حماقة أردوغان تدفع بالليرة التركية للإنهيار الشديد
الثلاثاء 22/سبتمبر/2020 - 12:57 م
طباعة
أميرة الشريف
ما زال الاقتصاد التركي يواصل الانهيار في ظل تدني الليرة التركية أمام الدولار وهبوطها لأدني مستوياتها، حيث سجلت الليرة التركية مستوى منخفضا قياسيا مقابل الدولار اليوم ، إذ يقيم المستثمرون احتمال رفع البنك المركزي سعر الفائدة خلال اجتماعه هذا الأسبوع للحد من تراجع العملة.
يواصل الاقتصاد التركي مسلسل التدهور المستمر وذلك بالتزامن مع تعرض السياسة الخارجية التركية لهزات في أكثر من ملف، فضلا عن سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحمقاء.
وبلغ سعر الليرة مقابل الدولار 7.6440 في الساعة السادسة صباحا بتوقيت غرينيتش، وهو أدنى مستوى على الإطلاق بعدما سجلت 7.6365 مقابل الدولار عند الإغلاق الاثنين، وفقما ذكرت وكالة "رويترز".
وظهر التخبط في سياسة تركيا واضحا في خروج حليف أنقرة، رئيس حكومة طرابلس الليبية، فايز السراج، عن الاستراتيجية التركية في ليبيا، وموافقته على وقف شامل لإطلاق النار في البلاد، ثم إعلان نيته التنحي.
كذلك جاء رضوخ تركيا للضغوط الأوروبية وسحبها سفن التنقيب الخاصة بها من المياه الإقليمية اليونانية، وانتهاء بعمليات القصف الروسية لمناطق حلفاء تركيا في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.
ويقول المحللون، ومن بينهم محللو غولدمان ساكس، إن المركزي التركي سيقرر على الأرجح في اجتماعه المقرر يوم الخميس رفع سعر الفائدة لما يسمى بنافذة السيولة المتأخرة البالغ حاليا 11.25%، وهو من أعلى معدلات أسعار الفائدة التي يحددها.
قد يحمي ذلك الليرة من مزيد من الانخفاض الحاد. وهوت العملة نحو 22%، أمام نظيرتها الأميركية منذ بداية العام الحالي وفقدت نحو نصف قيمتها منذ نهاية 2017.
وقالت وكالة التصنيفات الائتمانية إن نقاط الضعف الخارجية لتركيا ستسفر على الأرجح عن أزمة في ميزان المدفوعات، وإن هوامش الأمان المالي تتآكل.
وقال إحسان خومان، مدير أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بنك إم.يو.إف.جي: "إمكانية حدوث صدمة تمويلية يظل مكمن الخطر الرئيسي الذي يواجهه الاقتصاد التركي".
وكانت تركيا من أكثر الاقتصادات تسارعا في النمو على مستوى العالم، أصبحت اليوم تدفع ثمن هذا النمو الذي اعتمد في المقام الأول على الاقتراض بالعملة الأجنبية من الخارج، وهو ما يعرف اصطلاحا بنموذج النمو المدفوع بالديون.
وتصل قيمة الدين الخارجي بالعملة الأجنبية الذي يستحق السداد خلال عام أو أقل إلى 176 مليار دولار، في حين يصل الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى أكثر من 45 مليار دولار.
وإلى جانب كل تلك الضغوط التي تتعرض لها الليرة التركية، فقد جاء وباء كورونا ليعمّق جراح الاقتصاد التركي، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي انكماشا بـ5 في المئة خلال العام الجاري.
وبحسب "الأسوشيتد برس"، فإن هذا التراجع جاء عقب إجراءات الإغلاق التي تم فرضها لاحتواء جائحة فيروس كورونا المستجد.
وأشارت أرقام معهد الإحصاء التركي، إلى أن الانخفاض الفصلي بين أبريل ويونيو كان أكبر انكماش في البلاد منذ أكثر من عقد.
وفي وقت سابق من أغسطس الماضي، أعلنت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، خفض آفاق الاقتصاد التركي إلى درجة "سلبية"، نظرا إلى تراجع الاحتياطي النقدي للبلاد وضعف الثقة في سياسة أنقرة المالية.
وبحسب شبكة "بلومبرغ"، فإن الوضع في تركيا يثير قلقا بشأن الحصول على تمويل من الخارج، ولذلك تم خفض تصنيف البلاد إلى "BB-"، والذي يقل بثلاث درجات عن المعدل المطلوب للاستثمار.
ويرى مراقبون أن العام 2015 كان فاصلا بالنسبة للاقتصاد التركي، ففيه بدأ الاقتصاد يدخل مرحلة انكماش شديدة، أي بالضبط في نفس السنة التي غيّر فيها أردوغان طبيعة النظام السياسي في بلاده، من برلماني لرئاسي، ليتفرد بحكم البلاد، ويحول بلاده إلى دولة ساعية للهيمنة بالقوة على محيطها السياسي والجغرافي.
وتبعت حالات التمرد التركية على حلفائها التقليديين، سلسلة من عمليات الانخراط لأنقرة في القضايا الإقليمية والدولية، من سوريا مرورا بليبيا والعراق وأرمينيا وصولا إلى البلقان، عبر استخدام القوة العسكرية والهيمنة عبر حيل سياسية ونشر الميليشيات المتطرفة والمرتزقة، مما راكم من أتعاب الاقتصاد التركي الهش أساسا.