إفريقيا في تقرير "مؤشر الإرهاب العالمي" لعام 2020م

السبت 09/يناير/2021 - 07:09 م
طباعة إفريقيا في تقرير حسام الحداد
 
صدر في نوفمبر 2020م النسخة الثامنة من تقرير "مؤشر الإرهاب العالمي" (Global Terrorism Index) الذي يُصدره "معهد الاقتصاد والسلام" (Institute for Economics & Peace) استنادًا إلى مصادر مختلفة؛ بما فيها "قاعدة بيانات الإرهاب العالمي" (Global Terrorism Database) التي يجمعها ويصنّفها "الاتحاد الوطني لدراسة الإرهاب والردود على الإرهاب" (START) في جامعة ماريلاند الأمريكية وتحتوي على أكثر من 170,000 حادث "إرهابي" من 1970 إلى 2019م.
وبغضّ النظر عن ماهية الإرهاب وحقيقته، وكثرة التحفُّظات تجاه مثل هذه المؤشرات وبعض مصطلحاتها، والتساؤلات حول الغرض من ورائها؛ فإن التقرير يُعتبر ملخصًا للاتجاهات الجديدة للإرهاب وأنماطه الرئيسية في جميع أنحاء العالم على مدى 50 عامًا الماضية، مع التركيز بشكل خاصّ على الاتجاهات خلال فترة العشر سنوات الماضية التي تتوافق مع صعود تنظيم "الدولة في العراق والشام" (داعش) وسقوطها.
هجمات ووفيات:
إذا كان العام الماضي شهد تصاعدًا في النشاط الإرهابيّ، وخاصةً في جنوب موزمبيق؛ فقد أشار مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020م إلى أنه في عام 2019م، انخفض عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب على مستوى العالم للعام الخامس على التوالي إلى 13,826، أي: بانخفاض 15 في المئة عن عام 2018م.
 كما أن هجمات اليمين المتطرّف في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأوقيانوسيا في أعلى مستواها منذ 50 عامًا الماضية؛ حيث زادت بنسبة 250 في المئة منذ عام 2014م.
جديرٌ بالذكر أن الدول الإفريقية التي ركَّز عليها هذا التقرير هي البلدان الـ18 التي حدَّدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مشروع "منع التطرف العنيف في إفريقيا والاستجابة له: نهج إنمائي".
وكانت هذه الدول مصنَّفة إلى ثلاث مجموعات أُطلِق عليها "دول البؤرة" (ليبيا والصومال ونيجيريا ومالي)؛ "دول الانتشار" (بوركينا فاسو والكاميرون وتشاد، وإثيوبيا وكينيا، وموريتانيا والنيجر وتونس)؛ و"الدول المعرَّضة للخطر" (جمهورية إفريقيا الوسطى والسنغال، وتنزانيا وأوغندا، والمغرب والسودان).
وعلى أساس التصنيف السابق, أشار التقرير إلى أن العدد الإجمالي للوفيات والهجمات الإرهابية في إفريقيا بين عامي 2007 و2019م كالتالي:
 - "دول البؤرة" 34,073 ضحية، و9945 هجومًا.
- "دول الانتشار" 6598 ضحية، و1815 هجومًا.
 - "البلدان المعرضة للخطر" 3911 ضحية، و1265 هجومًا.
 - بقية إفريقيا 5874 ضحية، و3072 هجومًا.
وهذه الأرقام تؤكد أن غالبية النشاطات والحوادث المتعلقة بالإرهاب حدثت في بلدان "مركز البؤرة" التي عانت من 62 في المائة من مجموع الهجمات، و68 في المئة من مجموع الوفيات في إفريقيا.
خسائر اقتصادية:
ذكر التقرير تباين حجم الخسائر الاقتصادية نتيجة الإرهاب بين المناطق المختلفة, وقُدِّرت الخسائر الاقتصادية للإرهاب في إفريقيا على مدى العقد الماضي بنحو 171.7 مليار دولار, وهو تقدير غير شاملٍ لتكاليف الاستثمار التجاري والسياحة الضائعة، وخسائر النشاط الاقتصادي غير الرسمي والإنفاق الأمني الإضافي الذي شمل مكافحة الإرهاب واللاجئين أو المشردين داخليًّا.
ففي عام 2019م, بلغت الخسائر الاقتصادية على مستوى العالم 16.4 مليار دولار أمريكي، وهو انخفاض بحوالي 25 في المائة عن عام 2018م.
وعلى مستوى إفريقيا بلغت 13 مليار دولار, وهو زيادة بتسعة أضعاف منذ عام 2007م, وزيادة في الحصة الإفريقية من الإجمالي العالمي من 3.1 في المئة في عام 2007م إلى 49.2 في المائة.
إضافة إلى أن إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا تكبّدت 86 في المئة من الخسائر الاقتصادية الناتجة عن العمليات الإرهابية المسجلة في عام 2019م, وكان نصيب إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منها 12.5 مليار دولار.
وقد شهدت نيجيريا أكبر انخفاض في الخسائر الاقتصادية في المنطقة بحوالي -9 في المئة, بينما شهدت بوركينا فاسو ومالي ارتفاعًا ملحوظًا بحوالي 552 في المئة و31 في المئة على التوالي.
وهذا يتوافق مع ما شهدته منطقة الساحل من زيادة في انتشار النشاطات الإرهابية على مدى السنوات الخمس الماضية؛ حيث انخفض عدد الوفيات في نيجيريا، بينما ارتفع في بلدان أخرى بما فيها دول منطقة الساحل.
من جانب آخر, كانت "دول البؤرة" و"دول الانتشار" و"الدول المعرّضة للخطر" مسؤولة عن غالبية الخسائر الاقتصادية الناتجة عن العمليات الإرهابية في إفريقيا. وهذا يتوافق مع تباين المستويات للنشاط الإرهابي في البلدان الـ18 مقارنة ببقية إفريقيا.
فمن 2007م إلى 2019م؛ تأثرت البلدان الأربعة التي أُطلق عليها "بؤرة الإرهاب" بنسبة 86.8 في المئة أو 149.1 مليار دولار, وتأثرت "بلدان الانتشار" بـ5.4 مليار دولار أو3.1 في المائة من المجموع الكلي بإفريقيا, و"البلدان المعرَّضة للخطر" بـ3.0 مليار دولار أو 1.8 في المائة من المجموع. في حين تمثل بقية إفريقيا 8.3 في المئة. بل بالرغم من انخفاض عدد الوفيات والخسائر الاقتصادية في نيجيريا في عام 2019م, فقد تكبَّدت أكبر الخسائر الاقتصادية من 2007م إلى 2019م بمبلغ 142 مليار دولار.
الإنفاق على احتواء العنف في إفريقيا:
في عام 2019م, بلغ الإنفاق العسكري على مستوى العالم ما قيمته 1.8 تريليون دولار، وبلغ الإنفاق للأمن الداخلي 1.6 تريليون دولار، و246 مليار دولار للأمن الخاص.
وكانت نفقات احتواء العنف على مستوى العالم أكثر من 3.6 تريليون دولار، نصيب إفريقيا منها 90 مليار دولار أو ما يعادل 2.5 في المائة. كما أنفقت البلدان الـ18 حوالي 34 مليار دولار أو 38 في المائة من إجمالي الإنفاق في إفريقيا.
وإذا كانت نفقات مكافحة العنف والإرهاب منذ عام 2007م قد شهدت ارتفاعًا ملحوظًا على مستوى العالم؛ فإنها في إفريقيا شهدت نموًّا بطيئًا؛ فعلى الصعيد العالمي انخفضت نفقات التوريق بنسبة 6.1 في المئة نتيجة الانخفاض في نفقات الأمن الداخلي, وعلى مستوى إفريقيا زادت النفقات بنسبة واحد في المئة فقط. بل وخفَّضت "البلدان المعرَّضة للخطر" إنفاقها بنسبة 1.6 في المائة. وهو ما يرجّح احتمالية تراجع نفقات مكافحة العنف والإرهاب في عام 2020م بسبب أزمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية.
وجاء في التقرير أيضًا أن لنيجيريا أعلى إنفاق لاحتواء العنف في كل البلدان الإفريقية الـ18 المحددة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ حيث أنفقت البلاد منذ 2007 إلى 2019م ما قيمته 137 مليار دولار, وتليها كل من السودان والمغرب, وهما من "البلدان المعرَّضة للخطر", بقيمة 81.4 دولارًا و72.1 مليار دولار على التوالي.
وفيما يتعلق بالخسائر التي تكبّدها اللاجئون والنازحون داخليًّا, فإن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى استضافت ما لا يقل عن 26 في المئة من اللاجئين في العالم, مع الإشارة إلى أن أسباب النزوح القسري تشمل الأنشطة الإرهابية والنزاع المسلَّح والعنف السياسي.
وقد بلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية للاجئين والنازحين بين عامي 2007م و2019م ما قيمته 451 مليار دولار في جميع البلدان الإفريقية الـ18 التي ركَّز عليها هذا التقرير.
وشملت هذه القيمة خسائر الإنتاج والاستهلاك والاستثمار في بلد المنشأ والإنفاق السنوي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين, إضافة إلى أن اللاجئين والنازحين داخليًّا في نيجيريا والسودان تكبّدوا أكبر خسائر اقتصادية بقيمة 14.7 مليار دولار و12.9 مليار دولار على التوالي.

شارك