دائرة القمع تتسع .. 90% من الإعلام التركي تحت سيطرة أردوغان وأعوانه

الخميس 04/فبراير/2021 - 12:00 م
طباعة دائرة القمع تتسع أميرة الشريف
 

ما زالت فضائح الديكتاتور رجب طيب أردوغان الرئيس التركي، تتوالي يوما تلو الأخري، حيث كشفت منظمة "مراسلون بلا حدود" الفرنسية المعنية بالصحافة، في تقرير لها عن أن 90% من وسائل الإعلام التركية، إما تخضع لسيطرة حكومة الرئيس التركي أو لرجال أعمالٍ مقرّبين منه، وهو أمر أثار غضب المنظمات الأهلية المدافعة عن الحرّيات العامة في البلاد.

وأفادت المنظمة الفرنسية في بداية الأسبوع الجاري بأن المحاكم التركية أصدرت خلال عام 2020 الماضي، أحكاماً بحذف 1358 خبراً منشوراً في وسائل الإعلام المحلّية تمّت الإشارة فيها إلى بيرات البيرق صهر أردوغان ووزير ماليته السابق، إضافة لنجله بلال ورجال أعمالٍ وأعضاءٍ بارزين في حزبه "العدالة والتنمية" الحاكم.

ووفق تقارير إعلامية تكاد تتحول الجمهورية التركية في عهد أردوغان إلى جمهورية سجون حيث تتضاعف أعداد السجون المستحدثة وتتناسب طردا مع ارتفاع عديد نزلاء تلك الحبوس من معتقلي الرأي والسياسة والصحافة والدفاع عن حقوق الإنسان على يد أجهزة الأمن التركية.

فحسب إحصاءات أحزاب المعارضة التركية تم خلال السنوات القليلة الأخيرة فقط بناء نحو 140 سجنا جديدا، حيث بني 14 سجنا في عام 2014 و18 في 2015 و38 في 2016 و12 في 2017 و15 في 2018 و26 في 2019 و18 في 2020 وسيفتتح في العام القادم 39 سجنا جديدا ليصل الرقم إلى 180 سجنا وهكذا في تكاثر كالفطر.

واعتبر رئيس نقابة الصحافيين في تركيا، غوكهان دورموش أن "بيانات المنظمة الفرنسية دقيقة وصحيحة بعد سيطرة الحكومة على معظم وسائل الإعلام في البلاد".

وقال دورموش الذي تُعرف نقابته اختصاراً بـ TGS إن "الصحافة المستقلة تواجه تحدّياتٍ وصعوباتٍ كبيرة منذ سنوات، حيث يقوم المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون (RTÜK) وهيئة الإعلانات الصحفية (BİK)، بمحاسبتها وتعطيلها مادياً بذريعة تنظيم عمل وسائل الإعلام".

وأضاف أن "هاتين الجهتين تعملان على معاقبة وسائل الإعلام بأوامر من الحكومة، ولدينا الكثير من الأمثلة، فقد فرضت غرامات مالية في شهر يناير الماضي على صحفٍ مستقلة كان بينها صحيفة Evrensel اليومية، إضافة لمنعها من نشر الإعلانات لمدّة ثلاثة أيام، وهو ما قد يؤدي لأزماتٍ مالية في تلك الصحف"، موضحًا "يتعرّض كذلك الصحافيون لاعتداءاتٍ جسدية، علاوة على اعتقالهم نتيجة تغطياتهم للأحداث، وحتى الآن، وصل عدد الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام من القابعين خلف القضبان إلى 67، ومع ذلك يسعى زملاء آخرون للحفاظ على مهنتهم ومصداقيتهم على الرغم من كل الضغوط الحكومية".

وأشار إلى أن "نقابتنا تؤمن بالديمقراطية كأساس لحرية الصحافة، ولهذا يجب على السلطات التوقف عن تهديد الصحافيين والسيطرة على وسائل الإعلام من خلال شركاتٍ مختلفة، وباعتقادي نحن نحتاج في تركيا لضوابط حيال ملكية وسائل الإعلام، كي لا تقع بيد أولئك الذين يدعمون الحكومة مثل رجال الأعمال".

 كما أن إغلاق السلطات لمئات وسائل الإعلام في غضون المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكم الرئيس أردوغان منتصف عام 2016، أدى أيضاً إلى تراجع دور الوسائل غير الحكومية.

ومنذ المحاولة الانقلابية الفاشلة، اعتقلت السلطات وأجرت تحقيقات مع مئات الصحافيين، وعلى إثر ذلك فرّ العشرات منهم إلى خارج البلاد. ومع ذلك أصدرت المحاكم التركية أحكاماً غيابية بحق بعضهم، ومنهم الصحافي المعروف جان دوندار الذي أصدرت السلطات بحقه عدّة أحكامٍ غيابية بالسجن لفتراتٍ طويلة.

وفي وقت سابق من العام الماضي كشفت السلطات الألمانية أن هناك شبهة تورط شركة يقع مقرها في ولاية بافاريا تزود السلطات التركية ببرنامج استخدم للتجسس على معارضين وصحفيين، وفق تحقق السلطات الألمانية.

ويواصل الرئيس التركي حملات الاعتقالات ضد المعارضين والصحفيين، حيث تكشف فضيحة التجسس التي تورطت فيها أنقرة  زيف الحديث عن الديمقراطية والحريات في تركيا حيث لا تلجأ لهذه الأساليب سوى الأنظمة المستبدة والقمعية.

ويرفض أردوغان أي صوت معارض داخل حزبه أو من خارجه، وتؤكد فضيحة التجسس الأخيرة، احترام موقف الاتحاد الأوروبي الرافض لانضمام تركيا بسبب عدم احترامها لمبادئ حقوق الانسان واعتمادها سياسة القمع ضد المعارضين.

هذا ويقبع في غياهب سجون جمهورية أردوغان عشرات الآلاف أكثرهم من الصحفيين والموظفين والعسكريين والساسة ونشطاء المجتمع المدني والمحاميين والحقوقيين والفنانين والتهم المعلبة والملفقة جاهزة دوما، حتى أن حبس الكثير منهم يتم بتهم إهانة الرئيس التركي والحط من قدره ما يعكس فداحة تضخم الأنا الأردوغانية التي سلاحها "القمع والحبس داخليا والغزو والاحتلال خارجيا".

شارك