سجل الانتهاكات والجرائم بحق شمالي سوريا لعام 2020.. بتوقيع تركيا وتنفيذ الفصائل الموالية لها

الجمعة 08/يناير/2021 - 01:21 ص
طباعة سجل الانتهاكات والجرائم فاطمة عبدالغني
 
 وثقت المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، مقتل عشرات المدنيين وعمليات الخطف ومصادرة ممتلكات أهالي منطقتي رأس العين وتل أبيض، بينما سجلت نهاية العام عمليات تهجير وقتل للمدنيين من جرأ القصف المستمر في مناطق عين عيسى وتل تمر.
أما في المناطق التابعة للشهباء وعفرين شمالي حلب وعدا عن جرائم القتل والخطف والتغيير الديمغرافي فقد كان للمواقع الأثرية نصيب الأسد من عمليات النهب والتخريب والتدمير، إضافة إلى سرقة وقطع الآلاف من أشجار الزيتون من منطقة عفرين.
كما شرد الاحتلال التركي آلاف العائلات من مناطق احتلها لتعيش في مخيمات تتوزع في شمال شرقي سوريا.
يأتي هذا في الوقت الذي جعلت فيه تركيا منازل من شردوا من بيوتهم مأوى لمسلحي تنظيم داعش وعائلاتهم وملاذًا آمنًا للجماعات المتطرفة الأخرى.
هذا وكانت أحدث التقارير الحقوقية التي وثقت الانتهاكات التركية في شمالي سوريا تقرير أصدرته منظمة حقوق الانسان ـ عفرين, يكشف حصيلة العام الثالث من الانتهاكات التركية وفصائلها السورية في مدينة عفرين ومحيطها.
وجاء في بيان المنظمة: احتلت الدولة التركية ومسلحو الفصائل السورية التابعة لها في 18/3/2018 منطقة عفرين، بعد استخدامها كافة صنوف الأسلحة الجوية والبرية، وتواطؤًا إقليميًا ودوليًا، وتأييدها لهذه العملية العسكرية التي تتناسب مع مصالحها السياسية والاقتصادية تحت مسمى غصن الزيتون.

ومنذ اليوم الأول من احتلال تركيا لمنطقة عفرين، الانتهاكات ضد المدنيين -وخصوصاً الكرد- لم تتوقف، حيث تمارس أعمالًا لاأخلاقية وغير قانونية بحق المتبقين فيها.
في ظل العدوان التركي على منطقة عفرين، نزح مئات الآلاف من أهالي عفرين الأصليين من ديارهم قسراً، خوفًا من ارتكاب المجازر بحقهم أثناء الهجمات على عفرين.
وبحسب الإحصائيات، تم نزوح أكثر من (300) ألف مدني منذ يوم 18 مارس/ آذار 2018 وحتى الآن من عفرين، وأن النزوح القسري ما زال مستمراً من عفرين حتى الآن تحت ضغط الاحتلال التركي والفصائل المسلحة السورية الموالية له، وذلك لتوطين عائلات من الغوطة ودرعا وإدلب في عموم منطقة عفرين والاستمرار في عملية التغيير الديمغرافي فيها.
بحسب ما يتم تداوله فإن نسبة الكرد في عفرين الآن لا تتجاوز 23% في كبرى عمليات التغيير الديمغرافي التي شهدتها سوريا منذ بداية الازمة في 2011 بناءً على توافق بين الدولة التركيا وبعض القوى الإقليمية والدولية.
وتم توطين قرابة (400) ألف مستوطن في عموم قرى ونواحي عفرين المستقدمين من مناطق النزاع في سورية، وخاصة ريف إدلب الجنوبي وريفي حلب الجنوبي والغربي، ونظراً للاكتظاظ السكاني تم إنشاء المخيمات العشوائية في عموم المنطقة.
وكما يسعى الاحتلال التركي منذ ثلاثة أعوام إلى تغيير هوية عفرين ومعالمها وصبغها بالهوية التركية عبر تغيير أسماء الشوارع والميادين والمرافق العامة والمستشفيات ورفع العلم التركي فوق المدارس والمرافق العامة.
وغير الاحتلال التركي أسماء الساحات الرئيسية بمركز مدينة عفرين، مثل ساحة آزادي (الحرية) إلى ساحة أتاتورك ودوار نيروز إلى صلاح الدين، والدوار الوطني إلى دوار 18 آذار، ودوار كاوا الحداد إلى دوار غصن الزيتون، وفي إطار تغيير أسماء القرى غير الاحتلال التركي اسم قرية قسطل مقداد إلى سلجوق أوباسي، وقرية كوتانا إلى ظافر أوباسي، وكرزيله إلى جعفر أوباسي.
ورافق تغيير أسماء الأماكن الاستراتيجية والكردية إلى أسماء عثمانية ووضع العلم التركي وصور أردوغان في كل مكان وعلى لوحات الدلالة في كل قرية وناحية ومركز المدينة، فضلاً عن تعليم اللغة التركية في المدارس ووضع العلم التركي على ألبسة التلاميذ.
إلى جانب ذلك كتب اسم مشفى آفرين باللغة التركية، بعدما كان مكتوباً باللغتين الكردية والعربية، ناهيك عن تغيير اللوحات التعريفية للمحلات والشوارع وكتابتها بالتركية فقط، تزامناً مع ذلك عبث الاحتلال التركي بالأماكن المقدسة ودمر المزارات الدينية للإيزيديين في القرى الايزيدية.
وضمن عملية التغيير الديمغرافي وتغيير هوية المناطق التي تحتلها، أرغم الاحتلال التركي الأهالي على اصدار هويات تعريفية تركية للمدنيين السوريين ضمن الأراضي السورية التي تحتلها.
ولعل أكثر الممارسات التي قام بها الاحتلال التركي ومسلحوه بحق أهالي عفرين الباقين فيها، هي زيادة عمليات الخطف والقتل وأغلبها كانت بغاية طلب الفدية المالية.

وفي هذا الصدد تم اختطاف أكثر من (7343) مدنيًا خلال ثلاث سنوات من الاحتلال، ومصير أكثر من نصفهم ما يزال مجهولاً، ناهيك عن تعرض المدنيين الكرد للاختطاف المتكرر بغية طلب الفدية المالية، وهذا ما يصفه أهالي عفرين في الداخل بأنه أصبح «تجارة مربحة» لدى المسلحين. أما وضع النساء في عفرين، فإنه تم توثيق (70) حالة قتل منها خمس حالات انتحار من النساء و(68) حالة اغتصاب، ناهيك عن الاعتداءات التي تتعرض لها النساء بشكل يومي في العلن.
وأما عن حالات القتل فقد تم قتل أكثر من (604) مدنياً منهم (498) قتلوا نتيجة القصف التركي والفصائل السورية التابعة له و(82) قُتلوا تحت التعذيب وتوثيق اكثر من (696) جريحاً نتيجة القصف التركي والفصائل السورية المسلحة التابعة له ومنهم حوالي (303) أطفال مصابون بجروح و(213) من النساء تعرضن للجروح والإصابات، وأما حوادث الألغام والمفخخات(207) حالة وقطع ما يزيد عن (314400) شجرة زيتون وأشجار حراجية أخرى وذلك للاتجار بحطبها، وحرق أكثر من (11) ألف شجرة زيتون وأشجار حراجية متنوعة، وحرق ما يزيد عن ثلث المساحة المخصصة للزراعة والتي تقدر بأكثر من (11) ألف هكتار منذ احتلاله لعفرين وحتى الآن والاستيلاء على الالاف من منازل المدنيين المهجرين قسراً وتحويل العشرات منها إلى سجون ومعتقلات ومقرات تابعة لعناصر الفصائل المسلحة التابعة للاحتلال التركي والمتاجرة بها بيعاً وشراءً.
ولعل أكثر الاضرار المادية، وعمليات النهب والسلب التي قام بها مسلحو الاحتلال التركي هي الاستيلاء على محصول الزيتون وتصديره إلى تركيا عبر معبر قرية حمام الحدودية بناحية جنديرس، والذي أنشأه الاحتلال التركي في العام الماضي لتسهيل عملية عبور محصول الزيتون والمسروقات وبيعه كمنتج تركي في الأسواق العالمية مثل أسبانيا وأميركا.
وبعد تدمير أغلب الأماكن والمواقع الأثرية المدرجة على لائحة اليونيسكو خلال الهجمات على عفرين، مثل «معبد عين دارا، النبي هوري، كهف الدودرية، قبر مار مارون» وغيرها العديد من المواقع الأثرية.
وبحسب ما أكدته مديرية آثار عفرين فإنه يوجد في منطقة عفرين حوالي (75) تلًا أثريًا، وإن الاحتلال التركي ومسلحيه قاموا بحفر معظم التلال وتنقيبها بحثاً عن الآثار واللقى الآثرية.
وبحسب إحصائية مديرية آثار عفرين تم تخريب وتدمير أكثر من (28) موقعًا أثريًا ومستودعًا وأكثر من (15) مزارًا دينيًا لمختلف المذاهب والأديان، بالإضافة إلى تجريف العديد من المقابر وتحويل أحدها إلى سوق للماشية.
إلى جانب ذلك فكك الاحتلال التركي السكة الحديدية الممتدة من ميدان أكبس بناحية راجو والمارة من كفر جنة وقطمه بناحية شرا، وبيعها إلى تجار من أعزاز.
أما إحصائية الانتهاكات في عام 2020 فقد كانت كالتالي:
القتل: (58) شخصًا بينهم (9) إناث
الخطف: (987) شخصًا بينهم (92) امرأة
إطلاق سراح: (26) شخصًا بينهم (10) نساء
الآثار تدمير وسرقة (50) موقعًا اثريًا
الأشجار: قطع أكثر من (72000) شجرة واقتلاع الآلاف نتيجة شق طريق بين جنديرس وولاية هاتاي التركية
الاستيلاء على (250) منزلًا
التفجيرات (39) تفجير أدت إلى مقتل وجرح أكثر من (170) شخصًا
وناشد بيان منظمة حقوق الإنسان- عفرين المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة حقوق الانسان واليونيسف واليونيسكو للقيام بواجبها الأخلاقي والإنساني قبل القانوني، والضغط على الحكومة التركية لوقف اعتداءاتها بحق كافة المواطنين السوريين عامة وعفرين خاصة والضغط عليها لسحب كافة قواتها من الأراضي السورية والسماح للمهجّرين بالعودة إلى ديارهم ودعوة المنظمات الحقوقية والإنسانية ووسائل الإعلام للدخول الى عفرين لتوثيق انتهاكات الاحتلال التركي والفصائل الموالية له ونقل صورة ما يجري على الأرض للعالم, وتحريك دعاوى عاجلة بحق كلٍّ من رئيس الدولة التركية بصفته، ووزير دفاعه أيضًا بصفته، وقائد أركان الجيش التركي بصفته، وكل من يثبت تورطه في ارتكاب هذه الجرائم وإحالتهم إلى محكمة الجنايات الدولية، كون هذه الجرائم ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وفقًا للصكوك والاتفاقيات والقوانين الدولية ذات الصلة وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للسكان الأصليين بعد وصولهم لقراهم، وإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب التركية إبان غزوها واحتلالها لمنطقة عفرين إثر ما تسمى بعملية غصن الزيتون في شهر يناير2018.     

شارك