"ميثاق مبادئ" حول الإسلام في فرنسا.. خطوة في الطريق الصحيح لتجفيف منابع التطرف

الثلاثاء 19/يناير/2021 - 01:26 م
طباعة ميثاق مبادئ حول الإسلام فاطمة عبدالغني
 
في ضربة موجعة لتيارات ما يعرف بـ"الإسلام السياسي" الإخوانية التي دأبت على التغلغل في أوساط الجالية الفرنسية من خلال تصوير نفسها بمثابة جهة ترعى حقوق المسلمين وتدافع عنها، وافق المجلس الأعلى للديانة الإسلامية في فرنسا، الأحد 17 يناير على اتفاق المبادئ الذي دعا إليه الرئيس إيمانويل ماكرون.
وكان ماكرون طرح رؤيته لـ"إسلام فرنسا"، وحدّد ما يريده للقضاء على ما سماه "الانفصالية الإسلاموية". وطلب من مسلمي فرنسا بلورة "ميثاق" أو "شرعة" يحددون فيه، عبر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي كُلف بالمهمة، علاقة الإسلام بالجمهورية وتبنيه قيمها، وعلى رأسها مبدأ العلمانية ورفض العنف والتدخل الخارجي في شؤون ثاني أكبر ديانة في البلاد، ووعد ماكرون بوضع حد لاستجلاب أئمة من الخارج خلال أربع سنوات، لما يشكلوه من خطر على الثقافة الفرنسية وهي خطوة دعمتها عدة جهات فرنسية كونها ستنساهم في وقف نزيف التطرف وكبح جماح تيارات الاسلام السياسي القادمة من الخارج.
واحتاج التوصل إلى اتفاق إلى اجتماع دعا إليه ووزير الداخلية جيرالد دارمانان مساء السبت، وحضره رئيس المجلس محمد الموسوي ونائباه، أعلن الأول، على أثره، التوصل إلى اتفاق. 
ووافقت الأطراف الثمانية التي يتشكل منها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية على النص الأحد؛ الأمر الذي دفع رئاسة الجمهورية إلى إصدار بيان ليلة الأحد - الإثنين يفيد بأن ماكرون سيلتقي ظهر الاثنين أعضاء المجلس. 
لكن المفارقة، أن ثلاث جمعيات من الثمانية التي وافقت على نص "الميثاق" وأقرّته، رفضت توقيعه خطياً؛ الأمر الذي يشكل مفارقة يصعب فهمها. 
ومن بين الثلاث جمعيتان تركيتان، واحدة مرتبطة مباشرة بوزارة الأديان التركية، والأخرى "ميللي غوروس" تابعة لـ"الإخوان" المسلمين. أما الجمعية الثالثة، وهي "التبليغ" والتابعة للتيار السلفي، فإنه لم يصدر عن المسؤولين عنها أي تبرير لامتناعهم عن التوقيع الخطي الذي طلبه ماكرون شخصياً لتلافي التنصل لاحقاً من مضمون الوثيقة، وكانت النتيجة أن ممثلي الجمعيات الثلاث استُبعدوا من اجتماع الإليزيه.
ونُقل عن رئيس المجلس محمد موسوي تبرير لامتناع الجمعيات الثلاث عن التوقيع "لأنها في حاجة إلى مزيد من الوقت لشرح ما تم التوافق عليه لأعضائها". 
بيد أن مصادر متابعة ربطت بين رفض الجمعيتين التركيتين التوقيع على نص "الشرعة" وبين العلاقة المتوترة بين باريس وأنقرة رغم ما حصل من تجميد التراشق الإعلامي بين الطرفين في الأيام الأخيرة.
ونقلت أوساط الرئاسة عن ماكرون قوله لأعضاء المجلس، إن ميثاق المبادئ "يمثل التزاماً واضحاً وبيناً ودقيقاً لصالح (قيم) الجمهورية"، وإنه "نص مؤسس للعلاقة بين الدولة وإسلام فرنسا"، إضافة إلى كونه "مرحلة بالغة الأهمية لجهة؛ كونها ستتيح توضيح تنظيم الديانة المسلمة. 
ومن أهم مضامين ميثاق المبادئ، إلى جانب التوافق بين الإسلام ومبادئ الجمهورية، وحق أي مواطن ولا سيما المسلم في أن يعيش حياته في إطار قوانين الجمهورية الضامنة لوحدة البلاد وتماسكها والتأكيد على المساواة أمام القانون بين الجنسين، ورفض تدخل الدول الأجنبية في شؤون الإسلام الذي من بين أشكاله التمويل ورفض توظيف الإسلام لأغراض سياسية. 
وتتمسك السلطات الفرنسية بقوة بالنقطة الأخيرة؛ لأنها تعتبر أن المخاطر على الجمهورية تتأتى من "الإسلام السياسي" الذي تعتبر أنه يحمل "مشروعاً انفصالياً" على صعيد القيم والممارسات وأشكال العيش المشترك.

شارك