التدخلات التركية في ليبيا تعرقل التوصل إلى نتيجة مرضية للعملية السياسية

الثلاثاء 09/فبراير/2021 - 12:52 ص
طباعة التدخلات التركية فاطمة عبدالغني
 
رغم التفاؤل الذي خيم على إعلان الحكومة الليبية المؤقتة، تبقى التحديات شاخصة أمامها، تحديات تتربع على عرش أولوياتها العلاقات مع تركيا فكيف سيكون حالها وما هي طبيعتها؟ سؤال لم يكد يُطرح حتى خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن صمته سريعًا  وقال إن بلاده ستواصل الدعم لليبيا في المرحلة المقبلة.
وكان الرئيس التركي قد أكد في اتصال هاتفي هنأ فيه محمد المنفي فيه بفوزه برئاسة المجلس الرئاسي وعبدالحميد دبيبه لفوزه برئاسة الوزراء، أن بلاده ستواصل تعزيز التعاون مع ليبيا خلال المرحلة الجديدة.
وبحسب وكالة الأناضول التركية الحكومية، قال رئيس الحكومة الانتقالية "تركيا فرضت وضعها ووجودها في العالم وليس في ليبيا فقط وهي الدولة الوحيدة التي استطاع الليبيون الذهاب إليها بحرية خلال فترة الحرب".
وتابع "تركيا فتحت مطاراتها ولم تغلق سفارتها في طرابلس وأعتقد أن حرية التنقل سوف تنعكس على التعاون بين الشعبين في مجال الاقتصاد. ونأمل أن ننمي هذا التعاون ونرفع حجم التبادل التجاري إلى أعلى المستويات".
وبدوره زعم ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي، أن الحكومة الليبية الجديدة تدعم دور أنقرة في ليبيا، ولا تعارض الوجود العسكري التركي في البلاد.
وأدعى أقطاي، في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية، السبت، أن الاتفاقيات التي كانت قد عقدتها تركيا مع حكومة الوفاق الليبية السابقة، برئاسة فائز السراج، والوجود العسكري التركي في ليبيا لن يتأثر  باختيار الحكومة المؤقتة الجديدة.
وأوضح أن تركيا تتواجد في ليبيا بدعوة من الشعب الليبي وحكومة الوفاق.. والحكومة المؤقتة الجديدة لا تعارض هذه الاتفاقيات ولا الوجود التركي في البلاد، بل على العكس تدعم الدور التركي هناك؟
وأضاف أقطاي أن اختيار الحكومة الجديدة في ليبيا جاء بعد التوصل إلى تفاهمات عبر عملية حوار معروفة.. وتركيا ترحب باختيار الحكومة الجديدة وتراه أمرا إيجابيا نظرا لاقتراب الشعب الليبي من الاستقرار وتعزيز الحوار الداخلي في البلاد، متابعا، تم تأسيس نظام رئاسي يشمل الغرب والشرق والجنوب في البلاد ونأمل أن ينعكس هذا الأمر إيجابيا على الساحة في البلاد… الشعب الليبي يتبنى رؤيتنا في ليبيا وهذه الرؤية هي الوحدة السياسية للبلاد وإدارتها من قبل الليبيين، وحاليا تم اتخاذ خطوة واثقة وقوية بهذا الاتجاه، وبهذا المعنى نحن ندعم العملية”.
واستكمل أقطاي مزاعمه، أن الاتفاقيات التي أبرمتها تركيا مع حكومة الوفاق الليبية هي اتفاقيات دولية، ولن تتأثر بمواقف الحكومات الأخرى، متابعا، على الأطراف الليبية احترام بعضهم البعض، وعدم السماح لأي أحد ليدخل بينهم، كما عليهم عدم إعطاء فرصة للانقلابيين بهدف إنجاح العملية السياسية واستمرارها”، لافتا إلى ضرورة أن “يعلم الجميع أن قوة ليبيا في وحدتها رغم الخلافات الموجودة بينهم.
وبحسب المراقبون يبدو أن تصريح مستشار أردوغان نابعة من تقدير أساسه أنه بات لتركيا اذرع قوية في غرب ليبيا تشكل رقما صعبا في المعادلة السياسية برمتها.
حيث تناقضت تصريحات المسؤول التركي مع الدعوات الدولية وآخرها تلك التي صدرت قبل أيام عن مجلس الأمن الدولي الذي طالب بسحب جميع القوات الأجنبية من ليبيا، في إشارة تحديدا إلى تركيا التي ألقت بثقلها العسكري دعما لحكومة الوفاق السابقة.
كما أن التفاهمات الأخيرة التي جرت في ملتقى الحوار السياسي الليبي، والتي تُوجت بانتخاب مجلس رئاسي جديد وحكومة مؤقتة سيقودان المرحلة الانتقالية حتى تنظيم انتخابات عامة في ديسمبر القادم، يبدو أنها لن تُنهي التدخلات الأجنبية العسكرية لذلك ستكون مرغمة على العمل وسط المرتزقة الذين استنجدت بهم أطراف الصراع في وقت سابق.
وكان المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، أكد السبت، أن الملف التركي يفرض تحدياً كبيراً على الأطراف المعنية، في البلاد.
وقال في مقابلة مع "العربية"، "نحن جزء لا يتجزأ من العملية السياسية التي أنجزت".
كما أضاف "إن الليبيين يأملون أن تقوم السلطةُ الجديدة بالعمل الدؤوب وتقديم الخدمات وتهيئة البلاد للانتخابات المقررة في ديسمبر القادم".
وأكد المسماري، أن التواجد العسكري التركي في ليبيا يهدد أي اتفاق. وقال - فى حديثه مع قناة العربية مساء الاثنين: إن " أنقرة مازالت تتجاهل كل التطورات الجديدة في ليبيا".
وفي السياق، صرّح وزير خارجية تركيا السابق ياسر ياكيس أنّ "عدم إعلان تركيا عن خطة لسحب وجودها العسكري من ليبيا، يمنع التوصل إلى نتيجة مرضية للعملية السياسية"، وفق ما نقل "مرصد مينا".
وقال الوزير السابق ياكيس: "هناك تطور مهم في المفاوضات السياسية التي أجريت في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة، والخاصة بإعادة تشكيل السلطة التنفيذية"، متوقعاً أن "تواجه تركيا ضغوطاً من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الأوسع في الفترة المقبلة".
ولفت الوزير التركي إلى أنّ "تركيا رحّبت بالسلطة الانتقالية الجديدة- المقرّر انتهاؤها خلال 10 أشهر بعقد انتخابات وطنية نهاية العام الجاري- وأصدرت وزارة خارجيتها بياناً أشادت فيه بالتقدّم المحرز، لكنّ البيان أخفق في تحديد موعد لسحب وجودها العسكري من ليبيا". وفضح ياكيس نوايا بلاد وأوضح أنّ "تركيا لا تريد مواجهة الروس في ليبيا، ولكن أيضاً لا تريد التخلي   عمّا اكتسبته على الأرض، لأنّ كلّ هدفها هو السيطرة على ثروات البلاد من النفط". مشيراً إلى أنّ "وزارة الخارجية التركية رحّبت مرّة أخرى بهذا التحرك، ولكن أيضاً دون أيّ إشارة إلى خطة لسحب وجودها العسكري من ليبيا".

شارك