مسجد باريس ومشكلات المجلس الوطني للأئمة في فرنسا
الثلاثاء 29/ديسمبر/2020 - 06:04 ص
طباعة
حسام الحداد
أعلن عميد مسجد باريس شمس الدين حافظ انسحابه من مشروع تشكيل مجلس وطني للأئمة كانت الرئاسة الفرنسية قد دعت إلى إنشائه وكلّفت المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية تأليفه، منددا بتأثير "المكوّن الإسلامي" في هذه الهيئة.
وجاء في بيان لعميد المسجد "لقد قررت (...) التوقف عن المشاركة في الاجتماعات الرامية إلى تنفيذ مشروع المجلس الوطني للأئمة وتجميد كل الاتصالات مع كامل المكوّن الإسلامي في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"، مؤكدا أن القرار "نهائي".
وكانت الرئاسة الفرنسية قد دفعت باتّجاه تشكيل مجلس وطني للأئمة يكلّف المصادقة على تنشئتهم في فرنسا في إطار مشروع قانون لمكافحة التطرّف والنزعة الانعزالية.
ويفترض أن يصدر المجلس الوطني للأئمة ترخيصا للأئمة وفقا لمعارفهم والتزامهم قواعد أخلاقية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد طلب في خطاب ألقاه مطلع أكتوبر تناول فيه استراتيجية مكافحة النزعات الانعزالية، رسميا تشكيل هذه الهيئة التي تم التطرّق مرارا إلى إنشائها من دون إقران ذلك بأي خطوات عملية في هذا الاتجاه.
وتزايدت الضغوط من أجل إيجاد إطار أفضل للإسلام في فرنسا بعد قطع رأس المدرّس سامويل باتي في منتصف أكتوبر بسبب عرضه على تلاميذه رسوما كاريكاتورية مسيئة، وقتل ثلاثة أشخاص في كنيسة في نيس بعد أسبوعين على يد تونسي.
وتم تفويض مهمة تنفيذ هذا المشروع إلى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، المحاور الرئيسي للدولة في قضايا تنظيم الديانة الإسلامية في فرنسا.
وكان يفترض بالاتحادات التسعة التي يتألف منها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي غالبا ما يُنتقد لضعف صفته التمثيلية، أن تتوصل لاتفاق في مطلع ديسمبر حول "ميثاق للقيم الجمهورية".
وأوضح بيان عميد مسجد باريس "للأسف، المكوّن الإسلامي داخل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، خصوصا ذاك المرتبط بأنظمة أجنبية معادية لفرنسا، عطّل بخبث المفاوضات عبر طعنه شبه المنهجي ببعض الفقرات المهمة" في الميثاق.
واستنكر حافظ سعي "أعضاء في الحركة الإسلامية" إلى إظهار أن "الميثاق يهدف إلى المس بكرامة المسلمين"، واصفا ذلك بأنه "كذب مفضوح".
وأكد أن تمثيل المسلمين يستحق الابتعاد عن "الممارسات المشكوك فيها والمحاطة بأفعال تسعى إلى زرع الشقاق في صفوف المجتمع الوطني وفصل الفرنسيين المسلمين عن مجتمعهم".
ومطلع ديسمبر نددت نحو عشر شخصيات إسلامية إصلاحية بتفويض الدولة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية مهمة تأليف المجلس الوطني للأئمة، وقد وصفوه بأنه "مؤسسة ضعيفة".
يذكر أن هناك روافد متعددة من بين تشكيل هذا المجلس تابعة للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسها اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (UOIF)، ويعتبر الممثل الرسمي للتنظيم الدولي للإخوان في باريس.
- قسم العاصمة إلى 8 قطاعات إدارية، ويضم أكثر من 250 جمعية إخوانية.
- يشرف على عدد من المؤسسات والكيانات (مدارس ومساجد ومراكز تعليم) تابعة للتنظيم.
- غّير اسمه إلى "مسلمو فرنسا"، في المنطقة الصناعية بـ"كورناف"، وهو الفرع الفرنسي لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا.
- تأسست النواة الأولى لـ"اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا " UOIF، في مارس 1983 على يد مجموعة من الطلاب العرب.
- بدأ من إقليم موت وموزيل، بعد تجمع 4 جمعيات لشمال وشرق فرنسا.
- كان ذو طابع سرى، ولم يخرج إلى العلن إلا حين أُثيرت قضية الحجاب الإسلامي، في أكتوبر 1989.
- بعد عام من تأسيسه، ضم الإتحاد 31 جمعية إسلامية، تعود أصول أعضائها إلى تركيا والمغرب العربي.
- التبرعات والأعمال الخيرية هو مصدر تمويل تلك المنظمة التي يسيطر عليها الإخوان.
هذا بجانب ما يزيد عن 131 إمام وخطيب في المساجد الفرنسية ينتمون للدولة التركية وهي من تقوم بدفع رواتبهم، وهؤلاء مع اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا يشكلون ورقة ضغط لعرقلة المشروع الفرنسي.
أهداف المجلس:
يهدف المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (CFCM) وهيئاته التمثيلية الإقليمية ألا وهي المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية (CRCM) إلى ما يأتي:
- الدفاع عن رفعة الإسلام ومصالحه في فرنسا.
- تيسير وتنظيم تقاسم المعلومات والخدمات بين مختلف أماكن العبادة.
- تشجيع الحوار بين الديانات.
- تمثيل أماكن العبادة الإسلامية لدى السلطات العامة.
ومن هنا يعد تشكيل هذا المجلس ضامن لتعدده.
الاتحادات السبعة:
- مسجد باريس.
- اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (UOIF).
- الاتحاد الوطني لمسلمي فرنسا .(FNMF)
- دعوة ورسالة لصالح الإيمان وممارسة الشعائر.
- تبليغ ودعوة إلى الله.
- الاتحاد الفرنسي للجمعيات الإسلامية في أفريقيا وجزر القمر وجزر الأنتي.
- لجنة تنسيق للمسلمين الأتراك في فرنسا.
كبرى المساجد:
- مسجد مانت-لا-جولي .Mantes-La-Jolie
- المركز الثقافي الإسلامي في إيفري .Evry
- مسجد ليون الكبير .Lyon
- مسجد جنوب فرنسا الكبير (الإصلاح).
- مسجد سان دونيه دو لا ريونيون الكبير .Saint-Denis de la Réunion
الشخصيات الرفيعة المنضمة للمجلس:
- السيد سعدة ممادو با، باحث في علم الأجناس ومنضم للمركز الوطني للبحث العلمي .CNRS
- السيد سهيب بن شيخ، مفتي مارسيليا.
- الشيخ خالد بن تونس، المرشد الروحي للجماعة العلوية.
- السيد إيريك جوفروا، أستاذ محاضر في جامعة مارك بلوش في ستراسبورغ.
- السيد محسن إسماعيل، متخصص في علوم الدين وباحث في جامعة باريس 3.
2- تشكيل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية (CFCM) والمجالس الإقليمية للديانة الإسلامي (CRCM) ونمط سيرهما:
هذان المجلسان هما أولاً عبارة عن اتحادات بين مختلف الجمعيات ويضموا ما يلي:
- بالنسبة للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: فهو يتشكل من مجموع المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية (CRCM)، ومن اتحادات بين مختلف الجمعيات التي تتولى إدارة شئون أماكن العبادة ونشاطها ومن المساجد الممثلة من خلال الجمعيات التي تديرها، ومن الشخصيات المنتقاة من الأعضاء القدامى في هذه الجمعيات.
- بالنسبة المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية: فهي مشكلة من جمعيات تدير أماكن العبادة الإسلامية ونشاطها، كل منها في المنطقة المتواجدة فيها، ويمكن أن يساندها عدد من الشخصيات المنتقاة من الأعضاء القدامى في هذه الجمعيات.
إن الصفة التمثيلية لتعددية المدارس الفكرية الإسلامية الممثلة بهذه الجمعيات التي تدير شئون أماكن العبادة تتجسد من خلال الآتي ذكره:
- نظام تعيين ممثلي هذه المدارس الفكرية. فإلى جانب النظام الانتخابي القائم في آن واحد على عملية اقتراع من دورة واحدة بناء على قوائم انتخابية وعلى تعيين نسبي، يسمح نظام الانتقاء بضمان تمثيل أشخاص في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لا يمكنهم الانضمام إليه بواسطة الانتخاب. ومن المنصوص عليه انضمام خمس سيدات إلى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من ضمن العشرة شخصيات المختارة.
- نظام توزيع الاختصاصات:
- جغرافياً: يتمتع المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بصلاحية على المستوى الوطني، في حين تنحصر صلاحية المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية على المستوى الإقليمي.
- وظيفياً: يتولى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية إدارة المسائل المتعلقة بصياغة المبادئ التنظيمية العامة، في حين تدير المجالس الإقليمية المسائل المطروحة كل في أقاليمها وذلك بالرجوع إلى المبادئ العامة المحددة من قبل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.
يعتمد هيكل تنظيمي لهذه المجالس يأخذ الشكل نفسه على المستوى الوطني والإقليمي. ويحظى المجلسان، المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والمجلس الإقليمي للديانة الإسلامية، بهيئات متشابهة فيما يتعلق بسير العمل فيها على الرغم من اختلاف التركيبة في كل منها.
وتنعقد الجمعية العمومية لهذه المجالس في دورة عادية سنوية للتباحث حول المسائل الإدارية وفي الوضع المعنوي والمالي. ويمكن أيضاً عقد دورة استثنائية لتعديل النظام الأساسي للمجالس أو لتناول موضوعات مطروحة من قبل مجلس الإدارة على الجمعية العمومية.
تتشكل الجمعية العمومية للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من 194 عضو يتم انتخاب ثلاثة أرباعهم:
- 150 عضو منتخب في مختلف المناطق؛
- 24 يمثلون الاتحادات السبعة الأعضاء في المجلسالاستشاريلمسلمي فرنسا (ومن المتوقع انضمام مزيد من الاتحادات لهذه الهيئة في المستقبل).
- 10 ممثلين للمساجد الخمسة الأعضاء في المجلس الاستشاري لمسلمي فرنسا (ومن المتوقع مشاركة مساجد أخرى في هذه الهيئة في المستقبل).
- 10 شخصيات رفيعة المستوى متخصصة.
بالنسبة للمجالس الإقليمية للديانة الإسلامية، فالجمعية العمومية تتشكل من:
- 20 إلى 500 مفوض من الجمعيات المكلفة بشؤون الإدارة للديانة الإسلامية، ويرتبط هذا العدد بالمساحة المقدرة وفق نسبة متزنة لكل دار من دور العبادة.
- شخصيات يتم اختيارها بواسطة مجلس الإدارة ويمثل عددهم نسبة لا تتعدى في الأكثر 10°/° من عدد أعضاء مجلس الإدارة نفسه .
يطلع مجلس الإدارة في كل من هذه المجالس على التقارير المتعلقة بالأعمال الإدارية ويعتمد الميزانية والتوجهات العامة التي تقترحها اللجان المختلفة بعد الأخذ بمشورة المكتب التنفيذي. ويمكن لمجلس الإدارة طرح هذه المقترحات على الجمعية العمومية للأخذ برأيها.
*يتكون مجلس إدارة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من 65 عضواً، يتم انتخاب ثلثيهم:
- 43 عضو منتخب في مختلف المناطق،
- 12 ممثلاً عن الاتحادات السبعة الأعضاء في المجلس الاستشاري لمسلمي فرنسا،
- 5 ممثلين للمساجد الخمسة الأعضاء في المجلس الاستشاري لمسلمي فرنسا،
- 5 شخصيات رفيعة المستوى متخصصة.
ويتشكل مجلس الإدارة في المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية من 5 إلى 55 مفوضاً منتخباً (ويختلف هذا العدد وفقاً لعدد المفوضين في كل منطقة) ومن شخصيات يتم اختيارها في حدود 10°/° من المجموع الكلي للأعضاء المنتخبين في مجلس الإدارة.
يتكون المكتب التنفيذي التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية من 11 إلى 17 عضواً. أما المكتب التنفيذي للمجالس الإقليمية للديانة الإسلامية فيتشكل من 5 إلى 12 عضواً. يعكف المكتب التنفيذي على اقتراح قرارات أو توجهات العامة خاصة بالمسائل المبدئية ويتولى أيضاً تنفيذ القرارات المتخذة من قبل مجلس الإدارة أو الجمعية العامة. يجتمع المجلس التنفيذي في دورات عادية أو استثنائية ويتخذ قراراته بأغلبية ثلثي أعضائه في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وبأغلبية أربعة أخماس الأعضاء في المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية.
ومن أجل ضمان أكبر قدر ممكن من الفعالية في كل هذه الهيئات، أي في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والمجالس الإقليمية للديانة الإسلامية، يجرى التنسيق من خلال قنوات مختلفة تحت سلطة الرئيس، وهو المتحدث الرسمي في كل من هذه الهيئات:
- ففي مكتب التنفيذي للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، يتولى نائبان لرئيس هذا المجلس مهمة تنسيق أعمال المجلس مع أعمال المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية وكذلك بإجراء التنسيق مع اللجان المختلفة التابعة لنفس المجلس.
- و يتحمل رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ونظيره في المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية مسئولية مدنية.
ويعد التوزيع الدقيق للاختصاصات والتكامل بين المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، المكلف المسائل العامة المبدئية، على المستوى الوطني، والمجالس الإقليمية للديانة الإسلامية، المكلفة بالمسائل المحلية، شرطاً لازماً لضمان فعالية عمل هذه المجالس. ويعكف المكتب التنفيذي للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية على احترام إجراء هذا التوزيع للاختصاصات والمهام. و يجوز للمكتب استخدام حق الفيتو لتعليق تطبيق قرار ما متخذ من جانب أحد المجالس الإقليمية للديانة الإسلامية عندما يشكل هذا القرار تعدياً على اختصاصات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.
وهذا لا يلغي أهمية التفاعل بين المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والمجالس الإقليمية للديانة الإسلامية، الذي يبقى أساسياً، حيث أن تسوية المشاكل المحلية يجب أن تمر في معظم الحالات من خلال تطبيق استراتيجية يتم صياغتها بصورة محددة ومتلاحمة وشاملة على المستوى الوطني. وتتولى اللجان المختلفة هذه المهمة من خلال مشاركتها في إعداد التوجهات والقرارات الخاصة بمجلس الإدارة في المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والمجالس الإقليمية للديانة الإسلامية.
2-يتولى المجلس الفرنسي والمجالس الإقليمية للديانة الإسلامية مهمة الإعلام والتأهيل لصالح الإسلام
أن ضرورة الترويج للتأهيل والإعلام، لصالح الديانة الإسلامية يقصد منها:
- على المستوى الداخلي، الدفاع عن رفعة الإسلام ومصالحه المشروعة. وتهدف مختلف مجالس الديانة الإسلامية إلى العمل على تحسين التأهيل المستمر للإلمام بشئون الدين مع الحرص على التوفير وترشيد الموارد المالية المتوفرة وتحديد المعايير التي من شأنها أن تسمح على سبيل المثال بتعيين رجال الدين في مختلف الأبنية الإصلاحية (السجون) وإبداء النصيحة القانونية للجمعيات والمواطنين المسلمين فيما يتعلق مثلاً ببناء وإدارة المساجد.
- على المستوى الخارجي، أي ما هو غير متعلق بالديانة الإسلامية، تشجيع الحوار بين الأديان، على سبيل المثال.
إن المجلس الوطني والمجالس الإقليمية للديانة الإسلامية، التي تعد تقارير سنوية عن أعمالها حرصاً على تطبيق مبدأ الشفافية، تتولى مهمة التمثيل الشامل للديانة الإسلامية في فرنسا وذلك إزاء المواطنين المسلمين كما السلطات العامة أو الرأي العام. وتشارك هذه المجالس أيضاً في تسوية المشاكل العملية المتعلقة بتطبيق الشعائر كتنظيم رحلات الحج أو ذبح الأضاحي بمناسبة عيد الأضحى.
وفي كافة الأحوال، تعكف هذه المجالس على التوصل لحلول تلبي تطلعات المسلمين في فرنسا مع الأخذ بالاعتبار اتساق هذه الحلول مع القواعد القانونية المطبقة في فرنسا.