الإخوان والتقارب الخليجي التركي
تحاول تركيا في الأونة الأخيرة خصوصا بعد المصالحة العربية إيجاد موضع قدم في الخليج والانفتاح مع الكثير من الدول التي توترت علاقاتها معها، وقد اعتبر يشار ياكيش وزير الخارجية التركي الأسبق وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية، أن وصول الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض، هو التغير الأكبر في موازين القوى الذي سيسهم في تغيير أنقرة لسياساتها الخارجية.
في هذا السياق أعلنت وزارة الخارجية التركية الاثنين 8
فبراير 2021، عن قيام وزير الخارجية “مولود تشاووش أوغلو”، اليوم الثلاثاء، بجولة تشمل
ثلاث دول خليجية هي “قطر وعمان والكويت”.
بيان وزارة الخارجية التركية أكد أن “جولة تشاووش أوغلو ستستمر
حتى 11 فبراير الجاري، اذ يلتقي الوزير نظرائه
ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى في البلدان الثلاث، بالإضافة إلى رجال أعمال أتراك وناشطين
في تلك البلدان”.
وتأتي زيارة “تشاووش أوغلو”، بعد أنباء عن أن الإمارات والسعودية
تدرسان حاليا إقامة علاقات أفضل مع تركيا يمكن أن تفيد التجارة والأمن في المنطقة التي
تعج بالاضطرابات.
معوقات التقارب:
ومن بين أهم معوقات التقارب التركي الخليجي "جماعة
الإخوان" فان هذا التقارب يتعارض مع إصرار الثنائي الخليجي على أن تكبح تركيا
دعم جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية من قبل أبو ظبي والرياض. لكن حتى التقدم
المحدود يمكن أن يخفف الخلافات حول القضايا الإقليمية الأوسع، وفي هذا السياق ذكرت
وكالة “بلومبرغ” أن هذه التحركات تعتمد على
موافقة تركيا على التخلي عن دعم جماعة “الإخوان المسلمين”، المصنفة كتنظيم إرهابي في
عدد من الدول العربية بينها السعودية والإمارات، إضافة إلى مصر. لافتة إلى أن “هذه
التحركات مؤقتة بالنظر إلى خلفية التوترات طويلة الأمد والصراع على النفوذ”، بين أنقرة
وكل من الرياض وأبوظبي.
كذلك تتعلق بعض الخلافات الحادة بين الخليج وتركيا بمصر،
حيث دعمت دول الخليج الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2013 للإطاحة بالرئيس الإسلامي
محمد مرسي، الذي دعمته أنقرة، بينما لجأ قادة الإخوان إلى تركيا.
نقطة خلاف أخرى هي تحقيق تركيا في مقتل الصحافي السعودي جمال
خاشقجي عام 2018 في قنصلية المملكة في إسطنبول يتهم فيه مقربون من ولي العهد السعودي
محمد بن سلمان.
الموقف التركي من الاخوان:
ونظرا لحالة الانهيار الذي يعاني منها الاقتصاد التركي
فان التقارب الخليجي يعد بادرة امل مهمة، وبناء على ذلك يحاول النظام التركي منذ
فترة تحجيم الاخوان في الداخل التركي تلبية لما يتطلبه التقارب مع دول الخليج
ومصر، ومؤخرا حسب مصادر إعلامية وصحفية قامت الأجهزة الرقابية في تركيا باعداد قوائم
إخوانية، مرشحة للحصول على الجنسية التركية، لتكتشف بعد التحريات أن إحدى القوائم تضم
٢٨ إخوانيا من قيادات الصف الثاني على اتصال بأجهزة غربية ومخابراتية، مما أدى إلى
رفض تجنيسهم ثم إلقاء القبض عليهم.
وتبع ذلك القاء السلطات التركية القبض على مجموعة من الأسماء
المشتبه في تورطها في العمل لصالح أجهزة مخابراتية غربية بهدف توفير ملاذات آمنة لعناصر
إخوانية مقابل تدريبهم على ما يعرف بنظرية "خراطيم الأباطيل"، مرجحا أن عددهم
بين ٢٨ و٣٠ شخصا.
يذكر في هذا السياق ان تنظيم الإخوان الإرهابي دأب على تدريب
شباب الجماعة على "خراطيم الأباطيل" منذ عام ٢٠٠٦، وهي نظرية استخدمت خلال
الحرب الباردة تستهدف خلق منابر إعلامية متعددة تبث آلاف الشائعات بصورة مكثفة، لإحداث
حالة من التشكيك لدى الرأي العام.
وفي وقت سابق، أفاد موقع "العربية" بأن تركيا احتجزت
هذه العناصر الإخوانية بعدما كشفت تواصلهم مع دول خارجية لتوفير ملاذات آمنة لعناصر
إخوانية من مصر ودول عربية أخرى.
ويرجح أن هناك تنسيق بين قيادات الإخوان و الحكومة التركية
للتخلص من العناصر المشبوهة والتي تسبب للتنظيم أزمة في الداخل التركي.
ويأتي هذا التضييق على جماعة الاخوان من قبل النظام
التركي بسبب التمهيد للتقارب التركي الخليجي من ناحية ومن ناحية أخرى أن الرئيس التركي
رجب طيب أردوغان يغازل الغرب فيما يخص عملية التضييقات الأمنية التي يمارسها الغرب
ضد الإخوان، وظهر ذلك جليا في الحملات التي قامت بها دول مثل النمسا والسويد وألمانيا
لمواجهة خطر الجماعة الإرهابية، ومن ناحية
ثالثة وجود جناح داخل الحكومة التركية متمثل في جهاز المخابرات والجيش التركي يدعم
توجهات التقرب من الدولة المصرية ويرفض تمكين الإخوان وينتقد سياسات أردوغان، ما دفعه
لخطوة القبض على العناصر الإخوانية.
كل هذه الاحداثيات انما تؤكد أن المانع الرئيسي للتقارب
التركي الخليجي أو التقارب التركي المصري هو جماعة الإخوان الارهابية وتوفير تركيا
لقياداتها ومنصاتها الاعلامية ملازات آمنة، فلو استطاع الجانب التركي حل هذه
الاشكالية يعتقد مع دور الوساطة هنا وهناك ان يتم التقارب.