الإخوان اليوم.. متابعات الصحف العربية والعالمية

الخميس 20/أغسطس/2020 - 02:12 م
طباعة الإخوان اليوم.. متابعات اعداد: حسام الحداد
 
تقدم بوابة الحركات الاسلامية أبرز ما جاء في الصحف ووكالات الأنباء العربية والعالمية بخصوص جماعة الإخوان، بكافة أشكال التناول الصحفي (أخبار – تعليقات – متابعات – تحليلات – آراء) اليوم 20 أغسطس 2020.
العربية نت: صفقة وملايين من الإخوان.. كيف تحشد تركيا لمعركة سرت؟
فتحت الزيارة التي قام بها مدير المخابرات الحربية المصرية اللواء خالد مجاور إلى ليبيا قبل أيام والتقى خلالها قائد الجيش الوطني الليبي، خليفة حفتر، بابا للعديد من التساؤلات.
لا سيما وأنها أتت بعد ساعات من زيارة لوزيري دفاع تركيا وقطر إلى طرابلس استهدفت التخطيط للهجوم على مدينة سرت.
موضوع يهمك?لا تشيح مصر بنظرها عما يجري في حديقتها الخلفية، أو ما وصفتها بخطوطها الحمراء، فعينها ساهرة على التطورات المحيطة بمدينة...عين مصر على سرت.. وتركيا تستفيد من تجربة سوريا عين مصر على سرت.. وتركيا تستفيد من تجربة سوريا المغرب العربي
وكان الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، أحمد المسماري، أكد سابقا أن تركيا تحشد بأموال قطرية من أجل خوض معركة سرت، مؤكداً أن تلك المدينة الاستراتيجية هي الملف الذي يتم التنسيق فيه حاليا مع القيادة في مصر.
في حين ذكرت مصادر ليبية أن الاجتماع التركي القطري قرر دمج المرتزقة ضمن قوات حكومة الوفاق بإشراف تركي، على أن تسند إليهم مهام من بينها تأمين وحماية مقرات حكومية تابعة للوفاق في العاصمة طرابلس.
ووفقا لمعلومات حصلت عليها " العربية.نت "فإن تركيا حصلت قبل أيام على تبرعات كبيرة من جماعة الإخوان في أوروبا، كما حصلت على ألغام بحرية شديدة التأثير، من أجل تعزيز قدراتها خلال العمليات في ليبيا وخوض معركة سرت.
ملايين من إخوان أوروبا
وفي السياق، قال الباحث المصري في ملف الإرهاب الدولي أحمد عطا لـ "العربية.نت" إن تركيا أطلقت "محفظة مالية" لجمع الأموال من إخوان أوروبا بهدف دعم تحركاتها في ليبيا، وصلت قيمتها إلى 1,7 مليار دولار وكان لمحمد حكمت وليد مراقب الجماعة في سوريا دور كبير وبارز فيها.
كما أضاف أن أنقرة تعاقدت على صفقة أسلحة من شرق أوروبا منها ألغام بحرية شديدة التأثير والانفجار وألغام أرضية وصواريخ محمولة ومتحركة مضادة للطائرات.
إلى ذلك شدد على أن تركيا تسعى لاقتحام مدينة سرت من أجل الوصول إلى الموانئ النفطية في المنطقة الشرقية واخراج الجيش الليبي منها، كما تخطط لتحويل مدينة مصراتة إلى قاعدة عسكرية تستخدم لانطلاق العمليات نحو محور سرت الجفرة وهو ما تستعد له بحشد مالي عن طريق قطر وجماعة الإخوان، وتدريب المرتزقة والميليشيات التي تدفع بهم من سوريا والدول الإفريقية المجاورة لليبيا وعلى رأسها مالي.
يذكر أن مصادر أفادت في وقت سابق للعربية بأن رئيس المخابرات المصرية سلم قائد الجيش الليبي رسالة من الرئيس المصري أكدت رفض القاهرة أن تكون سرت والجفرة منطقتين معزولتين من السلاح ومن الجيش.
كما تضمنت الرسالة فتح خط اتصال مباشر خلال الأيام المقبلة بين القاهرة والجيش أجل التنسيق بشكل كامل بين الطرفين.
ومنذ أشهر اشترطت حكومة "الوفاق" وأنقرة السيطرة على مدينة سرت الاستراتيجية والجفرة من أجل وقف إطلاق النار بين طرابلس والجيش الليبي، والذي دعت إليه عدة أطراف دولية، فضلاً عن الأمم المتحدة. ويتمسك الطرفان المتصارعان بالمدينة، التي تتمتع بموقع استراتيجي يربط شرق البلاد وغربها.
وكان الجيش الليبي نفذ عمليات استطلاع بحري قبالة سواحل المدينة، التي وصفتها مصر بخطها الأحمر، ملوحة بالتدخل في حال نفذت قوات الوفاق المدعومة من أنقرة تهديداتها باقتحامها.
وتقع مدينة سرت الساحلية، مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي ولاحقاً معقل تنظيم "داعش" لفترة مؤقتة قبل تحريرها، على بعد 300 كلم من الساحل الأوروبي وفي منتصف الطريق بين العاصمة طرابلس في الغرب وبنغازي المدينة الرئيسية في إقليم برقة في الشرق.
وسيطر الجيش عليها في كانون الثاني/يناير 2020، وتمكن من دخولها من دون معركة تقريباً.


اليوم السابع: لا يريدون استقرار مصر.. جومانا ماهر ترد على إعلام الإخوان حول رغيف الخبز
فندت الإعلامية جومانا ماهر، الصور التى نشرتها قناة الجزيرة القطرية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، وبقية القنوات التابعة للجماعة عبر حساباتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى، بشأن صغر رغيف الخبز المدعوم الذى تقدمه للدولة المصرية.  
وأكدت جومانا ماهر، خلال  برنامج "صباح الخير يا مصر"، عبر القناة الأولى، الفضائية المصرية، وشاشة on E، أن هذا الرغيف تصنعه بعض الأفران على طريقة "السندوتشات"، وتقدمه للمواطنين، مشيرةً إلى أنه جرى مشاركة هذه الصور بكثافة فى البداية، ثم السخرية من رغيف الخبز من خلال "الكوميكس". 
وتابعت: "وبعدها بدأ الموضوع ياخد الشكل الممنهج للهجوم، حيث تحركت كل من رصد والجزيرة فى هذا الصدد، وبالأمس استعرضنا حجم الخبز في تقرير وأثبتنا أن هذا الكلام لا علاقة له بالحقيقة، وهناك دول معينة كانت تتمني أن تحقق مصر خسائر كبيرة في أزمة كورونا وكانت تتمني أن ينهار اقتصادها، لكن ما حدث أن مصر استطاعت الوقوف على قدميها والتعامل في الأزمة، وافتتحت عددا كبيرًا من المشروعات، واستمرت عمليات البناء والتصدير والتشييد".
وأردفت أن القنوات الإخوانية تريد إحداث القلق والتوتر وقلب الحقائق لتروج لمفاهيم معينة.
وواصلت: "في دول من اللي بتشغل منصاتها للهجوم على مصر وصلت علبة الزبادى لـ15 ريالا، لكن مصر نفذت إجراءات كبيرة للحماية الاجتماعية في الأزمة، وصرفت معونات للعمالة غير المنظمة، وتحرك وصندوق تحيا مصر وصرف اعانات ومساعدات وشوفنا تكافل وكرامة، وهو ما لن تتحدث عنه الجزيرة وشركائها أبدًا، وأن مصر تحافظ على عدالة توزيع رغيف الخبز من خلال خف وزنه فى ظل التحديات الاقتصادية فى العالم  خاصة بعد كورونا ومع تراجع التجارة العالمية، وأن هذا الأمر ده مهم للحفاظ على احتياطات السلع لفترات أطول".

الشرق الأوسط: كيف تهدد قطر و{الإخوان} توازن القوى مرة أخرى؟
لا شكَّ أنَّ العلاقة الجدلية بين حركة الإخوان المسلمين وتوازن القوى الإقليمي يتضح جلياً عندما لعبت دوراً محورياً في مؤسسات تشكيل الوعي الجمعي داخل السعودية، التي وفرت لتلك الحركة كل الموارد والإمكانيات المادية والرمزية لإنتاج خطاب عقلاني يخدم بقاء النظام واستقراره السياسي داخلياً، ويحافظ على مكانته المركزية في توازن القوى على الساحة الإقليمية والدولية منذ ستينات القرن المنصرم وحتى أواسط التسعينات.
وبطبيعة الحال فإن استقرار النظام السعودي الداخلي كان من المفترض أن ينعكس بدوره على المكانة المركزية للمملكة كلاعب رئيسي محافظ يكرس طاقاته وإمكانياته للحفاظ على قانون توازن القوى المحكوم آنذاك بالقطبية الرباعية، المسيطرة على بنية المنظومة الإقليمية العربية (السعودية، مصر، العراق، سوريا). بيد أنه في طليعة التسعينات بدأت أولى تجليات خلخلة توازن القوى خارجياً بتهميش القوة العراقية، وداخلياً بتعبئة حركات التمرد التي قادتها رموز جماعة الإخوان المسلمين، وتيار الصحوة عند استدعاء الحكومة السعودية للقوات العسكرية الأميركية والغربية.
وبإهدار مقدرات القوة العراقية وفشل الدولة السورية، وتوظيف الموارد القومية لكلتا الدولتين في خدمة المصالح الإيرانية، وحالة الشلل العام التي ضربت مؤسسات الدولة المصرية فيما بعد «الربيع العربي»، أضحت الحكومة السعودية تعيش هاجس إعادة إنتاج توازن القوى في صيغته المحافظة، خشية انهيار المنظومة الإقليمية بكل مكوناتها ومواردها المادية ورأسمالها البشري. وفي ضوء هذه التناقضات البنيوية لعب الإخوان دوراً دراماتيكياً في خلخلة توازن القوى وتغيير قواعد اللعبة السياسية التي تدار بمنطق الدولة إلى بيئة استراتيجية غير فاعلة قوامها اللادولة التي تحكم بالميليشيات والفصائل العسكرية، وبتعدد قوى ما دون الدولة. وقبل تدخلات النظام الإردوغاني بالمنظومة الإقليمية في وقت لاحق، كانت الدوحة قد سبقتها في تعظيم أرباحها وتكديس مصادر قوتها، والتي ستعمل بواسطتها على خلخلة توازن القوى.
تاريخياً، ومنذ انقلاب قصر الوجبة الأميري عام 1996 كانت تختمر سلسلة من الاستراتيجيات القطرية التي تهدف إلى خلخلة توازن القوى المحافظ، وتغيير قواعد اللعبة السياسية عبر مراكمة المزيد من عناصر القوة، وأول عناصر القوة التي أكسبت النظام القطري الانقلابي قوة وفاعلية حقيقية، هي استضافة بعض عناصر حركة الإخوان المسلمين وتبني خطابهم الإسلامي الوحدوي المتجاوز لحدود الدولة الوطنية. وقاد هذا التكتيك البطيء إلى استثمار هذه القوة الآيديولوجية كوديعة طويلة الأمد في «بنوك» السياسة القطرية إلى أولى محاولات المشاكسة القطرية للدولة السعودية، التي تشكل القطب الأكبر في المنظومة الإقليمية والخليجية ورمانة ميزان توازن القوى. وبعد أن ظفرت الدوحة بقوة دينية تعبوية خلعت على الانقلاب الجديد شرعية سياسية، تطلعت إلى تضخيمها بقوة النفوذ الأميركي بإنشاء قاعدة العديد، والتي ستغدو أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط وتدعيمها بالانفتاح والتطبيع مع دولة إسرائيل. ورغم تناقض مكونات القوة الأميركية والانفتاح على إسرائيل مع الشرعية الدينية على صعيد الخطاب الفكري التعبوي لحركة الإخوان والصحوة، وهو الحال الذي كانت تزايد عليه «الصحوة» سياسياً في الحالة السعودية، رغم مقاطعة الأخيرة لمؤتمر الجات المقامة بالدوحة، بسبب استضافة الأخيرة لإسرائيل في عام 2004. فإنَّ إيرادات الموارد النفطية الهائلة - التي تشكل العنصر الثالث من عناصر القوة القطرية - تمكَّنت من ترويض مكونات ذلك التناقض على مستوى سلوك الدوحة السياسي.
وفي الواقع، فإن المكونات المتناقضة للقوة القطرية (الإخوان المسلمين، النفوذ الأميركي، التطبيع مع تل أبيب، شرعية الإنجاز الاقتصادي) شجعت حكومة الدوحة باتخاذ خطأ مناوئ لسياسات الخارجية السعودية المحافظة على توازن القوى بصيغته التقليدية. وتجلت أولى تلك التناقضات المهددة لتوازن القوى في شق الإجماع الخليجي بتأييد حكومة صالح اليمنية في حربه الأهلية عام 1994، ودعم حزب الإصلاح الإخواني المعارض لصالح، التطبيع مع إسرائيل ودعم «حزب الله» عام 2006. تأييد الكفاح المسلح لـ«حماس» في الوقت الذي زار فيه العاهل القطري إسرائيل سراً، واستضاف رئيس الحكومة الإسرائيلية شيمعون بيريز في الدوحة علناً. وعزَّزت من روافد جملة تلك التناقضات توظيف موارد القوة الناعمة لقناة الجزيرة، التي كرست معظم ذخيرتها الإعلامية لمناكفة السعودية، وتضخيم دور الدعاية السوداء فيما يتعلق بالداخل السعودي، وتقديم الفرص والمنابر الإعلامية لمعارضتها بالخارج. ومنذ ذلك الحين وحكومة الدوحة توظف موارد قناة الجزيرة كأحد أهم أدوات سياستها الخارجية، لتقويض المكانة السياسية المركزية للمملكة في المنظومة الإقليمية، وتهديد الصيغة المستقرة لقواعد اللعبة السياسية وتوازنات القوى التقليدية. بل ذهبت أبعد من ذلك في تحقيق مشروعها التقويضي ومناكفة الدولة السعودية، عند صياغتها إطاراً مؤسسياً بديلاً ذا بعد دولي يتم من خلاله استيعاب اللاعبين الجدد من الإخوان المسلمين. فأنشأت (اتحاد العلماء المسلمين) برئاسة القرضاوي ليكون بديلاً لرابطة العالم الإسلامي، بهدف تقديم خطاب براغماتي أو عصراني متصالح مع تناقضات السياسة الخارجية القطرية، ويطرح نفسه في صيغة دينية يقول عنها - تضليلاً - إنها أكثر اعتدالاً وتسامحاً. ورافق استيلاء الدوحة على هذه القوة الناعمة التي شكلت أبرز روافدها الدين والإعلام، استنزاف بطيء وممنهج للقوة المفكرة للسعودية وطبقة الأنتليجنسيا المثقفة، إذ مُنحت الجنسية القطرية لبعض أساتذة الجامعات والمفكرين السعوديين، وفُتحت فرص وظيفية واسعة للكوادر المهنية السعودية في الجهاز البيروقراطي القطري.
تلك التحولات الاستراتيجية في السياسة الخارجية القطرية، أسهمت بشكل أو بآخر في تحويل قطر من دولة هامشية صغيرة في مساحتها الجغرافية، إلى أن تكون لاعباً في المنظومة الإقليمية عبر التدخل في مناطق النفوذ السعودي في اليمن ولبنان وسوريا والعراق، متمددة إلى خاصرة المحيط الأفريقي لمصر عبر تدخلاتها في السودان وليبيا وتونس. وتوج مجهودها التاريخي بمراحل هيمنة مؤقتة على صناعة القرار المصري عند وصول الإخوان المسلمين إلى قمة الهرم السياسي. كانت تلك المرحلة الحاسمة التي دقت ناقوس الخطر في ترتيبات توازن القوى وتغيير قواعد اللعبة السياسية لصالح تلك الدولة الصغيرة المتنامية على حساب الدولة السعودية الموازن الاستراتيجي الأكبر في المنطقة. وهذا التغير البنيوي في شكل توازن القوى ثنائي القطب الذي يهيمن عليه مصر والسعودية، هو ما يفسر سلوك السياسة الخارجية المباشر والمعلن - على غير عادة السياسة الخارجية السعودية - لدعم الرئيس السيسي في تلك المرحلة الخطرة على كل المنطقة والعالم.
صفوة القول من كل ذلك، من الصعب إنكار الجهد المضني للحكومة القطرية لإعادة ترتيبات توازن القوى بما يخدم أجندتها السياسية. وأنماط استقلالية القرار القطري عن الإجماع الخليجي والعربي في كثير من المواقف التاريخية يؤكد ذلك. ولذلك فمن غير المستبعد أن تعيد حكومة الدوحة إعادة إنتاج نفس السلوك السياسي عبر دعم منظومات وتكتلات بديلة عابرة للحدود، وستعيد ترتيب صيغة جديدة لقواعد اللعبة السياسية ضمن تلك المنظومة المحتملة، أو تشكيل تحالفات استراتيجية موازنة تهدد ميزان القوى ثنائي القطب المهيمن عليه من خلال القوة المصرية السعودية، والذي بدأ في التشكل في صيغة ثلاثية بعد بروز الإمارات كلاعب رئيسي وفعال في هذه المنظومة الإقليمية. ولعل مؤتمر كوالالمبور الإسلامي 2019. المتدثر بجلباب الآيديولوجيا الإخوانية، الذي حضرته قطر، وكان من المفترض أن تشارك فيها باكستان قبل قرار انسحابها، وضم لاعبين كبار جدد كإيران وتركيا وماليزيا، قد تكون الأكثر احتمالاً في تشكيل النواة التنظيمية الأولى في هذا المشروع الاستراتيجي. أو لربما قد يكون البديل الآخر متمثلاً في مشروع التحالف الثلاثي القطري التركي والإيراني، الذي يعمل وفق قواعد لعبة سياسية مختلفة قوامها تفكيك الصيغة الوستفالية للدولة الوطنية الحديثة. وإن كان استمرار هذا التحالف الثلاثي أقل توقعاً، نظراً لحجم التباينات والتناقضات الداخلية بين أعضائها، إلا أن على دول المقاطعة أن تعمل جدياً بتعظيم حدة تلك التناقضات، وتوسيع التباينات داخلها عبر توظيف كل التدابير الاستراتيجية المتاحة، من أجل الحفاظ على الديمومة النسبية لتوازن القوى التقليدي، وصيانة السلام والاستقرار الإقليمي والدولي.

اندبندنت: «طريق القدس يمرّ عبر كربلاء».. علاقة إيران بـ «الإخوان» تاريخية
في الحلقة السابقة، تناولنا بعض الجوانب في المفهوم العقائدي المشترك بين إيران وجماعة الإخوان. وتطرّقنا إلى مسألة التسيّس الديني السلطوي في سلوكية ونهج هذين الطرفين.
العراق والسعودية أول المتضررين
بحكم الموقع الجغرافي، فإنّ العراق البلد العربي الأول الذي عانى بشدة من أضرار دولة إيران الدينية، وبحجّة تصدير الثورة الإسلامية، بدأ الخميني تنفيذ مشروعه الطائفي، الذي أراد منه إشعال نار الفتنة بين المسلمين في البلد الواحد. وبعد منع تنظيم الإخوان المسلمين في العراق منذ عام 1961، أخذت خلاياه التحرّك وبدعمٍ إيراني. وكان الخميني يردّد أنّ "طريق القدس يمرّ عبر كربلاء". عبارة صريحة للتدخّل الإيراني الصارخ. ومع ارتكاب العمليات الإرهابية المدعومة من إيران داخل العراق، اندلعت الحرب في 22 سبتمبر (أيلول) 1980، وانتهت في 8 أغسطس (أغسطس) 1988، وراح ضحيتها نحو مليون مسلم، غالبيتهم من الإيرانيين، نتيجة الزحف البشري في الهجومات البرّيَّة.
وعلى الرغم من أنّ العراق وافق على قرار "مجلس الأمن الدولي" الرقم 479 في 28 سبتمبر 1981، أي بعد ستة أيام من نشوب الحرب، وتعاون مع "لجنة المساعي الحميدة" التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وغيرها من الجهود العربية والإسلامية والدولية من أجل وقف نزيف الحرب، لكن الخميني كان يطرح شروطاً مستعصية، دلالة على رفضه. واستمر متمسّكاً بموقفه حتى أُجبر مذعناً بالموافقة على قرار مجلس الأمن، وجاء في كلمته "وشربتُ كأس السّم بقبول القرار". فخرج العراق منتصراً على إيران، ولم يكن لجماعة الإخوان ممثلةً بـ"الحزب الإسلامي العراقي" أي تأثير ولو قيد أنملة.
كذلك عانت السعودية، ولا تزال، من النهج العدواني الإيراني، ابتداءً من سنوات تسيّس الحج، لا سيما الفترة الممتدة ما بين 1984- 1987، إذ من أسلوب تصدير الثورة الإيرانية، أن ينظّم الحجّاج الإيرانيون تظاهرتين: الأولى في المدينة المنورة يطلقون عليها "تظاهرة الوحدة"، والأخرى في مكة المكرمة تحت اسم "تظاهرة البراءة من المشركين". فالحجّاج الإيرانيون يعملون بما أمرهم به الخميني الذي لا يفصل الدين عن السياسة. وبذلك، بحسب مفهومه، لا تنفصل عبادية الحج عن أهدافه السياسية الأخرى، التي شرّعها الإسلام من أجل مصلحة الأمة.
وفي حينها، نبّهت السلطات السعودية عبر الدكتور إبراهيم العواجي، وكيل وزارة الداخلية في لقائه مع ممثل الخميني في الحج، مهدي كروبي (1939-)، إلى الالتزام المطلوب في التظاهرة، وإلّا سيتم التصدّي للمتظاهرين. وما حدث في مكة يوم الجمعة المصادف 6 ذي الحجة 1407 هجرية، الموافق 31 يوليو (تموز) 1987 ميلادية، هو أن خرجت تظاهرة الحجّاج الإيرانيين عن مسارها السلمي، بإشعال البلبلة والفوضى، واصطدمت بعنف مع قوات الأمن ورجال الشرطة، فسقط عدد كبير من الضحايا المدنيين بين قتيل وجريح.
وفي عهد علي خامنئي، ازدادت التدخلات الإيرانية الطائفية في الساحة العربية على نحو أوسع وأغلظ من ذي قبل، وازدادت معها تحرّكات الإخوان المسلمين، لا سيما في عَهْدَيْ الرئيسَيْن الأميركيَّيْن جورج بوش الابن (2001- 2009)، وباراك أوباما (2009- 2017)، إذ تمدّدت إيران في أربعة بلدان عربية: العراق وسوريا ولبنان واليمن. ونتائج المخطّط الأوبامي الذي تحقّق في وصول الإخوان إلى السلطة في بعض البلدان العربية: مصر وتونس وليبيا.
ويرى الأكاديمي الفرنسي أوليفر روي (1949-)، في كثير من كتاباته المتخصّصة في الإسلام السياسي المعاصر، وما خلقه من أبعاد ومواجهات إقليمية ودولية، ومن جملة مؤلفاته "الإسلام العالمي: البحث عن أمة جديدة" و"العلمانية تجابه الإسلام" و"الإسلام والمقاومة في أفغانستان" وفي كتابه الموسوم "فشل الإسلام السياسي"، تناول بشكل مسهب وكتب عن إيران كنظام ومذهب وتاريخ في أيرنة الواقع المفروض على الآخرين، قائلاً إنّ "الثورة الإيرانية مشدودة الصلة بالمذهب الشيعي، ليس عبر مجموعة الكتابات، بل كتاريخ، إذ إنّ هوية المذهب الشيعي في إيران تعكس العملية التاريخية التي ظهرت في مرحلتين: الأولى في اعتناق إيران المذهب الشيعي تحت الحُكم الصفوي خلال القرن السادس عشر ميلادي، والأخرى عدم قبول الأقليات الشيعية الأجنبية الأيرنة المفروضة عليهم، خصوصاً التحكّم الإيراني والنفوذ ومركزية رجال الكهنوت. وفي هذا الخصوص، تُعتبر هذه بُدعة كبيرة بالنسبة إلى المذهب السُّنّي".
ولكن بالنسبة إلى الإخوان، كونهم من أهل السُّنّة، وجماعة دينية- سياسية، فقد ظهرت اضطرابات واضحة في موقفهم بعد وصولهم إلى السلطة في مصر. على سبيل المثال، عندما أصدر مجلس شورى الإخوان في 30 أبريل (نيسان) 2011 قراره بإنشاء "حزب الحرية والعدالة"، جناحاً سياسياً لحركة الإخوان المسلمين، وبذلك حسم مسألة الجدال حول إقامة دولة دينية أو مدنية، بيد أنّ هذه النقلة التي حتّمتها ظروف الحراك الشعبي وقتذاك، لا تعني أنّ جميع الإخوان قد انصهروا في حزبهم الوليد، بل إنّ "الحرية والعدالة" ليس أكثر من هيكل سياسي جديد يمثِّلهم. أمّا الهياكل الاقتصادية والأمنية والعسكرية، فلها هرميتها في البنية الإخوانية. ومن الواضح أن مستقبلية هكذا بنيوية داخلية للإخوان، كادت أن تؤدّي بصورة أو بأخرى، إلى تخريب الوضع المؤسّساتي الذي قامت عليه مدنية الدولة المصرية الحديثة، وإلى تحويل الدولة المصرية ظلاً خاضعاً للقيادة الإخوانية، من المرشد إلى الحزب، وإلى بقية الواجهات الأخرى.
إنّ أسلوب جماعة الإخوان في طريقة التوغّل داخل المجتمع يكون من خلال تأسيس الجمعيات الخيرية والتعاونية والخدمية وغيرها، وبثّ فكرهم وعقيدتهم كبديل صالح للوضع المنحرف عن النهج الإسلامي القويم. وفي تدعيم هذا الاتجاه، كانوا يمارسون الضغط النفسي في طرح شعارات دينية وأخلاقية، منها "الإسلام هو الحلّ"، ما يعني حصر الإسلام وتمثيله في حركتهم، مع الادّعاء بأنهم الأصوب في إقامة النظام الإسلامي الصحيح.
أما أسلوب أسلمة الدولة، فجماعة الإخوان تعمل على اختراق مفاصل الدولة في جميع مستوياتها من جهة، وتوظيف التحالفات مع الآخرين من جهة أخرى. بيد أن سلبيات مخطّطاتهم قد تكشّفت، بل فشلوا لا سيما أن مدنية الدولة في مصر متجذّرة لا يمكن تفكيكها بذرائع إسلامية تخدم الجماعة في الدولة، لا الدين في الحياة.
مصر تتضرّر (القسم الأول)
على الرغم من أن مصر تُعدّ منشأ ومعقل جماعة الإخوان المسلمين، وتعرّضت لأضرار وتصادمات إخوانية سابقاً، أدت إلى حلّهم في أكثر من مرة، في عهد الملك فاروق عام 1949، وكذلك في عهد الرئيس عبد الناصر عام 1954. إلّا أنّ الخطورة الحقيقية التي تعرّضت لها مدنية الدولة المصرية الحديثة عند وصول الإخوان إلى السلطة، وذلك في سعيهم وهدفهم إلى أخونة مؤسسات الدولة من ناحية، ووصول المدّ الإيراني عبر الإخوان من ناحية أخرى.
فعن الجانب الأول، على سبيل المثال لا الحصر، نشير إلى قول رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، اللواء رأفت شحاتة، عندما دخل على الرئيس محمد مرسي ليخبره ببعض المعلومات الحسّاسة، وجد عنده عدداً ليس بقليل من القيادات الإخوانية، فأراد الإيحاء بأنه لا يستطيع البوح بما يحمله، فأشار مرسي بأنهم أمناء جميعهم، فلا ضير بالكلام أمامهم، ما دفع شحاتة إلى إخفاء المعلومات الخطيرة، وذِكر ما هو أدنى منها.
وبعد الحراك الشعبي واصطفاف الجيش مع الشعب، تم عزل الإخوان عن السلطة في 3 يوليو 2013، وفي التصريح الأول له منذ خروجه من الجهاز، قال شحاتة في حوار أجرته معه صحيفة "المصري اليوم"، إنه "لم يعطِ معلومة واحدة خاطئة لمرسي، ولم يتآمر عليه أحد، سواء في الجيش أو في الشرطة أو المخابرات، وبالعكس كنّا نقدم له النصائح، ولكنّه أمسك الدفّة بشكل خاطئ، ولم يكن يعتمد على المؤسّسات".
إن الجملة الأخيرة: "ولم يكن يعتمد على المؤسّسات"، تشخيص دقيق ليس بشخص مرسي فقط، بل بخطورة الرؤية الإخوانية في إدارة الدولة ذاتها، إذ بعد سياسة المراوغة، تمكّنوا من نيل الرئاسة ومجلسَيْ الشعب والشورى، وسنّ الدستور وفق ما يلائمهم ويخدم مصالحهم.
وفي هذا الصدد، نذكر شعار "المشاركة لا المغالبة" الذي رفعه المرشد العام لجماعة الإخوان، محمد بديع (1943)، قبل انتخابات مجلسَيْ الشعب المصري والشورى، ما بين (2011- 2012)، وقولهم إن ثلث المقاعد يكفيهم، إلى المنافسة والمزاحمة للسيطرة على غالبية المقاعد، إذ زجّوا بعددٍ كبيرٍ من المرشحين على القوائم والمقاعد الفرديَّة، وبواسطة هذا التخطيط الملتوي، استطاعوا الاستحواذ على ثلثَيْ أعضاء المجلسين. ومن خلال المجلسين المنتخبين، يتم اختيار 100 عضو لوضع دستور جديد للبلاد. وهكذا، تمكّن الإخوان من تمرير الدستور والتشريعات التي تخدم وتساعد في تنفيذ مخطّطاتهم أكثر من المصالح العامة للشعب وللوطن.
واعتُمد النمط ذاته عندما أعلن الإخوان عدم رغبتهم في خوض الانتخابات الرئاسية، لكنّهم تحرّكوا نحو تأسيس "حزب الحرية والعدالة" في 6 يونيو (حزيران) 2011، ليكون الجناح السياسي الرسمي لهم. وعلى الرغم من فوزهم بفارق ضئيل 51.7 في المئة، فإنّ الرئاسة تعني تشكيل الحكومة. ومن هنا، بدأوا العمل لأخونة مؤسسات الدولة. وبهذا الفعل، تجلّت الصورة أكثر في بسط تسلّطهم الدستوري في حُكم مصر. وجراء هذا التسلّط المتنامي من جهة، وتناقضاتهم المتقلّبة بين أقوالهم وأفعالهم من جهة أخرى، فقد انتهى الأمر بحراك شعبي عارم أدى إلى عزلهم عن السلطة في 3 يوليو 2013.
كان خروج معظم الشعب المصري في تظاهرات مناوئة لحُكم الإخوان، بعدما تم خطف الثورة والدولة، ومحاولة تغيير الهوية الوطنية، وعدم تقديم منجزات حقيقية تجاه مشكلات الأمن والمرور والوقود والنظافة والخبز وغيرها.
وعن الجانب الثاني، فإن الفترة القصيرة التي حكم فيها الإخوان، كان متوقّعاً منهم تعزيز وتمتين أواصر العلاقة مع إيران، لا سيما أنها مقطوعة بين البلدين لأكثر من ثلاثة عقود، منذ 1979. وخدمة للمصالح الإخوانية- الإيرانية تم تبادل الزيارات الرئاسية والرسمية بين الطرفين. فقد حضر مرسي مؤتمر "دول عدم الانحياز" الذي عُقد في طهران بين 26- 31 أغسطس 2012. وحضر محمود أحمدي نجاد مؤتمر القمة الإسلامية الذي عُقد في القاهرة بين 6- 7 فبراير (شباط) 2013.
كانت إيران تتطلّع إلى أن يتغلغل مشروعها الطائفي في مصر، كما فعلت في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وعرضت المساعدات المالية والتبادل التجاري والتعاون الاقتصادي، ومنحاً دراسية سنوية، وضمان زيارات سياحية على مدى فصول السنة، مقابل أن تستلم إيران إدارة وصيانة المراكز الدينية والمساجد في عهد الدولة الفاطمية في مصر (973- 1171).
ومع أن نسبة الشيعة في مصر أقل من 1 في المئة من مجموع المذاهب الإسلامية، لكن إيران أرادت الاختراق بمدّ ذراع أوّلية بهدف نشر التشيَّع الفارسي. لكن مفتي مصر علي جمعة (1952-) تصدّى وأطلق تحذيره في أكتوبر (تشرين الأول) 2012، مخاطباً إيران بشكل مباشر: "اتّقوا الله فينا وفي أنفسكم".
بيد أن عزل الإخوان عن السلطة، ثم الوضع التدميري الذي تعرّضوا له، شكّل انتكاسة كبيرة لإيران ولمشروعها الطائفي في مصر. ولعلّ كلام أحد أتباعها، ياسر الحبيب (1979-)، يكشف عن بعض الخفايا، إذ يقول "نريد أن نحدث ثورة في مصر، من خلال شراء البعض من أفراد الجيش والمسؤولين لإحداث انقلاب، ثم يسلّموننا الحكم بعد ذلك، وسنقوم بشراء سياسيين، وسنفرض التشيَّع بالقوة في مصر مثلما حدث في إيران عندما ذهب شيعة العراق ولبنان وتشيّعوا في إيران".
أما عن ردّ الفعل الإخواني، فبدلاً من مراجعة أسباب إخفاقهم وتصحيح أخطائهم، اتّجهوا للصدام المسلح، وارتكبوا سلسلة من الأعمال الإرهابية، وحرّكوا تنظيمهم الدولي ضد النظام الحاكم، ولم يعترفوا بنتائج انتخابات 3 يونيو (حزيران) 2014، مع أن الشعب هو مصدر السلطات.
وبعد هروب بعض قادة الإخوان إلى لندن، متّخذين من شقة صغيرة فوق مطعم تركي في منطقة كريكلوود Kricklewood في شمال غربي العاصمة البريطانية مكتباً لهم، وفقاً لبعض التقارير الإعلامية، صار يُستخدم كغرفة عمليات لإدارة أنشطة الجماعة منذ الإطاحة بحكمهم. وكانت الحكومة البريطانية تخشى أن تقوم هذه القيادات بالتخطيط لشنّ هجمات على أراضيها، خصوصاً عقب الاشتباه بتورّط الإخوان في الهجوم على حافلة سياحية في سيناء بشهر فبراير 2013، الذي أدى إلى مقتل ثلاثة سياح بريطانيين. لذا، سارع رئيس الوزراء الإنجليزي ديفيد كاميرون (2010- 2016) إلى فرض الحظر على الإخوان المسلمين، ليس حفاظاً على الأمن الداخلي فقط، وإنّما من أجل الاستقرار السياسي الخارجي أيضاً في منطقة الشرق الأوسط.
وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة "الغارديان"، فإنّ كاميرون أصدر أوامره بإجراء تحقيقات في أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في لندن، وفقاً لتعليمات من أجهزة الاستخبارات البريطانية وإنّ كاميرون يواجه ضغوطاً لحظر جماعة الإخوان واعتبارها جماعة إرهابية. وذلك لمنعها من استخدام لندن مركزاً لعمليات للتنظيم الإخواني الدولي. وأشار بعض المسؤولين في الحكومة البريطانية إلى أنّ "من المحتمل حظر جماعة الإخوان في المملكة المتحدة، لكن من غير المرجح أنّ يتم حظر أنشطتها في البلاد على أساس صلاتها بالإرهاب". وهذا الطرح يوافق تحليلات وزارة الخارجية البريطانية التي ترى أنّ "اعتبار الإخوان جماعة إرهابية من شأنه تشجيع التطرّف في البلاد".
في تلك الفترة، كانت إيران قلقة من تداعيات الحظر الإنجليزي على الإخوان، لا سيما أنّ المخابرات الإيرانية كانت توفّر المال والسلاح والتدريب لجماعات إسلامية ناشطة منها "التوحيد والجهاد" و"الرايات السوداء" و"كتائب الفرقان"، ضدّ الوضع السياسي القائم في مصر، ناهيك عن ذكر جماعة "أنصار بيت المقدس" التابعة للإخوان أصلاً.
وبما أنّ السياسة الخارجية الإيرانية تمتلك النفس الطويل، لذلك فإنّها عملت على تذليل ردود أفعال تلك التداعيات المضادّة للإخوان، خصوصاً أن سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقتذاك، كانت ذات مرونة وليونة تجاه إيران في الملف النووي والعقوبات الاقتصادية والمفاوضات معها.

شارك