ثلاثة خبراء يقيمون اتفاقية الامارات وإسرائيل
الثلاثاء 08/سبتمبر/2020 - 09:10 ص
طباعة
روبير الفارس
مازالت الاتفاقية بين الإمارات وإسرائيل تثير المناقشات بين خبراء السياسية في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط وفي إطار البحث عن قراءات استراتيجية جديدة حول الاتفاقية نظم مركز الإمارات للسياسات ندوة رصدت اراء لثلاثة من خبراء السياسة وهم الدكتورة ابتسام الكتبي استاذة العلوم السياسية بجامعة الإمارات والدكتور زيد عيادات استاذ العلوم السياسيه بجامعة الملك الحسين بالاردن والدكتور عبد المنعم سعيد رئيس المركز المصري للدراسات الاستراتيجية وجاء في تقرير لمركز الامارات عن الندوة
ثمة شبه إجماع على أن معاهدة السلام بين دولة الإمارات وإسرائيل مثَّلت تحولاً استراتيجياً مهماً تجاوز صداه إقليم الشرق الأوسط إلى أقاليم أخرى من العالم. ويتوقع العديد من الخبراء والمحللين أن يكون لهذه المعاهدة انعكاسات مهمة على علاقات الدولتين طرفي المعاهدة، وكذلك على خارطة إعادة توزيع القوة وانتشارها في المنطقة. وكان مركز الإمارات للسياسات قد عقد ندوة افتراضية تناولت بالتحليل والاستشراف دلالات هذا الحدث المهم وأبعاده المحتملة على المديين القريب والبعيد، وفيما يلي أبرز ما ذكره المشاركون فيها.
وصفت الدكتورة
ابتسام الكتبي رئيس مركز الإمارات للدراسات السياسية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات
المعاهدة الإماراتية-الإسرائيلية بأنها "لحظة تاريخية" أو "اختراق تاريخي" باعتبار أنها أول معاهدة سلام بين دولة عربية وإسرائيل منذ 25 عاماً تقريباً. وبات معلوماً أن الخطوة الإماراتية-الإسرائيلية لم تكن بلا مقدمات أو سياق؛ فمثل معظم الدول العربية إن لم يكن كلها، كان للإمارات اتصالات غير مُعْلَنة مع إسرائيل تعود إلى العقد الماضي، ومع أن دولة الإمارات كانت من الدول العربية التي أقرّت مبادرة السلام العربية لعام 2002 إلا أن توقُّف عملية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية، وتغيّر المعادلة الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط جعلت صانع القرار الإماراتي يقتنع بأن المنطقة بحاجة إلى رؤى ومقاربات جديدة تجاه أزمات المنطقة ومشكلاتها، ومنها كيفية التعاطي مع إسرائيل التي تشترك مع دول المنطقة في الوجود وفي أهداف الاستقرار والأمن والازدهار بالرغم من تَعنّتها تجاه الحقوق الفلسطينية.
وبصرف النظر عن مسألة صحة أو عدم صحة القول إن المعاهدة الإماراتية-الإسرائيلية جاء كمقايضة مقابل تعليق القرار الإسرائيلي بضم 30% من أراضي الضفة الغربية وغور الأردن، أو أن توقيت إعلان المعاهدة كان لمصالح سياسية محلية وانتخابية لكلٍّ من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، فإن الأهم والجوهري هو أن دولة الإمارات اتخذت هذه الخطوة بناءً على إدراك كامل وعقلاني لأهدافها ومصالحها الاستراتيجية، ولانعكاساتها الإيجابية على الإقليم برمته.
وقالت الدكتورة ابتسام
صحيحٌ أن دولة الإمارات وإسرائيل ليس بينهما حدود مشتركة، وأن البلدين لم يكونا في حالة حرب أصلاً، لكن الدولتين تتطلعان إلى جني المزايا والمكاسب من تنمية العلاقات الثنائية بينهما في قطاعات مختلفة، أبرزها الاستثمارات المباشرة والتجارة والصناعة والتكنولوجيا المتقدمة والاتصالات والسياحة والصحة والبيئة وغيرها من مجالات التعاون، ومن ناحية أخرى تأمل الدولتان في توظيف تقاربهما استراتيجياً، سواء فيما يخص قضايا المنطقة التي يملك الطرفان تصوراً متقارباً تجاهها، أو فيما يخص معادلات القوة والنفوذ في الإقليم، أو فيما يخص علاقتهما بالقوة العظمى، أي الولايات المتحدة.
أما الدكتور. زيد عيادات، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، وأستاذ العلوم السياسية في كلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية في الجامعة نفسها
فقال
أن معاهدة السلام الإماراتية-الإسرائيلية جاءت ضمن سياق التحولات الجيوسياسية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط منذ العقد الأول في القرن الحادي والعشرين، والتي أبرزت الحاجة إلى رؤى ومقاربات جديدة لمعالجة أزمات المنطقة ومشكلاتها، ومن المؤكد أن نتائج هذه الخطوة تتجاوز المنافع المشتركة للدولتين لتنعكس استراتيجياً على المنطقة برمتها. والتداعيات الاستراتيجية لهذه المعاهدة، والتي تُمثل "مُغيِّراً للعبة"، معناه أن ترتيب وتوزيع القوة الموجود في المنطقة سيتحول الآن باتجاه تعزيز وتقوية الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وقال الدكتور زيد
وفي تقديري أن الرابح الأكبر من هذه الخطوة هي دولة الإمارات، لكن الرابح الثاني هو القضية الفلسطينية، لأن الإمارات نجحت من خلال المعاهدة في تجميد قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضم ثُلِث أراضي الضفة الغربية وغور الأردن، ولا شك أن هذه المعاهدة تُعزز دور الإمارات في الضغط على إسرائيل لمصلحة الفلسطينيين، مثلما تفعل مصر والأردن. كما أن المعاهدة تجعل الإسرائيليين يدركون أنهم يربحون في علاقتهم بالعرب، ما يسحب البساط من تحت اليمين الإسرائيلي ويجعلهم أكثر مرونة تجاه التوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية.
وعلى الرغم من أهمية معاهدة السلام الإماراتية-الإسرائيلية، ومع كونها تُمثِّل توجهاً مختلفاً عن غيره، بمعنى أنه قرار اختيار وليس ضرورة، فإن عوامل نجاح هذا التوجُّه أعلى من أي عوامل نجاح أخرى، وبالتالي أعتقد أن هناك فرصة لنجاح هذه الاتفاقية بتفاصيلها المختلفة، خاصة في مجالات التعاون التي من شأنها أن تخلق نوعاً من القناعة والثقة والمصالح المتبادلة والمشتركة بما يُعزز من فرص نجاح هذه المعاهدة
وقال الدكتور عبدالمنعم سعيد
رئيس الهيئة الاستشارية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجة
تُعبِّر معاهدة السلام الإماراتية-الإسرائيلية عن روحٍ جديدةٍ لدى القيادة الإماراتية تنطلق من أننا كعرب يمكننا إحداث تغيير في مسار المنطقة. ولا شك لديَّ أن الإمارات تُقيم علاقات مع إسرائيل من منطلق قوة؛ فهي دولة ناجحة في الاقتصاد والتنمية، كما أنها تُقدِّم نموذجاً جاذباً من حيث التنوع والتسامح والإدارة الحكومية المتميزة والقدرة على الاستفادة من العولمة، والأهم أنها تعكس صورة "العربي" الذي لا يخاف مِن إسرائيل والذي يتعامل معها بمنطق الندية.
وتُمثِّل معاهدة السلام الإماراتية-الإسرائيلية جزءاً من التيار التعاوني الذي أخذ يبرز في السنوات الأخيرة في المنطقة، والذي يقوم على قيم الاستقرار والازدهار والتقدم، والذي من مظاهره مثلاً إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط الذي يضم من المنطقة فلسطين والأردن ومصر إلى جانب إسرائيل. وتطرح هذه المعاهدة مشروعاً للتعاون الإقليمي بعيداً عن المشاريع التي خَسَّرت شعوب المنطقة وهددت دولها الوطنية، مثل المشروع الأصولي المتطرف أو مشروع التوسُّع العثماني أو مشروع تمدُّد النفوذ الإيراني. وبذلك، فإن المعاهدة سوف تُسهِم في تغيير توازن القوى في المنطقة برمتها، ولن تقتصر آثارها على الجانب الثنائي لعلاقات طرفيها.
واضاف الدكتور عبد المنعم سعيد قائلا
ومع أن انخراط الولايات المتحدة الأمريكية، راعية المعاهدة بين الجانبين الإماراتي والإسرائيلي، في قضايا المنطقة قد تراجع مؤخراً، إلا أن جهودها لخلق علاقات سلام بين إسرائيل والدول العربية، ستمضي قدماً، سواء استمرت إدارة الرئيس دونالد ترمب أو جاءت إدارة الديمقراطي جو بايدن.