تصريحات جاوويش أوغلو.. هل بداية ذوبان الجليد بين مصر وتركيا ؟

الجمعة 12/مارس/2021 - 01:58 م
طباعة تصريحات جاوويش أوغلو.. أميرة الشريف
 
مع توتر العلاقات التي تشهدها مصر وتركيا علي مدار الأعوام الماضية، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود جاوويش أوغلو، إن بلاده بدأت اتصالات دبلوماسية مع مصر، في أحدث إشارة بشأن تطور العلاقات بين أنقرة.
وتتطلع تركيا إلى إعادة العلاقات مع مصر بعد سنوات من العداء في خطوة يقول محللون إنها جزء من تحول استراتيجي أوسع في مواجهة عزلتها المتزايدة.
وبعد قطيعة دامت عدة سنوات، أكد تشاوش أوغلو أن الجهود الدبلوماسية جارية لإصلاح العلاقاتللمرة الأولى منذ وقف علاقاتهما في 2013 بعد عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي والذي كان ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي تدعمها تركيا.
وصرح جاوويش أوغلو لوكالة "الأناضول" الرسمية التركية: "بدأنا اتصالاتنا مع مصر على الصعيد الدبلوماسي" ، وتابع: "لدينا اتصالات مع مصر على مستوى الاستخبارات أو وزارة الخارجية"، مضيفًا أنه"لا يوجد أي سبب يمنع تحسين العلاقات مع السعودية".
وأدى مسؤولون أتراك في الأسابيع الأخيرة بسلسلة تصريحات غازلوا فيها القاهرة، وتحدثوا عن وجود روابط قوية بين القاهرة وأنقرة.
وقال إبراهيم كالين، المتحدث باسم الرئاسة التركية، في وقت سابق من هذا الشهر "يمكن فتح صفحة جديدة في العلاقات مع مصر ودول الخليج للمساعدة في السلام والاستقرار الإقليميين"."
وقال وزير الخارجية التركي مطلع مارس الجاري إن بلاده قد توقع اتفاقا مع مصر لترسيم الحدود البحرية.
ويرى مراقبون أن تلك التصريحات قد تكون جزءا من "مراجعات حتمية" قد تلجأ إليها أنقرة بعدما أثبتت التجربة فشل سياسات فرض الأمر الواقع والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ومن ثم تسعى لمهادنة محيطها، ممثلا في مصر، لما تشكله من تأثير واسع، فيما يري أخرون أن تلك الخطوة لم تكن مقرونة بتصرفات حقيقية على الأرض- مجرد "مناورات سياسية".
كشف تحليل أميركي للعلاقات الخارجية التركية أن أنقرة أدركت أن عودة الإخوان إلى السلطة انتهت وأن الجماعة أصبحت من الماضي، وبالتالي حان الوقت للتخلص من إرث هذه الجماعة التي تحالفت معها منذ الربيع العربي لأهداف أيديولوجية وإعادة العلاقات بمصر.
وبحسب تقرير تحليلي لوكالة VOA الأميركية، تعتبر مصر وتركيا حليفين تقليديين، لكن العلاقات كانت دخلت في حالة جمود عميق منذ سقوط الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي في عام 2013، عندها سحب البلدان سفيريهما.
وأوضح التقرير أن دعم أنقرة للإخوان المسلمين خلال الربيع العربي كان محوريًا لأهداف أيديولوجية إلى حد كبير، لإبراز نفوذها في الشرق الأوسط من خلال تعزيز التضامن الإسلامي.
ويشير المحللون إلى أن أردوغان يبحث عن طريقة لإعادة هذه السياسة إلى الوراء. وقال حسين باجي، من معهد السياسة الخارجية وهو مركز أبحاث في أنقرة: "لقد كان من الخطأ دعم الإخوان المسلمين لكن الحكومة (التركية) تدرك الآن أن الإخوان المسلمين ليس لديهم أدنى فرصة للوصول إلى السلطة مرة أخرى، لذلك لا يمكننا الاستمرار في هذه السياسة".
وأضاف باجي: "لكن كيفية الخروج من هذه السياسة الخاطئة علنًا هي مشكلة أردوغان.. فلا يمكن لتركيا أن تقول رسميًا إننا سوف نتخلى عن دعم الإخوان المسلمين.. أردوغان لن يقول ذلك رسميًا. لكن ربما ببطء سيتحرك من موقفه الرسمي المتمثل في مناهضة الرئيس المصري".
وبحسب التقرير، لقد دفعت تركيا ثمناً باهظاً لتنفير مصر وفي خطوة أضعفت أنقرة، وقعت القاهرة العام الماضي اتفاقية مع اليونان المنافسة لتركيا لتطوير البحر الأبيض المتوسط. وأثارت اكتشافات الطاقة الأخيرة في البحر الأبيض المتوسط سلسلة من النزاعات الإقليمية بين اليونان وتركيا.
وقال الأدميرال التركي المتقاعد جيم جوردنيز، وهو محلل إقليمي: "مصر تعمل ضد تركيا فقط بسبب سياسة تركيا الخاطئة القائمة على العقيدة، مثل دعم الإخوان المسلمين، وعندما تترك تركيا هذه السياسة أنا متأكد من أن العلاقات التركية المصرية ستكون أفضل".
وقال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، السبت الماضي، إن أنقرة على وشك إعادة الاصطفاف مع القاهرة، "لدينا العديد من القيم التاريخية والثقافية المشتركة مع مصر وعندما يتم استخدامها نعتبر أنه قد تكون هناك تطورات مختلفة في الأيام المقبلة.. وتتطلع تركيا إلى اتفاق متوسطي مع القاهرة لإضعاف العلاقات المصرية مع اليونان".
في سياق متصل، قال مسؤولون أتراك في بداية الشهر الجاري إن أنقرة مستعدة لـ"فتح فصل جديد" مع مصر ودول الخليج، وطي صفحة الخلاف القائم معها منذ سنوات.
وقال مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، ياسين أقطاي، إن "من يمشي إلينا خطوة نمشي إليه خطوتين"، في معرض تعليقه على تصريحات المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن لشبكة بلومبرغ، حول انفتاح بلاده على الحوار مع مصر.
وأضاف أقطاي، في تصريحات لقناة "TRT عربي" التركية الرسمية، حديث "قالن" جاء "بعد بيانات وفعاليات من جانب مصر التي أعلنت أنها تحترم، وستعلن فعالياتها (يقصد أنشطة مصر للتنقيب عن الطاقة بشرق المتوسط) بحسب الترسيم التركي".
واعتبر أقطاي أن احترام مصر للحدود البحرية الجديدة لتركيا في شرق المتوسط "ستكون أحسن للطرفين، مصر وتركيا"، لكنه اعترف بـ"وجود خلافات وصعوبات بيننا، سياسية واقتصادية، لكن هذا شيء آخر، هذه مصالح البلدين، لابد ألا يكونوا مرتبطين ببعضهم".
وأعلنت مصر، في 18 فبراير ، طرح أول مزايدة عالمية للتنقيب عن البترول والغاز الطبيعي واستغلالهما لعام 2021، ستغطي 24 منطقة للتنقيب في خليج السويس والصحراء الغربية وشرق وغرب البحر المتوسط.
وعاشت منطقة شرق المتوسط حالة من التوتر منذ توقيع تركيا مذكرة الصلاحيات البحرية مع حكومة الوفاق في ليبيا نوفمبر 2019.
وبموجبها توسعت تركيا في أنشطة التنقيب عن الطاقة في مناطق تقول اليونان وقبرص إنها تابعة لهما. وآنذاك، اعترضت مصر على الاتفاقية، قائلة إنها غير قانونية.
وفي المقابل، وضعت اليونان اللمسات الأخيرة على اتفاق مع مصر، في 6 أغسطس 2020 لترسيم الحدود البحرية.

شارك