دعوات إخوان تونس المشبوهة.. الغنوشي يدفع البلاد إلى الهاوية
السبت 27/فبراير/2021 - 01:40 م
طباعة
أميرة الشريف
في الوقت الذي أعلن فيه رئيس حركة النهضة الإخوانية في تونس راشد، أنه تقدم بمبادرة سياسية للرئيس قيس سعيد تقوم أساسا على لقاء بين الرئاسيات الثلاث الجزائر وليبيا وتونس لحل الأزمة، بدأت دعوات الحركة الإخوانية إلى التظاهر للتعبير عن القلق الذي يساور التونسيين حول ارتفاع درجة المناكفات السياسية والخطابات العدائية بين الفرقاء السياسيين، وفق الحركة.
وأضافت الحركة ، في بيانها التوضيحي، الذي نشرته اليوم، أن هذه "المسيرة الشعبية الوطنية" دعوة للكف عن "عدم إيلاء هموم المواطن وأوضاع البلاد الأولوية المطلقة" في ظل أزمة خطيرة متعددة الأبعاد أدت إلى تدهور ظروف عيش التونسيين، بينما تغرق النخب السياسية ومؤسسات البلاد في خلافاتها العميقة المتواصلة منذ أشهر.
وشددت حركة النهضة على ضرورة "تعاون كل هياكل الدولة وتضامنها وأهمية العلاقة البناءة والمسؤولة بين مختلف مؤسساتها الدستورية الإدارية والتنفيذية والتشريعية، بما يحفظ للدولة هيبتها ونجاعتها ويؤهل البلاد لمجابهة كل استحقاقات المرحلة الصعبة".
ودعت الحركة التونسيين إلى "التحلي بأعلى درجات المسؤولية وانتهاج سبيل الحوار والتعاون حول التوجهات المستقبلية للبلاد وإعلاء المصلحة العامة على ما عداها من المصالح الحزبية والفئوية والتنادي الى ما يوحد شعبنا العظيم".
بالتزامن مع هذه الدعوة، اتهم محمد الحامدي السياسي ووزير التربية السابق، في حديث مع إذاعة "موزاييك"، حركة النهضة بدفع "المشيشي (رئيس الحكومة) نحو تأزيم العلاقة أكثر مع الرئيس" قيس سعيد.
وكان سمير ديلو القيادي البارز في حركة النهضة ممن دخلوا في خلافات مع الغنوشي ومن الـ100 المطالبين بتنحيه طوعا من على رأس الحركة، قد طرح منذ البداية حلا عمليا وبسيطا كان من الممكن أن ينهي الأزمة في ظرف وجيز إذ اقترح أن ينسحب الوزراء الذي اعترض عليهم رئيس الدولة طوعا وفسح المجال لمرشحين آخرين يختارهم المشيشي دون أن تكون قد تعلقت بهم شبهات فساد أو تضارب مصالح.
وفي خطوة مثيرة للاستغراب، دعا راشد الغنوشي، الجزائر وليبيا إلى فتح الحدود، وتبني عملة واحدة ومستقبل واحد لشعوب البلدان الثلاثة، مستبعدا المغرب وموريتانيا.
واعتبر مراقبون ومهتمون بالاتحاد المغاربي حديث الغنوشي، تسطيحا للمشاكل الحقيقية التي تقف عقبة أمام استكمال ذلك البناء منذ عقود، مما يجعل هذه التصريحات قد تنذر ببزوغ عقبات جديدة يكون عصبها الإخوان في تونس.
ووفق تقارير إعلامية فإن مبادرة الغنوشي تثير الشكوك كثيرا فبما أنه مقتنع بالحوار سبيلا لحل هذه الأزمة التي ترخي بظلالها على الشأن العام التونسي وعلى الوضع الاقتصادي المتأزم، فلماذا ترك الأزمة تذهب إلى التصعيد ولماذا لم يتدخل من البداية، كما أن مبادرته تأتي بعد أن أعلنت حركته دعمها للمشيشي في مواجهة الرئيس قيس سعيد الذي تعرض لانتقادات وهجوم حاد من عدد من كبار قادة الحركة الإسلامية.
وفيما يحاول إخوان تونس إيجاد أسباب أخرى لتأخير الاندماج المغاربي، تعيش دول المنطقة على وقع احتقان اجتماعي، بسبب ارتفاع معدلات بطالة الشباب، فيما لم تشهد السنوات العشرة الماضية، بحسب بعض التقديرات انتظاما في معدلات الدخل الفردي ولا في نصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام.
يذكر أن المنطقة المغاربية تعتبر هي الأضعف على الصعيد القاري من حيث التجارة البينية التي لا تتجاوز 2 بالمئة من حجم المبادلات الخارجية لدولها الخمس، بينما يصل ذلك المعدل في إفريقيا إلى 16 بالمئة في أفق الوصول إلى 60 بالمئة عام 2022، وفقا للأرقام الصادرة عن المنظمة العالمية للتجارة حول الاتحاد الإفريقي.
ويري مراقبون للشأن التونسي أن حركة النهضة كانت قد دعمت في السابق رئيس الوزراء الأسبق يوسف الشاهد في خضم أزمة بينه وبين الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي مع أن الشاهد كان من حزب السبسي قبل أن ينقلب عليه وينشق عن حزب نداء تونس ويؤسس حزب 'تحيا تونس'.
وقد تغرق تونس في صراعات السياسيين و يتجه البلد إلى حافة الإفلاس والانهيار مع تحول الاهتمام من معالجة أزمات قائمة إلى أزمة سياسية مُسقطة زادت الوضع تدهورا.
وتعيش تونس منذ نحو شهر أزمة سياسية غير مسبوقة، بعد رفض الرئيس التونسي قبول وزراء التعديل الحكومي الذي أجراه المشيشي، في 26 يناير الماضي، متهمًا أربعة وزراء من مجموع 11 بالفساد وتضارب المصالح.
وفي أحدث فصول الأزمة بين سعيد والمشيشي، أقدم رئيس الحكومة، منتصف الشهر الجاري، على إعفاء 5 وزراء محسوبين على الرئيس، من مناصبهم.
ويعود رفض الرئيس التونسي للتعديل الحكومي إلى خلافات عميقة مع هشام المشيشي الذي تدعمه حركة النهضة، منذ الأيام الأولى لوصوله لرئاسة الحكومة، مطلع سبتمبر 2020.