الثروة السمكية في موريتانيا.. كنز أردوغان للعبور إلي إفريقيا
السبت 05/سبتمبر/2020 - 04:19 م
طباعة
أميرة الشريف
ما زالت أطماع تركيا في منطقة المغرب العربي وأفريقيا، متواصلة مع إصرارها علي فرض نفوذها في القارة الإفريقية والتمدد بشكل كبير لتنفيذ مخططها الخبيث وتحقيق أطماعها، وهو الأمر الذي أدي إلي خروج العشرات في موريتانيا للتنديد بالدور التركي التخريبي في بلادهم وبعض الدول الأخري علي رأسهم ليبيا.
وتحاول تركيا بسط نفوذها والتمدد في القارة الأفريقية عبر مغازلة العديد من البلدان وتقديم إغراءات مالية تتمثل في مساعدات ومشاريع اقتصادية تزيد من حجم التوسع التركي أفريقيا.
وفي شهر يوليو الماضي، رست سفن صيد تركية علي ساحل موريتانيا عبر الصيد الجائر وبأساليب تنتهك معايير اتفاق الصيد المبرم منذ سنوات بين نواكشوط والشركات مالكة السفن.
ووفق تقارير إعلامية، كان لأنقرة ممارسات جائرة تطفو على السطح مع استئناف قطاع صيد الأسماك في موريتانيا نشاطه نهاية يونيو، بعد انتهاء عطلته البيولوجية السنوية، لتعود هواجس الاستغلال السيئ لسفن الصيد التركية، وما تسببه من أضرار واستنزاف للأحياء البحرية.
وحذر خبراء ومختصون في شؤون مصائد السمك الموريتانية من أساليب "جائرة" لسفن صيد تركية بساحل البلاد البحري.
وتأتي أطماع أردوغان بأفريقيا عن طريق استغلال نشاط سفن بحرية تركية في مجال صيد الأسماك بساحل المحيط الأطلسي الموريتاني، ضمن اتفاقية بحرية تقتصر على الصيد السطحي، لكن السفن التركية لم تلتزم بها وانتهجت معايير غير مشروعة خارج بنود الاتفاقية.
ويري خبراء في شؤون الصيد في موريتانيا أن ذلك يعد خطورة لممارسات سفن الصيد التركية، ومحاول استحواذها بطرق غير مشروعة عن حصص خارج بنود الاتفاقيات التي تسمح لهم بممارسة هذا النشاط.
وحاولت السفن التركية التلاعب بمصالح موريتانيا عبر خرق الحظر بدخول العمال الأجانب لموريتانيا المطبق في إطار مواجهة كورونا، مما ولد موجات ردود فعل في مواقع التواصل الاجتماعي مستنكرة لهذا التصرف.
واعتبر الخبراء أن اصطياد تركيا بساحل البلاد البحري الموريتاني هو استغلال سيئ، وأنه خروج عن معايير اتفاق الصيد الذي أبرمته موريتانيا منذ سنوات مع الشركات التي تتبع لها هذه السفن.
وتداول مهتمون بشؤون صيد الأسماك في مدينة نواذيبو الموريتانية، التي تمثل مركز الثروة السمكية بالبلاد، نهاية العام الماضي، مقاطع تظهر ممارسات لسفن تركية مضرة بالمياه الموريتانية، معتبرين أنها تمثل "مذبحة" ضد أهم أصناف هذه الأسماك وهو ما يعرف بـ"الكوربين".
واعتبر المهتمون بالمجال أن هذه الممارسات "البشعة" للسفن التركية تهدد بانقراض بعض أصناف الأسماك، وتؤثر على ظروف تكاثرها البيولوجي، كما تؤدي إلى ندرة الأسماك ومن ثم ارتفاع أسعارها، خصوصا الأنواع التي يكثر عليها الطلب من جانب فئات المواطنين الأقل دخلاً.
وحذر خبراء بالمعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد، من "مذابح سمك الكُوربين" على يد السفن التركية التي تصطاد بالمياه الموريتانية، موضحين أن هذه الممارسات تستهدف واحدة من أشهر وأهم الأنواع البحرية بالبلاد، والتي تهاجر إلى المياه الموريتانية في أسراب كبيرة بفترة التكاثر، لتجد في استقبالها الشبكات الدوارة على متن السفن التركية، والتي تخالف معايير اصطياد هذا النوع من الأسماك.
كما يري بعض المختصين في شؤون المصائد البحرية الموريتانية، أن الضغط الذي تواجهه المصائد السمكية بفعل ممارسات السفن التركية يساهم في الارتفاع المتزايد لأسعار المنتجات البحرية بالأسواق المحلية، خاصة أسماك السطح،التي تشكل أهم مكونات النظام الغذائي للموريتانيين.
ووفق تقارير فإن دخول بعض سفن الصيد الصناعي العملاقة التابعة لشركات تركية، يشكل أكبر تهديد للثروة السمكية الموريتانية، من خلال استخدام أساليب ممنوعة بحكم النظم الدولية الخاصة بالتوازن الحيوي للبحار والمحيطات.
ويهدف التوجه التركي نحو المنطقة "ابتلاع الثروات ونشلها في أسرع وقت، وترك الكوارث البيئية وراء ظهورهم"، مطالبا بفضح أساليب هذه السفن لاستنزاف الثروة السمكية الموريتانية.
ويؤدي الصيد الجائر إلى هجرة الحيوانات في كثير من الأحيان من موطنها ومكانها الأساسي إلى سكن آخر، كما تترتب عليه الكثير من المخاطر، خاصة عندما يتعلق الأمر بأنواع الأسماك المهددة بالانقراض.
وترتبط موريتانيا بالعديد من الاتفاقيات في مجال ما يعرف بـ"الصيد البحري الصناعي" مع دول وتكتلات إقليمية، أهمها الاتحاد الأوروبي، وروسيا واليابان والصين وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى تركيا.
وتسمح الاتفاقيات المذكورة لهذه الدول والتكتلات بممارسة الصيد في المياه البحرية الموريتانية البالغة طولها 700 كيلومتر، ضمن شروط ومعايير تراعي مصالح نواكشوط وهؤلاء الشركاء، وتضع في الاعتبار المعايير البيئية والبيولوجية.
وكان التقرير الأخير لمنظمة الأغذية والزراعة FAO الصادر في 8 يونيو الماضي، صنف موريتانيا من بين الدّول الـ25 الأهم من حيث إنتاج الأسماك في العالم، حيث احتلت المرتبة العشرين عالميا، والثانية إفريقيا بعد المغرب.
وتعتبر المياه الإقليمية الموريتانية واحدة من أغنى المناطق في العالم بالأسماك، بسبب العوامل المناخية والجيومورفولوجية التي توفر ظروفا ملائمة للغاية لنمو الأسماك.