الإخوان بين مطالبات العزل والمصالحة
الثلاثاء 08/أغسطس/2017 - 05:59 م
طباعة
منذ عزل جماعة الإخوان الإرهابية من الحكم في مصر وفض اعتصامي رابعة والنهضة تخرج علينا أصوات من الفصيل السلفي في تيار الإسلام الساسي مطالبة بعقد تصالح مع جماعة الإخوان، وفي الكثير من الأحيان يطالبون بتطبيق تجربة جنوب افريقيا في المصالحة المجتمعية متناسين اختلاف الظرف الموضوعي بين التجربتين، إلا أنه مؤخرا قابل هذه الدعوة دعوة مغايرة تماما وهي عزل أعضاء الجماعة من وظائفهم في مؤسسات الدولة المصرية وتقديم مشروع قانون لمجلس الشعب يطالب بهذا المطلب من النائب محمد أبو حامد مستندا إلى عزل أعضاء الحزب الوطني عزلا سياسيا بعد قيام ثورة 25 يناير 2011.
حول مطالب العزل والمصالحة نحاول مناقشة الموضوع في هذا التقرير راصدين القوى التي وراء كل من المطلبين فقد أطلق حزب البناء والتنمية الذراع السياسية لـ"الجماعة الإسلامية"، دعوة لمصالحة جماعة الإخوان الإرهابية مع النظام المصري، متناسين ما أوقعته الجماعة الإرهابية من عمليات عنف وإرهاب على مدار أربع سنوات منذ فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.
وبحسب البيان الذي أصدره الحزب مطلع الأسبوع الحالي، قال: إن "الوقت كان عصيبا ورياح التوتر والاضطراب ضربت الجميع، وعدم الاتزان كان خلقا لكل الأطراف، فقد تعالت الأصوات المحرضة من وفي كل الاتجاهات على الانتقام والقتل والتكفير والتخوين، لا صوت يعلو على صوت الكراهية والتحريض"، في إشارة من الحزب إلى الفترة التي شهدت فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، 14 أغسطس 2013، وأسفرت الأحداث حينها عن سقوط عشرات القتلى والمصابين.
وأشار إلى أن "كان هذا هو الواقع تحريض على القتل والتكفير والتخوين ولا يوجد صوت عاقل ينادي بالحوار ولا بالمصالحة ولا بالمعارضة السلمية ولا برفض التكفير ولا برفض الظلم والقمع ولا برفض الإفراط في الأشخاص الذي يؤدي للخروج من الدين والحق والصواب، فتم مناقشة هذا الواقع في مؤسسات حزب البناء والتنمية، وكان لابد من قيام جهة أو حزب أو حركة لمواجهة هذا الواقع فكان القرار هو التحرك لرفض هذا الواقع وتحذير الشعب من الوقوع في مستنقع الحرب الأهلية".
وقد أكد ربيع شلبي، منسق حركة أحرار الجماعة الإسلامية، أن الجماعة الإسلامية تحاول الإمساك بمنتصف العصا وأن تكون رؤيتها رمادية غير واضحة، من خلال معاونة جماعة الإخوان الإرهابية، والدولة المصرية، لافتًا إلى أنها تحاول أن تبعد عنها وصمة الإرهاب.
وأضاف منسق حركة أحرار الجماعة الإسلامية، في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، إن الجماعة الإسلامية لا تزال في صف الإرهابيين، وتريد جماعات العنف، كما أنها في صف الإخوان وليست مع الدولة، لافتًا إلى أن بيانها الصادر بالدعوة إلى المصالحة، خوفًا على حزبها السياسي من حله، أو وضعه على قوائم الإرهاب، أو القبض على عناصر الجماعة، مؤكدًا أنها تتلون مع كل طرف، ولا تقدم ما في مصلحة الوطن.
وأشار "شلبي"، إلى أن الجماعة تخشى أن يمنع عنها الدعم، وتقوم بمهاجمة الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، في فتواه بقتال الإرهابيين، وتتهجم عليه، إرضاء للجماعة الإرهابية.
بدوره، أكد هشام النجار، الباحث في الحركات الإسلامية، أن ما تقوم به الجماعة الإسلامية، وذراعها السياسية- البناء والتنمية- هو محاولة خداع فقط، لافتًا إلى أن الأمر الحقيقي هو الانحياز الكامل لجماعة الإخوان الإرهابية، ولمسار الصدام مع الدولة ومواجهتها، والسعي إلى العودة بأي وسيلة.
وأضاف "النجار"، أن ما تقوم به الجماعة ما هو إلا مجرد شعارات مستهلكة وكلام للاستهلاك الإعلامي والسياسي، وما يهمها هو أن تلقي بطوق النجاة للإخوان، تحت عنوان المصالحة، فلا قيمة ولا معنى لها، لأن هناك أجنحة شكلت، وعنف يرتكب، ضد الدولة، من الحركات النوعية للإخوان التي تتمثل في حسم ولواء الثورة، بالإضافة إلى إعادة هيكلة الإخوان وتشكيل لجان نوعية، وما يسمى بالتأسيس الثالث، متسائلًا: "هل مع كل هذا لا يرى العالم أو الرأي العام الداخلي وغيره كل هذه التحولات وتصدق الجماعة الإسلامية بأنها تتعامل مع أناس سلميين ويمكن التصالح معهم؟".
وأوضح "النجار" أن هناك محاولة من قبل الجماعة الإسلامية للعودة للمشهد مرة أخرى، فهي تواجه أزمة حل حزبها السياسي، بسبب التحالف مع الإخوان والتحريض على العنف، والمشاركة في فاعليات التحريض على الدولة، مشيرًا إلى ولكن الحقيقة في الواقع مجرد عدم اندماجهم في العمل السياسي والعمل به وتجميد الحزب، وما يصرح به القيادات في الخارج بالتحريض على الدولة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات الإخوان، كل ذلك لا يمكن وصفه بأنها تمسك بالعصا من المنتصف ولكنها بذلك تنحاز انحيازًا كليا إلى الإخوان لأنهما في مركب واحد.
وكانت الجماعة الإسلامية قدمت العديد من المبادرات التي تقول من خلالها أنها تقدم مصلحة الوطن، كان منها "مبادرة إنقاذ سيناء في ذكرى تحريرها، ومبادرة التصالح مع الإخوان، ومبادرة تسوية أزمة قطر والدول المقاطعة"، وأخيرًا طرح عبود الزمر، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، رؤية موازية لمؤتمر الشباب بالإسكندرية، الذي أقيم نهاية الشهر الماضي.
وعلى الصعيد الأخر والذي ينادي بعزل أعضاء الجماعة الإرهابية من مؤسسات الدولة قد أكد محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب، أن عضو جماعة الإخوان والذي لم ينشق عن الجماعة حتى الآن، لا يجب أن يتم تركه في وظيفته، مشيرا إلى أنه إذا وقعت في يده أي معلومة تمس الأمن الوطني لن يتردد في الإضرار بأمن الوطن.
وأضاف "أبو حامد"، خلال حواره مع الإعلامي أحمد موسى، ببرنامج "على مسئوليتي"، المذاع على فضائية "صدى البلد"، مساء أمس الاثنين، أن الإخواني قد يكمن لفترة من الوقت ولكن تربصه بالدولة المصرية وشعبها ورغبته في الإضرار بأمن الدولة لن يتغير"، متسائلًا: " كيف نترك دكتور إخواني يدرس للطلبة؟ أو لديه معلومات عن الدولة؟".
ولفت عضو مجلس النواب إلى أنه باستطلاع أعضاء مجلس النواب، فإن هناك توافقا على إصدار قانون عزل أعضاء جماعة الإخوان من مؤسسات الدولة، منوها أن مشروع القانون مكون من 20 مادة.
وأشار إلى أن مشروع القانون سيناقش في دور الانعقاد الثالث للبرلمان، وسيناقش ويحال للجنة التشريعية ولجنة حقوق الإنسان واللجان ذات الصلة.
فيما قال النائب محمد فؤاد، المتحدث الرسمي باسم حزب الوفد، إن حزبه لم يطلع على القانون الذي أعده النائب محمد أبو حامد والخاص بعزل جميع المنتمين إلى جماعة الإخوان من العمل بأجهزة الدولة، ومنعهم من الترشح للانتخابات. وأضاف فؤاد، في تصريحات لـ«التحرير» أنه لا يمكن الحكم على أي مشروع قانون إلا بعد الاطلاع على مواده، ومن ثم لا يمكن إعلان مواقفنا سواء الموافق أو الرافض للمشروع إلا بعد قراءة مواد هذا المشروع.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم حزب الوفد، أن الحزب ينتظر القانون الجديد لإبداء رأيه فيه، خاصة أن الحزب معروف بدعمه الكامل للدولة المدنية. جدير بالذكر أن النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي وعضو ائتلاف دعم مصر، يعد حاليا مشروع قانون يقضي بعزل جميع المنتمين إلى جماعة «الإخوان»، وكل الجماعات التي صدرت بحقها أحكام قضائية باعتبارها «إرهابية» من الجهاز الإداري للدولة، بما في ذلك الجامعات والهيئات والمؤسسات والوظائف العامة، على أن تكون الإدانة بالإرهاب وفق المشروع الجديد تقضي بالعزل كليا من الوظائف العامة والشأن العام، بحيث لا يحق للمدانين الترشح في انتخابات المحليات أو النقابات، أو تأسيس جمعية أهلية، أو الحصول على عضوية مجلس إدارة إحدى الجمعيات أو النوادي أو الاتحادات الرياضية.