مركز الامارات للسياسيات : ميثاق الاسلام في فرنسا ضربة للاخوان واردوغان
الأربعاء 10/فبراير/2021 - 08:35 ص
طباعة
روبير الفارس
في 18 يناير 2021 استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وممثلين عن خمسة اتحادات توافقت على صيغة نهائية لما أسمته بــ "ميثاق مبادئ الإسلام في فرنسا"، وسلَّم الوفد الرئيس ماكرون نسخة من الميثاق، الذي شدد مضمونه على مبدأ المساواة بين الجنسين، وأكَّد على توافق الشريعة الإسلامية مع مبادئ الجمهورية، ورفْض بعض الممارسات العرفية التي يُزعمُ أنها إسلامية. وناقش مركز الامارات للسياسيات الوثيقة في تقرير لاحمد نظيف اكد خلاله علي ان
الفصل السادس من الميثاق الذي يرفض كل أشكال الإسلام السياسي والتدخلات الأجنبية، أثار جدلاً واسعاً داخل مجلس الديانة الإسلامية، ودفع ثلاثة اتحادات داخله، من بينها منظمتين تركيتين هما لجنة التنسيق التركية وجماعة ميللي غوروش، لرفض التوقيع عليه، إذ اعتبرتا هذا الفصل استهدافاً لهما. فيما لم يَعترِض "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا'' (فرع جماعة الإخوان المسلمين) على نص الميثاق، ما يكشف عن تحولات جذرية في تعاطي جماعة الإخوان مع السياسات الفرنسية الجديدة تجاه التيارات الإسلامية.
واضاف التقرير انه سيكون من الصعب على المنظمات التركية الرافضة للتوقيع على الميثاق التمتُّع مستقبلاً بالدعم الذي كانت تتلقاه من الدولة التركية، وسيكون لرفْض الميثاق الدعاية السياسية والإيديولوجية داخل المساجد ودور العبادة الأثر البالغ على نسق الدعاية لدى تنظيمات الإسلام السياسي الناشطة في فرنسا، وقد يؤدي ذلك إلى تحولات هيكلية في نشاط هذه الجماعات، بما فيها البحث عن أماكن أخرى للقيام بنشاطها السياسي وتأمين التمويل من الأفراد.
من المتوقع أن يُعزِّز رفْض الميثاق للإسلام السياسي انسحابَ الإخوان المسلمين من دوائر العمل الديني في أوساط الجاليات المسلمة في فرنسا، والتوجُّه نحو فضاءات أخرى بينها الجمعيات الحقوقية والمؤسسات غير الربحية والخيرية والتجارية. ويُمكِن أن يؤدي إقرار الميثاق دون توافق بين جميع الاتحادات التي يتألف منها مجلس الديانة الإسلامية إلى بداية تفكُّك المجلس وخروج منظمات مُرتيأتي إقرار الميثاق بالتوافق بين إدارة الرئيس ماكرون ومجلس الديانة الإسلامية في ظل مواجهة، تبدو جذرية وغير مسبوقة، من طرف السلطات الفرنسية ضد الإسلام السياسي ومنظمات العمل الإسلامي ذات الولاء الخارجي. وقد نجح ماكرون من خلال الضغط على مجلس الديانة في افتكاك إدانة صريحة لهذا التيارات، وبالتالي نجح في عملية الفرزّ بين القوى التي يمكن أن تُسهِم مستقبلاً في صياغة إسلام فرنسي يُراعي الخصوصيات السياسية والاجتماعية للمسلمين في فرنسا، وبين القوى التي تعمل من أجل استعمال المسلمين في فرنسا كجزء من برنامجها السياسي أو أداة من أدوات سياستها الخارجية كتركيا مثلاً. ويمكن حَصْر تأثيرات الالتزام بهذا الميثاق في النقاط الآتية:
اولا نجاح الدولة الفرنسية في عزل القوى الإسلامية الرافضة للاندماج، وتالياً تحديد أهدافها المستقبلية خلال المواجهة مع التيارات الإسلامية، لذلك ربما نشهد موجة حلٍّ لجمعيات ومنظمات، وإغلاق مساجد تابعة للاتحادات التي رفضت التوقيع على الميثاق، كما يمكن للسلطات أن تتوجه نحو قطع حنفية التمويل الخارجي لهذه الاتحادات.
سيكون من الصعب على المنظمات التركية الرافضة للتوقيع على الميثاق التمتُّع مستقبلاً بالدعم الذي كانت تتلقاه من الدولة التركية، والذي كان في أشكال عديدة، منها الدعم المالي، وتدريب الأئمة، وإرسال أئمة من تركيا، ودفع رواتبهم، وغير ذلك من الخدمات التي كانت تقدمها أنقر لمؤسسات الشتات التركي في فرنسا.
سيكون لرفض هذا الميثاق الدعاية السياسية والإيديولوجية داخل المساجد ودور العبادة الأثر البالغ على نسق الدعاية لدى تنظيمات الإسلام السياسي الناشطة في فرنسا، حيث شكلت المساجد منذ عقود مكان مُفضَّلاً للدعاية والتجنيد وجمْع التبرعات، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تحولات هيكلية في نشاط هذه الجماعات، حيث ستبحث لها عن أماكن أخرى للقيام بنشاطها السياسي وتأمين التمويل من الأفراد، ويمكن أن تكون الجمعيات الثقافية والسياسية وحتى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية بديلاً عن ذلك.
سيُعزز رفْض الميثاق للإسلام السياسي انسحاب الإخوان المسلمين من دوائر العمل الديني في أوساط الجاليات المسلمة في فرنسا، حيث لم يجد التنظيم الإخواني حرجاً من التوقيع على الميثاق، لأنه قد بدأ منذ مدة في عملية إعادة انتشار في مؤسسات الشأن العام، من خلال الانسحاب من العمل الديني في المساجد والتوجه نحو فضاءات أخرى بينها الجمعيات الحقوقية والمؤسسات غير الربحية والخيرية والمؤسسات التجارية، وخاصة في مجال التعليم الذي نجح الإخوان من خلاله في بناء شبكة واسعة من المؤسسات والأفراد، وذلك هرباً من حدة الرقابة المفروضة على النشاط الديني بعد تصاعُد العمليات الإرهابية، وكذلك بسبب تمدد الحركة السلفية في المجال الديني.
أخيراً، يُمكن أن يؤدي إقرار الميثاق دون توافق بين جميع الاتحادات التي يتألف منها مجلس الديانة الإسلامية إلى بداية تفكُّك المجلس، الذي يعاني منذ سنوات من مشاكل داخلية بسبب صراع مراكز القوى داخله وتشتت الولاءات والميول، لذلك لن يكون مُستبعَداً خروج منظمات مرتبطة بتركيا من المجلس.