت الشهير مصطفى سعدة.
الدراسة
درس المرحلة الابتدائية في مسقط رأسه في سوريا، ثم انتقل لدمشق في المرحلة الثانوية، حيث درس في الكلية الشرعية ست سنوات، كما حصل على الثانوية العامة الفرع الأدبي.
حصل على الرتبة الأولى في كلية الشريعة بالأزهر الشريف عام 1956، وحصل أيضًا على إجازة تخصص التدريس من كلية اللغة العربية بالأزهر.
كما حصل على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس عام 1957، وعلى دبلوم معهد الشريعة الماجستير عام 1959 من كلية الحقوق بجامعة القاهرة، ثم شهادة الدكتوراه عام 1963 بمرتبة الشرف الأولى بأطروحة "آثار الحرب في الفقه الإسلامي.. دراسة مقارنة بين المذاهب الثمانية والقانون الدولي العام".
من شيوخه
من شيوخه في مصر، شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور محمود شلتوت، والدكتور عبد الرحمن تاج، والدكتور عيسى منّون في الفقه المقارن عميد كلية الشريعة، والدكتور جاد الرب رمضان في الفقه الشافعي، وغيرهم من علماء الأزهر الشريف.
ومن شيوخه في سوريا، الدكتور محمود ياسين في الحديث النبوي، الدكتور محمود الرنكوسي في العقائد، والدكتور حسن الشطي في الفرائض، والدكتور هاشم الخطيب في الفقه الشافعي، والدكتور لطفي الفيومي في أصول الفقه ومصطلح الحديث، والشيخ عبد القادر القصاب الذي دَرَس في الأزهر الشريف.
الوظائف والمسئوليات:
عين مدرسًا بجامعة دمشق عام 1963 ثم أستاذًا مساعدًا سنة 1969 ثم أستاذًا عام 1975 وعمله التدريس والتأليف والتوجيه وإلقاء المحاضرات العامة والخاصة، التخصص الدقيق في الفقه وأصول الفقه، ويدرّسهما مع الفقه المقارن في كلية الشريعة ومواد الشريعة في كلية الحقوق بجامعة دمشق والدراسات العليا فيهما.
وأعير إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة محمد بن علي السنوسي بمدينة البيضاء في ليبيا لمدة سنتين ثم كلّف بعدئذ بمحاضرات فيها في الدراسات العليا، ثم أعير إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات لمدة خمس سنوات من 1984 ـ 1989، ثم أعير بصفة أستاذ زائر إلى جامعة الخرطوم، قسم الشريعة وإلى أم درمان الإسلامية لإلقاء محاضرات في الفقه وأصول الفقه على طلاب الدراسات العليا.
كما أعير لمدة سنتين للدراسات العليا بكلية الشريعة والقانون في جامعة محمد بن علي السنوسي بمدينة البيضاء ليبيا بصفة أستاذ زائر لمدة شهر، ثم أعير إلى قطر والكويت للدروس الرمضانية عام 1989-1990، وأعير بصفة أستاذ زائر إلى المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب في العام الدراسي 6 نوفمبر1993 لمدة أسبوعين.
يدرّس كتابه "الفقه الإسلامي وأدلته" بصفة مرجع أساسي في كثير من الجامعات لطلبة الدراسات العليا كالباكستان والسودان وغيرهما، ويدرّس كتابه "أصول الفقه الإسلامي" في الجامعات الإسلامية بالمدينة المنورة وفي الرياض، قسم القضاء الشرعي، سابقًا.
أشرف على كثير من رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعة دمشق وكلية الإمام الأوزاعي في لبنان وناقش بعض الرسائل الأخرى، كما أشرف على رسائل دكتوراه وناقشها في دمشق وبيروت والخرطوم، وهي تزيد على سبعين رسالة.
وضع خطة الدراسة في كلية الشريعة بدمشق في أواخر الستينيات وخطة الدراسة في قسم الشريعة في كلية الشريعة والقانون بالإمارات، وشارك في وضع مناهج المعاهد الشرعية في سورية عام 1999. قام بتقويم مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت عام 1988.
له أحاديث إذاعية مستمرة في الإذاعة السورية في تفسير القرآن؛ برنامج قصص من القرآن وبرنامج القرآن والحياة وندوات في التلفزيون في دمشق والإمارات والكويت والسعودية، وفي المحطات الفضائية وحوار مع الصحافة في جرائد سوريا والكويت والسعودية والإمارات وغيرها.
أنشأ مجلة الشريعة والقانون في جامعة الإمارات، وكان رئيس اللجنة الثقافية العليا ورئيس لجنة المخطوطات بجامعة الإمارات.
أحد أعضاء هيئة التحرير في مجلة نهج الإسلام بدمشق، رئيس مجلس الإدارة لمدرسة الشيخ عبد القادر القصاب الثانوية الشرعية بدير عطية، كان خطيب جامع العثمان بدمشق، ويخطب في فترة الصيف في مسجد الإيمان بـ "دير عطية".
رئيس هيئة الرقابة الشرعية لشركة المضاربة والمقاصة الإسلامية في البحرين، ثم رئيس هذه الهيئة للبنك الإسلامي الدولي في المؤسسة العربية المصرفية في البحرين ولندن.
خبير في الموسوعة العربية الكبرى بدمشق.
وشارك الزحيلي في تأسيس المجامع العلمية والكليات والمعاهد الفقهية في عدد من البلدان العربية، ووضع بصمته الفقهية في سوريا ولبنان والكويت والبحرين والأردن والإمارات والسعودية والسودان وماليزيا وغيرها.
عضويته للجان والمجامع العلمية
شاركت في أكثر من (170) مؤتمرًا علميًّا في البلاد العربية والإسلامية والغربية، وقدم خدمات كبيرة وجليلة للفقه الإسلامي في العصر الحديث، في التدريس وفي إبداء الرأي والاجتهاد في القضايا المعاصرة من موقعه كخبير، ونال العضوية في مجامع فقهية وعلمية كثيرة، منها مجمع الفقه الإسلامي بجدة والمجمع الفقهي في مكة المكرمة، وعضو المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية في الأردن (مؤسسة آل البيت)، ومجمع الفقه الإسلامي في الهند وأمريكا والسودان، ورئيس هيئة الرقابة الشرعية لشركة المضاربة والمقاصة الإسلامية في البحرين، ثم رئيس هذه الهيئة للبنك الإسلامي الدولي في المؤسسة العربية المصرفية في البحرين ولندن، وخبير في الموسوعة العربية الكبرى في دمشق، ورئيس لجنة الدراسات الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية، وعضو مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا، وعضو لجنة البحوث والشئون الإسلامية وهيئة تحرير مجلة نهج الإسلام بوزارة الأوقاف السورية، وعضو مراسل للموسوعة الفقهية في الكويت، والموسوعة العربية الكبرى في دمشق، وموسوعة الحضارة الإسلامية بالأردن، وموسوعة فقه المعاملات في مجمع الفقه الإسلامي في جدة وغيرها.
خدم الفقه وأصوله أيضا من خلال بحوثه ودراساته، وإشرافه على مئات رسائل الماجستير والدكتوراه، وتأليفه لعشرات الكتب، ومساهماته العلمية في مؤتمرات وندوات ودورات دولية، ومشاركاته في برامج تلفزيونية وإذاعية.
الجوائز
نال عددًا من الجوائز منها جائزة أفضل شخصية إسلامية في حفل استقبال السنة الهجرية الذي أقامته الحكومة الماليزية سنة 2008 في مدينة بوتراجايا، وصنف عام 2014 من ضمن 500 شخصية مؤثرة في العالم.
موقفه من الأزمة السورية
نأى الرجل بنفسه عن التخندق السياسي أو المذهبي، فكان ملكا لكل أطياف الأمة الإسلامية، الا انه لم يسجل الزحيلي إعلاميًا سوى موقف واحد بشأن الاحتجاجات في سوريا ضد الرئيس بشار الأسد والتي تطورت إلى حرب أهلية، ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عام 2013، موقفًا واضحًا له بعد التزامه الصمت لعامين إذ قال: "إن الشعب السوري منقسم حاليًا بين مؤيد للنظام الحاكم الذي يكيل العذاب للسوريين، وبين أناس يعانون من الظروف الراهنة ويتعرضون للتنكيل والتشرد والقتل لإصرارهم على موقفهم"، معربًا عن ألمه لما آلت إليه الأوضاع ولحالة القتل والتشرد والإبعاد التي يتعرض لها أبناء بلده.
وعقب اندلاع الصراع المسلحة لم يظهر كثيرًا في خطبة الجمعة في أحد مساجد دمشق، وسط تكهنات بأن يكون قد خضع لإقامة جبرية من قبل النظام السوري.
موقفه من إيران
يمثل الشيخ الزحيلي أحد اهم العلماء الذين رفضو وواجهوا التمد الإيراني الشيعي في سوريا، في مؤتمر الدوحة للحوار بين المذاهب الإسلامية، الذي عقد عام 2007 في دولة قطر، هاجم العلامة الزحيلي أحد أعضاء المستشارية الثقافية اﻹيرانية في دمشق، مطالبًا بضرورة توقف إيران عن نشر "التشيع في البلاد السنية"، مستشهدًا بحادثة حصلت في مدينة تل أبيض شمال الرقة، حين اختلف أهلها من السنة مع بعض من تشيع حينها، فما كان من المتشيعين إﻻ أن طالبوا حسن نصر الله بالتدخل لصالحهم.
كما اتهم الزحيلي، الملحقية الثقافية الإيرانية في دمشق، بتقديم إغراءات بشكل نقود كاش، ومنازل وسيارات لجذب الناس إلى التشيع. وأشار الزحيلي إلى أن "مئات من السوريين في دير الزور والرقة ودرعا ومنطقة الغوطة قرب دمشق، قد أذعنوا واستسلموا لإغراءات الملحقية وتحولوا إلى المذهب الشيعي"، وفقاً لتقرير صحافي نشر في 31 أكتوبر، 2006 في لندن.
ونقلت برقية من برقيات الخارجية الأمريكية، عن صلاح كفتارو (ابن المفتي السابق أحمد كفتارو) أن الشيخ وهبة الزحيلي (وصفته البرقية بالسني الوهابي وواحد من أبرز علماء دمشق) انتقد في إحدى خطب الجمعة نشاطات إيران التشييعية، فما كان من مخابرات السورية إلا أن استدعوه على الفور ولمرتين، مرة إلى الاستخبارات العسكرية وأخرى إلى الأمن السياسي، وتم تحذير "الزحيلي" من قبل كبار المسئولين في الدولة السورية.
فتاوى الفضائيات
كان الشيخ هبة الزحيلي، يرفض ظاهرة فتاوي الفضائيات، معتبرا إياها افتاءً بدون دليل ودون الرجوع إلى أهل العلم، وقال: "ورطت القنوات الفضائية في توجيه أسئلة شرعية لبعض المنتمين للعلوم الشرعية، دون توافر المؤهلات المطلوبة شرعًا، فوقعوا في أخطاء، وتورطوا في تقديم فتاوى شاذة أو الاعتماد على آراء ضعيفة، أو تأثر بثقافة غير إسلامية، مما أوقع السامعين في حيرة، حيث تضاربت الفتاوى، وبعدت عن أصول الشريعة وهدي الإسلام، وضوابط الفتوى، ومقتضيات الورع، ورقابة الله عز وجل، بحجة التيسير والتسهيل على الناس، وذلك أقرب للتفلت من أحكام الشريعة المقررة لدى جماهير أهل العلم الثقات، والأئمة المجتهدين، وإجماع العلماء في كل عصر وزمان، حتى إن بعض آراء هؤلاء الأدعياء أقرب إلى السخف والسذاجة، كما أن الواضح منها أن مُصْدري هذه الفتاوى ما زالوا مجرد طلاب علم، أو مبتدئة في تلقي العلوم، علما بأن المبدأ الشرعي المنقول في السنة النبوية: "أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار".
مؤلفاته:
أثرى الزحيلي المكتبة الإسلامية بـ 75 كتابًا، منها أربع موسوعات: الفقه الإسلامي وأدلته 11 مجلد، التفسير المنير 17 مجلد، أصول الفقه مجلدان، موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر، 8 مجلدات، والمقدار الكامل للمطبوعات 120 مجلدا وخمسون ألف صفحة.
ومن كتبه، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، مقارنة بين المذاهب الثمانية والقانون الدولي، تخريج وتحقيق أحاديث تحفة الفقهاء للسمرقندي، تخريج وتحقيق أحاديث وآثار (جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي) مع التعليق عليها، السلم والحرب في الإسلام، تم إصداره باللغة الفرنسية.
- الفقه الإسلامي وأدلته، 11 جزءًا، ترجم إلى التركية والماليزية والفارسية.
- الوجيز في الفقه الإسلامي.
- الوجيز في أصول الفقه، ترجم إلى التركية.
- أصول الفقه الإسلامي، ترجم إلى التركية.
- موسوعة الفقه الإسلامي المعاصر 8 مجلدات، دار المكتبي.
- موسوعة الفقه الإسلامي والقضايا المعاصرة 14 مجلدًا، دار الفكر.
- الأحكام الضرورية والقطعية في الإسلام.
- القرآن الكريم بنيته التشريعية، وخصائصه الحضارية، ترجم إلى التركية.
- الموسوعة القرآنية الميسرة.
- التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، 16 جزءًا، حاصل على جائزة لأفضل كتاب في العالم الإسلامي للعام 1995.
- القرآن الكريم البنية التشريعية والخصائص الحضارية.
- التفسير الوجيز.
- التفسير الوسيط في ثلاثة مجلدات.
- الذرائع في السياسة الشرعية والفقه الإسلامي، رسالة ماجستير عام 1959م.
- قواعد الفقه الحنبلي من كتاب (المغني) لابن قدامة.
- تحقيق وتخريج أحاديث وآثار جامع العلوم والحكم لابن رجب.
تحقيق وتخريج واختصار كتاب (الأنوار في شمائل النبي المختار) للإمام محيي السنة البغوي.
- تحقيق وتقسيم وخدمة شاملة لكتاب (طريق الهجرتين وباب السعادتين) لابن قيم الجوزية.
- الاستنساخ جدل العلم والدين والأخلاق.
- تقديم وتحقيق نيل الأوطار للشوكاني.
- تقديم وتحقيق شرح مسلم للنووي.
- العلاقات الدولية في الإسلام.
- حقوق الإنسان في الإسلام، بالاشتراك مع آخرين.
- القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، ترجم إلى الماليزية.
- العالم الإسلامي في مواجهة التحديات الغربية، ترجم إلى التركية والماليزية.
- أصول الإيمان والإسلام.
- المجدد جمال الدين الأفغاني.
- الإسلام والإعاقة، بحث في رصد الظواهر الاجتماعية للمعوقين.
- مشكلات في طريق النهوض.
- العلاقات الدولية في الإسلام مقارنة بالقانون الدولي الحديث.
- حق الحرية في العالم.
- حوار حول تجديد الفقه الإسلامي.
- الأسرة المسلمة في العالم المعاصر.
- الإمام الشافعي.
- الموازنة بين القرآن والسنة في الأحكام.
- المصارف الإسلامية.
- المعاملات المالية المعاصرة.
- الاقتصاد الإسلامي، تم إصداره باللغة الإنجليزية.
- أخلاق المسلم علاقته بالمجتمع.
- أخلاق المسلم علاقته بالخالق.
- أخلاق المسلم بالنفس والكون.
شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم، ترجم إلى الماليزية، فتاوى العصر، فتاوى معاصرة، قواعد الأخلاق في القرآن الكريم، مجلدين، تحت الطبع، بيروت 2013
- العشرة المبشرون بالجنة، تحت الطبع.
- بيروت 2013.
- الوضوء والصلاة على المذهب المالكي, تحت الطبع دار الحافظ 2013.
- أحكام العبادات الناشئة، تحت الطبع دار الحافظ 2013.
- الأحاديث النبوية للناشئة، تحت الطبع دار الحافظ 2013.
الوفاة
توفي وهبة الزحيلي بدمشق مساء يوم السبت 8 أغسطس 2015 عن عمر ناهز 83 عاماً.