هل تُمهد طلعات استطلاع "فرنسا" إلي تدخل عسكري في ليبيا؟
السبت 05/ديسمبر/2015 - 12:27 م
طباعة
في أعقاب سلسلة الهجمات الإرهابية التي طالت العاصمة الفرنسية باريس، وراح ضحيتها نحو 160 شخصًا، قررت فرنسا آنذاك الانتقام من التنظيم الإرهابي "داعش" والذى أعلن مسؤوليته عن الحادث فور وقوعه، حيث أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، عن معركة "بلا رحمة" ضد الإرهابيين.
وبدأت فرنسًا في تنفيذ تهديداتها، حيث نفذ الطيران الفرنسي طلعتين استطلاعيتين فوق مناطق في ليبيا تتمركز فيها عناصر تنظيم "داعش" التي تسيطر على مدينة سرت.
وقام الطيران الفرنسي بالطلعتين يومي 20 و21 نوفمبر الماضي حول مدينة سرت، وكانت هناك نية للقيام بطلعات أخرى للمراقبة والاستطلاع.
وقد بدأت فرنسا في تنفيذ طلعاتها وسط أنباء حول تدخل مُحتمل لبعض الدول الغربية لمواجهة خطر داعش في ليبيا الذي تمدد وتوسع حتى اقترب كثيرا من الهلال النفطي، ومن السواحل الجنوبية لأوروبا.
وغير واضح حتي الآن ما إذا كانت الطلعات الاستطلاعية الفرنسية مقدمة لتوجيه ضربات استباقية، أم أنها بداية تمهيدية لتدخل عسكري مقترب في ليبيا.
وتشارك فرنسا في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، لكن الضربات الفرنسية اقتصرت إلى الآن على أهداف التنظيم في العراق.
وأظهرت وثيقة رئاسية فرنسية تم الكشف عنها أمس الجمعة 4 ديسمبر 2015، أن طائرات تابعة لسلاح الجو الفرنسي نفذت طلعتين استطلاعيتين فوق مناطق في ليبيا تتضمن قطاعات يسيطر عليها تنظيم داعش.
وجاء في هذه الوثيقة، التي وزعت قبل الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لحاملة الطائرات الفرنسية شارل ديجول المتمركزة قبالة سواحل سوريا، أن الطيران الفرنسي نفذ طلعتين يومي 20 و21 نوفمبر الماضي حول مدينتي سرت وطبرق الليبيتين.
ولم تُقدم الوثيقة المزيد من التفاصيل، ولكنها أشارت إلى أن سلاح الجو الفرنسي يعتزم تنفيذ المزيد من الطلعات الاستطلاعية، وذلك في وقت شرعت فيه عناصر داعش في اتخاذ سلسلة من الإجراءات لها صلة بتحصين مدينة سرت الساحلية خشية تعرضها لهجمات جوية أو برية.
وبدأ التنظيم في ﻋمليات ﺣﻔﺮ ﻟﻠﺨﻨﺎدق وﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺍﺗﺮ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻴﺔ ﻏﺮﺏ وﺟﻨﻮب مدينة سرت، بينما لا تزال عناصره تحاصر مدينة أجدابيا المرشحة للسقوط في أي لحظة، ما يعني تهديد منطقة الهلال النفطي الممتدة ما بين مدينتي بنغازي وسرت.
وتحتوي منطقة الهلال النفطي على المخزون الأكبر من النفط الليبي، حيث توجد بها مرافئ السدرة ورأس لانوف والبريقة، وهو ما يفسر تزايد الأصوات التي تعالت خلال الأيام الماضية للمطالبة بضرورة التحرك لكبح جماح هذا التنظيم الذي أصبح خطره يقترب من جنوب أوروبا.
على صعيد أخر ووفق متابعين فإن تنظيم داعش استغل الوضع السياسي المنقسم في ليبيا ليؤسس له دولة جديدة قيد الإنشاء في ليبيا على مقربة من أوروبا.
فيما استغلت الجماعات المسلحة حالة الدمار والفوضى التي تشهدها ليبيا، بين حكومتي واحدة تقيم في طرابلس ويواليها ميليشيات فجر ليبيا، وأخرى تقيم في طبرق ويعترف بها دوليًا، لتحويل سرت معقلًا لهم في المرحلة المقبلة.
وأصبحت سرت مقر قيادة وتحكم لأعضاء التنظيم، حيث يجري فيها تدريب المقاتلين الجدد ونشر الفكر الداعش، وفق متابعون.
ودخل مئات المقاتلين الأجانب إلى سرت والمناطق المجاورة لها، قادمين من تونس والسودان واليمن وحتى من نيجيريا، ليتدربوا ويتجهزوا ويستعدوا لتنفيذ هجمات في دول أخرى، حيث بات للتنظيم المتطرف 2000 إلى 3000 مقاتل بحسب الأمم المتحدة بينهم 1500 في سرت المدينة الساحلية التي تبعد 450 كلم شرق طرابلس.
ويتخوف الغربيون من تصاعد نفوذ التنظيم في ليبيا، ما يهدد أوروبا وإفريقيا بشكل مباشر لكنهم يستبعدون حاليًا أي تدخل في هذا البلد.
ويرى محللون أن التنظيم الإرهابي "داعش"، يجد في سرت ملاذًا آمنًا بعيدًا عن أي تهديدات جدية؛ حيث لم تواجهه إلى حد الآن السلطات العسكرية والأمنية في البلاد التي تشهد صراعًا داميًا على الحكم منذ أكثر من عام.
وذكرت دراسة نشرتها مؤسسة "فيريسك مايبلكروفت" التي تقدم استشارات أمنية أمس الأربعاء، أن تنظيم داعش الإرهابي يدرك أن الفوضى في ليبيا توفر له فرصة لتعزيز قدراته، معتبرة أن داعش يستطيع المحافظة على وجود مهم له في البلاد بما يدعم فروعه في المنطقة كلها طالما أن الحرب في هذا البلد قائمة.
الجدير بالذكر أن بعض الدول العربية رفضت التدخل الأجنبي في ليبيا، على رأسهم مصر وتونس، حيث رفضت مصر تواجد أى قوات أجنبية فى ليبيا بذريعة تأمين حكومة التوافق الوطنى أو محاربة الإرهاب.
فيما أكد كاتب الدولة للشؤون العربية والإفريقية في تونس التهامي العبدولي رفض بلاده للتدخّل العسكري في ليبيا مهما كان نوعه، والتزام تونس بالحياد الإيجابي تجاه الأزمة الليبية.
وكانت فرنسا عرضت على الجانب الليبي تواجد قاعدة عسكرية مؤقتة في البلاد لدحر التنظيمات الإرهابية في البلاد، وأبدت مصر رفضها وتحفظها التام على أي تواجد عسكري أجنبي على الأراضي الليبية وطالبت برفع حظر التسليح عن الجيش الليبي لأنه الوحيد القادر على دحر الميلشيات المسلحة.
ويخشي الجانب الليبي من تكالب القوى الغربية على البلاد منذ اسقاط نظام معمر القذافي، حيث ترفض مصر أى مساعي غربية لفرضها على ليبيا من قبل القوى الغربية.
وتعكس الطلعات مدي إدراك فرنسا بخطورة التطورات الميدانية في ليبيا، قد يتحول في مرحلة لاحقة إلى تحرك ميداني مباشر.
ويري مراقبون أن تلك الطلعات الفرنسية بداية التحضير لعمل عسكري في ليبيا، استنادا إلى تقارير أشارت إلى إقدام الولايات المتحدة وبريطانيا على نشر وحدات خاصة على الأراضي الليبية مهمتها جمع المعلومات حول انتشار مقاتلي داعش الذين زادت وتيرة تدفقهم على البلاد مؤخرا.