أردوغان يعزز مكاسبه في ليبيا عبر إذكاء الصراع على السلطة في طرابلس
الإثنين 31/أغسطس/2020 - 02:07 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
الأزمة في طرابلس على اعتاب مرحلة جديدة، فخلافات السراج وباشاغا هل تنذر بصراع دام بين الميليشيات المدعومة من تركيا؟ تساؤل تأتي إجابته عبر تقارير تقول أن أنقرة باتت تدير الأزمة لصالحها والغاية من ذلك الخروج بأكبر مكاسب ممكنة.
وبحسب خبراء فإن السيناريو الموجه هو أن تستمر ميليشيات طرابلس ومصراتة في تقديم المزيد من التنازلات لأنقرة، ما من شأنه في نهاية المطاف أن يعود عليها بضخ مليارات الدولارات من أموال الشعب الليبي والتي دأبت أن تحصل عليها من حكومة الوفاق، كما أن ذلك سيمنحها ذريعة إضافية لوجود قواتها ومرتزقتها على الأراضي الليبية، ويمكن لأنقرة بذلك الاستفادة من التصدعات والانشقاقات في صفوف الميليشيات الموالية لها فيما يخدم مساراتها التوسعية في ليبيا.
ويرى خبراء أن الاحتقان الراهن بين جناحي الميليشيات في طرابلس قد يتحول إلى صراع دام بينهما تكون أنقرة أكبر المستفيدين منه.
يذكر أنه خلال زيارة باشاغا لتركيا الجمعة 28 أغسطس، أصدر رئيس المجلس الرئاسى الليبى لحكومة الوفاق فائز السراج قرارا بإيقاف وزير داخلية الوفاق فتحى باشاغا عن العمل، وإحالته إلى التحقيق.
وأشار القرار إلى أن التحقيق مع باشاغا سيكون بشأن التصاريح والأذونات وتوفير الحماية اللازمة للمتظاهرين، والبيانات الصادرة عنه حيال المظاهرات والأحداث الناجمة عنها التى شهدتها مدينة طرابلس ومدن أخرى خلال الأيام الماضية، وأية تجاوزات ارتكبت فى حق المتظاهرين.
وكلف السراج فى القرار نفسه، وكيل وزارة الداخلية خالد مازن بتسيير مهام الوزارة وممارسة كافة الصلاحيات والاختصاصات السيادية والإدارية الموكلة للوزير.
وفي هذا السياق قال عضو مجلس النواب علي التكبالي: إنّ فائز السراج يعي أنّ بإمكان فتحي باشاغا قلب الطاولة عليه في طرابلس، ولذا سارع إلى اتّخاذ قراره هذا مستغلًّا وجود باشاغا في تركيا.
وحسب "إرم نيوز"، أشار التكبالي، إلى أنّ باشاغا استبق الأحداث بأن أحضر مجموعة من الميليشيات من مصراتة، مشيرًا إلى أنّ فرح ميليشيات طرابلس بإقالة باشاغا ناتج عن قلقها وخوفها من تجاوزها في مرحلة مقبلة.
وبين أنّ قلق ميليشيات طرابلس يتعلّق بشكل خاصّ بأن الأتراك يهيؤون بالتنسيق مع باشاغا لفيلق تركماني للسيطرة على طرابلس واستبعادها من المشهد.
وحول إمكانية تدخّل تركي للعدول عن القرار، توقّع التكبالي أن يتدخّل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإصلاح بين السراج وباشاغا؛ لأنّ أيّ صراع الآن ليس في صالح الأتراك لكي لا تتأثر الشرعية المفتعلة التي يمثّلها السراج والناتجة عن مؤتمر الصخيرات؛ لأن البديل الشرعي والوحيد هو مجلس النواب.
وقال عضو مجلس النواب سعيد إمغيب، أنّ هناك تحرّكًا لاستغلال المظاهرات بهدف إزاحة السراج واستبداله بباشاغا، بدعم تركي.
وقال إمغيب، إنّ هناك صراعًا كبيرًا احتدم بين الطرفين على خلفية توجيه المظاهرات، فالسراج اعتبرها شغبًا للإطاحة به، فيما باشاغا يحاول استغلالها متعهدًا بالدفاع عنها.
وأشار إلى أنّ العمل كان ينصبُّ على إدانة وتجريم السراج وإخراج باشاغا بصفته المنقذ والمصلح القادم، معتقدًا أن السراج أصبح منفردًا وحتى الدعم التركي قد يخسره، بحسب قوله.
وأضافَ عضو مجلس النواب: “الصدام قادم بين ميليشيات مصراتة وميليشيات طرابلس".
فيما أعتبر عضو مجلس النواب محمد العباني أن التعامل مع التدخل التركي في ليبيا يجب أن يكون عبر استخدام مجلس الأمن للفصل السابع لوضع حد لتطاول أنقرة على السيادة الليبية، بما فيها توقيع اتفاقيات غير قانونية مع حكومة غير معترف بها شعبياً.
وحسب تحليل للكاتب التونسي، الجمعي قاسمي، "تُشكك غالبية الليبيين في قدرة السراج على تجاوز المأزق الجديد الذي دخله، باعتباره يفتقد إلى مستلزمات الصمود في هذه الفترة الاستثنائية، التي تفترض جاهزية داخلية لمواجهة التداعيات المُحتملة الناتجة عن صراعه مع باشاغا، وهو صراع مفتوح على كل الاحتمالات.
ومع ذلك، يُحاول السراج الذي لا يُخفي تخوّفه من إقدام غريمه باشاغا على الانقلاب عليه بدعم من ميليشيات مصراتة، والمخابرات التركية، أن يدفع بأن تكون نتائج هذا الصراع لصالحه، حيث كثف من تحركاته التي تستهدف في مجملها إبعاد شبح الانقلاب.
وقد اتسعت خلال اليومين الماضيين رقعة الاحتجاجات التي تشهدها غالبية المدن الليبية للمطالبة برحيل السراج وحكومته، حيث تواصلت المُظاهرات في شوارع وميادين العاصمة طرابلس، ومدن الغرب الليبي.
في المقابل قال عبد الله ميلاد المقري، المحلل السياسي الليبي، إن ميليشيات المال العام؛ هم الفاسدون المرتشون الذين يجدون في الانقسام والفوضى في البلد فرصة لغرس أنيابهم في جسد الدولة المنهارة لتحقيق جشعهم في سرقة المال العام، وبأشكال متعددة تخالف القانون.
وأضاف المقري على حسابه بـفيسبوك، أنه "وزيادة في ذلك تأتي على القانون نفسه وفي الدولة ناقصة الضلعين المكانين تسيطر مافيا السراج على أعمال التجارة بوسائل السرقة والاختفاء خلف البندقية الميليشياوية".
وتابع؛ "وتصبح وزارة الصحة المكان المفضل لاقتناص الأموال المسروقة من قوت الشعب الليبي، بعدما انغمس المجلس الانتقالي في توفير الغطاء على إهدار المال العام من خلال الجرحى ومن خلال بعض الصعاليك المجرمين الذين ولازال بعضهم يستغل في الاحتفاظ بالمعتقلين في السجون من أجل الكسب أكثر من الأموال التي يستلمها مقابل تموين هؤلاء المعتقلين حيث أصبحت تجارة رابحة".
وختم المحلل السياسي الليبي أن "الميليشيات تقبض وحكومة السراج تدفع والقانون معلق والشعب مستعبد والبلد محتلة".
ووسط تسارع الأحداث دخل الجيش الليبي على الخط، وأعرب في بيان صدر عن القيادة العامة في وقت متأخر ليل الأحد 30 أغسطس عن قلقه العميق إزاء الفوضى الأمنية والانتهاكات التي تجتاح مناطق غرب ليبيا.
كما لفت إلى متابعته عن كثب للتطورات الجارية في طرابلس، مشدداً على دعمه خطوات مكافحة الإرهاب وبسط النظام والقضاء على مسبّبات الفوضى الحاصلة، التي تهدد أمن وسلامة البلاد.
إلى ذلك، أكد دعمه للإجراءات المتخذة من أجل إنهاء تغوّل الميليشيات المسلحة وفرق المرتزقة السوريين، التي تديرها أقطاب خارجية يمثل مصالحها باشاغا، وتسعى لتنفيذ طموحاتها الاستعمارية في ليبيا، بحسب تعبيره.
كما أوضح الجيش في بيانه أنّ عدم تدخله حالياً في عمليات إعادة الاستقرار في غرب البلاد لا يعني ترك الشعب يواجه هذا المصير، وإنما يعني إعطاء الفرصة للعقلاء من ممثلي القبائل والمناطق غرب ليبيا لأن يعملوا بأنفسهم على بسط النظام في تلك المناطق.