صراع النفوذ وفرض الأجندات.. يصعد الخلافات بين الميليشيات في تاجوراء ويعكس فشل حكومة "الوفاق"
الأحد 27/سبتمبر/2020 - 12:51 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
مع تصاعد الخلافات بين ميليشيات حكومة الوفاق الليبية لم يجد رئيس الحكومة فايز السراج مفرًا سوى الاستعانة بالمطلوب دوليًا "صلاح بادي" لمحاولة إجبار الميليشيات المتصارعة في منطقة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس على وقف إطلاق النار.
لجوء السراج إلى الميليشيات لوضع حد للأوضاع المضطربة كشف مدى هشاشة وواقع الحكومة على الأرض، خاصة أنها خطوة جاءت بعد أن اشتد الصراع بين ميليشيات "أسود تاجوراء" وميليشيات "الضمان"، التي استخدمتا الدبابات والصواريخ المحمولة إلى جانب الأسلحة الثقيلة في صراعهما بالقرب من منازل المواطنين، الأمر الذي نتج عنه سقوط قتلى وجرحى وإلحاق أضراب جسيمة بالممتلكات الخاصة.
ووفقًا لتقارير إعلامية فإن صلاح بادي وصل على رأس رتل مسلح مكون من 30 آلية في محاولة للضغط على الميليشيات لوقف إطلاق النار، وظهر بادي في لقطات مصورة خلال اجتماع محلي يخاطب فيه قادة من كتيبتي "الضمان" و"أسود تاجوراء" وأعيان من المنطقة، بعد فشل صلاح النمروش، وزير الدفاع بالحكومة، في وقف القتال.
وانتقدت وسائل إعلام محلية استعانة حكومة السراج بجهود بادي، المنتمي إلى مدينة مصراتة (غرب)، لحل النزاع في العاصمة طرابلس، حيث سبق أن تورط في شن هجمات دامية على مطارها الدولي عام 2014، وهو يقود ميليشيات ما يسمى "لواء الصمود"، الذراع المسلحة لتنظيم الإخوان في ليبيا.
ونتيجة للوضع المتدهور دعت البعثة الأممية إلى الوقف الفوري لما سمتها الأعمال العدائية في منطقة تاجوراء، مشيرة أن هذه الاشتباكات تؤكد مرة أخرى؛ الحاجة الملحة لضرورة إصلاح قطاع الأمن في البلاد.
وحثت البعثة جميع الأطراف على الوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني، مشيرة إلى أنها تتابع الاشتباكات التي دارت بالأسلحة الثقيلة بين مجموعتين مسلحتين في تاجوراء، والتي أسفرت عن أضرار بالممتلكات الخاصة وتعريض حياة المدنيين للخطر، وفق نص بيان صادر عنها.
ويرى المراقبون إن اضطرار حكومة الوفاق إلى تكليف ميليشيات أخرى على رأسها "لواء الصمود" بقيادة الإرهابي الخاضع للعقوبات الدولية صلاح بادي، بفك الاشتباكات بين ميليشيا "أسود تاجوراء" وميليشيا "الضمان"، إنما يدل على فشلها في تشكيل قوات نظامية واستمرارها في الاعتماد على الميليشيات الخارجة عن القانون والمتصارعة فيما بينها على المال والنفوذ.
واعتبر المراقبون أن حرب الميليشيات تمثل حرجاً كبيراً لحكومة فائز السراج وحلفائه في الداخل والخارج، وتثبت ما ذهب إليه الجيش الوطني وعدد من القوى الإقليمية والدولية من أن لا أمل في حل سياسي مستدام في ظل عدم التركيز على تحقيق الحل الأمني المتمثل بالأساس في تفكيك الميليشيات وجمع الأسلحة المنتشرة في غرب البلاد.
ورغم قرار حل الميليشياتين المتناحرتين في تاجوراء، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن هذا القرار لن يجد طريقه للتنفيذ كون نفوذ الميليشيات أقوى بكثير من ميليشيا الحكومة، مشيرة إلى أن حكومة الوفاق حاولت خلال الأشهر الماضية حل بعض الميليشيات في طرابلس والزاوية، لكنها تراجعت عن ذلك، بعد أن تبين أن هناك تحالفات قائمة بين ميليشيات ضد أخرى، وأن المواجهة معها ستؤدي إلى حرب أهلية لا تريد سلطات طرابلس دخولها، حتى لا تثبت مرة أخرى أن موقف الجيش الداعي إلى حل الجماعات المسلحة كان على صواب.
وكانت ميليشيا الضمان في تاجوراء رفضت الامتثال لأوامر وزير الدفاع في حكومة الوفاق صلاح النمروش، بوقف إطلاق النار الفوري، مؤكدة في بيان لها أنها كانت "تدافع عن نفسها".
ويعتقد المتابعون للشأن الليبي أن الاشتباكات التي جدت بضاحية تاجوراء أكدت أمراً مهماً وهو أن مشروع إدماج مسلحي الميليشيات في جهاز حكومي تحت مسمى الحرس الوطني الليبي يعتبر مغامرة غير محسوبة العواقب يدفع نحوها الإخوان وحليفاهما التركي والقطري، خصوصاً وأن عناصر تلك الميليشيات ليس لها أي استعداد للخضوع للقانون ولا للانضباط في مؤسسة رسمية، نظراً لأن مكاسبها في ظل الانفلات تبقى أكثر بكثير من أي مكسب في ظل العمل الحكومي المنضبط
وبحسب المعطيات الأمنية على الأرض في طرابلس فإن الأزمة مرشحة للانفجار في أي وقت، وسط توقعات بخروجها عن نطاق السيطرة لكون الخلافات بين الميليشيات لا تعرف الهدوء طويلا، وأن عوامل التهدئة لا تصمد أمام صراع النفوذ وفرض الأجندات.