تركيا تتحدى الحل السياسي وتضاعف العراقيل في طريق استقرار الليبيين
الإثنين 28/ديسمبر/2020 - 01:05 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
عام آخر ينقضي والليبيون ما زالوا يترقبون الخلاص، وأمام هذا الترقب وبين الحين والآخر تغير تركيا من قواعد اللعبة مستغلة تفاهماتها الموقعة مع حكومة الوفاق في 2019، فتتدخل في الساحة علنًا وبلا مواربة.
وفي هذا السياق أكد مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي اللواء خالد المحجوب أن تركيا تقوم باحتلال المنطقة الغربية في ليبياً، موضحاً أن زيارة وزير الدفاع التركي إلى العاصمة الليبية هدفها دعم جماعات متشددة وعرقلة جهود الحل السياسي في ليبيا، وإفشال المحادثات العسكرية الليبية "5+5" والتي تسعى لترسيخ وقف إطلاق النار.
وأوضح المحجوب أن الجيش الليبي يسعى لتحقيق الاستقرار بالقضاء على الميليشيات المسلحة وتنظيم "الإخوان" لأن ما تقوم به تركيا في غرب البلاد ببناء قواعد عسكرية يستهدف زعزعة أمن واستقرار المنطقة بالكامل، لافتاً إلى أن التحركات التركية خطر على دول الجوار الليبي والدول الأوروبية.
وكان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، قد أطلق الأحد، سلسلة من التهديدات ضد الجيش الوطني الليبي، وذلك خلال زيارة للقوات التركية في طرابلس. وأوردت وسائل إعلام تركية، أمس الأحد، تصريحات أكار التي هدد فيها حفتر وأبناء الجيش الليبي، زاعماً أنهم يمثلون أهدافاً مشروعة للقوات التركية الموجودة داخل حدود ليبيا في حال شن الجيش أي هجوم على القوات التركية المتمركزة في طرابلس.
وكشفت مصادر مطلعة، أن من بين أهداف زيارة خلوصي أكار للعاصمة الليبية، تقييم جهود الأجهزة التركية في إنهاء الخلافات والانقسامات بين الفصائل العسكرية والميليشيات المنضوية ضمن القوى الموالية لحكومة الوفاق، والوجود العسكري التركي، وتعبئة جميع القوى في المنطقة لمواجهة هجوم محتمل قد يشنه الجيش الوطني ضد التوغل التركي غربي ليبيا.
كما ذكرت مصادر متطابقة أن وزير الدفاع التركي، واجه السبت، في طرابلس الغرب، صعوبات جمة بسبب الخلافات بين الميليشيات المؤيدة لحكومة الوفاق، و"طلب من الموالين للغزو التركي التركيز على الخطر القادم من الشرق بعد تهديدات خليفة حفتر، وعدم الانجرار لاقتتال في طرابلس".
واعتبرت أوساط ليبية أن التهديدات التي أطلقها وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ضد الجيش الوطني الليبي والمشير خليفة حفتر "تجاوزت للخطوط الحمراء".
بدوره أكد رئيس البرلمان العربي عادل العسومي رفضه التام للتصريحات العدائية والتهديدات التي أطلقها وزير الدفاع التركي خلال زيارته الاستفزازية التي قام بها مؤخراً إلى ليبيا ومن قبلها إقرار البرلمان التركي إبقاء الجنود الأتراك في ليبيا لمدة 18 شهراً، مشدداً على أنها تمثل تعدياً مباشراً على سيادة ليبيا وانتهاكاً صارخاً لأمنها القومي وخرقاً واضحاً لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي بشأن حظر توريد السلاح وإرسال المرتزقة والمقاتلين الأجانب إلى دولة ليبيا.
وطالب العسومي، في بيان أمس الأحد، مجلس الأمن الدولي، بالتحرك الفوري والعاجل لإيقاف التدخلات التركية المتكررة في الشؤون الداخلية الليبية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لطرد المرتزقة والمقاتلين الأتراك والأجانب من الأراضي الليبية، ضماناً لسيادة ليبيا على كامل أراضيها، وتمكين الأطراف الليبية من التوصل إلى حل سياسي ونهائي للأزمة بإرادة ليبية خالصة بعيداً عن أية تدخلات خارجية، داعياً جميع الأطراف الليبية إلى تحمل مسؤوليتها الوطنية وتغليب مصلحة ليبيا وشعبها فوق أي اعتبار من خلال الاستمرار بشكل فاعل في الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة.
وأعرب عن دعم البرلمان العربي التام وتأييده المطلق للجهود المخلصة التي تبذلها الدول العربية لحل الأزمة الليبية، وعلى رأسها الجهود التي تبذلها كل من مصر والمغرب وتونس، ودعمهم الدائم للتوصل إلى حل سياسي شامل ونهائي للأزمة، مُثمناً الدور الكبير الذي قامت به هذه الدول في استضافة العديد من جولات الحوار بين الأشقاء الليبيين.
كما أكد العسومي استعداد البرلمان العربي التام لتقديم جميع أشكال الدعم والمساندة الممكنة للجهود التي تبذلها الدول العربية في هذا الشأن، بهدف التوصل إلى حل وطني متكامل للأزمة الليبية على صعيد مساراتها الأمنية والسياسية والاقتصادية، وعلى نحو يحفظ أمن ليبيا واستقرارها، ويصون وحدتها الداخلية والحفاظ على مقدراتها ويضمن سيادتها الكاملة، ويضع حداً لجميع صور وأشكال التدخل الخارجي في الشأن الليبي الداخلي.
وفي سياق آخر، زار وفد مصري العاصمة الليبية طرابلس أمس الأحد، لمعاينة مقر السفارة المصرية والتأكيد على وقف إطلاق النار، وتفعيل أعمال اللجنة العسكرية الأمنية "5+5".
وذكرت وزارة داخلية حكومة الوفاق في بيان أن "وزير الداخلية المفوض عقد اجتماعا أمنيا رفيع المستوى مع الوفد المصري الذي يزور طرابلس"، وبحث الاجتماع "التحديات الأمنية المشتركة وسبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين".
كما نوقشت "سبل دعم اتفاق وقف إطلاق النار وما توصلت إليه لجنة 5+5 من أجل تأييد المجهودات الدولية بشأن الحوار السياسي والخروج من الأزمة الراهنة بالطرق السياسية والسلمية"، وفقا للبيان.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية، محمد القبلاوي، عبر تويتر أن "الوفد المصري وعد الجانب الليبي بإعادة عمل السفارة في طرابلس في أقرب الآجال، والاتفاق على ضرورة وضع حلول عاجلة لاستئناف الرحلات الجوية الليبية للعاصمة القاهرة".
ونفى القبلاوي أن يكون الوفد المصري قد قدم أي شروط إلى الجانب الليبي، وقال: "الزيارة كان الغرض منها التطرق للعمل على إعادة العلاقات الدبلوماسية لطبيعتها، والتعاون بين البلدين في مجالات عدة".
يشار إلى أن زيارة الوفد المصري للعاصمة الليبية تأتي عقب يوم من زيارة وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، لطرابلس، حيث توعد المشير حفتر وداعميه، في حال تعرضهم للوجود التركي في غرب ليبيا.