اتفاق النفط الليبي... يعمق الانقسام ويربك حكومة "الوفاق"
الإثنين 21/سبتمبر/2020 - 12:40 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
ما إن أعلن قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر قرار استئناف وتصدير النفط حتى بدأت التناقضات تظهر بين أعضاء حكومة "الوفاق" بشأن هذا القرار، وهي خطوة يبدو أنها أزعجت البعض داخل "الوفاق" وبالأخص بعد الاتفاق مع نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق، وهو ما دفع أوساط مقربة من رئيس حكومة الوفاق فايز السراج إلى إعلان موقفه المعارض للخطوة.
فمن جانبه أعرب وزير دفاع حكومة الوفاق صلاح الدين النمروش عن رفضه لاتفاق استئناف وتصدير النفط، وأضاف النمروش في بيان نشرته صفحة وزارة دفاع الوفاق "الجرائم التي ارتكبت في ليبيا لن تُنسى، ولدينا الأدلة التي تدين الدول المتدخلة في ليبيا، وسيتم تقديم شكوى لدى الأمم المتحدة من خلال ملف متكامل بهذا الخصوص".
بدوره، انتقد رئيس حزب "العدالة والبناء"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، محمد صوان الاتفاق، واعتبر أن "ما جرى اليومين الماضيين من ترتيبات للإعلان عن تسوية وتمرير اتفاقات مشبوهة، يحمل في طيّاته طموحات فردية وتجاوزاً للشرعية وللجهات المسؤولة، وهي مغامرة غير مدروسة تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات النجاح".
ورأى في بيان أن "ما ورد في مذكرة التفاهم من مواضيع خطيرة ومهمة تتعلق بمقدرات الدولة، وبالميزانية وتوزيعها، وتشكيل لجنة بصلاحيات حكومة، وتسوية ملفات مالية عالقة خطيرة من دون أدنى ترتيب وموافقة من الجهات الرسمية المسؤولة، أو حتى تشاور مع الأطراف الرئيسية أو الترتيب المسبق للتنفيذ، يؤشر إلى غياب أبجديات العمل السياسي والعقلاني بما لا يسمح بأي فرصة للنجاح، ويؤدي إلى مزيد من التعقيد للأزمة". ودعا صوان ضمناً إلى مراعاة ما وصفه بـ"حقوق تركيا في ليبيا"، مدعياً أن حزبه "يسعى إلى ترتيبات رصينة تراعي مصالح الدول الشريكة لليبيا في المجال الجيواستراتيجي".
وعلى صعيد متصل، أعلن الإخواني خالد المشري، رئيس ما يسمى "المجلس الأعلى للدولة"، رفضه اتفاق استئناف وإنتاج تصدير النفط الليبي، وقال المشري في رسالة وجهها إلى رئيس مجلس وزراء حكومة الوفاق، وأعضاء المجلس، إن "الاتفاق محا اتفاق الصخيرات الموقع عام 2015"، واعتبره "اعتداء على اختصاصات السلطات الشرعية"، وطالب بـ"فتح تحقيق عاجل"، وإرسال نسخه من نتائج التحقيقات إليه.
من ناحية أخرى أعلن الذراع النفطية لتنظيم الإخوان، مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، أمس السبت 20 سبتمبر عما أسماه "رفع حالة القوة القاهرة" عن الحقول والموانئ النفطية، ويدعي أنه سيعمل بـ"شفافية" كاملة بتوجيه من السلطة التنفيذية بشأن التصرف في الإيرادات الجديدة.
وزعم صنع الله أن همه الأساسي بدء الانتاج والصادرات بمراعاة سلامة العاملين والعمليات وأيضاً منع أية محاولات تسييس قطاع النفط الوطني، متابعا "المؤسسة الوطنية للنفط تفي بمهمتها الفنية وغير السياسية لاستئناف العمليات في المناطق الامنة وجاري تقييم فني تمهيدا لمباشرة الانتاج والصادرات".
في المقابل خرج أحد أعضاء حكومة "الوفاق وهو وزير الثقافة حسن أونيس ليعرب عن دعمه للاتفاق بل وذهب أكثر من ذلك، ليصف ما تم التوصل إليه بأنه يحافظ على أرواح الليبيين.
أما الميليشيات فأبدت رفضًا صريحًا للاتفاق إذ خرج أحد قادة الميليشيات المتمركزة في المنطقة الغربية أسامة الجويلي ليعلن معارضته للاتفاق.
كما رفض الاتفاق كذلك عدد من قياديات الميليشيات الأخرى في طرابلس، وهو الأمر الذي عكس تطابق في المواقف بين السراج والميليشيات المسلحة والسبب بحسب المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري هو أن هذا الاتفاق سيؤثر على مكاسب الميليشيات التي حققتها من خلال سيطرتها على مؤسسات الدولة.
ويبدو أن رئيس حكومة الوفاق المستقيل فايز السراج وخلفه الميليشيات وعلى رأسها تلك الممولة من تركيا يريدون إفشال أي حل في ليبيا خاصة وأن القرار سيؤدي إلى توزيع ثروات ليبيا بشكل عادل على كل مواطنيها وسيمنع توظيفها في دعم الإرهاب وهو ما لا يروق للميليشيات.
وكان حفتر ومعيتيق قد أعلنا يوم الجمعة 18 سبتمبر اتفاق استئناف إنتاج النفط بعد نحو 250 يوما من الإغلاق، مما كبّد البلاد خسائر فادحة.
وتملك ليبيا ثروة نفطية هائلة، وتحتل المرتبة الخامسة عربيا من حيث احتياطي النفط، ويمثل النفط نحو 95% من إجمالي الإيرادات في البلاد، وتخطت إيراداته العام الماضي 22 مليار دولار.
وخسرت ليبيا إيرادات نفطية بنحو 9 مليارات و600 مليون دولار منذ 18 يناير الماضي، وفقا لآخر بيانات المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا.