الإمارات واتفاق السلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة
الإثنين 31/أغسطس/2020 - 04:00 م
طباعة
حسام الحداد
وقعت الحكومة الانتقالية بالسودان الإثنين 31 أغسطس 2020، اتفاقا رسميا للسلام مع خمس حركات متمردة وتحالفات مسلحة في إقليم دارفور بعد سنوات من الحرب الأهلية.
ويعد الاتفاق خطوة هامة على طريق تحقيق هدف القيادة الانتقالية في البلاد لحل الصراعات الأهلية المتعددة والعميقة الجذور.
وكان ممثلون للحكومة السودانية الانتقالية والجبهة الثورية السودانية التي تضم أربع حركات مسلّحة وقعوا بالأحرف الأولى أمس هذا الاتفاق.
وأكد الفريق أول شمس الدين كباشى، عضو مجلس السيادة السودانى، أن العديد من الدول العربية والإقليمية ساهمت فى التوصل لاتفاق السلام وعلى رأسها الإمارات العربية التي بذلت جهدا كبيرا بين الأطراف المتنازعة للتوصل إلى هذا الاتفاق وقد ثمنت الأطراف المشاركة في عملية السلام الدور الإماراتي.
ومنذ أكثر من سنة، وضعت الحكومة الانتقالية التي تتولى السلطة في السودان على رأس أولويتها التفاوض مع المتمردين وصولا إلى السلام في المناطق التي تشهد نزاعات منذ سنوات اندلعت خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير الذي استمر ثلاثة عقود حتى الإطاحة به في أبريل 2019، بعد احتجاجات شعبية تواصلت لشهور.
بنود الاتفاق
اتفاق السلام يتضمن حكما ذاتيا لمنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان على أن تقسم موارد ومداخيل المنطقتين بنسبة 60 في المئة للسلطة الفيدرالية و40 في المئة للمحلية.
ومن أبرز بنود الاتفاق منح 25 في المئة من مقاعد مجلس الوزراء ومثلها في التشريعي و3 في السيادي للجبهة الثورية.
ويتضمن الاتفاق تمديد الفترة الانتقالية في السودان 39 شهرا إضافيا تبدأ من تاريخ توقيع الاتفاق أي من أول سبتمبر 2020، وبدأت الفترة الانتقالية في السودان في النصف الثاني من عام 2019 بعد أشهر قليلة من سقوط نظام المخلوع عمر البشير بثورة شعبية في أبريل من العام نفسه، وكان مقررا أن تستمر 39 شهرا منذ ذلك التاريخ.
ومن بين بنود الاتفاق أيضا تحديد فترة 39 شهرا لإنهاء عمليات دمج وتسريح القوات التابعة للحركات المسلحة ضمن إجراءات عديدة تضمنتها بنود الترتيبات الأمنية.
الموقعون
وقعت أربع حركات متمردة رسميا، الاثنين، على اتفاق السلام مع الحكومة السودانية بعد عشرة أشهر من مفاوضات بوساطة من حكومة جنوب السودان.
والحركات الأربع مجتمعة تحت تحالف الجبهة الثورية السودانية التي رأت النور في العام 2011، وكانت تقاتل الحكومة في سبع ولايات من جملة ولايات البلاد الـ18، وهي ولايات دارفور الخمس وولايتا جنوب كردفان والنيل الأزرق.
حركة تحرير السودان
تأسست حركة تحرير السودان عام 2002. وفي فبراير 2003، أصدرت أول بيان سياسي أعلنت فيه أنها تقاتل الحكومة المركزية لإنهاء التهميش السياسي والاقتصادي، وأن هدفها الرئيسي تحرير كل السودان من قبضة السلطة المركزية برئاسة البشير.
قادها بداية عبد الواحد أحمد محمد نور المعروف بعبد الواحد نور، وهو محام ذو توجهات يسارية، في حين تولى مني اركو مناوي منصب الأمين العام للحركة.
كما ضمّت الحركة أفرادا ينتمون إلى قبائل إفريقية في إقليم دارفور هي الزغاوة والفور والمساليت.
في فبراير 2003، قامت الحركة بأشهر عملياتها العسكرية عندما هاجمت أكبر مدن إقليم دارفور، الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
ووفقا لإحصاءات الأمم المتحدة، قتل أكثر من 300 ألف شخص في نزاع دارفور، وشرّد أكثر من 2,5 مليون شخص.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف في حق عمر البشير بتهم ارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم حرب وضد الإنسانية في دارفور في غرب البلاد.
في 2006، وبعد بدء مفاوضات سلام بين الحكومة والحركة، وقع انشقاق في حركة تحرير السودان، إذ رفض عبد الواحد نور التفاوض، بينما انخرط مني اركو مناوي في العملية.
ووقّع في العاصمة النيجيرية أبوجا في العام نفسه اتفاق سلام، وصار مساعدا للبشير وأصبحت الحركة حركتين: حركة جيش تحرير السودان/جناح مني مناوي وحركة جيش تحرير السودان/جناح عبد الواحد نور.
وحركة مناوي هي التي تفاوضت مع الحكومة الانتقالية، ووقعت الاتفاق اليوم.
حركة العدل والمساواة
أسسها زعيمها خليل إبراهيم عام 2001. وهو معروف بانتمائه إلى الحركة الإسلامية التي ساندت عمر البشير في انقلابه على الحكومة المنتخبة العام 1989، وكان إبراهيم وزيرا خلال حكم البشير، كما كان من قادة قوات الدفاع الشعبي التي تألفت من متطوعين وقاتلت إلى جانب الجيش أثناء الحرب بين شمال السودان وجنوبه قبل استقلال جنوب السودان. وقالت الحركة إن محركها كان تهميش الإقليم سياسيا واقتصاديا، وتضم عددا من أبناء قبيلة الزغاوة الإفريقية.
في مايو 2008، هاجمت الحركة العاصمة السودانية في حادث كان الأول في تاريخ السودان، حيث لم يسبق أن قطعت حركة متمردة كل المسافة من إقليم دافور حتى العاصمة.
وقطعت قوات الحركة حوالي ثلاثة آلاف كيلومتر دون أن يحدث أي اشتباك بينها والقوات الحكومية، ودخلت مدينة أم درمان وحتى وصلت الجسر الرابط بين الخرطوم وأم درمان، غرب نهر النيل، ليفصل حوالي ثلاثة كيلومترات فقط عناصرها عن القصر الجمهوري، مقر مكتب البشير حينها.
في ديسمبر 2011، قتل زعيمها خليل إبراهيم في غارة جوية للجيش السوداني. واختارت الحركة في عام 2012 شقيقه خبير الاقتصاد جبريل إبراهيم ليقود الحركة، والذي يوقّع نيابة عن الحركة.
المجلس الثوري الانتقالي
تشكّل المجلس الثوري الانتقالي في عام 2012 وضمّ مجموعة من المنشقين عن حركات دارفور الرئيسية الثلاث السابقة ويرأسه الهادي إدريس، وهو الذي سيوقع الاتفاق الاثنين. وكان إدريس عضوا في حركة تحرير السودان - جناح عبد الواحد نور، وانشق عنه وأسس المجلس الثوري الانتقالي.
الحركة الشعبية لتحرير السودان
كانت تقاتل الحكومة في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
كما كانت الحركة الشعبية لتحرير السودان تقاتل إلى جانب جنوب السودان قبل أن يصبح دولة مستقلة في عام 2011. ومع انفصال جنوب السودان بعد استفتاء أجري بموجب اتفاق سلام وُقّع عام 2005 وأنهى 22 عاما من الحرب الأهلية، عادت هذه المجموعة إلى القتال في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وانشقت عام 2017 إلى حركتين: الحركة الشعبية لتحرير السودان/جناح عبد العزيز الحلو والحركة الشعبية لتحرير السودان/جناح مالك عقار.
وكان الجناحان يفاوضان في جوبا، لكن جناح عبد العزيز الحلو انسحب من المفاوضات، وبقي جناح مالك عقار الذي سيوقع الاتفاق.
من الذي لم يوقع؟
في حين بقيت خارج الاتفاق حركتان كبيرتان: واحدة في دارفور، وهي حركة جيش تحرير السودان/جناح عبد الواحد نور التي تواصل القتال في دارفور، ولم تدخل مع الحكومة في مفاوضات.
وأما الثانية فهي الحركة الشعبية لتحرير السودان/جناح عبد العزيز الحلو التي تقاتل في جنوب كردفان والنيل الأزرق، والتي علّقت التفاوض مع الحكومة قبل أيام لاعتراضها على رئيس الوفد الحكومي محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي والذي يرأس قوات الدعم السريع.