رحيل السراج.. مسلسل خبيث بتخطيط تركي وتنفيذ ميليشياوي
الخميس 17/سبتمبر/2020 - 10:35 ص
طباعة
أميرة الشريف
في الوقت الذي تشهد فيه حكومة الوفاق غير الشرعية في ليبيا حالة تصدع وانشقاقات داخلية ، جاء إعلان رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، عن رغبته في الاستقالة وتسليم مسؤولياته إلى السلطة التنفيذية التي ستنبثق عن لجنة الحوار، ليثير تساؤلات عدة بشأن الدوافع الحقيقية وراء هذا الإعلان في الوقت الراهن، وما كانت تركيا وراء هذا الإعلان الخبيث أم هناك مخطط أخر يلعبه السراج والرئيس التركي رجب أردوغان.
وقال السراج، في كلمة متلفزة مساء الأربعاء أعلن للجميع رغبتي الصادقة في تسليم مهامي للسلطة التنفيذية القادمة في موعد أقصاه نهاية أكتوبر المقبل".
واعتبر أن الحكومة "لم تكن تعمل في أجواء طبيعية، إذ كانت تتعرض للمؤامرات الداخلية والخارجية.. واجهنا هذه الصعوبات منذ اليوم الأول"، على حد تعبيره.
وجاء إعلان السراج بعد أسابيع من تظاهرات ضخمة شهدتها طرابلس وعدد من مدن الغرب الليبي، احتجاجا على أداء حكومته وسيطرتها علي زمام الأمور، مطالبة برحيل السراج بعدما ارتفع مستوى الغليان بين سكان ليبيا، لاسيما الشبان، بسبب تدهور الظروف المعيشية وانتشار الفساد.
وأدي إعلان السراج إلي تزايد التساؤولات حول الوضع في طرابلس، ومصير العديد من الوجوه والفصائل والميليشيات المتنافسة.
ويرجح العديد من المتابعين للشأن الليبي، أن تزيد تلك الخطوة التي أقدم عليها السراج، الغموض السياسي في طرابلس وحتى الاقتتال الداخلي بين الفصائل والميليشيات المتنافسة في الائتلاف الذي يهيمن على غرب ليبيا.
وقد يؤدي رحيل السراج إلى خلافات داخلية جديدة بين كبار المسؤولين في حكومة الوفاق، وبين المجموعات المسلحة من طرابلس ومدينة مصراتة الساحلية، التي ينتمي إليها وزير الداخلية فتحي باشا آغا.
ووفق تقارير إعلامية، فبعد إعلان السراج بشأن "تسليم السلطة" قال جلال حرشاوي الباحث في معهد كلينغندايل إن "قضية الميليشيات ستكون الآن أكثر وضوحا"، بينما اعتبر الكاتب والباحث السياسي عبد الحكيم معتوق أن إعلان السراج صدر عن "نية سيئة وليست صادقة كما زعم".
وقال معتوق، في تصريحات إعلامية إن الجميع كانوا يتوقعون استقالة السراج،"لكنه فاجآنا بأنه ينتوي تسليم السلطة إلى الجسم الذي سيتكون عن لجنة الحوار"، مضيفا أن السراج يدرك أن ذلك الحوار قد يطول، وقد أراد نزع فتيل الانفجار الذي كان سيحدث في العاصمة ومدن ليبية عدة برغبة الكثير من الشباب في الخروج والتظاهر بمناسبة يوم الشهيد.
ولفت الباحث السياسي إلى تصريح لتحالف تنظيم الإخوان- الجماعة الليبية المقاتلة أشار إلى أن خروج السراج أو بقائه لا يؤثر، اعتمادا على "مرجعية الصخيرات" المفترضة، وأضاف معتوق أن الإخوان يدركون أنهم لن ينجحوا في الانتخابات حتى لو "أجبروا الناس على التصويت لهم على أسنة الرماح".
من جانبه، وفي هذا السياق، قال طارق المجريسي، الباحث السياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "هذه فعليا ضربة البداية لجولة جديدة من المناورات لما سيأتي بعد ذلك"، مضيفا: "سترحل حكومة الوفاق ككيان والوضع في غرب ليبيا متدهور".
في هذا السياق، كشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية ، عن أن حكومة الوفاق تشهد تصدعات وخلافات واضحة منذ تعليق عمل آمر ميليشيا المرسي ووزير داخليتها، فتحي باشا آغا، ثم إعادته إلى منصبه لاحقا، موضحا أن ما حصل لباشا آغا شكل خلافا حادا بين الميليشيات الموالية للوفاق بين مرحب بتعليق عمله ومحتفل بإعادته إلى منصبه، مؤكدا أن إعادته إلى منصبه بسرعة، جاء تحت ضغط من الأمم المتحدة وتركيا والقوى الأجنبية الأخرى خوفا من تمرد الميليشيات الموالية له في مصراته.
وأضاف التقرير البريطاني ، أنه رغم تجاوز السراج وباشا آغا الخلافات بينهما، إلا أن التصدعات ظهرت إلى العلن، وأن الميليشيات المتناحرة أظهرت هشاشة التحالف الذي يدعم الوفاق.
وتابعت أن الميليشيات الموالية للسراج اعتمدت على العنف في تفريق المتظاهرين الغاضبين من فساد حكومته في مقابل دعمهم من قبل باشا آغا، وهو ما أجج الصراع بين الطرفين، وتوقع التقرير أن تندلع مزيد من الخلافات داخل حكومة الوفاق وبين الميليشيات المؤيدة لها.
يذكر أن ليبيا تشهد فوضى وأعمال عنف منذ سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011، وقد سعت الأمم المتحدة،، إلى إطلاق مفاوضات عدة بين الأطراف المتنازعة من أجل التوصل إلى حل سياسي شامل ولكن جميع الاجتماعات باءت بالفشل.