تقرير معهد الاقتصاد والسلام الأسترالي لمؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020

الجمعة 01/يناير/2021 - 09:03 ص
طباعة تقرير معهد الاقتصاد حسام الحداد
 
ينشر معهد الاقتصاد والسلام الأسترالي (IEP)، تقريرا سنويا لمؤشر الإرهاب العالمي، ويهدف معهد الاقتصاد والسلام إلى إحداث نقلة نوعية في طريقة تفكير العالم في السلام.ويُعتبر التقرير الذي يصدره بدوره جزءاً من مؤشر السلام العالمي الذي يصدر عن ذات المعهد. يعتمد هذا المؤشر على قاعدة بيانات مركز (START) بجامعة ميريلاند الأمريكية، ويمثل أهم تقرير سنوي يصدر عن أنماط الإرهاب ومساراته المختلفة عالمياً، حيث يغطي في تصنيفه 163 دولة ما يمثل حوالي 99.7 بالمائة من سكان العالم، ويتم الاستعانة به في المؤسسات الدولية الكبرى وكذلك في عدد كبير من الجامعات ومراكز الأبحاث المتخصصة.
يتبنى التقرير هذا العام والصادر في نوفمبر 2020، تعريف الإرهاب بـ “استخدام القوة والعنف غير القانونيين من قبل فاعل غير حكومي لتحقيق هدف سياسي أو اقتصادي أو ديني أو اجتماعي من خلال الخوف أو الإكراه أو الترهيب.” لا تأخذ النتيجة الكاملة لمؤشر GTI في الحسبان أعداد القتلى فحسب، بل تشمل أيضًا الحوادث والإصابات والأضرار التي تلحق بالممتلكات من جراء الإرهاب. ويرصد التقرير العديد من التطورات الهامة، ومن أهم ما يستنتجه:

عوامل الإرهاب
يشير التقرير إلى مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالإرهاب مشتركة في جميع البلدان، إلا أن هناك بعض الفروق بين الدول النامية والمتقدمة في هذا الصدد. ترتبط تلك العوامل بالمستويات العالية من المظالم وضعف سيادة القانون في جميع البلدان. وفي البلدان الأكثر تقدمًا اقتصاديًا، يلعب الحرمان الاجتماعي والاستبعاد دورًا مهمًا في الإرهاب، بينما في البلدان الأقل تقدمًا اقتصاديًا، ترتبط التمزقات الدينية أو العرقية والفساد ارتباطًا وثيقًا بمستويات عالية من الإرهاب. “كما تزدهر الجماعات الإرهابية عندما تستطيع زيادة نفوذها. الدوافع الرئيسية للتأثير هي التغطية الإعلامية، وتجنيد المتعاطفين، والتمويل.”
 

انخفاض في معدلات الإرهاب
منذ قمة الإرهاب في العام 2014 انخفضت وتيرة القتلى بسبب الإرهاب للعام الخامس على التوالي في عام 2019 إلى 13826 حالة، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 15 بالمائة عن العام السابق ونسبة 59 بالمائة عن عام 2014. فقد سجلت مناطق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وروسيا وأوراسيا وأمريكا الجنوبية وجنوب آسيا انخفاضًا في أعداد القتلى بنسبة 20 في المئة على الأقل. وقد انحصر عدد الجماعات الإرهابية في العالم من أكثر من 100 جماعة في عام 2002 إلى أقل من 20 جماعة نشطة في عام 2019. يرجع هذا إلى أن معظم تلك الجماعات تتفكك أو تندمج مع مجموعات أخرى أو يتم تدميرها في غضون عام من تشكيلها.
 لا تزال أفغانستان البلد الأكثر تأثراً بالإرهاب حيث كان نصيبها 41 بالمائة من العمليات الإرهابية، ومع ذلك، يشير التقرير في نفس التوقيت إلى انخفاض في أعداد القتلى بسبب الإرهاب في البلاد في عام 2019 لأول مرة منذ ثلاث سنوات حيث سجلت 1654 حالة وفاة أقل من الأعداد المسجلة في عام 2018، أي بمعدل انخفاض 22.4 بالمائة. في المقابل حدثت أكبر زيادة في حالات القتل الناجمة عن الإرهاب في بوركينا فاسو، حيث ارتفع الحالات من 86 إلى 593، بزيادة قدرها 590 بالمائة. كان الدافع الرئيسي وراء هذا الارتفاع هو ثلاث مجموعات: الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى (ISGS)، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM) وفرع أنصار الإسلام في بوركينا فاسو.

العلاقة بين الإرهاب وحالة الإقليم
“لا يزال الصراع هو المحرك الرئيسي للإرهاب، حيث حدثت أكثر من 96 بالمائة من حالات القتل الناجمة عن الإرهاب في عام 2019 في البلدان التي تعاني بالفعل من الصراع. إن الدول العشر ذات التأثير الأكبر للإرهاب كلها منخرطة في نزاع مسلح واحد على الأقل.”
لا تزال جنوب آسيا للسنة الثانية على التوالي المنطقة الأكثر تضررًا من الإرهاب في عام أكثر من أي منطقة أخرى 2019، على الرغم من التحسينات في أفغانستان وباكستان والهند. يأتي بعد ذلك أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، ومع ذلك، لا تزال أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي المنطقة ذات أقل تأثير للإرهاب، وهو الموقف الذي احتفظت به المنطقة على مدى السنوات الـ 17 الماضية.
وبالنسبة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد سجلت المنطقة أكبر تحسن إقليمي للعام الثاني على التوالي، حيث انخفضت أعداد القتلى بنسبة 87 بالمائة منذ عام 2016، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2003.

الإرهاب بسبب الإيديولوجية السياسية وليس فقط تحت مسمى الدين
بيد أن الانخفاض العام للإرهاب قد صاحبه ازدياد إرهاب اليمين المتطرف بنسبة 250٪ في السنوات الخمس الماضية في الغرب (أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأوقيانوسيا)، فبينما تم تسجيل هجوم إرهابي يميني متطرف واحد في عام 2010، إلا أن ذلك العدد ارتفع إلى 49 حالة في عام 2019 وكانت هناك ثمانية عشر دولة في الغرب شهدت هجومًا إرهابيًا واحدًا على الأقل من اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف في عام 2019. كما أنه نُسبت 89 حالة وفاة إلى إرهابيين من اليمين المتطرف في عام 2019، منها 51 حالة في هجمات مسجد “كرايستشيرش” في نيوزيلندا. وفي العامين الأخريين كان للولايات المتحدة الأمريكية النصيب الأكبر في عمليات الإرهاب اليميني المتطرف حيث سجلت 332 حالة نجم عنها 113 قتلى.
ويشير التقرير إلى أن 60 % من العمليات الإرهابية بين عامي 1970 و2019 حدثت بواسطة أشخاص لا ينتمون لجماعات محددة. وقد تنوعت العوامل والأيدولوجيات المحركة لتنفيذ العمليات المختلفة بين عوامل انفصالية، أفكار يسارية متطرفة، أفكار دعاة حماية البيئة، أفكار “إسلاموية” متطرفة، وإرهاب اليمين المتطرف. كما يشير التقرير إلى أن العنف السياسي يصبح أكثر قبولاً في المجتمعات التي تشهد استقطابًا سياسيًا وعدم استقرار اجتماعي. على سبيل المثال، ففي الولايات المتحدة، شعر ما يقرب من 40 بالمائة من المشاركين في الاستطلاع من الديمقراطيين والجمهوريين في عام 2020 أن العنف لأغراض سياسية كان مبررًا جزئيًا على الأقل مقابل 10 بالمائة قبل سنتين ونصف.

داعش: افريقيا-جنوب الصحراء بديلاً للعراق والشام؟
نتيجة لعمليات مكافحة الإرهاب في العراق وسوريا تضاءلت قوة تنظيم الدولة “الإسلامية” بشكل عام، فقد شن المنتسبون لداعش هجمات في 27 دولة عام 2019، وبعد أن قام التنظيم بما لا يقل عن 78 هجومًا إرهابيًا بين عامي 2014 و2019 في الغرب، مما أسفر عن مقتل 471 شخصًا، إلا أنه قد سُجل هجوم واحد فقط في الغرب في عام 2019. كما أن حالات القتل الناتجة عن عمليات التنظيم انخفضت إلى 942 حالة مقابل 1571 حالة لعام 2018 – أقل عدد من الحالات منذ أن أصبح التنظيم نشطاً في عام 2013. ويشير التقرير على أن مركز ثقل التنظيم انتقل من الشرق الأوسط في العراق والشام (داعش) إلى أفريقيا-جنوب الصحراء الكبرى، فعلى الرغم من تراجع الإرهاب في معظم مناطق العالم، إلا أنه قد أصبح أكثر انتشارًا في مناطق أخرى، فسبعة من الدول العشر التي شهدت أكبر زيادة في الإرهاب تقع في منطقة أفريقيا-جنوب الصحراء (بوركينا فاسو وموزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومالي والنيجر والكاميرون وإثيوبيا) بإجمالي 41 بالمائة من محصلة حالات القتلى الناجمة عن عمليات التنظيم في العالم.

من الأخطر إذن؟
ظلت حركة طالبان المجموعة الإرهابية الأكثر دموية في العالم في عام 2019. ومع ذلك، انخفضت حالات القتلى نتيجة عمليات الجماعة بنسبة 18 بالمائة إلى 4990. ليس واضحاً بعد ما إذا كانت محادثات السلام في أفغانستان لها تأثير كبير على النشاط الإرهابي. ويأتي بعد طالبان جماعة بوكو-حرام، ثم تنظيم الدولة، ثم حركة الشباب.

الكلفة الاقتصادية للإرهاب
قُدِّر التأثير الاقتصادي العالمي للإرهاب بنحو 26.4 مليار دولار أمريكي في عام 2019. وهذا أقل بنسبة 25 بالمائة عن العام السابق. ومنذ ذروته البالغة 116 مليار دولار في عام 2014، انخفض التأثير الاقتصادي بنسبة 77 بالمائة. هذه هي السنة الخامسة على التوالي من الانخفاض. يعود التحسن الذي حدث خلال السنوات الأربع الماضية إلى انخفاض مستوى الإرهاب في العراق ونيجيريا وباكستان وسوريا، مما يعكس انخفاض الوفيات والإصابات والهجمات الإرهابية على مستوى العالم.

الإرهاب وكوفيد-19
مثل حظر التجوال وقيود السفر المفروض بسبب الجائحة على حركة الإرهابيين، وتجنيدهم، وهجماتهم، بيد أن التقرير يشير إلى أنه من المتوقع أن تؤدي جائحة كوفيد-19 إلى تفاقم تأثير الإرهاب في مناطق معينة، وتطرح تحديات معقدة أمام الاستجابات الوطنية والدولية لمكافحة الإرهاب، حيث تحول الحكومات تركيزها من عمليات مكافحة الإرهاب إلى معالجة أزمة الصحة العامة، فينتج عن ذلك فرص للمنظمات الإرهابية لتوحيد وتوسيع عملياتها وإقليمها أو لتصبح مقدمي خدمة بديلين، فتكسب تأييد السكان المحليين في مناطق لا تستطيع الدولة توفير الاحتياجات الأساسية فيها.
كما تستغل الحركات الإرهابية حالة الإجهاد التي تعانيها أجهزة الأمن لتوسيع عمليات الإرهاب وبث روح التطرف والجهاد وتكثيف عمليات التجنيد، فعلى سبيل المثال في موزمبيق، سيطرت ولاية وسط إفريقيا التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية على ميناء استراتيجي في شمال البلاد في سبتمبر 2020، معلنةً موقعًا جديدًا لإقامة دولة الخلافة. وقد أدت الجائحة إلى تعطيل أعمال التحالف الدولي للقضاء على داعش وانسحاب بعض الدول منه، وتعطيل عمليات إعادة توطين الإرهابيين. “كما اعتبرت الجماعات اليمينية المتطرفة أن الوباء فرصة لإذكاء الروايات القائمة علي خطاب الكراهية العنصرية أو المعاد للسامية أو الإسلاموفوبيا أو المعاداة للمهاجرين.”

شارك