الاتحاد الأوروبي يلوح بفرض عقوبات ضد تركيا فى اجتماعه المقبل
بدأ الاتحاد الأوروبي يلوح بفرض عقوبات على انقرة فى ضوء الانتهاكات
التى تقوم بها فى البحر المتوسط، والتعدى على حقوق دول الاتحاد ومنها اليونان
وقبرص، وبدأ الاتحاد الأوروبي فى جس نبض الأعضاء بخصوص إمكانية فرض العقوبات فى
ضوء عدم استجابة تركيا لكل التحذيرات التى صدرت مؤخرا فى هذا الأمر.
تشمل العقوبات توسيع نطاقها لتشمل سفناً أو غيرها من الأصول المستخدمة
في عمليات التنقيب، وحظر استخدام موانئ ومعدات الاتحاد الأوروبي وفرض قيود على
"البنى التحتية المالية والاقتصادية المرتبطة بهذه الأنشطة، كما سيتم النظر
كذلك في فرض عقوبات واسعة ضد قطاعات بأكملها في الاقتصاد التركي.
وهو ما ظهر مؤخرا فى تصريحات مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد
الأوروبي، جوزيب بوريل، باحتمالية فرض عقوبات جديدة عليها، فى اجتماع القادم لعضاء
دول الاتحاد الأوروبي يومي 24 – 25 سبتمبر المقبل ، تشمل تدابير اقتصادية واسعة
النطاق، ما لم يتم تحقيق تقدم باتّجاه خفض التوتر مع اليونان وقبرص في شرق
المتوسط، والتأكيد على أن الاتحاد الأوروبي يرغب بمنح "الحوار فرصة
جدية"، لكنه ثابت في دعمه للبلدين العضوين في الاتحاد الأوروبي اليونان وقبرص
في الأزمة التي عززت المخاوف من إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية في شرق البحر
المتوسط.
وسبق أن زار بوريل أنقرة لتخفيف حدة التوتر مع اثينا، والمطالبة
بضرورة الحوار والتهدئة، ورفضت أنقرة هذه المزاعمن بينما اعتبرت أثينا ان الاتحاد
الأوروبي يتبع سياسة خاطئة ويجمع بين الطرف المنتهك للحقوق وبين الطرف المتضرر فى
سلة واحدة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى أكد فيه بوريل على ضرورة توقف أنقرة على اتخاذ
قرارات احادية، والتنقيب عن الغاز دون مراعاة للحقوق الدولية للدول الآخري.
من ناحية آخري قال لازاروس ميليوبولوس، المحاضر في معهد العلوم
السياسية وعلم الاجتماع بجامعة بون أن الصراع التركي اليوناني التقليدي حول ترسيم
المجال الجوي والمياه الإقليمية في بحر إيجة تفاقم حالياً بسبب ظهور عدة عوامل
جديدة، منها عامل اقتصادي متمثل في وجود احتياطيات من الغاز الطبيعي في البحر
الأبيض المتوسط ومسألة التنقيب واستغلال هذه الثورة، ومنها ما هو مرتبط بصراع
جيوسياسي أصبح الآن أكثر حدة نسبياً، وتشارك فيه العديد من القوى الكبرى
والإقليمية التي تحدد مناطق النفوذ في البحر الأبيض المتوسط. على رأسها دول البحر
الأبيض المتوسط ، بالإضافة إلى اليونان وتركيا وكذلك كل من فرنسا وإيطاليا ومصر
وإسرائيل وليبيا المنقسمة.
أوضح فى حوار له مع راديو صوت ألمانيا أن تركيا
أصبحت أكثر استقلالية من الناحية الجيوسياسية أيضاً.في واقع الأمر لا تهيمن أنقرة
حالياً على نصف قبرص فحسب، وإنما تقوم الآن أيضاً بتدخلات عسكرية في شمال سوريا
وليبيا وشمال العراق، إلى جانب الابتزاز السياسي والعوامل الأيديولوجية واللغة
العدوانية لحكومة أردوغان، فحكومة حزب العدالة والتنمية أصبحت الآن تمثل مزيجاً
ساماً من "العثمانية الجديدة"، الاستبداد، الإسلاموية، معاداة السامية،
الشعبوية، العسكرة، القومية ومعاداة الصهيونية.
شدد على أنه بالرغم من التوترات التي تشوبها،
فإن العلاقات التركية الروسية في مرحلتها الحالية توفر لروسيا العديد من الفرص من
أجل التأثير والاستفادة من الوضع من الصراع الحالي بين البلدين، ما يضع الاتحاد الأوروبي
أمام خيارات أكثر صعوبة، فالصراع التركي اليوناني القديم، وقد تحول اليوم إلى صراع
"دولي" و "أيديولوجي"، واكتسب أهمية جيوسياسية.
توقع ميليوبولوس أن حكومة حزب العدالة
والتنمية في النهاية لا تسعى بشكل جدي للدخول في صراع عسكري من منطلق المصلحة،
اليونان، من جانبها، جاهزة عسكريا للتحرك ضد تركيا. ولا يمكن استبعاد أن وقوع خطأ
أو حادث كبير عبر اصطدام سفينة أو إسقاط طائرة أو تبادل لإطلاق النار في أعالي
البحار، يمكن أن يؤدي إلى سلسلة من ردود الفعل التي قد تتطور بدورها إلى صراع
عسكري، وقد يحدث ذلك بسرعة كبيرة وقد لا يمكن التحكم فيه إلا بصعوبة كبيرة.
وعن الموقف الألمانى فى الصراع اليونانى التركى، أكد ميليوبولوس أن ألمانيا ليست من الدول المؤثرة بشكل مباشر
على سياسة البحر الأبيض المتوسط، غير أن هناك أسباب عديدة لها علاقة بالسياسة
الداخلية والخارجية، لا تجعل من ألمانيا مجرد متفرج مستقل. ألمانيا نفسها لديها
عدة صراعات، بعضها خطير في بعض الحالات، مع تركيا، فقد قامت الحكومة التركية
مؤخراً عدة مرات باستفزاز ألمانيا، ابتزازها و تهديدها، في الوقت نفسه، وهو ما يعد
أمراً متناقضاً، تواصل ألمانيا تصدير الأسلحة إلى تركيا على نطاق واسع. قد تميل
برلين إلى دمج مصالحها الخاصة، مثل سياسة الهجرة ، في طاولة المفاوضات إذا حاولت
تركيا ممارسة الضغط هنا و سيكون ذلك على حساب اليونان.
اعتبر أن هناك شكوك مفهومة لدى جزء كبير من
الرأي العام داخل اليونان حول دور ألمانيا كوسيط يُفترض أنه وسيط مناسب، خاصة وأن
العلاقة الألمانية اليونانية لم تتأثر بشكل تام بسبب مطالبات أثينا المتكررة
بالحصول على تعويضات مالية من ألمانيا. من ناحية أخرى، و بصفتها عضواً في الاتحاد
الأوروبي، فإن ألمانيا تقف إلى جانب اليونان، حيث أن وحدة أراضي الاتحاد الأوروبي
وتعزيز القانون الدولي تصب في مصلحة ألمانيا الداخلية، لذلك لا يبدو دورها
محايداً، ولكنه بالأحرى متشابك ومعقد للغاية.