شبكات "الإخوان" الإرهابية في مرمى نيران السلطات الفرنسية
الجمعة 29/يناير/2021 - 10:30 ص
طباعة
فاطمة عبدالغني
بدأت أوروبا تراجع مواقفها السياسية من جماعة "الإخوان المسلمين" بعد أن كانت حاضنة للجماعة سواء لمواقف سياسية أو كانت منخدعة في خطابها المزدوج.
وتطورت مواقف دول أوروبا من مرحلة المراقبة لجماعة الإخوان المسلمين ومطالبتها بشكل مستمر بنبذ التطرف، إلى مرحلة مناقشة حظر الجماعة وتصنيفها كمنظمة إرهابية، وذلك بعد أن انكشفت ازدواجيتها الأخلاقية، وكيف أنها تستغل أجواء الديمقراطية الأوروبية لتنفيذ أجندتها داخل أوروبا وخارجها لتحقيق مكاسب سياسية.
ففي أعقاب مقتل المدرس فرنسي على يد شاب من أصول شيشانية، قررت السلطات الفرنسية حل عدة جمعيات بتهمة بممارسة أنشطة مشبوهة أخرها حركة "الذئاب الرمادية التركية" القومية على خلفية ترويجها للكراهية وارتكاب أعمال عنف على الأراضي الفرنسية،
وكذلك منظمة "بركة ستي" التي تتهمها السلطات بنشر أفكار تروج للتطرف، والأمر ذاته بالنسبة لجماعة "الشيخ ياسين" المرتبطة بتنظيم الإخوان، واعتقلت السلطات مؤسسها على ذمة التحقيق للاشتباه بتورطه في هجمات إرهابية.
كما اتخذت السلطات الفرنسية في منتصف أكتوبر الماضي، قراراً بحظر جمعيتين إخوانيتين منضويتين في تنظيم "مسلمو فرنسا"، وهما "لجنة مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا" و"جمعية الشيخ ياسين"، وذلك بعدما بينت التحقيقات تورطهما في خطاب الحقد والتحريض ضد أستاذ التاريخ سامويل باتي، الذي اغتاله متطرف شيشاني.
وفي نوفمبر الماضي وقعت 22 شخصية فرنسية رسالة مفتوحة إلى كل من الرئيس إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء ووزير الداخلية الفرنسيين، تتضمن الرسالة مطلبًا رئيسيًا يقضي بحظر ما يعرف بتنظيم "مسلمو فرنسا" القريب من تنظيم الاخوان.
وأبرز ما جاء في الرسالة التي نشرها موقع "اتلانتيكو"، التحذير من تنظيم الإخوان وكل التنظيمات الأخرى المرتبطة به في فرنسا.
واشارت الرسالة إلى أن الإخوان أسسوا فرعهم الفرنسي في ثمانينيات القرن الماضي على يد متشددين أجانب، لكن لدواعي العمل السري المعتاد لدى الإخوان، أطلق التنظيم على نفسه حينها اسم "اتحاد المنظمات الإسلامية".
وحذرت الرسالة من الأجندة الخفية لهذا التنظيم التي تعمل على إنشاء مجتمع مواز داخل الأراضي الفرنسية بهدف زعزعة الاستقرار.
كما أكدت الرسالة ضرورة حل كل التجمعات والجمعيات والمعاهد والمدارس الدينية المرتبطة بتنظيم "مسلمو فرنسا".
كما طالبت الرسالة بضرورة وقف التمويل الخارجي للتنظيمات المرتبطة بتنظيم مسلمو فرنسا، حيث أشارت الرسالة إلى قطر تحديدًا باعتبارها ممولاً رئيسيًا.
وبعدها بنحو أسبوع تقريبًا وفي خطوة استباقية أعلنت جمعية "التجمع ضد الإسلاموفوبيا" في فرنسا حل نفسها ونقل أنشطتها إلى خارج البلاد، وجاءت تلك الخطوة بعد تلقي الجمعية إخطارا من السلطات بالتوجه نحو حلها.
وقالت الجمعية، في بيان على موقعها الإلكتروني: "قررنا حل التجمع في فرنسا ونقل أنشطتنا للخارج".
وتابع البيان "اتخذ مجلس الإدارة قرار حل التجمع طواعية في 29 أكتوبر الماضي، وبدأ نقل أنشطته إلى منظمات شريكة تضطلع بمحاربة الإسلاموفوبيا على المستوى الأوروبي".
وأضاف: "لم يعد التجمع ضد الإسلاموفوبيا موجودا في فرنسا، وسيجري غلق كل وسائل الاتصال الخاصة به في خلال ٢٤ ساعة".
ومضى قائلا "بعد 24 ساعة، لن يكون التجمع ضد الإسلاموفوبيا نشطا سوى في جهود تصفية أنشطته على الأراضي الفرنسية".
وبحسب المراقبون فإن قرار الجمعية حل نفسها يعد محاولة للانحناء أمام عاصفة دول القارة لمواجهة الإرهاب والتطرف ولتفادي موجة الإجراءات الحكومية ضدها في عدة دول أوروبية.
واستهلت فرنسا العام الجديد بتوجيه ضربة موجعة لتيارات ما يعرف بـ"الإسلام السياسي" الإخوانية التي دأبت على التغلغل في أوساط الجالية الفرنسية من خلال تصوير نفسها بمثابة جهة ترعى حقوق المسلمين وتدافع عنها، وافق المجلس الأعلى للديانة الإسلامية في فرنسا، الأحد 17 يناير على اتفاق المبادئ الذي دعا إليه الرئيس إيمانويل ماكرون.
وكان ماكرون طرح رؤيته لـ"إسلام فرنسا"، وحدّد ما يريده للقضاء على ما سماه "الانفصالية الإسلاموية". وطلب من مسلمي فرنسا بلورة "ميثاق" أو "شرعة" يحددون فيه، عبر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي كُلف بالمهمة، علاقة الإسلام بالجمهورية وتبنيه قيمها، وعلى رأسها مبدأ العلمانية ورفض العنف والتدخل الخارجي في شؤون ثاني أكبر ديانة في البلاد، ووعد ماكرون بوضع حد لاستجلاب أئمة من الخارج خلال أربع سنوات، لما يشكلوه من خطر على الثقافة الفرنسية وهي خطوة دعمتها عدة جهات فرنسية كونها ستنساهم في وقف نزيف التطرف وكبح جماح تيارات الاسلام السياسي القادمة من الخارج.
ويرى المراقبون أن الضربات القاسمة للتنظيم داخل أوروبا تمثل بداية حقيقية للتخلص من البؤر الإرهابية التي تسمم العقول وتدعو للعنف وتبرر القتل تحت شعارات دينية زائفة.