إخوان المغرب على بعد خطوات من "التمكين"! (2من2)

الخميس 29/أكتوبر/2015 - 10:21 م
طباعة
 
خطة التمكين الاخوانية كما صاغها رجل الجماعة الاقوى ونائب المرشد خيرت الشاطر وعثرت عليها الاجهزة الامنية المصرية مكتوبة بخط يده عام 1992 ،واعتمدها مكتب ارشاد الجماعة تهدف بالأساس (حسب أدبيات جماعة الإخوان المسلمين) التغلغل في هياكل الدولة و بسط سيطرتها عليها و الانتشار في  النسيج المجتمعي و بسط ثقافة الحزب-الحركة وسط مجموع المواطنين بمختلف تكويناتهم من خلال أربع آليات ممكنة:
الآلية الأولى: الحث على التغلغل فى قطاعات الطلاب والعمال والمهنيين ورجال الاعمال ومؤسسات الدولة مثل الجيش والشرطة، وتركز على ضرورة التغلغل فى المناطق والفئات الشعبية. فالإخوان يعتبرون أن هذا الانتشار يزيد فرص الجماعة فى عملية التمكين ويجعل مواجهة الدولة مع الجماعة أكثر تعقيداً وأكبر  في الحسابات 
الآلية الثانية: الانتشار والتغلغل واختراق المؤسسات الفاعلة وهى الجيش والشرطة والإعلام لأن هذه المؤسسات هى الأكثر قدرة على تحجيم الجماعة، إضافة إلى اختراق المؤسسات الدينية لما لهذه المؤسسات من قدرات واسعة وتأثير طويل المدى وكذلك المؤسسة القضائية والتشريعية التى تصفهم الخطة بأنهم لديهم فاعلية القدرة على التغيير فى الموقف لصالح الجماعة
الآلية الثالثة: ضرورة التعامل مع القوى الأخرى الموجودة فى الشارع المصرى، والقوى الأخرى بالنسبة للإخوان هم كما حددتهم الوثيقة الذين يؤثرون سلبا أو إيجابا على رسالة الإخوان مثل السلطة، ويتم التعامل معها (بالاحتواء بتوظيف أجهزتها فى تحقيق رسالتها من خلال اتخاذ القرار أو تغيير نظمها) أى عملية أسلمة الدولة، والأسلوب الثانى هو التعايش بمعنى العمل على إيجاد صورة من صور التعايش مع النظام بالتأثير على الأوضاع بما يجعله حريصا على استمرار وجود الجماعة، وثالث أسلوب تطرحه الوثيقة هو التحييد أى عن طريق إشعار السلطة أن الإخوان ليسوا خطر عليها وإنهم لا يسعون للحكم، وآخر أسلوب من أساليب الإخوان فى مواجهة الدولة طبقا لوثيقتهم هو تقليل فاعلية الدولة في التأثير على خطة التمكين
الآلية الرابعة: تهم التعامل مع الأحزاب السياسية وجماعات الضغط التى تعرفها الوثيقة (وثيقة التمكين) بأنها النقابات المهنية والتجمعات العائلية والقبلية والمنظمات الدولية «لحقوق الإنسان»، وتحدد الوثيقة أساليب التعامل مع هذه القوى بالدخول والسيطرة على مراكز القرار فيها وتوجيهها من الداخل والأسلوب الثانى أنه إذا تعثر الاختراق والتوجيه من الداخل فليكن تنسيق وتوجيه من الخارج ولابد من أن يكون التنسيق فى المساحات المشتركة، وإن لم توجد المساحات المشتركة فلابد من ايجاد "المصالح  المشتركة".
هذا و رغم ما يعلنه الحزب-الجماعة (العدالة و التنمية) دوما  من عدم طموحه للوصول إلى السلطة، فإن الواقع يذهب عكس ذلك، و نحن على يقين أن استراتيجية الحزب تقوم على أساس مجموعة من الثوابت المتعلقة أساسا بالتحالف مع المؤسسة الملكية بحكم قوتها و ترسخها في المخيلة الشعبية و عزل باقي القوى السياسية و من تم الانفراد بالمؤسسة الملكية في أفق تحييدها أو القضاء عليها.
كما عمل الحزب على السيطرة على الإعلام الإلكتروني من خلال التواجد القوي بالفضاء الافتراضي من خلال "الكتائب الإلكترونية" و الحديث إلى جميع المنابر الاعلامية و الهجوم بالمقابل على المنابر الإعلامية المعارضة لفكرهم، مستمدين شرعية هذا الهجوم من ما يسمى بلائحة الإخوان المسلمين الذي يعتبر بمثابة دستور الجماعة و الذي ينص على ضرورة: "....تنقية وسائل الإعلام مما فيها من شرور و سيئات...". 
كل هذا و القوى السياسية الأخرى تمارس سياسة الطرشان و لغة الخشب مع هذا المكون الغريب الذي احتل الساحة السياسية و يهدد بالفوضى و الويل و الثبور لكل من اعترض على "مشروعه التوسعي". و حتى حين انتقد السيد فريد الأنصاري رحمه الله (و كان من قيادة الحركة و الحزب) سياسة الحركة و الحزب بالقول في كتابه "الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب" أن "كل ما تقدمون عليه هو عمل شعبوي تلعبون على جوانب روحية و نفسية من أجمل كسب تأييد البسطاء و يلاحظ هذا التوجه من خلال استغلالكم العمل النقابي و العمل الطلابي الذي يطغى عليه الأنا و لا أحد" انتهى كلام المرحوم فريد الأنصاري، ووجه بنقد لاذع من طرع رفاق الأمس و خصص له السيد أحمد الريسوني ردا من خمسة مقالات في جريدة التجديد. 
 وهنا نسائل الأمين العام للحزب عن أقواله  في برنامج حوار حين كان رئيسا للمجلس الوطني لحزب العدالة و التنمية حين قال أن الحزب كان متخوفا من تغطية جميع الدوائر الانتخابية في انتخابات سنة 1997 مخافة ".....أن نجر بلادنا إلى اضطراب غير مقبول كما وقع في الجزائر حينما فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ ف ب 80 بالمائة من عدد المقاعد في الدور الأول من ا الانتخابات التشريعية". و لا مجال للتذكير بالأحداث التي عرفتها الجزائر بعد ذلك فيما عرف بالعشرية السوداء (1991-2001) بعدما لجأ الإخوان الجزائريون إلى حمل السلاح و تأسيس الجيش الإسلامي للإنقاذ ( AIS) الذراع العسكري للجبهة الإسلامية للإنقاذ و الصعود إلى الجبال. و هنا كان السيد عبد الإله ببن كيران يرى أن زمن "التمكين" لم يحن بعد، أما الآن و قد دانت له المدن الكبرى فإنه لن يسمح بأي تدخل في تغيير النتائج و إلا فهو اللجوء إلى الشارع مع ما يمكن أن يشكل هذا الاخيار من تهديد للأمن و النظام العام و بمعنى آخر يعيد صياغة شعار الإخوان المسلمين في مصر "نحن أو الفوضى" و "دون مرسي الرقاب" و "من رش الرئيس بالماء سنرشه بالدم" و غيرها من العبارات التي أوغل فيها القيادي الإخواني صفوت حجازي. 
و رغم هذا الاكتساح الذي أحرزه حزب العدالة و التنمية على صعيد كبريات المدن، يخرج أمينه العام يوم 05 شتنبر 2015 ليعبر بخبث و مكر سياسيين أنه "حزين" لأنه لن يتمكن من تسيير عدد كبير من الجهات. هذا الطمع أو الطموح السياسي يفهم منه أن "الزعيم" يرى أن الانتخابات الجماعية و الجهوية فوتت عليه فرصة "التمكين" و بالتالي فهو مدعو لمزيد من الانتظار و الترقب و التنازل و التقية في واقع سياسي لا يمكن توقع نتائجه مع وجود جماهير متقلبة و غير محصنة و بالتالي غير مضمونة الولاء. 
و بعيدا عن آليات الاستقطاب و الاختراق، فإننا ندعو كافة المواطنين و الفاعلين بجميع تشكيلاتهم و ألوانهم إلى الوقوف مع الذات و الرجوع إلى تصريحات قياديي الحزب الحاكم و تتبع صفحاتهم و خرجاتهم و مقارنتها بأدبيات الجماعة الأم بمصر بعيدا عن أحكام القيمة و المسبقة و دعوة للتأمل و التفقه و النظر بعين ناقدة باردة و فتح نقاش جدي و صادق و صريح حول حقيقة الانتماء و ندعو الحزب الحاكم إلى كتابة مراجعاته و مواقفه (أقسم بالله لن يفعل) حتى يتسنى للجميع رؤية هذا الحزب رؤية موضوعية بعيدا عن الارتباط بشخصية رئيس الحكومة الذي ما زال يصر أن يُضحك أو يضحك (على) المغاربة.       و الله ولي التوفيق 

شارك