الفشل والانتقادات تلاحق حركة النهضة الإخوانية في تونس
الثلاثاء 12/يناير/2021 - 02:53 م
طباعة
حسام الحداد
تشهد حركة النهضة التونسية راشد الغنوشى أزمات ونكسة جديدة لرئيسها راشد الغنوشى بعد فشله فى تمرير المكتب التنفيذى الذى اقترحه للحركة وتصاعد الأصوات الرافضة لنزعته لاحتكار كل السلطات داخل الحزب، وهو ما كشف عن تدهور الأوضاع داخل الحركة الإخوانية فى تونس.
تقرير أعدته مؤسسة ماعت كشف أن حركة النهضة كانت فى حالة من الاضطرابات العديدة وباتت فى خسارة كبيرة نتيجة لما بدر منها خلال الفترة الماضية، إضافة إلى أن الغنوشى جعل حزبه ملكا له وأحاط نفسه بالأقارب ومن بينهم صهره، وهو ما جعل هناك حالة من التفكك الداخلى فى الحركة الإخوانية التى أثر عليها، ويأتى ذلك فى ظل أزماتها المستمرة مع المعارضين لها فى الشارع التونسى الذى يرفض أى تواجد للحركة الإخوانية.
تحذيرات من الداخل:
وفي هذا السياق حذر القيادي المستقيل من حركة النهضة والوزير السابق لطفي زيتون، رئيس البرلمان راشد الغنوشي من غضب شعبي يطيح به.
وقال زيتون في حوار مجلة "الشارع المغاربي" التونسية اليوم الثلاثاء 12 يناير 2021، "نصحت الغنوشي بتجنب التعرض للموقف الذي تعرض له الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، وألا يكون في مواجهة غضب شعبي"، معتبرا "أن الحركة برئاسته تحولت إلى طرف في الصراع"، بحسب تعبيره.
انتقادات للحركة:
يذكر أن حركة النهضة لم تصدر توضيحا رسميا بشأن المكتب التنفيذي الجديد الذي تمت تزكيته مؤخرًا باجتماع مجلس الشورى، حتى هذه اللحظة.
و أن المكتب التنفيذي الجديد لم يضم أعضاء المكتب التنفيذي السابق، مثل عبد اللطيف المكي، ورفيق عبد السلام، ونواب آخرون، وفق مصادر إعلامية مقربة من حركة النهضة.
و من المرجح أن يكون المكتب التنفيذي الجديد المقترح من راشد الغنوشي، متنوعا وليس محسوبا على أي أطراف سياسية.
وتواجه الحركة العديد من الانتقادات بسبب الاستقالات المتتالية، وبينهم الوزير السابق لطفي زيتون، الذي يعد واحدًا من القيادات البارزة في الحزب، وعبد الحميد الجلاصي نائب رئيس الحركة.
وقالت مصادر في حركة النهضة التونسية إن النقاش الداخلي حول النصاب القانوني للحصول على التزكية لعضوية المكتب التنفيذي قد أسفر عن مفاجآت سيزاح بمقتضاها عدد من الوجوه القديمة بالحركة.
وشهدت حركة النهضة استقالات من الصف الأول خلال الأشهر الأخيرة منها النائب الأول للغنوشي عبد الحميد الجلاصي، والأمين العام للحركة زياد العذاري، وتفكك المكتب التنفيذي.
مواجهة الحركة:
وتعد عبير موسى رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الدستوري الاجتماعي الحر بالبرلمان التونسى، من أكثر المعارضين للحركة، وقد هاجمت موسى حركة النهضة الإخوانية، مؤكدة أن راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة – إخوان تونس- يستغل الإجراءات الاحترازية والتدابير لمواجهة فيروس كورونا، لعقد جلسات بالبرلمان، وتمرير أجندتهم المشبوهة، ثم يزعمون أن القوى السياسية التونسية ترفض الديمقراطية.
وقالت عبير موسى، خلال مؤتمر صحفى تم عقده اليوم الثلاثاء 12 يناير 2021، "نحن سنتمسك بحقوق النواب ونرفض تمرير قوانين الجوهوية والهامة، بزعم الحفاظ على الإجراءات الاحترازية، مشيرة إلى أن حركة النهضة يحبون الفتاوى التى تمنحهم التغول بمجلس النواب، والانفراد بالقرار".
وأشارت رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الدستوري الاجتماعي الحر بالبرلمان التونسى، إلى أن القوى السياسية التونسية ستتصدى لتحركات حركة النهضة وأجندتهم وسياستهم وسنتصدى لمحاولتهم الانقلاب على البرلمان التونسى والتلاعب بالديمقراطية التونسية، مؤكدا أن هناك خطر على المؤسسة البرلمانية التونسية والأمن القومي التونسى، بسبب ما تقوم به حركة النهضة.
داعيا جميع النواب بالبرلمان التونسى بتضافر الجهود لمواجهة حركة النهضة، مضيفة :" هؤلاء لا يعترفون بالقانون ولا يعترفون بدولة المؤسسات".
خلافات داخلية:
وقد اتسعت هوة الخلافات داخل حركة النهضة الإسلامية في تونس لتطال الشق الموالي لزعيمها راشد الغنوشي، بعد أيام من انتخابات المكتب التنفيذي للحركة، لتعلن بداية أزمة جديدة داخل الحزب إثر نتائج الانتخابات الداخلية التي كشفت تراجع عدد داعمي زعيم الحركة وممثليه.
وتطرح مرحلة ما بعد الانتخابات الداخلية للنهضة مدى جدية الممارسة الديمقراطية التي يزعم أصحابها اتباعها، فضلا عن حقيقة رفض الغنوشي لتزكية القيادي البارز عبداللطيف المكي لترؤس المكتب التنفيذي، خصوصا وأن رئيس المكتب في تقاليد الأحزاب يختاره الرئيس.
ووصف القيادي بحركة النهضة محمد بن سالم، ما حدث خلال تزكية أعضاء المكتب التنفيذي للحركة الخميس 7 يناير 2021، بـ"الغريب"، معتبرا أن من سقطوا سقوطا وصفه بالمدوّي "هم الأقرب إلى رئيس الحركة"، مؤكدا أن "مردّ ذلك أن المجموعات الموالية للغنوشي هي نفسها منقسمة في ما بينها".
ونفى بن سالم خلال تصريحات لإذاعة محلية مؤخرا، أن "تكون مجموعة المئة وراء إسقاط رفيق عبدالسلام صهر الغنوشي على سبيل المثال"، لافتا إلى أن "المحيطين برئيس الحركة لم يكونوا راضين عنه".
وأكد أنه "خلافا لما ورد في بيان مجلس الشورى، فإن من نالوا تزكية المجلس هم اثنا عشر عضوا وليسوا سبعة عشر"، مشيرا إلى أن "القيادي عبداللطيف المكي لم يحظ بالتزكية".
وأوضح بن سالم أن "القانون ينص على اعتماد أغلبية المصوتين، وعلى ألا يقل عددهم عن ثلث أعضاء مجلس الشورى".
واعتبر أن "تقديم رئيس الحركة قائمة تضم أسماء 70 في المئة من أعضاء المكتب التنفيذي، الذي سبق له حله قبل ثمانية أشهر يثير نقاط استفهام عديدة"، داعيا إلى ضرورة أن "ينظر المؤتمر القادم في أداء القيادة والأسباب التي أدت بالحركة إلى التفريط في ثلثي ناخبيها وتدني شعبيتها".
وخلّفت النتائج التي أفرزتها انتخابات المكتب التنفيذي الجديد لحركة النهضة جدلا واسعا حول أسماء الذين صعدوا والذين خسروا مقاعدهم، على الرغم من عرض رئيس الحركة قائمة توافقية على التصويت، تجمع داعميه ومعارضيه.
وبالرغم من أن شق الغنوشي يروج لهذه المبادرة على أنها حل نهائي للأزمة التي عصفت بالحزب، الذي لطالما تباهى بتماسكه مقارنة بالأحزاب التي تشكلت بعد ثورة يناير 2011، إلا أن القيادات الغاضبة داخل الحركة ترى في هذه المبادرة مناورة جديدة لا غير.
وأفاد الجامعي والباحث في العلوم السياسية، محمد الصحبي الخلفاوي "أنه بالعودة إلى نتائج الانتخابات لا نستطيع أن نخرج بحقائق واضحة، لأن الموالين للغنوشي فيهم من خسر وهناك آخرون صعدوا، وهذا ما لا يفسر المعركة القائمة داخل الحزب بالثنائية البسيطة (الموالين للغنوشي والمعارضين له)، بل هناك تناقضات جهوية وسياسية وأيديولوجية".
وتابع في تصريح لـ"العرب اللندنية"، أن "الأزمات التي مرت بها النهضة تجعلها تبحث عن آليات لفض الصراع الداخلي".
ورأى أن الحركة "أصبحت مثل بقية الأحزاب غير قادرة على إخفاء الخلافات"، متسائلا "هل وصلت الخلافات إلى درجة اللاعودة أم أن هناك إمكانية لخلق آليات توافقية لتلافي النتائج التي وصلت إليها بعض الأحزاب؟".
وأكد الخلفاوي أن "النهضة لن تخرج معافاة من وضعها الحالي".
وضمت التركيبة الجديدة أسماء كانت من ضمن لائحة المئة التي دعت الغنوشي إلى عدم الترشح للمؤتمر القادم وعدم تعديل قانون النظام الداخلي للحركة، على غرار عبداللطيف المكي ونورالدين العرباوي ومحمود جاب الله، مقابل عدم حصول بعض الأسماء البارزة على تزكية مجلس الشورى كرفيق عبدالسلام وأنور معروف وبدرالدين عبدالكافي.
ويرى مراقبون أن ما يدور في حركة النهضة مجرد "مسكّنات" سياسية يعتمدها الغنوشي من حين لآخر لامتصاص الضغط الذي يتعرض إليه، وإسكات أفواه المعارضين لتوجّهاته.
واعتبر المحلل السياسي عبدالعزيز القطي في تصريح لـ"العرب"، أن "كل ما يحدث داخل النهضة هو عبارة عن مسرحية للإيهام بأن الحزب ديمقراطي ويحترم قواعده".
وأضاف "كل ما يتم تسويقه هو صورة مغايرة للواقع، فالحزب هو للغنوشي وعائلته، باعتباره يملك السلطات العليا للحزب، وهو الآن بصدد القيام بعملية الفرز وكسر صف المعارضين والمجموعة التي تريد أن تصلح ما أفسده".
وأفرزت الانتخابات ردود فعل مختلفة من قيادات داخل النهضة على غرار النائب سمير ديلو، الذي اعتبر في تصريح إذاعي، أنه "على حركة النهضة اليوم القيام بمراجعات عميقة داخلها" مشددا على أن "خيار الغنوشي غير موفق وجعل النهضة في وضع غير جيّد".
ويعطي القانون الداخلي لحركة النهضة لرئيسها الحق في اختيار أعضاء المكتب التنفيذي، وهم ثمانية وعشرون عضوا وأربعة مستشارين وأربعة مكلّفين بمهام ومقرر واحد، ولكن يشترط عرضهم على مجلس الشورى حيث تتم تزكية أعضاء المكتب التنفيذي فرادى وحسب المهام المقترحة عليهم وبأغلبية لا تقل عن ثلث أعضاء مجلس الشورى الحاضرين.