في تحدًا صارخ للمساعي الدولية للتوصل لتسوية سياسية.. تركيا تواصل إرسال الأسلحة والمرتزقة إلى ليبيا
الأحد 03/يناير/2021 - 08:23 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
يبدو واضحًا أن تركيا لا تريد تحقّق السلام في ليبيا وأن يتمكّن الليبيون من طي صفحات الصراع والانقسام، من أجل نهب ثرواتهم وتدمير مؤسسات الدولة، فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان على قناعة بأنّ بسط نفوذه على الغرب الليبي لن يستمر إلا عبر خلق المزيد من الفوضى.
وهو الأمر الذي أكدته تقارير أوروبية، حيث كشفت استمرار تركيا في إرسال الأسلحة إلى قاعدة الوطية الجوية بغرب طرابلس، التي تتخذها مقرا لقواتها في ليبيا. وذلك على خلفية تمديد برلمانها بقاء القوات التركية في ليبيا 18 شهراً إضافياً.
وأفادت وكالة "نوفا" الإيطالية السبت 2 يناير بوصول طائرتي شحن تركيتين إلى قاعدة الوطية، قائلة إن إحداهما حملت أنظمة دفاع جوي، تستخدم حصرا ضمن منظومة حلف شمال الأطلسي (الناتو). فيما حملت الثانية مواد لوجستية وعناصر من تركمان سوريا، من الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا، الذين ترسلهم للقتال كمرتزقة إلى جانب حكومة الوفاق.
وكان المرصد السوري أشار قبل أيام، إلى أن قضية تواجد مرتزقة الفصائل السورية الموالية لأنقرة في ليبيا تعود إلى الواجهة، ولاسيما في ظل تعليق الملف من قبل الحكومة التركية التي حولت المقاتلين إلى مرتزقة وأرسلتهم إلى هناك، على الرغم من اتفاق الأطراف الليبية بجنيف في 24 أكتوبر الماضي على منح مهلة 90 يوما لخروج المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا، لكن تركيا أوقفت عودة مقاتلي الفصائل من ليبيا إلى سوريا منذ منتصف نوفمبر الماضي.
وأشار المرصد إلى أن تعداد المجندين الذين ذهبوا إلى الأراضي الليبية حتى الآن، بلغ نحو 18 ألف "مرتزق" من الجنسية السورية من بينهم 350 طفلا دون سن الـ18، وعاد من مرتزقة الفصائل الموالية لتركيا نحو 10750 إلى سورية، بعد انتهاء عقودهم وأخذ مستحقاتهم المالية، في حين بلغ تعداد الجهاديين الذين وصلوا إلى ليبيا، "10000" بينهم 2500 من حملة الجنسية التونسية. يذكر أن تعداد قتلى المرتزقة من الفصائل السورية الموالية لأنقرة في ليبيا بلغ 496 قتيلاً.
من ناحية أخرى كشف موقع الرصد العسكري الإيطالي "إيتمال رادار"، المختص في تعقب حركة الطيران العسكري فوق البحر المتوسط، أن تركيا واصلت نقل الأسلحة إلى غرب ليبيا، عبر رحلات طائرات شحن عسكرية تابعة لها. وأكد الموقع هبوط طائرتي شحن عسكريتين تركيتين من طراز "إيرباص إيه 400 إم" في قاعدة الوطية، مشيراً إلى أن الطائرتين انطلقتا من قاعدة «كونيا» وسط تركيا.
كما أشارت وسائل إعلام ليبية، نقلاً عن مصادر مطلعة، إلى أن تركيا نقلت إلى الأراضي الليبية بطاريات لصواريخ "هوك" الأمريكية، وهي منظومة من نوع "أرض – جو" متوسطة المدى تمتلكها تركيا، ومنظومتي رادار "كالكان" ثلاثي الأبعاد، اللتين تستخدمان في عمليات الدفاع الجوي منخفضة ومتوسطة المدى، بالإضافة إلى معدات اتصال أخرى.
وتزامن ذلك مع إعلان وزارة الدفاع التركية استمرار التدريبات، التي انطلقت في 20 ديسمبر الماضي، لعناصر من البحرية التابعة للوفاق حول الدفاع تحت الماء، والتي تستمر ستة أسابيع، قائلة إن دوراتها التدريبية متعددة الأبعاد لأفراد الجيش الليبي مستمرة في إطار اتفاقية التدريب والتعاون والتشاور العسكري، الموقعة مع حكومة الوفاق في 29 نوفمبر 2019. لافتة إلى أن التدريبات البحرية تجري في قاعدة "الخمس" شرق طرابلس.
وفي وقت سابق أعلنت وزارة الدفاع التركية أن قواتها نظمت تدريبات لعناصر تابعة لحكومة الوفاق الوطني على إطلاق النار بالأسلحة الثقيلة.
وكانت الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق احتفت باستمرار تلقيها التدريبات من عناصر الجيش التركي، وأعادت نشر صور وزعتها وزارة الدفاع التركية لتدريب مقاتلي الوفاق على نظام قاذفات الصواريخ المتعددة والمدفعية وقذائف الهاون والأسلحة الثقيلة.
ويتزامن تحدي تركيا للمساعي الدولية للتوصل لتسوية سياسية للأزمة الليبية بإرسال المزيد من المرتزقة والأسلحة لدعم ميليشيا الوفاق، مطالبة نصف أعضاء ملتقى الحوار السياسي في ليبيا، أمس السبت 2 يناير الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالضغط لإنهاء أشكال الوجود العسكري الأجنبي كافة على الأراضي الليبية، ومحاسبة المخالفين للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري وتعديلاته.
وأشار 36 عضواً في منتدى الحوار السياسي الليبي، من أصل 74 عضواً، في بيان لهم إلى الآثار السلبية لمختلف أشكال التدخلات الأجنبية في شؤون الدولة الليبية، والتي أدت إلى تدفق السلاح والمرتزقة إليها، بمخالفة القرارات الدولية الصادرة بمنعها، داعين النخب السياسية الليبية إلى العمل معاً للوصول إلى حلول سياسية توافقية للمحافظة على وحدة وسيادة واستقرار بلادهم.