تظاهرت كراتشي ضد الشيعة.. هل تذهب باكستان إلى موجة جديدة من العنف المذهبي؟
الأحد 13/سبتمبر/2020 - 04:35 م
طباعة
علي رجب
حالة من القلق تسيطر على ابناء الطائفة الشيعية في باكستان بعد تظاهرات لجماعات متطرفة تعيد للذهان الجرائم المذهبية التي اسستهدفت الشيعية، مما يهدد بموجة جديدة نت العنف المذهبي في البلد الأسيوي المهم، حيث تشهد توترات في منطقة وسط اسيا.
باكستان ذات المليون كيلومتر مربع ويقطنها ما يقرب من مائتي مليون إنسان، تتمتع بتعدد العرقيات والطوائف والأديان ويضمن الدستور الباكستاني المساواة بين الجميع أمام القانون، وضمن الدستور الباكستاني تمثيل كل الأقليات الدينية في البلاد في البرلمان، حيث هناك مقاعد للهندوس والسيخ والنصارى والنحلة القاديانية التي تعتبر أقلية غير مسلمة في باكستان. لكن القانون الباكستاني لم يفرق بين المسلمين وإن اختلفت مدارسهم ومذاهبهم.
الجمعة والسبت تظاهر عشرات آلاف الباكستانيين المناهضين للشيعة وبينهم أشخاص مرتبطون بجماعات سنية متطرفة في كراتشي، مرددين شعارات طائفية تهدد بإشعال موجهة جديدة من العنف المذهبي في البلاد، ويهدد مسيرة حكومة عمران خان.
وشارك في تظاهرات كراتشي ضد الشيعة أكثر من 30 ألف متظاهر، بحسب مسؤول أمني. ولم تسجل أي حادثة خلال هذا التجمع الذي نظمه حزب "تحريك لبيك" الذي يعتبر أن محاربة التجديف سلاحه السياسي الرئيسي، وحركة "جماعة أهل السنة" الإسلامية.
وتوجه المسؤول في حزب "تحريك لبيك" عابد مبارك للمتظاهرين قائلا "إذا لعبتم مع المشاعر الدينية للسنة، فلن نتسامح مع ذلك".
وقال المفتي منيب الرحمن، المتحدث الرئيسي خلال التظاهرة، إن الهدف "تعزيز السلام". وتابع "أن حركتنا ليست ضد طائفة، إنها ضد أولئك الذين يدنسون شخصياتنا الموقرة".
وتأتي هذه التظاهرات بعد سلسلة اتهامات بالتجديف وُجهت إلى قيادات شيعية بارزة في باكستان بعد عرض التلفزيون مشاهد لموكب عاشورائي الشهر الماضي أظهرت رجال دين ومشاركين يهتفون بتعليقات مسيئة لشخصيات تاريخية إسلامية.
تشهد باكستان منذ عقود نزاعات مذهبية وان بشكل متقطع، حيث تستهدف جماعات مسلحة مناهضة للشيعة الأضرحة ومواكب عاشوراء.
يشكل الشيعة في باكستان نحو 20% من سكانها البالغ عددهم 180 مليون معظمهم من السنة، ويتوزع شيعة باكستان، بصفة أساسية، على مدن وبلدات إقليم البنجاب، والمناطق الداخلية لإقليم السند، والبلدات الباكستانية الشمالية المتاخمة للصيننومن اهم المدن التي ينتشرونفيهها مدن: لاهور ومولتان وجهنك وفيصل آباد وكراچي واسلام آباد وحيدر آباد وجكوال وراولبندي.
و اكثرية الشيعة الذين يقنطون شمال باكستان حيث تبلغ نسبتهم في بالتستان وكَلكَت 80% تجدر الاشارة الى قدم التشيع في باكستان فيؤرخ منذ القرن الثامن الهجري وانتشر على ايدي العلماء وكان من أشهرهم نور الله التستري والسيد علي خان كبير صاحب كتاب (رياض السالكين).
وعمل الشيعة على بناء المدارس والمراكز الخدمية والمساجد والحسينيات، والجدير بالذكر ان لشيعة باكستان نظام خاص في تنظيم الخمس فقد انشأوا له جمعية يشرف عليها وكلاء المراجع، ومن خلالها يتم تعمير المساجد والحسينيات وتعليم الطلبة وسد حاجة الفقراء والمعوزين، وقد كان لهذه الجمعية دور كبير في قضية المهاجرين من كشمير حيث استطاعت باكستان ان تستوعب كل هؤلاء المهاجرين وتعطي كل شخص جميع ما كان يملك في بلده خلال فترة ثلاثة أشهر وذلك بفضل هذه الطريقة لجمع الخمس.
لكن منذ تصاعد الاسلام السياسي المتطرف بشقيه السني والشيعي بعد موجة الربيع العربي، وتعيش باكستان موجة من العنف المذهبي والطائفي في اكثر بلد غير مستقر سياسي وايضا عدم استقرارأوضاع دول الجوار خاصة أفغانستان.
العنف الذهبي والصراع بين السنة والشيعة، تسبب بمقتل الآلاف في العقد الماضي، وبعد حملات امنية نجحت اسلام أباد في السيطرة على العنف المذهبي والطائفي ولكن بعد الربيع العربي عادت الأمور لتزداد سوء، فقد تعرض الشيعة الهزاره في إقليم بلوشستان الباكستاني لهجمات جماعة سنية متشددة. وفي كويتا التي يبلغ عدد سكانها 2,3 مليون نسمة، يعيش حوالى 500 ألف من الهزارة في ماري آباد وهزارة تاون.
واستنادا الى منظمة هيومن رايتس ووتش فان أكثر من 400 شيعي قتلوا في باكستان عام 2012 "السنة الاكثر دموية" في تاريخ شيعة هذا البلد الا ان تزايد اعمال العنف ضد الشيعة منذ مطلع العام الحالي والذي أسفر حتى الان عن مقتل 165 شخصا على الاقل ينذر بان يكون عام 2013 أكثر دموية.
وخيمت على كراتشي أكبر مدن باكستان وأحد مراكزها التجارية والصناعية نزاعات سياسية وطائفية وعرقية دامية أدت الى مقتل الآلاف، قبل أن تشن السلطات حملة عام 2013 استمرت سنوات واثمرت تهدئة في أعمال العنف مع بعض الاعتداءات المتفرقة.
ويؤكد حزب الهزارة الديموقراطي أن ما بين 75 ألفا ومئة ألف من الهزارة فروا من اقليم بولشيستان في مناطق أمنه داخل باكستان أو إلى الخارج منذ تفجر العنف في السنوات الأخيرة.
وقال طاهر هزارة "لا أمل لدينا". وقام الرجل المقيم في حي هزارة تاون الذي يقول أنه أشبه ب"المعازل"، باعتصام استمر عدة أيام بعد الاعتداء الأخير. وتساءل "ممن علينا أن ننتظر الحماية لإنقاذ حياتنا؟".
وشكل مقتل مالك إسحاق، زعيم جماعة عسكر جانغفي المتشددة المحظورة ، مع 13 من أتباعه في اشتباك مع الامن الباكستاني في 2015، ضربة قوية لجماعات العنف المذهبي،ولكن عادت الأمور تشتعل مرة أخرى بتظاهرات الجمعة والسبت في كراتشي.
وتعتبر "لشكر جنكوي" من أبرز التنظيمات المرتبطة بفكر تنظيم القاعدة في باكستان، وتصنف من قبل الأجهزة الأمنية والمخابراتية الباكستانية والاقليمية والدولية على أنها فرع من تنظيم القاعدة في اقليم بولشستان الباكستاني المتاخم مع الحدود الإيرانية.
وتستمد حركة "لشكر جنكوي" أفكارها وعقائدها من السلفية الجهادية وخاصة، رجل الدين السلفي "شاه ولي الله دهلوي"، وعاش في القرن الـ 19 الميلادي.
ووفقًا لتقارير إعلامية باكستانية، بلغت عمليات الإرهابية لجيش الصحابة "سباه صحابه" منذ تأسيسه في عام 1996 وحتى 2001، 350 عملية إرهابية كان غالبيتها استهداف لشيعة باكستان.
ويرى مراقبون أن جماعات سنية متشددة تحاول استفزاز الشيعة والطوائف الباكستانية المختلفة في محاولة لإشعال الاضطرابات الأهلية مما يؤدي في نهاية المطاف إلى زعزعة استقرار حكومة وابتزازها.. فهل تذهب باكستان إلى موجهة جديدة من العنف المذهبي؟