النمسا ومواجهة الإخوان والإرهاب التركي
الثلاثاء 18/أغسطس/2020 - 03:11 م
طباعة
حسام الحداد
أعلنت وزيرة الاندماج النمساوية، سوزان راب، في النصف الثاني من يوليو الماضي 2020، تأسيس مركز توثيق الإسلام السياسي، على غرار مركز توثيق اليمين المتطرف، وخصصت ميزانية مبدئية نصف مليون يورو له ليتولى مراقبة الإخوان والتنظيمات التركية وغيرها في البلاد، بما يشمل المساجد ومواقع التواصل الاجتماعي.
ويتمثل دور المركز في توثيق المتطرفين، في تحليل اتجاهاتهم وخاصة الإخوان، وتوثيق جرائم هذا التنظيم الدولي.
لكن حزب الخضر "يسار"، الشريك في الحكومة، أعلن مخاوفه من تركيز المركز الوليد على دين بعينه، متحججا بأن اتفاق تشكيل الحكومة الحالية ينص على تأسيس مركز توثيق للعنصرية ومعاداة السامية، وليس الإسلام السياسي.
حزب الشعب "يمين وسط" الطرف الأقوى في الحكومة، أكد بدوره أن اتفاق تشكيل الحكومة نص في فصل "الأمن الداخلي"، وتحت عنوان "تدابير مكافحة التطرف والإرهاب" على: "إنشاء مركز توثيق مستقل معتمد من الدولة، للتطرف السياسي المدفوع دينياً (الإسلام السياسي) يتولى مهمة البحث العلمي وتوثيق وإعداد المعلومات حول التطرف السياسي ذي الدوافع الدينية.
وأشار حزب الشعب النمساوي إلى أن "الاتفاق كان واضحا، ونص مكافحة الإسلام السياسي، دون أي ذكر لمعاداة السامية والعنصرية".
وفي هذا الإطار، قال مهند خورشيد، عالم الاجتماع النمساوي والخبير في شؤون التنظيمات المتطرفة، إن إنشاء مركز التوثيق ضروري لمواجهة تنظيمات الإسلام السياسي وخاصة الإخوان، التي تعد "أخطر على أوروبا من (داعش) و(القاعدة)".
وقال خورشيد، عضو الهيئة الاستشارية لمركز توثيق الإسلام السياسي، في تصريحات لصحيفة دير ستاندرد النمساوية: "أخيرا، بدأنا نتحدث عن الإسلام السياسي على المستوى الواقعي. قبل ذلك ، قمنا فقط بالحديث عن تنظيمات مثل داعش والقاعدة، متجاهلين حقيقة أن هناك ظاهرة أخرى خطيرة هي الإسلام السياسي".
وأضاف: "على عكس أوروبا، اعترفت العديد من الدول الإسلامية بالفعل بأن تنظيمات الإسلام السياسي خطر كبير".
خورشيد الأستاذ في جامعة مونستر الألمانية لفت إلى أن تنظيمات الإسلام السياسي وخاصة الإخوان "تتبع أيديولوجية خبيثة تهدف إلى الحكم باسم الإسلام، حيث تستخدم الدين كوسيلة للتلاعب بالناس".
وتابع: "الإسلام السياسي ضدنا جميعاً وهو أخطر بكثير من الجهادية والسلفية"، مضيفا: "نحن نعلم أن تنظيم الإخوان يملك وجودا قويا في النمسا، لكننا لا نعلم الكثير عن هيكلها ومنظماتها هنا، لذلك مركز توثيق الإسلام السياسي مهم جدا لجمع المعلومات أولا".
وحول اعتراضات حزب الخضر، ذكر خورشيد: "نحن لا نستهدف دين بعينه كما يقول الخضر، بل نركز على أيديولوجية خبيثة".
ولفت إلى أن "إحدى استراتيجيات المتطرفين الآن هي الضغط على الخضر من أجل تقسيم الائتلاف الحاكم وتفكيك الحكومة، مضيفا "الإسلام السياسي يعرضنا جميعا للخطر".
وقبل أشهر، طالب مركز "مينا واتش"، أهم مركز بحثي نمساوي (خاص) متخصص في شؤون الشرق الأوسط، بحظر الإخوان بشكل كامل في النمسا، وأوروبا بشكل عام.
وبصفة عامة، تملك الإخوان وجودا كبيرا في النمسا، وخاصة في فيينا وغراتس، ويتمثل ذراعها الأساسي في الجمعية الثقافية أو Liga Kultur، ومجموعة من المساجد والمراكز الثقافية مثل النور في غراتس، والهداية في فيينا.
وفي مارس 2019، دخل قانون حظر رموز الإخوان وغيرها من التنظيمات الإرهابية في النمسا، حيز التنفيذ.
خطة النمسا لمراقبة وملاحقة الإخوان والتنظيمات التركية الإرهابية
وكانت الحكومة النمساوية قد أعلنت الأربعاء 15 يوليو 202، عن خطة لمراقبة وملاحقة الإخوان والتنظيمات التركية الإرهابية، وغيرها في البلاد.
يأتي ذلك بعد أسابيع من مهاجمة مجموعة من تنظيم الذئاب الرمادية المتطرف، ذراع رجب طيب أردوغان، مظاهرة للأكراد واليساريين كانت تندد بالفاشية، في فيينا، ما أدى لاندلاع اشتباكات بالحجارة وزجاجات المياة، وأحداث شغب واسعة، أصيب خلالها عنصري شرطة.
ويخضع مركز توثيق الإسلام المتطرف لإدارة وزارة الاندماج، ويحظى بدعمها الكامل، وبهيئة استشارية تضم خبراء أبرزهم لورينزو فيدينو، أهم باحث غربي في شؤون تنظيم الإخوان ورئيس مركز التطرف بجامعة جورج واشنطن الأمريكية، وفق ما أعلنته وزيرة الاندماج سوزان راب، الأربعاء.
ووفق راب، فقد بدأت بالفعل عمليات إنشاء المركز، لكن لم يحدد مديره بعد، وسيتم الإعلان عن الوظيفة في وقت لاحق.
وعلى غرار "أرشيف وثائق المقاومة النمساوية" المعني بتوثيق جرائم وتحركات اليمين المتطرف والنازيين الجدد، فإن مركز توثيق الإسلام السياسي سيكون مؤسسة مستقلة مدعومة مباشرة من الحكومة النمساوية، ويتولى نشر كتب ومقالات وأبحاث جديدة، وأرشفة المنشورات الحالية، المتعلقة بالإسلام السياسي، والتنظيمات الإسلامية المتطرفة.
ومن المنتظر أن يركز المركز عمله على جماعات الإخوان، وحزب الله اللبناني، والذئاب الرمادية التركية وغيرها من التنظيمات المتطرفة.
ويأتي ذلك الإجراء استكمالا، لقانون حظر رموز التنظيمات المتطرفة، وفي مقدمتها الإخوان وحزب الله، الذي أقرته الحكومة السابقة منتصف فبراير الماضي.
الذئاب الرمادية
يأتي هذا بعد أن كشف تقرير نمساوي اختراق تنظيم الذئاب الرمادية المتطرف، ذراع رجب طيب أردوغان، والإخوان الإرهابية، للحزب الاشتراكي الديمقراطي، ثاني أكبر أحزاب البلاد.
وقال موقع "فوخين بليك" النمساوي "خاص"، إن "هناك علاقات وثيقة بين الحزب النمساوي وتنظيم الذئاب الرمادية منذ ما يقرب من عقد".
وتابع الموقع: "من حيث المبدأ، يتعلق الأمر دائمًا بالتصويت. على وجه الخصوص، لم يكن كل من حزب الشعب الحاكم، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، جيدين في جذب تصويت النمساويين من أصل تركي".
وأضاف: "لذلك، كان هناك محاولات للحزبين للتقرب من النمساويين من أصل تركي"، ضاربة مثال بصورة ظهرت للمستشار الحالي وزعيم حزب الشعب سبستيان كورتس، مع مجموعة من الشباب التركي يؤدون تحية الذئاب الرمادية.
وتابع: "لكن في الواقع، يبدو أن العلاقات بين الذئاب الرمادية والحزب الاشتراكي الديمقراطي أقوى بكثير"، مضيفا: "التنظيم التركي يبارك على سبيل المثال، الفعاليات التي ينظمها الحزب النمساوي المتطرف".
الموقع ذكر أن هناك صورة كبيرة لزعيمة الاشتراكي الديمقراطي، ريندي فاجنر، معلقة في مقر الذئاب الرمادية في مدينة لينز النمساوية.
ووفق الموقع، وثق صحفيون زيارات قام بها سياسيون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمقرات الذئاب الرمادية في النمسا في 2019.
وأضاف الموقع: "فيما يتعلق بالإخوان، يتهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي بدعم الجماعة التي لا تقل تطرفا عن الذئاب الرمادية، ومنح ممثليها مناصب في الحزب".
وتابع الموقع: "عمر الراوي، يملك اتصالات وثيقة مع الإخوان، وفي نفس الوقت يشغل عضوية الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وعضوية برلمان مدينة فيينا".
كان البرلماني النمساوي البارز بيتر بيلتس قال في مقابلة صحفية في مارس 2019 إن "النظام السياسي في النمسا مخترق من الجماعات المتطرفة التركية والإخوان".
بيلتس قال في حواره "الأخطار المرتبطة بالإسلام السياسي في النمسا، ازدادت بشكل درامي"، مضيفا: "النظام السياسي في النمسا مخترق من الجماعات التركية والإخوان".
وتابع: "هناك محاولات من الإخوان للتقرب من حزب الشعب الحاكم (يمين وسط)، والحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط/ حزب المعارضة الرئيسي)".