الإسلام وأصول الحكم
الأربعاء 12/أغسطس/2020 - 10:30 ص
طباعة
حسام الحداد
دعا الأزهر في مصر مجموعة من رجال الدين إلى عقد مؤتمر في القاهرة لبحث موضوع الخلافة. انتهى هذا المؤتمر بقرارات تفيد أن منصب الخلافة ضروري للمسلمين كرمز لوحدتهم واجتماعهم.
• الكتاب: الإسلام وأصول الحكم
• المؤلف: علي عبد الرازق
• سنة النشر: 1925
برغم الفترة التاريخية الطويلة التي مرت على نشر كتاب الإسلام وأصول الحكم لـ "علي عبد الرازق" 1925 فإن هذا النص يؤكد حضوره الفكري والسياسي في تاريخ المجتمعات العربية والإسلامية ولا سيما بعد صعود أيديولوجية الحركات الدينية والإسلامية الأصولية مرتبطاً بالأسئلة والإشكاليات السياسية التي واجهتها النخب العربية في الربع الأول من القرن الماضي بعد إعلان أتاتورك نهاية الخلافة الإسلامية.
كتاب "الإسلام وأصول الحكم" للشيخ الأزهري علي عبد الرازق يهدف إلى إثبات أنّ الإسلام دين روحي لا دخل له بالسياسة، أو بالأحرى لا تشريع له في مجال السياسة، فالسياسة أمرٌ دنيوي يعود للناس اختيار وسائله ومبادئه. وهو يرى أنّ نظام الخلافة الذي نُسِب للإسلام ليس من الإسلام في شيء، إنّما هو من وضع المسلمين.
الخلفية التاريخية للكتاب
صدر هذا الكتاب في فترة كانت قد انهارت فيها الخلافة العثمانيّة، ووقعت خلالها الدول العربيّة والإسلاميّة تحت النفوذ الأوروبي، وكان يجري العمل على إعادة إحياء الخلافة الإسلاميّة، وكان من بين الدول المرشّحة لتولّي الخلافة مصر.
لذلك في عام 1925م، دعا الأزهر في مصر مجموعة من رجال الدين إلى عقد مؤتمر في القاهرة لبحث موضوع الخلافة. انتهى هذا المؤتمر بقرارات تفيد أن منصب الخلافة ضروري للمسلمين كرمز لوحدتهم واجتماعهم. ولكن لكي يكون هذا المنصب فعالاً، لا بد أن يجمع الخليفة بين السلطة الدينية والسلطة المدنية. في تلك الأثناء كان هناك اتجاه لتنصيب الملك فؤاد الأوّل (ملك مصر) خليفة للمسلمين.
وسط هذه الأجواء ظهر كتاب "الإسلام وأصول الحكم"، وقد اختصر فيه المسألة بوضوح، فقال بأن الخلافة الإسلامية ليست أصلاً من أصول الإسلام، بل هي مسألة دنيوية وسياسية أكثر من كونها مسألة دينية، ولم يرد بيانٌ في القرآن، ولا في الأحاديث النبوية في التأكيد على وجوب تنصيب الخليفة أو اختياره.
ذهب عبد الرازق إلى أبعد من ذلك، فقال: "التاريخ يبين أن الخلافة كانت نكبة على الإسلام وعلى المسلمين، وينبوع شرٍّ وفساد".
أثار هذا الكتاب ضجة كبيرة، وتوالت عليه ردود علمية كثيرة وصدرت في حقه أحكام قاسية بإجماع كبار المشايخ والعلماء في الجامع الأزهر قضت بطرده من زمرة العلماء، وفصله من وظيفته في القضاء، وسحب إجازته العلمية من الأزهر.
ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، يغطي الجزء الأول منها موضوع الخلافة والإسلام، والجزء الثاني الحكومة والإسلام، والجزء الثالث الخلافة في التاريخ.
أما الكتاب الأول ففيه ثلاثة أبواب حيث يتناول الكاتب أولاً مفهوم الخلافة في وعي المسلمين، فيتبين له أن مفهوم الخلافة يتساوى مع مفهوم الملك والسياسي، فينسبون للنبي محمد توحيد العرب دينياً وسياسياً وأن الخلفاء من بعده هم أيضاً خلفاء النبي دينياً وسياسياً، والبعض يعتبرهم كما أشرت خلفاء الله على الأرض، فيدمجون الخلافة والملك بآن واحد، ويرفع البعض منزلة الملك أو الخليفة فوق صفة البشر كما يفعل كثير من المقربين للأنظمة العربية بخصوص رؤسائهم "غير بعيد عن مقام العزة الإلهية".
أما كاتبنا فيرفض قطعياً الرأي القائل بإسناد الخلافة لنص ديني في القرآن أو السنة أو حتى الإجماع، ويعطيه بعداً سياسياً، فالخلافة والملك لا علاقة لها بالدين، وهذا لا يلغي أن النبي قد سيّر شئون المسلمين ولكن دون أن نعتبر أن ذلك من باب الدين والمعتقد، وإنما من باب السياسة والمدنيّة وكذلك ليس من باب المدنية المقصودة أو التأسيس لنظام سياسي ودولة للعرب . فلهذا يرفض الكاتب الإسناد ويرفض التأويل للخلافة عبر النصوص والآيات التي تشير لأولي الأمر، ويقول "لو كان في الكتاب دليل واحد لما تردد العلماء في التنويه والإشادة به".
ولهذا انصرفوا عن الكتاب إلى الإجماع الذي لا يجيزه الكثيرون أو التجئوا إلى الأقيسة المنطقية وأحكام العقل.. فالخلافة أو الخليفة مسألة بشرية وسياسية محضة، وعادة ما استندت إلى القوة والرهبة وهذا يشمل جميع الخلفاء بما فيهم الراشدين، فلا يمكن للدعوة الدينية أن تقوم على الرهبة أو القسوة وإنما على الإقناع والمسايرة والحرية، فكل ما قام به النبي وخلفاؤه في إطار الرهبة أو القسوة لا علاقة له بالرسالة الدينية، وإنما هو شأن بشري هدفه تأسيس الدولة وتوحيد الشعوب في إطارها وإن كانت هذه الرهبة تخدم تلك الدعوة، فيستنتج كاتبنا أن الكتاب الكريم قد تنزه عن ذكر الخلافة وكذلك السنة النبوية قد أهملتها وأن الإجماع لم ينعقد عليها.
الكتاب الثاني، يتناول شكل نظام الحكم في زمن النبوة والرسالة والحكم ويعتبر الرسالة رسالة دينية لا حكما، والدين دينا لا دولة، بعكس القول المتعارف عليه أن الدين الإسلامي دين ودنيا، مدللاً على أفكاره، بأنه لم يكن في زمن النبي نظام للحكم محدد أو ولاة معينين بنص أو قضاة أو قادة جيوش كذلك، وإنما كان هناك شيء من ذلك لتصريف شئون المسلمين.
فالدين لا إكراه فيه، والرسالة هي مهمة النبي الأساسية ونادراً ما وجد رسول قبل النبي محمد دمج في شخصه الملك والسياسي بالرسول والنبي، ولو كانت تلك مهمته كما هو متعارف خطأً أيضاً، فلماذا لم يتحدث النبي إلى رعيته في نظام الملك وفي قواعد الشورى.
وباعتبار الأمر كذلك فالنبي محمد لم يكن إلا رسولاً لدعوة دينية خالصة لا تشوبها نزعة ملك ولا دعوة دولة، فلذلك لا بد من التفرقة الدقيقة والحازمة بين الزعامة الدينية والزعامة السياسية أو بين الدين والسياسة والدولة، وربما يثير السلطان الواسع للزعامة الدينية لبساً في الوعي بأن سلطانه يشمل كل شيء، فيصير هو السياسي والملك والقائد العسكري والمزارع الكثير الغلال، والتاجر الذي لا يبارى وغيره.
غير أن علي عبد الرازق ينفي ذلك قطعياً للأسباب المذكورة ويشدد على أن الزعامة الدينية قد تكون أوسع من علاقة الحاكم بالمحكوم أو الأب بالابن، ولكنها تبقى زعامة دينية تخص النزوع الديني عند الإنسان وتحقيقاً لمشيئة الذات الإلهية، ولا صلة لها بالسياسة أو حياة البشر الواقعية.
وبالتالي ولاية الرسول على قومه ولاية روحية منشؤها إيمان القلب وخضوعه خضوعاً تاماً يتبعه خضوع الجسد.
أما الكتاب الثالث فيناقش به مفهوم الوحدة الدينية وعلاقتها بالعرب وغير العرب، والفارق بين زعامة النبي وشكل التوحيد للعرب في زمنه واستجابتهم له دينياً أو سياسياً وشكل التوحيد بعد وفاته، حيث يعتبر الإسلام ديناً محضاً لعموم البشر وليس للعرب، رغم أنه قرآنا عربيا وأوصى بالعرب ووجد عندهم، وبالتالي التوحيد الذي قام به النبي للعرب قائم على أساس الدعوة الدينية وليس على أساس مشروع سياسي معين خاص بهم، فالنبي لم يحدد الخليفة من بعده ولم يسمه ويخطّئ الكاتب الذين يعتبرون ذلك، وبأنه أشار لأبي بكر أو علي ببعض الأحاديث؛ لأن النبي لم يكن معنياً بالسياسة والدولة العربية بالمعنى الدقيق للكلمة، وإنما كان معنياً بالوحدة الدينية بين العرب وغير العرب؛ لذلك كل ما جاء به الإسلام من عقائد ومعاملات وآداب وعقوبات فإنما هو شرع ديني خالص لله ولمصلحة البشر الدينية لا غير، وبالتالي رسالة النبي لا تورث وكذلك زعامته الدينية، وطبيعي ومعقول جداً إلى درجة البداهة أن لا توجد بعد النبي زعامة دينية فإن وجدت فهي زعامة مدنية أو سياسية حصراً، وإن ادعت بذلك.
وعليه فإن النبي لم يتعرض لأسلوب الحكم عند القبائل العربية أو النظام الإداري أو القضائي، ولا وضع قواعد لتجارتهم أو زراعتهم أو صناعتهم، بل ترك لهم تصريف شئونهم وموقفه في تأبير النخيل، أو في الإجابة عن سؤال الحباب بن المنذر عن الموقع الذي سيحارب به "فأنتم أعلم بشئون دنياكم"- دليل واضح على زعامته الدينية لا السياسية أو الدنيوية.
وعليه فإن الدولة العربية منذ تولي أبي بكر الصديق عليها دولة سياسية ومدنية من صنع البشر وهي ضرورة تاريخية، وقد عمل أبو بكر على أن تخدم مشروع توحيد الأمة عبر توحيد القبائل العربية ولكنه على أهمية ما فعله لا يخرج منصبه وحروبه عن الحكم البشري والغايات البشرية من وراء ذلك.
وإن ما فعله النبي أيضاً عبر توصيله الرسالة قد هيأ لبناء تلك الدولة، ويسرد كاتبنا هنا قصة سقيفة بن ساعدة الشهيرة في التاريخ الإسلامي العربي والتي تدلل كلية على عدم وجود نص لاستخلاف النبي، وأن الخلافة أو الملك القادم مسألة ضرورية لتسيير شئون العرب والمسلمين ككل دولة موجودة في ذلك الزمن ولها هذه المهمة، ففي تلك السقيفة تمت عملية تنصيب أبو بكر وتبييعه السلطة عبر أمراء القبائل وقوة كل قبيلة من جهة أخرى، "فكان هو أول ملك في الإسلام".
فأمر تنصيبه لم يتجاوز تنصيب أي ملك والاعتراض عليه، وعدم الموافقة عليه لم تكن مسألة ارتداد عن الدين؛ بدليل عدم موافقة علي بن أبي طالب أو سعد بن عبادة والتابعين لهما عليها، حتى إن الأخير كان يقاطع الصلاة التي يقيمها الخليفة أبو بكر.
وهنا يشير الكاتب إلى أن حروب الردة والمرتدين لم تكن حروب ردة عن الإسلام، رغم حق البشر بذلك إن شاءوا، فإن شاءوا آمنوا وإن شاءوا كفروا، بل هي حروب من أجل دفع الزكاة التي أوقفتها بعض القبائل بعد موت النبي، فالحروب هدفها تأسيس الدولة وتثبيت أركان الحكم، وقد نفذت بالقوة والقهر والرهبة، وبالتالي لا علاقة لها بالارتداد عن الدين أو مخالفة الخلافة الدينية التي ليست كذلك، فحروب الردة هي إذن حروب سياسية بامتياز مهمتها الدفاع عن وحدة العرب وعن دولتهم.
ثم يتطرق كاتبنا إلى مبررات أخذ وعي المسلمين بأن مفهوم الخلافة مفهوم شرعي وديني، فيقول إن مكانة أبي بكر عند النبي أو عند المسلمين ربما هي التي بررت ذلك، ثم بدأ الملوك من بعده بتوظيف الشرع والدين لخدمة مصالحهم ومصالح أولادهم، فراحوا يروجون لهذا المفهوم، فتمت عملية تثبيته بالتدريج وجعله مفهوما دينيا، فصار كل خليفة يعتبر نفسه خليفة الله على الأرض، فتحول المفهوم السياسي "الخلافة" إلى مفهوم ديني، وأصبح من بديهيات الوعي الإسلامي العمومي، فكانت النتيجة أن السلاطين اتخذوا الدين دروعاً تحمي عروشهم.
وبالتالي إن تدبير شئون المسلمين وبناء جيوشهم وعمارة مدنهم ونظام دواوينهم وعلومهم هي مسائل بشرية خالصة، وعليهم تقع مسئولية إرساء قواعد حكمهم ونظام حكوماتهم على أحدث ما أنتجته العقول البشرية، ووفقاً للعقل البشري والتجريب وخبرة الأمم في التقدم، وهو ما فعله الخلفاء الراشدون والخلفاء من بعدهم، وهو ما تفعله الشعوب بشكل مختلف وعبر إبداعاتها ومصالحها وتحقق التقدم، وكل هذا لا علاقة له بالدين أو الشرائع، بل بالعكس وعلى أرضية فصل الدين عن الدولة وإلحاقه بالمجتمع وعدم تشويهه.
مقتطفات من الكتاب
"إن يكن الفقهاء أرادوا بالإمامة والخلافة ذلك الذي يريده علماء السياسة بالحكومة كان صحيحاً ما يقولون، من أنّ إقامة الشعائر الدينيّة، وصلاح الرعيّة، يتوقّفان على الخلافة، بمعنى الحكومة، في أيّ صورة كانت الحكومة، ومن أيّ نوع. مطلقة أو مقيّدة، فرديّة أو جمهوريّة، استبداديّة أو دستوريّة أو شوريّة، ديمقراطيّة أو اشتراكيّة أو بلشفيّة. لا ينتج لهم الدليل أبعد من ذلك. أمّا إن أرادوا بالخلافة ذلك النوع الخاص من الحكم الذي يعرفون، فدليلهم أقصر من دعواهم، وحجّتهم غير ناهضة".
"كان صلّى الله عليه وسلّم أميّاً ورسولاً إلى الأميّين، فما كان يخرج في شيءٍ من حياته الخاصّة والعامّة ولا في شريعته عن أصول الأميّة، ولا عن مقتضيات السذاجة والفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، فلعلّ ذلك الذي رأينا في نظام الحكم أيّام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هو النظام الذي تقضي به البساطة الفطريّة. ولا ريب في أنّ كثيراً من نظم الحكم في الوقت الحاضر إنّما هي أوضاع وتكلّفات، وزخارف طال بنا عهدها فألفناها، حتى تخيلناها من أركان الحكم وأصول النظام، وهي إذا تأملت ليست من ذلك في شيء، إن هذا الذي يبدو لنا إبهاماً أو اضطراراً أو نقصاً في نظام الحكومة النبويّة لم يكن إلا البساطة بعينها، والفطرة التي لا عيب فيها".
"ولاية رسول الله على قومه ولاية روحيّة، منشؤها إيمان القلب، وخضوعه خضوعاً صادقاً تامّاً يتّبعه خضوع الجسم، وولاية الحاكم ولاية ماديّة، تعتمد إخضاع الجسم من غير أن يكون لها بالقلوب اتصال. تلك ولاية هداية إلى الله وإرشاد إليه، وهذه ولاية تدبير لمصالح الحياة وعمار الأرض. تلك للدّين، وهذه للدنيا".
"إنّ كل ما جاء به الإسلام من عقائد ومعاملات، وآداب وعقوبات، فإنّما هو شرع ديني خالص لله تعالى، ولمصلحة البشر الدينيّة لا غير. وسيّان بعد ذلك أن تتضّح لنا تلك المصالح الدينيّة أم تخفى علينا، وسيان أن يكون منها للبشر مصلحة مدنيّة أم لا، فذلك ما لا ينظر الشرع السماوي إليه، ولا ينظر إليه الرسول".
"كانت وحدة العرب كما عرفت وحدة إسلاميّة لا سياسيّة، وكانت زعامة الرسول فيهم زعامة دينيّة لا مدنيّة، وكان خضوعهم له خضوع عقيدة وإيمان، لا خضوع حكومة وسلطان، وكان اجتماعهم حوله اجتماعاً خالصاً لله تعالى، يتلقون فيه خطرات الوحي، ونفحات السماء، وأوامر الله تعالى ونواهيه "ويزكّيهم ويعلّمهم المتاب والحكمة".
"لسنا نتردّد لحظة في القطع بأنّ كثيراً ممّا سموه حرب المرتدّين في الأيام الأولى من خلافة أبي بكر لم يكن حرباً دينيّة، وإنّما كان حرباً سياسيّة خالصة، حسبها العامّة ديناً، وما كانت كلّها للدين".
"تبيّن لك من هذا أنّ ذلك اللقب (خليفة رسول الله) مع ما أحاط به من الاعتبارات التي أشرنا إلى بعضها ولم نشر إلى باقيها، كان سبباً من أسباب الخطأ الذي تسرّب إلى زعامة المسلمين فقد حلّ منهم في مقام الذي كان يحلّه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم".
"والخلافة ليست في شيءٍ من الخطط الدينيّة، كلا ولا القضاء ولا غيرهما من وظائف الحكم ومراكز الدولة، وإنّما تلك كلّها خطط سياسيّة صرفة، لا شأن للدين، فهو لم يعرفها ولم ينكرها، ولا أمر بها ولا نهى عنها، وإنّما تركها لنا، لنرجع فيها إلى أحكام العقل، وتجارب الأمم، وقواعد سياسيّة".
"كما أنّ تدبير الجيوش الإسلاميّة، وعمارة المدن والثغور، ونظام الدواوين لا شأن للدين بها، وإنّما يرجع الأمر فيها إلى العقل والتجريب، أو إلى قواعد الحروب، أو هندسة المباني وآراء العارفين".
"لا شيء في الدين يمنع المسلمين أن يسابقوا الأمم الأخرى، في علوم الاجتماع والسياسة كلّها، وأنّ يهدموا ذلك النظام العتيق الذي ذلوا له واستكانوا إليه، وأن يبنوا قواعد ملكهم، ونظام حكومتهم، على أحدث ما أنتجت العقول البشريّة، وأمتن ما دلّت تجارب الأمم على أنّه خير أصول الحكم".