إخوان المغرب العربي بين البرلمان والحكومة.. 10 سنوات تكشف المستور
الإثنين 18/يناير/2021 - 12:44 م
طباعة
علي رجب
عقد كامل على زخم الاخوان في دول المغرب العربي، و تصدر المجلس النيابي كتونس والمغرب او التواجد في صفوف المعارضة بقوة واللعب على احتجاجات الشارع السياسي وحركات التغيير في المنطقة كموريتانيا والجزائر، ، وتعد حركة النهضة في تونس وحزب العدالة والتنمية في المغرب، لاعبين اساسين في البرلمان او الحكومة، ولكن هذا الزخم بدأ في التراجع مع حالة تراجع قوة التغيير في الشارع العربي وفشل الاخوان انتخابيا عبر مؤسسات الدولة او عبر مؤسسات المجتمع المدني وغياب الرؤية الناجحة للاقتصاد وتحسين المعيشة وظهور فضائح سياسية واقتصادية واخلاقية قلصت من حظوظ الاخوان في المشهد السياسي والشعبي بدول المغرب العربي ( تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا)
المغرب.. اخوان المغرب ضجيج بلا طحن
تصدر حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد الإله بنكيران، ذارع الاخوان المسلمين السياسية في المغرب، المشهد الانتخابي وتشكيل الحكومة في المغرب منذ 2011.
تمكن الحزب الاخواني الذي تأسس سنة 1996، في استغلال احتجاجات الشارع المغربي والمكالبة بالتغيير، وصعود الاخوان في مصر وتونس وليبيا واليمن، الى سدة الحكم، من تصدر الانتخابات التشريعية، على رأس الحكومة المغربية في يناير 2012 عبر ائتلاف حكومي مكن عبد الإله بنكيران من رئاسة هذه الحكومة التي أعيد تشكيلها مرة أخرى بقيادة نفس الحزب ورئاسة بنكيران أيضًا في أكتوبر 2013 بعد انسحاب حزب الاستقلال من الائتلاف الحكومي.
وفي الانتخابات البرلمانية 2011 حصل الحزب على المرتبة الأولى بـ 107 مقعدا من 395 مقعدا عدد مقاعد البرلمان المغربي، فشكل حكومته الأولى، والتي ضمت 31 وزيرا، منهم 11 وزير من العدالة والتنمية بما فيهم رئيس الحكومة.
وفي 2016 حصل الحزب الاخواني على 125 مقعدا، فشكل الحكومة الثالثة برئاسة سعد الدين العثماني مع العديد من الازمات التي عرت العدالة والتنمية.
السقوط في الشارع المغرب سمت حزب العدالة والتنمية، فمنذ عام 2016، شهد المغرب حالةً متناميةً من الإحباط الشعبي، وهو ما أظهرته الاحتجاجات في مناطق الشعبية والحضرية وخاصة ازمة تظاهرات «الريف المغربي» وجرادة وخارجها.
كذلك الخلافات بين «بنكيران» و«العثماني»، تجاوزت سقف التباين في الآراء والمواقف والتقديرات إلى تبادل وتراشق الاتهامات وصلت إلى حد التخوين والسب والضرب تحت الحزام.
وفي دراسة نشرها المعهد المغربي لتحليل السياسات (ميبا) في ديسمبر 2019، أعرب نصف المشاركين عن عدم رضاهم عن الوضع الاقتصادي، فيما اعتقد نحو 74٪ أن جهود الحكومة – حكومة العثماني الاخوانية) لمكافحة الفساد غير فعالة.
وفيما يتعلق بالفساد الذي طال بعض رموز العدالة والتنمية بالمغرب فلم تسفر على استقالات في صفوف الحزب بل إن بعض رموزه تم تمتيعهم بشواهد حسن السيرة كأمثال عبد المولى الذي استقطبه الحزب بالرغم من المتابعات القضائية التي طالته في قضايا فساد متعددة.
فضائح الحزب الإخواني لا تنتهي عند المخدرات واستغلال النفوذ بل تتعداها لتطال عالم المال والاقتصاد، حيث ان الحزب تورط في عملية لمحاولة الاتفاق على «الاتحاد العام لمقاولات» وذلك بخلق كيان تابعة له وتخويلها الحق في تنظيم لقاء مع رجال أعمال أتراك في إطار زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، الى الرباط، وهو ما يشكل تسليم الاقتصاد المغربي الى تركيا.
وأدى استياء العاهل المغربي الملك محمد السادس، من أداء حكومة العثماني في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية وفي الاستجابة للغضب الشعبي إلى تعديل في حكومة العثماني في أكتوبر 2019، التعديل أدى إلى إضعاف موقف الحزب ، مما يؤشر على سقوط الاخوان في الشارع المغاربي.. فهل يسقط الاخوان انتخابيا في عام 2021 .
حركة النهضة.. رقصة السقوط
في تونس كان المشهد اكثر دراماتيكية، من سيطرة حركة النهضة بزعامة الغنوشي، على المشهد السياسي والبرلمان والحكومة وايضا الرئاسة عبر منصف المرزقي، إلى المطالبة الشعبية بإسقاط الاخوان ورحيلهم عن السلطة، وهو نتيجة لسياسية الاخوان، وتردي الاوضاع الاقتصادية وغياب العدالة ومحاولة حركة النهضة «أخونة» المؤسسات الحكومية والشارع التونسي.
في 2011 وبعد سقوط نظام بن على، وعلى إثر الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التونسي، فازت حركة النهضة ب89 مقعدا من أصل 217 ، ودخلت في ائتلاف حاكم مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وأطلق عليه الترويكا.
وتشير الأرقام إلى تراجع كبير في نسب إخوان تونس بالبرلمان، حيث حصلت في 2014 على 70 نائبا بينما الآن لها 54، وهو ما يشكل هزيمة للإخوان تونس في الشارع السياسي.
فعلى المستوى السياسي، يلاحظ اليوم انسداد تام في عمل الحكومة الحالية التي بقيت مرتهنة لتحالف برلماني غير طبيعي بين حركة النهضة الإسلامية وحزب قلب تونس، الذي سبق واتهمه الإسلاميون بالفساد، ثم ائتلاف الكرامة المتهم بالعنف والدعوة للكراهية وبتبييض الإرهاب، وهو ما انعكس بتصاعد غضب الشارع التونسي ضد الاخوان والتي كان ابرزها قيادة رئيسة الدستوري الحر عبير موسي، تظاهرات قوية ضد حركة النهضة، وتحركاتها أكثر من مرة لإسقاط الغنوشي عن رئاسة البرلمان التونسي، ووصف «موسى» فترة حكم الاخوان على مقاليد السلطة في تونسي بـ«سنوات الخراب».
الوضع الاقتصادي اصبح في أسوء حالاته في تونس، فنسبة البطالة ارتفعت من 14% سنة 2010 إلى 18% سنة 2020، كما أن نسبة المديونية قفزت من 25% من الناتج الداخلي الخام سنة 2010 إلى 100% العام الجاري، وتونس اليوم يتهددها شبح الإفلاس إذا ما تشدد المانحون في توفير جزء مهم من الميزانية العمومية لهذه السنة. هذا دون الحديث عن تفاقم مستوى البطالة وتراجع الخدمات ومختلف مؤشرات التنمية.
يأتي ذلك بينما وصل عدد المنقطعين عن التعليم إلى 100 ألف طالب كل عام، وغادر 100 ألفاَ من الأطقم الطبية (الأطباء والممرضون والتقنيون) البلاد خلال 10 سنوات، وبلغ معدل الجريمة 386 في اليوم الواحد وغادر 8 آلاف متطرف تونس نحو مناطق النزاع في الخارج، ما شوّه صورة البلاد.
وعلى مستوى الوضع الامني وفي ظل علاقة حركة النهضة بالجماعات الارهابية، فقد بلغ عدد شهداء الأمن والجيش في تونس برصاص الإرهابيين حوالي 300 شهيد، إلى جانب الاغتيالات السياسية التي طالت عضوي الجبهة الشعبية شكري بلعيد ومحمد البراهمي المعارضين للإخوان.
الجزائر.. مهادنة مع النظام
يشكل التيار الاخوان في الجزائر عبر اذرعه السياسية المختلفة وابرزها «حركة مجتمع السلم- حمس» حالة مختلفة من المهادنة مع الشارع او عبر لعبة معارضة تترك الأبواب مفتوحة مع النظام.
ومع تصاعد زخم الاسلاميين، وحاول اخوان الجزائر في عدة مناسبات ابرزها الحراك الشعبي الذي طالب بعدم ترشح عبد العزيز بوتفليقة لرئاسة جديدة، ونجاح الجيش الجزائري بقيادة الجنرال الراحل أحمد قايد صالح في التمسك بالدستور وانقاذ بلد المليون شهيد من سطوة الاخوان.
وشارك «حمس» في حكومة (2002-2012)، وعبر المهادنة والصفقات مع نظام بوتفليقة، وبعد 2012 ومع ارتفاع حظوظ الاخوان في المنطقة ودول المغرب العربي، تحول «إخوان الجزائر» إلى المعارضة واللعب على الشارع الجزائري من أجل لحظة الانقضاض على الحكم.
وفي الانتخابات البرلمانية التي شهدتها الجزائر في 2012، شارك تحالف اخواني «تكتل الجزائر الخضراء» وضم حركة مجتمع السلم، حركة النهضة الإسلامية، حركة الإصلاح الوطني، وحصد التكتل على 49 مقعدا من 462 مقعدا بالبرلمان الجزائري.
كذلك دخلت حركة «حمس» في تحالف انتخابي مع جبهة التغيير، خلال انتخابات 2017، وحصد التحالف على 33 مقعدا، وهو مؤشر على عدم ثقة الشارع الجزائري في خطاب الاخوان.
ويرى مراقبون أن الانتخابات التشريعية الجزائرية 2022، قد تشهد مفاجأة بتراجع حظوظ إخوان الجزائر، في ظل فشلهم عبر وقف تمرير الدستور الجزائري الجديد.
و أصدرت «حمس» بيانا تدعو الشعب للتصويت بـ «لا» على التعديلات الدستورية في نوفمبر 2020، ودخل حيز العمل به في مطلع 2021.
يبدو طبخات «إخوان الجزائر» للوصول إلى الحكم والمسك بخيوط السلطة في «قصر المرادية» الرئاسية، فشلت.. فهل ستشهد الانتخابات القادمة نهاية الاخوان؟
إخوان موريتانيا..
حال إخوان موريتانيا لا يختلف كثير عن اخوان الجزائر، فقد سعى حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل»، عبر طرق عدة سواء ابتزاز النظام الحاكم او استغلال الحراك الشعبي، او لعبة الصفقات للوصول الى السلطة، ولكن لم يقدر له النجاح في كثير من مساعيه وخططه.
وحصل حزب تواصل الاخواني على 14 مقعدا في البرلمان في آخر انتخابات تشريعية في موريتانيا، ليحل ثانيا خلف حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.
وشكل العقد الاخير نجاحات على مستوى الحضور السياسي للاخوان في موريتنيا ، ولكن مع العامين الاخريين 2019 و2020، شهد تراجع كبير للحزب لما شهده التنظيم من أحداث ضربت صميم وحدته الداخلية كان في مقدمتها توالي موجات الانسحاب والانشقاقات ووثائق رسمية تكشف فساد حكمهم بالبلديات.
فقد هاجم الرئيس السابق لحزب «تواصل» الإخواني محمد جميل منصور، خلفه في قيادة الحزب محمد محمود السييدي، واصفا إياه بانتهاج «القياس الفاسد».
وسعى الاخوان لمغازلة الرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني، لتسقطه بين صفوف المعارضة وتكشف عن انتهازية الحزب ومساعيه لعقد صفقات من أجل السلطة والبقاء في المشهد السياسي.