بعد تقاربها مع مصر.. سيناريوهات الوجود الإخواني في تركيا

الأحد 14/مارس/2021 - 02:24 م
طباعة بعد تقاربها مع مصر.. حسام الحداد
 
خلال الأيام القليلة الماضية زاد معدل التصريحات على المستوى الرسمي من تركيا والتي تشير إلى أنها تسعى إلى صفحة جديدة مع مصر، وبحسب الخبراء فإن المصالح المشتركة بين البلدين قد تدفع نحو طي صفحة الخلاف والبدء في صفحة جديدة.
ومن بين أبرز الملفات التي تشكل عقدة في طي صفحة الخلاف، تتمثل في ملف قيادات جماعة الإخوان، والشخصيات التي تهاجم مصر عبر قنوات تبث من الأراضي التركية.
مما يثير تساؤلات كثيرة أهمها مصير قيادات الجماعة المتواجدون في الأراضي التركية خصوصا بعد أن نقلت وكالة "أنباء الشرق الأوسط" عن مصدر مصري رسمي، قوله إنه "ليس هناك ما يمكن أن يطلق عليه توصيف "استئناف الاتصالات الدبلوماسية" بين القاهرة وأنقرة، مضيفا أن "البعثتين الدبلوماسيتين المصرية والتركية موجودتان على مستوى القائم بالأعمال، واللذان يتواصلان مع دولة الاعتماد وفقاً للأعراف الدبلوماسية المتبعة".
مما يعطي انطباع بأن الرغبة في عودة العلاقات من طرف واحد وهو الجانب التركي وبناء عليه يجب على هذا الطرف تقديم دليل حسن نوايا لعودة العلاقات، والمتمثل هنا في الموقف من جماعة الإخوان وتنظيمها الدولي.
وحسب تقرير لموقع سبوتنيك الروسي فإن آراء الخبراء من الجانب التركي متباينة، حيث أوضح جيواد غوك، المحلل السياسي التركي أن تركيا قد تتخلى عن قيادات الجماعة والمعارضة في سبيل تحسين علاقتها مع مصر والدول الأخرى.  
وأضاف غوك أن "هناك تسريبات من مصادر تقول إنه من المحتمل ترحيل قيادات جماعة الإخوان من تركيا إلى بلد ثالث، وإغلاق كافة القنوات الإخوانية وطرد المعارضة المصرية بشكل كامل من تركيا، بحسب التسريبات.
وتابع غوك في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الحكومة التركية يمكن أن تقوم بترحيل أعضاء جماعة الإخوان من تركيا في إطار تصحيح المسار، وأن التصريحات الرسمية التركية ليست مناورات سياسية ولا من أجل الاستهلاك الإعلامي، إلا أنها جاءت بعد أن بقيت تركيا وحيدة في المنطقة، إضافة إلى مكانة مصر المهمة في المنطقة". 
ويرى غوك أن "تركيا تأخرت في التواصل مع مصر، ومن الممكن أن تلعب القاهرة دول الوسيط بين تركيا واليونان والدول العربية الأخرى منها السعودية والإمارات".
وتابع المحلل السياسي التركي: الجانب التركي أكد أنه لا شروط مصرية أو تركية حتى الآن بشأن تحسين العلاقات، وأنقرة قد تقوم بخطوات جادة تجاه الملفات المتعلقة بمصر بشكل مباشر وهي المرتبطة بجماعة الإخوان وقيادات المعارضة المتواجدة على أراضيها. 
من الجانب المصري، قال العميد سمير راغب، رئيس المؤسسة العربية للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن مسار التفاوض بين البلدين يتوقف على ما يتفق عليه إن كان الحوار على أسس مسبقة من عدمه، إلا أن الحوار دون شروط مسبقة هو الأفضل.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك: "القنوات المعادية لمصر خففت من حدة لغتها تجاه مصر، وبعضها توقف الفترة الماضية، وبحسب راغب، فإن تركيا لن تسلم قيادات مطلوبة إلى مصر إلا أنها قد تطلب منهم الانتقال إلى أي دولة أخرى، وأن ذلك يعود لكون حزب "العدالة والتنمية" هو الحزب الحاكم. وفئة أخرى بحسب الخبير المصري سيستمر وجودها في تركيا دون ممارسة أي نشاط معادي لمصر.
وبشأن تأني القاهرة في الرد على التصريحات التركية، أوضح راغب أن السبب يعود لخلط الأوراق الذي تنتهجه تركيا وحديثها عن ترسيم الحدود والمصالحة في آن واحد، خاصة أن ترسيم الحدود البحرية يتعارض مع قانون أعالي البحار الذي لم توقع عليه تركيا، مشددا على أن مصر لديها علاقات قوية مع قبرص واليونان، وأنها لن تقيم أي علاقات على حساب علاقات أخرى.
وأشار سمير راغب إلى أن الرسائل المختلطة من الجانب التركية خلقت حالة من عدم الثقة لدى القاهرة تجاه تركيا، إلى جانب أن حديث الجانب التركي عن علاقات اقتصادية واستخباراتية هي بالفعل قائمة بين كل الدول حتى في حالات الاختلاف تعد توصيفا للعلاقات وليس تمهيدا لصفحة جديدة.
وشدد راغب على أن مصر لن تذهب لمفاوضات دون رؤية عربية مشتركة فيما يتعلق بالقضايا العربية وعلى رأسها ليبيا وسوريا والعراق، وذلك من خلال التشاور العربي كما حدث في أزمة قطر، والتي حلت من خلال التوافق الرباعي.
وفي الإطار ذاته، قال المحلل السياسي التركي فراس أوغلو: إن ملف قيادات الإخوان سيكون الملف الأخير في المباحثات بين مصر وتركيا.
وأضاف أوغلو في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن المصالح المشتركة بين البلدين أكبر من ملف الإخوان، والملف الليبي والمتوسط هي من أهم الملفات التي تتلاقى فيها المصالح المشتركة، لافتا إلى أن قيادات الجماعة ليست فاعلة في المشهد، وأن الإدارة الأمريكية تحاور بها بعض الدول الأخرى، خاصة أن الكثير من الدول تعتبر الإخوان "حزبا سياسيا"، وهو متواجد في العديد من العواصم.
وبحسب الخبير التركي، قد يكون هناك توجه دولي لتسوية ملف "الإخوان المسلمين"، خاصة أن الإخوان يشكلون الحكومات في العديد من الدول، وأن الإدارة الأمريكية قد تعمل على تسوية الملف في إطار استقرار المنطقة.
وفي سياق متصل وإزاء خطط الجماعة لمواجهة احتمال التقارب التركي المصري، يواجه الإخوان أزمة أخرى تطال شبابهم والموالين لهم المقيمين في تركيا، تتمثل في عدم وجود أوراق ثبوتية معهم، خاصة بعد انتهاء صلاحية جوازات سفرهم المصرية، وعدم حصولهم على أوراق ثبوتية وهوية في تركيا، ما أدى لوجود حالات كثيرة لا تستطيع اثباث قيد المواليد الجدد أو اثبات الزواج، كما لا يستطيعون الانتقال إلى بلدان أخرى للإقامة فيها كملاذات آمنة أو استئجار سكن أو التعامل مع البنوك والجهات الحكومية.
وكشفت مصادر لـ" العربية. نت " أن من بين الأسماء التي تسعى الجماعة لحل مشكلتهم ونقلهم لدول أخرى، أشرف أحمد رجب الزندحي وهو أحد المدانين بالسجن المؤبد في قضية اللجان الشعبية بكرداسة وكان يحمل جوز سفر صادر من جوازات العجوزة في مصر بتاريخ 30 أغسطس من العام 2010 وانتهى فعليا في 29 اغسطس من العام 2017 ومازال يقيم في تركيا دون جواز سفر أو أوراق ثبوتية، بالإضافة إلى يحيى السيد إبراهيم موسى مسؤول إدارة الكيان المسلح في الجماعة والمتهم الرئيسي في قضية اغتيال النائب العام والهارب لتركيا.
وفي نفس السياق كشف عاصم عبد الماجد، القيادي الاخواني الهارب إلى تركيا تفاصيل أخرى عن استعدادات جناح من الجماعة وخططه للمواجهة تحسبا لغدر السلطات التركية والرئيس رجب طيب أردوغان .
فقد اتهم قيادات اخوانية أخرى بالخيانة والغدر، معلنا عن تحالفهم السري مع حزب السعادة التركي المحسوب على جماعة الإخوان لإسقاط أردوغان .
وكتب على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك "الرئيس التركي يكاد ينفجر غيظا من تصرفات قيادات الإخوان في تركيا وتحديدا مجموعة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة، التي ترتبط بعلاقات قوية مع حزب السعادة الذي ثبت تحالفه مع أحزاب المعارضة لإسقاط أردوغان في الانتخابات الأخيرة.
كما اتهم تلك المجموعة بالخيانة، مشيدا بموقف أردوغان الذي علم بحسب زعمه، موقفهم ولم يفكر في طردهم ولا تقليص امتيازاتهم.
ويبلغ عدد أفراد التنظيم في تركيا بين 5 إلى 7 آلاف عنصر من بين 35 ألف مصري مقيمين في تركيا، بينهم قرابة ثلاثة آلاف حصلوا على الجنسية التركية، ويتركز تواجدهم في مدينة إسطنبول، ومنها تبث قنواتهم التلفزيونية، وفق معلومات حصل عليها موقع "سكاي نيوز عربية".
وحسب المعلومات فإن أنقرة لم تقدم ورقة تسليم قيادات الجماعة الفارين المقيمين على أراضيها، ووقف منصاتهم الإعلامية وفضائياتهم كأولوية يمكن التفاوض عليها في الوقت الحالي مع الحكومة المصرية، بل مازالت حتى اللحظة تقدم تطمينات للجماعة بأنها لن تقوم بتسليم قادتها، حسب مصادر مقيمة في تركيا.

شارك