غلام أعظم.. مؤسس "إخوان بنجلاديش"

الأربعاء 23/أكتوبر/2024 - 10:00 ص
طباعة غلام أعظم.. مؤسس علي رجب
 
غلام أعظم اسم لامع في التاريخ السياسي لبنجلاديش، واحد من أكثر الأسماء التي كانت لها تأثير في الساحة السياسية لبنغلاديش. فهو الرجل الذي شهد 3 فترات تاريخية في تاريخ بنجلاديش إذ شهد الحكم الاستعماري البريطاني، ثم بعد ذلك الحكم الباكستاني وفترة ما بعد الاستقلال .

حياته:

وُلد غلام أعظم في السابع من نوفمبر عام ١٩٢٢م، التحق غلام بمدرسة في قريته برقابون في منطقة كاميلا، وأكمل دراسته الثانوية في دكا. وقام أيضا بمواصلة تعليمه والحصول على درجة البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية من جامعة دكا.
حياته 
دخل أعظم عالم السياسة كقائد للطلاب في جامعة دكا‫. وفي عام ١٩٤٧‫، أصبح الأمين العام لوحدة طلاب جامعة دكا‫. قرر الحاكم العام الجديد لباكستان خواجة ناظم الدين أن يتّبع بجدية خطوات المؤسس بعد وفاة محمد علي جناح‫. وبالتالي، صرح بأن اللغة الأردية ستكون لغة باكستان الوحيدة، مما أدى إلى إشعال حركة في بنجلاديش باسم حركة اللغة البنغالية‫. وفي السنة ذاتها، قررت لجنة اللغة الدولية عرض القضية لجعل اللغة البنغالية لغة رسمية في شرق باكستان مع اللغة الأردية. وهذا قبل أن يأمر رئيس الوزراء أعظم بفعل فعلته‫. حيث كان هو الأمين العام لجامعة دكا في ذاك الوقت فشعر رؤساء اللجنة أن من الأفضل عدم الطلب من رئيس الوحدة أورابندو باسو بأن يواجه رئيس الوزراء لأن أورابندو كان جزءا من المجتمع الهندوسي الذي كان في ذاك الحين تحت الشبهات لدى الحكومة الباكستانية‫. وكان أعظم يُدرس في كلية كارميشل الحكومية في رانقبور بين عامي 1950 و 1955م‫. وفي عام 1952، تم القبض عليه لاشتراكه في حركة اللغة و إقالته من منصبه في التدريس في الكلية‫. وكان أعظم عضو نشط في جماعة التبليغ في منطقة رانقبور بين عامي ١٩٥٢ و ١٩٥٤، حيث كان القائد (الأمير) لهذه المنظمة.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
في التنظيم
في عام 1954، أصبح أعظم مدير فرع منظمة الثقافة الإسلامية لشرق باكستان "بنجلاديش حاليا" في رانقبور " وقد تأثر بأفكار السيد أبو الأعلى المودودي من خلال مشاركته بالمنظمة. وعندما كان مسجونا عام 1955، أصبح أعظم عضوا في حزب المودودي ‫(الجماعة الإسلامية‫). وبعد فترة قصيرة، ترقى إلى مرتبة الأمين العام للجماعة الإسلامية في شرق باكستان " بنجلاديش" وذلك في عام 1957، ولكن في عام 1964 قامت حكومة الجرنال اياب خان بمنع نشاطات الجماعة الإسلامية بسبب نشاطاتها الإرهابية، حيث تم القبض على أعظم‫ و حجزه ثمانية شهور بدون محاكمة‫. وفي عام 1969، عُين أميرًا ‫لجماعة الإسلام إلى أن اندلعت حرب الاستقلال عام 1971، و شارك أيضا في تشكيل التحالف الديمقراطي في باكستان عام 1967‬‬‬‬‬.
حرب الاستقلال
احتج غلام أعظم وعدد من قادة الأحزاب الأخرى (ومن ضمنهم حزب الديموقراطية الباكستانية و حزب عوامي الوطني وجامعة علماء الإسلام ورابطة باكستان الوطنية) في شرق باكستان في رابطة عوامي بالقرب من حملة انتخابية للانتخابات العامة في عام 1970 في باكستان. حيث اتهموا الحكومة بوقف الاجتماعات العامة والاعتداءات الجسدية على السياسيين المعارضين و نهب مكاتب الأحزاب وتدميرها.
 وفي عام ١٩٧٠،حينما كان أعظم  أمير الجماعة الإسلامية، هجم حشد مسلح على عدد من مسيرات السياسيين ومن ضمنها مسيرة الجماعة الإسلامية ويزعم أن رابطة عوامي هي التي حرضتهم للهجوم.
وقف عزام موقفا سياسيا لدعم باكستان الموحدة خلال حرب تحرير بنجلاديش، وندد مرارا وتكرارا برابطة عوماي وبجيش التحرير "موكتي باهيني" الانفصاليين الذين أصبح هدفهم المعلن بعد 26 مارس 1971 إقامة دولة بنجلاديش المستقلة بدلا من باكستان الشرقية. وبعد 25 مارس 1971 كانت مقتطفات من خطب عزام تصدر في صحيفة جمال المعروفة باسم "صحيفة سانقرام اليومية". 
وفي 20 يونيه 1971 أكد عزام دعمه للجيش الباكستاني بالقول أن: "الجيش الباكستاني قضى على جميع مجرمي باكستان الشرقية"، وذكر عزام أنه انتقد بشدة الجيش الباكستاني وجنرالاته لتجاوزاتهم ضد الجماهير البنجلادشية، ولكن أي نقد للجيش كان مراقبا من قبله في ذلك الوقت. 
ويزعم أن عزام لعب دورا في تشكيل لجان السلام عام 1971، مما أدى لوصف حركة الاستقلال بأنها مؤامرة تحيكها الهند. ويزعم أيضا أن عزام كان أحد الأعضاء المؤسسين لهذه المنظمة، في حين ينفي عزام نفسه قيامه بأي دور قيادي بقدر تورطه معهم؟
وفي 12 من أبريل عام 1971 قاد عزام ومطيع الرحمن نظامي احد امراء الجماعة الاسلامية  مظاهرات تندد بحركة الاستقلال باعتبارها مؤامرة هندية. يدعي عزام أنه أعرب علنا عن معارضته لفظائع الجيش، مؤكدا أن مثل هذا السلوك المروع عنى أنه لا يمكن للاتحاد الاستمرار في باكستان، إلا أنه يذكر أن مثل هذه التصريحات لم تنشر في صحف الدولة المراقبة في ذلك الوقت.
وأعلن عزام في اليوم العشرين من شهر يونيه عام 1971 في مدينة بتهور، أن الأقليات الهندوسية في شرق باكستان بقيادة شيخ مجبر رحمن تعد مؤامرة للانفصال عن باكستان. و في يوم 21 من شهر أغسطس من ذلك العام، صرح عزام في جملة نشرت في صحيفة سانقرام البنغلادشية قائلا "إن داعمي الحركة البنجلادشية هم في الأصل أعداء الإسلام والمسلمين و الدولة الباكستانية، وبدوره أنكر عزام جميع الاتهامات والطعون في الأدلة التي قدمت ضدهم وذلك لتبرير حركتهم.
قرر الجناح العسكري لحكومة يحيى خان عن إجراء انتخابات وذلك في محاولة لإضفاء شرعية لسلطتهم. حيث أعلن في يوم 12 أكتوبر أن الانتخابات ستجري من يوم ٢٥ نوفمبر وحتى التاسع من شهر ديسمبر. وقرر عزام أن يخوض هذه الانتخابات، ولكن سرعان ما أعلنت الحكومة الباكستانية في 15 أكتوبر أنه تم اختيار 15 مرشحًا دون خوضهم للانتخابات، وفي مصادر أعلنت في 2 نوفمبر أنه تم اختيار 53 مرشحا دون انتخابات. وقد فازت الجماعات في هذه الانتخابات بأربعة عشر مقعدا.
عقب استقلال بنجلاديش عن باكستان  قامت حكومة الدولة الجديدة بسحب جنسية عزام وجماعته الإسلامية ومنعهم من دخول الدولة. ولكن في عام 1992 م نشرت صحيفة نيو يورك تايمز أن عزام غادر شرق باكستان في 1970 بسبب معارضته لحركة الاستقلال بدون أي ذكر لمطالباته التي دامت 22 سنة.
أعلنت حكومة بنجلاديش بعد الحرب استقلالية البلاد الجديدة لتكون العلمانية والدين هما أساس فرض الحظر على الأحزاب السياسية. وفي 18 أبريل 1973 سحبت الحكومة جنسية غلام أعظم و 38 من المتعاونين المزعومين من الجيش الباكستاني، وقد رفض عزام عفوًا من رئيس وزراء بنجلاديش الشيخ مجيب الرحمن، المشروط بالعودة إلى بنجلاديش ونبذ سياسة الجماعة، مفضلاً العيش في منفى باكستان وإنجلترا حتى عام 1978، وعندما قام الرئيس ضياء الرحمن باستعادة نظام تعدد الأحزاب الديمقراطي، قامت الجماعة بإعادة إطلاق نفسها واغتنام الفرصة الديمقراطية، وسرعان ما عاد غلام أعظم إلى بنجلاديش بتأشيرة مؤقتة.
دعت الادعاءات المقدمة ضد غلام أعظم إلى محكمة صورية "المحكمة الشعبية" في عام 1992، زاعما أن بعد عام 1971 حاول عزام إقناع العديد من القادة السياسيين في الشرق الأوسط وباكستان بعدم دعم الدولة حديثة الولادة. وذكر غلام أعظم بنفسه أن جميع هذه الادعاءات ليست صحيحة بتاتاً وأنها ذات دوافع سياسية، وتحدى متهميه أن يقدموا دليلا لهم.
العودة إلى بنجلاديش
في عام 1978، سمح رئيس بنجلاديش ضياء الرحمن لعزام بالعودة إلى البلاد، فعاد بتأشيرة مؤقتة و بجواز سفر باكستاني، ولكنه عاش في بنجلاديش منذ عام 1978م حتي عام 1994م كباكستاني الجنسية دون أي تأشيرة صالحة للبقاء، ورفض مغادرة البلاد التي يعتبرها وطنه الأم.
وأصبح "أعظم" أميرًا غير رسمي للحزب حين قرر بقاءه في بنجلاديش بشكل غير قانوني، بسبب تجاوزه للمدة المحددة لتأشيرة الزيارة المعطاة لجواز سفره الباكستاني، بسبب رفض الحكومة إعطاءه الجنسية البنغلادشية، ومع ذلك لم تُبذل أي محاولة لمنعه حيث كان يتنقل بحرية علنا بسبب عدم تسوية قضيته. وأخيراً، منحت له الجنسية في عام 1994 بقرار من المحكمة العليا في بنجلاديش وهيئة القضاة التي كان يترأسها محمد حبيب الرحمن (الذي عين لاحقاً في الحكومة المؤقتة عام 1996)، وقد قضى المرسوم بأنه بحكم ولادته في بنجلادش فأنه يستحق الجنسية. وفي أواخر عام 2000 ، أعلن غلام أعظم اعتزاله السياسة النشطة وخلفه مطيع الرحمن نظامي.
الاعتقال 
قامت محكمة الجرائم الدولية بالقبض على غلام أعظم في الحادي عشر من يناير، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية و السلام ، بالإضافة إلى الإبادة الجماعية و جرائم الحرب في عام 1971. و قد رفضت محكمة الجرائم الدولية توسلاته لإطلاق سراحه بكفالة و قامت بإرساله إلى سجن دكا المركزي، ولكن نظراَ لتقدمه في العمر تم إرساله بعد ثلاث ساعات إلى مستشفى جامعة الشيخ مجيب في بانغاندو لعمل فحص طبي، ووفقاَ لصحيفة ديلي ستار فقد تم السماح له بالبقاء في زنزانة المستشفى في الخامس عشر من يناير، على الرغم من تصريح الفريق الطبي بقدرته على إكمال المحاكمة، و قد قامت الصحيفة ذاتها فيما بعد بالتسليم بصحة بقائه هناك لحالته الصحية المعتلة.
مؤلفاته
قام غلام أعظم بتأليف أكثر من سبعين كُتيب وكتاب في مواضيع تتعلق بالإسلام والسياسة والمجتمع المسلم والثقافة. وقام بكتابتهم باللغتين الإنجليزية والبنجلادشية. وهذه بعض من الكتب التي قام بكتابتها: دليل إلى الحركة الإسلامية، والجماعة الإسلامية وبنجلاديش، والوحدة الإسلامية والحركة الإسلامية، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفهم سريع للقرآن الكريم، السياسة في حياة النبي عليه الصلاة والسلام، وإقامة الدين، ومن بليسي إلي بنجلاديش، سياسة بنجلاديش، وجماعة الإسلام والحركة الديموقراطية، ومستقبل جماعة الإسلام وبنجلاديش، ووطني بنجلاديش، والديموقراطية ضد الرأسمالية؛ أفكار أبو الأعلى المودودي، والإسلام في السياق الحديث، كما رأيت مولانا المودودي، وما رأيته في الحياة.

وفاته

توفي يوم الخميس 23 اكتوبر 2014 اثر ثر إصابته بأزمة قلبية حسب تقرير المستشفي الذي كان يعالج فيه بمدينة دكا عاصمة بنجلاديش.



شارك