إخوان تونس ومحاولة الانقلاب على الرئاسة
الأحد 31/يناير/2021 - 05:56 م
طباعة
حسام الحداد
أثار رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي عاصفة استياء في تونس، إثر تصريحاته عن دور الرئيس قيس سعيد "الرمزي" في البلاد.
ففي فصل جديد من فصول الخلاف بين الإخوان والرئيس التونسي، وصف رئيس حركة "النهضة" والبرلمان راشد الغنوشي دور قيس سعيّد بأنه "رمزي"، داعيا إلى "الدفع باتجاه نظام برلماني صرف".
موقفٌ يأتي على خلفية رفض الرئيس سعيّد التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي خلال الأيام الماضية، بسبب شبهات فساد تلاحق عددا من الوزراء.
ففي رفض مباشر للتعديل الوزاري الواسع الذي أعلنه المشيشي في الـ16 من الشهر الجاري، لم يتردد سعيد في القول خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي، إن "التحوير الحكومي لم يحترم الإجراءات التي نص عليها الدستور".
وانتقد الرئيس التونسي، التشكيلة الحكومية الجديدة التي صادق عليها البرلمان الأسبوع الماضي "من تعلقت به شبهات فساد لن يؤدي اليمين أمامي"، معتبرا أن الحكومة أجهضت المبادرات التي طرحها لإنقاذ الوضع.
لهجةٌ رئاسية قضّت مضاجع الغنوشي الذي قفز من شرفة البرلمان يُقزم دور قيس سعيد، في ظهور إعلامي، مساء السبت 30 يناير الجاري.
وفي تعليق على رفض قيس سعيّد السماح لوزراء المشيشي بتأدية اليمين أمامه، قلل الغنوشي من وزن رئيس الدولة قائلا إن دوره "رمزي ولابد من الدفع باتجاه نظام برلماني صرف".
ووجّه رئيس حركة "مشروع تونس" محسن مرزوق، الأحد 31 يناير الجاري، انتقادات حادة للغنوشي، مُعتبرًا أن كلامه "تعبير صادق عن فكره الانقلابي العميق"، حسبما ذكرت قناة "العربية" الإخبارية.
كما رأى أن دعوته لإرساء "نظام برلماني كامل" يعكس "رغبة الإخوان في تفكيك الدولة الوطنية التي يكرهونها".
بدوره، اعتبر الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، أن الغنوشي يرفض الاعتراف بالدستور الذي وقع عليه سنة 2014.
كذلك، انتقد رئيس حركة ''تونس إلى الأمام'' عبيد البريكي، رئيس النهضة، قائلًا إن "الغنوشي الذي انتخبه بضعة آلاف عبر المال الفاسد" يريد الانقلاب على رئيس انتخبه 3 ملايين ناخب"!.
وإضافة إلى تداعيات الطرد المشبوه الذي وجه قبل يومين إلى رئاسة الجمهورية، أثارت تصريحات الغنوشي غضب عدد من التونسيين الذين دعوا إلى وقفة تضامن مع الرئيس قيس سعيد.
فقد نظم عدد من أهالي ومتساكني المنيهلة والتضامن والأحياء المجاورة وقفة مساندة للرئيس بعد الهجمة التى تعرض إليها والتي وصلت إلى حد محاولة التسميم.
وتوجه العشرات إلى أمام منزل سعيد في منطقة المنيهلة العليا، بحسب "العربية".
وأمس السبت، قال الغنوشي إن سعيد يرفض التعديل الوزاري، على الرغم من أن دوره رمزي، مشددا على أن السلطة التنفيذية بيد حركة النهضة التي يتزعمها، وهي الحزب الفائز في الانتخابات النيابية.
وشهدت العلاقة بين الغنوشي وسعيد عدة توترات سابقة، وكان رئيس حركة النهضة أقر سابقا بوجود "صراع عنيف" بين النظامين الرئاسي والبرلماني في البلاد.
في حين وجه الرئيس التونسي انتقادات مبطنة في مايو الماضي إلى تحركات النهضة الخارجية، قائلًا حينها، ردا على تخطي صلاحياته الدستورية عبر عقد لقاءات دولية خارجية، والتعدي على وظيفة الرئاسة، "الدولة التونسية واحدة ولها رئيس واحد في الداخل والخارج على السواء".
السيناريوهات الدستورية
ولم يفصح الدستور التونسي عن الحل الممكن في حال رفض رئيس الدولة عددا من الوزراء، وبقيت المسألة معلقة للتأويلات الفردية في ظل غياب محكمة دستورية في البلاد.
ويرى أستاذ القانون الدستوري عارف السلطاني أنه ليس بإمكان سعيّد رفض الوزراء المقترحين بعد نيلهم الثقة حتى لو كانت تشملهم ملفات الفساد.
وقال السلطاني لـ"العين الإخبارية" إن الحل يتجاوز القراءات الدستورية الصرفة، ويجب أن يكون سياسيًا من خلال تقريب وجهات النظر بين المشيشي وسعيد، معتبرًا أن ذلك هو الحل الوحيد ولا يوجد أي تأويل دستوري آخر.
وبرأي أستاذ القانون نفسه فهذه الأزمة "غير مسبوقة في تونس من حيث حدة الصراعات بين مختلف مؤسسات الدولة، حيث ستزيد في توتر الشارع وحالة الاحتقان الشعبي".
ومن السيناريوهات الممكنة، بقاء الوضع على حاله إلى ما لا نهاية، وهو أمر خطير على الدولة التونسية وأمنها القومي في ظل تهديدات متواصلة من الجماعات الإرهابية والعناصر الإجرامية المتطرفة، يكمل السلطاني حديثه.
وحصل 11 وزيرا مطلع الأسبوع المنقضي على الثقة البرلمانية، وضمت التعديلات بالخصوص وزاراتي الداخلية والصحة وعددا من الوزارات التقنية.
سعيّد في مرمى الإخوان
ويرى متابعون أن قيس سعيّد في مرمى استهداف الإخوان منذ توليه الرئاسة ورفضه الانصياع لمنظومتهم، عبر أشكال متعددة وصلت حد تهديده بالعزل.
في المقابل، يعتبر أنصار الرئيس أن محاولة تسميم قيس سعيّد هي من صنع الغرف الإخوانية المغلقة، ورسالة من الغنوشي لتصفية رئيس الدولة والقفز في مكانه.
ويعطي الدستور التونسي لرئيس البرلمان الحق في ترؤس الدولة في حال وفاة رئيس الجمهورية.
شهاب رضا المكي، مدير حملة سعيد الرئاسية وعقله المدبر كتب على صفحته الرسمية متوجها بالخطاب لحركة النهضة: "طردكم المسموم لن يزيد الصلابة إلا صلابة، ولن يزيد اليقين إلا يقينا، وصلتم إلى نقطة اللا عودة في انحداركم إلى الهاوية التي تليق بكم، يا كلاب.. وما أشرف الكلاب أمامكم".
كل هذه التصريحات وأخرى مضادة دفعت بالأزمة السياسية التونسية إلى انتفاضة الشارع الذي يرى في منظومة الإخوان شرا مطلقا أصاب البلاد منذ 10 سنوات.
ورفعت الاحتجاجات الأخيرة في تونس مطلبا رئيسيا وهو محاسبة الغنوشي وفضح مكائد الجهاز السري الذي يقف وراء الاغتيالات التي عرفتها البلاد.
ومن المنتظر أن ينظم أنصار الرئيس التونسي، الأحد، مسيرة أمام منزله بأحد ضواحي العاصمة للتعبير عن مساندتهم له ضد الهجمة الإخوانية ومحاولة اغتياله الفاشلة