التعذيب والاغتصاب.. شهادات تكشف جرائم الجيش التركي بحق نساء سوريا
كشف تقرير حقوقي سوري، عن مشاركة الجيش التركي في تعذيب السوريين،
وخاصة النساء منهم، في صورة تفضح جرائم نظان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي
يظهر بصورة المدافع عن الشعب السوري.
وفي لقاءات مع مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا ، تحدثت ( ناديا
سليمان ) البالغة من العمر 24 عاما، معتقلة سابقة خرجت من السجون بعد احتجازها
(878 يوما) بشكل غير قانوني، عن حالات التعذيب والاغتصاب، في سجون فرقة الحمزة ، و المخابرات التركية.
روت "ناديا" المعتقلة السابقة في سجون الميليشيات المسلحة الموالية لتركيا ، والتابعة
لائتلاف والحكومة السورية المؤقتة في مدينة عفرين السورية ما تعرضن له من فظائع شملت
أنواعا شتى من التعذيب والاغتصاب وتصويرهن عراة بحضور ضباط من جهاز الاستخبارات التركي.
وقالت ( ناديا سليمان )، وهي من أهالي منطقة عفرين
بريف حلب ، التي احتلتها القوات المسلحة التركية في مارس 2018، إنّها تلقت رسالة صوتية من هاتف زوجها المعتقل من
قبل ( فرقة الحمزة ) واسمه ( أحمد رشيد عارف رشيد ( 26 عام ) يطلب منها زيارته ، وأنّ
الرسالة الصوتية وصلتها عبر ( الواتس آب ) بتاريخ 2 اغسطس 2018 بصوت زوجها يطلب فيه
أن تجهز نفسها ، لزيارته وأنّ المسلحين سمحوا له بزيارات من عائلته. أضافت ناديا ”
بالفعل وصلت سيارة للمسلحين بعد ساعة تقريبا، كان أحد أصدقاء زوجها أيضا فيها ، اخبرني
إنّه تلقى نفس الرسالة ….”.
وأحمد رشيد عارف ، من أهالي قرية بيباكا التابعة
لناحية بلبلة/ بلبل في عفرين اختطف من قبل الجيش الوطني السوري بعد اقتحام منزله، بتاريخ
25 أيار 2018.
وقالت ناديا إنّ كل شيء تغيير بعد ذلك …. حيث تبين
أنّ الرسالة الصوتية كانت لاستدراجها وصديق زوجها لخطفهم، حيث تم اعتقالها، ولم تلتق
زوجها أبدا…
وذكرت ناديا إنها تعرضت للضرب في مركز الاعتقال
وبعد استجوابها 25 مرة، تم زجها في غرفة صغيرة منفردة، ولاحقا تم نقلها لسجن أكبر فيه
حوالي 40 معتقل ومعتقلة وثم احتجزت في سجن مع 11 امرأة وطفلين ( رضيع عمره سبعة أشهر
و طفل عمره سنة ونصف).
وأردفت أنّ آثار التعذيب كانت بادية على وجوه النساء
المعتقلات ، وأن ضابطا تركيا أخبرها بقدرته على انقاذها إن قبلت الزواج منه ، وانه
قال لها … نعلم ببرائتك يمكنني تخليصك بسهولة إن قبلت الزواج بي وساقوم بتهريبك الى
تركيا ….” وقالت أنها رفضت ذلك ليبدأ بتعذيبها.
وروت أنّها كانت معتقلة مع 11 امرأة وطفلين ، وكان
يتم رش مياه باردة عليهم وعلى الطفلين في الشتاء القارس وأنًهم كانوا يتمددون على أرضية
الغرفة بلا غطاء ولم يتم إعطاءهم بطانيات أو إسفنجات وتم حرمانهم من المياه ، ومن الطعام
وكان يقدم الطعام كل 3 أو 4 أيام مرة واحدة وحرم الطفل الرضيع من الحليب.
ولفتت ناديا إلى أنّهم قاموا بتعذيبها ، وتصويرها
وأنّها ذاقت التعذيب في بادئ الأمر، ومن ثم الاغتصاب مرات عدة، لافتة
إلى حالات الاغتصاب طالت نساء أخريات، وقالت إنّها كانت
شاهدة على وفاة شخصين تحت التعذيب.
وأفادت إنّها أحيلت إلى زنزانة انفرادية بعد أن
حاولت الانتحار للخلاص، وعاشت على مدار أشهر على رغيف خبز وبعض الجبن يقدم لها كل
3 أو 4 أيام مرة واحدة؛ ما أدى إلى مرضها وانهيارها عصبيا، كما وتحدثت عن حرمانها من
الذهاب إلى ( التواليت ) وحرمان من معها في السجن، وأنّهم كانوا يقومون بتجميع الفضلات
في أكياس حتى يفتحوا لهم الباب كل 3 أو 4 أيام مرة واحدة، ويتم منحهم نصف دقيقة فقط
لتفريغ الأكياس، وجرى تعذيبها بطرق عدة منها «بَلانكو\بَلانكا» وغرس الإبر في الأصابع
والأظافر وغمسها في خل التفاح والملح ، وقلع الأظافر وأساليب أخرى إضافة للاغتصاب والتحرش
والشتائم…
وأردفت ناديا أنّ كل امرأة من النساء اللاتي كنّ
محتجزات معها لاقى صنوف متعددة من التعذيب وأنّ النساء تتعرض للتحرش والاغتصاب، وقالت
إنّ أصوات التعذيب مازالت عالقة في ذهنها ولا يمكن نسيانها، خاصة من الغرف الأخرى ضمن
السجن حيث كان هنالك شباب ورجال وأطفال وكان أصواتهم قاسية ولا يمكن وصفها….
وذكرت ناديا إنّه تم نزع ثيابها مرارا، أثناء الاستجواب،
وبعده وعندما رفضت التهم المنسوبة إليها، جرى نقلها إلى غرفة التعذيب وتعليقها إلى
السقف ويديها مكبلتان من الخلف، وتم ضربها وضرب نساء أخريات بالخرطوم ، والكبل ، والحديد
، وتم تعريضها جسدها الهزيل للصعق بالكهرباء ، وأوضحت أنّها بعدما تعرضت لأنواع عدة
من التعذيب الجسدي، كان يغمى عليها، إلا أنّهم كانوا ينزلونها إلى الماء ويوصولونه
بالتيار الكهربائي كي تصحو.
كما وتحدثت عن قيام المسلحين برفقة أشخاص يتحدثون
اللغة التركية بتصويرهم عدة مرات، مرة وهم عراة، ومرة هم بلباس نظيف قدموه لهم ثم أخذوه،
وفي الفيديوهات جعلوهم ينفون تعرضهم لأي تعذيب وأنّ حياة وظروف السجن مرفهة، وأجبروهم
على شكر تركيا وأردوغان في أحد الفيديوهات ، وفي فيديو آخر جعلوهم يعترفون بالإكراه
والضرب والتعذيب إنّهم إرهابيون تورطوا في تفجيرات او خططوا لها وعملاء لصالح ( قوات
سوريا الديمقراطية ) و حزب العمال الكردستاني.
ناديا روت كذلك إنّهم قرروا الإفراج عنهم بعد 878 يوما من الخطف، على أثر اكتشاف مكانهم بعد اقتحام
السجن من قبل متظاهرين غاضبين من الغوطة الشرقية، على نتيجة خلاف بين أحد مسلحي فرقة
الحمزات وقيامه بقتل \ إصابة مدني من الغوطة ، حيث جرى نقلهم لسجن في اعزاز من قبل
الشرطة العسكرية، ولاحقا أعادت الشرطة العسكرية تسليمهم لفرقة الحمزة وأنّ قائدها المدعوة
سيف أبو بكر اشرف بنفسه على تصويرهم عراة وتعذيبهم ولاحقا تم نقلهم إلى سجن في مدينة
الباب ومنه لسجن في مدينة عفرين “معراته” ليتم عرضها لأول مرة على القضاء.
وقالت ناديا كانت المحاكمة روتينية لم يسمح لنا
بشيء لا محامي ولا توكيل، ورفضوا حتى الانصات لنا، ناديا قالت إنّها أخبرت قادة الفرد
العسكري ( لم تتذكر اسمه ) و قاضي المحكمة واسمه ( احمد سعيد ) عن تعرضها ونساء أخريات
للتعذيب والاغتصاب مرارا وأنّ القاضي ضحك وأستهزئ بهم وهددها وطالبها بكتم ذلك وعدم
التحدث مطلقا لحماية نفسها وحماية شرفها، وأنّه أجبرها كما بقية قادة الميليشيات في
السجون على توقيع أوراق باللغة العربية وأوراق باللغة التركي دون أن يسمح لها بقراءة
محتوها، وجرى تصويرها مجددا وثم أطلق سراحها مع إبلاغها بأنّ تبقى في المنزل وأنّ لا
تغادره أو تتحدث لأي وسيلة إعلامية أو تكتب شيئا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتابعت كان التعذيب يومي ، بشكل فردي أو جماعي ،
وتعرضنا للاغتصاب مرارا ، كانوا يعطونا حبوب مخدرة ، أحيانا يقوم برش المياه الباردة
علينا جميعا ، حتى الأطفال الصغار لم يتم استثنائهم من التعذيب ، رفضوا إعطائنا أغطية
، أو سجاد الأرض ، في فصل الشتاء كدنا نعاني من المرض وكان الأطفال الصغار يبكون من
المرض والبرد والجوع…أيضاً كانوا يغرزون إبر في الاصبع ، وتحت الاظافر ويرشون عليها
خل التفاح ، بشكل متكرر ودائم ، وأحيانا يرشون الملح ويربطونا في السقف لنتدلى للأسفل.
وأوضحت انه تم التحقيق معي 25 يوم بشكل متواصل،
ترافق مع التعذيب ، التهم متعددة مختلقة ، تم تصويري والزامي على الإقرار بأنّي مرتبط
بحزب العمال الكردستاني ، وأنّي قيادية أخطط لتنفيذ عمليات تستهدف تركيا والجيش التركي
….لم نكن نستطيع رفض شيء ، سلبوا مننا إرادتنا وكل شيء…. كانوا يضربونني بخرطوم مياه
، وبقطع الحديد بأطراف حادة متل السيف ، كانوا يقوموا بوضع ملح الليمون تحت الأظفار
، وكانوا يهينوننا بشكل دائم ، ويستهزئون بنا على أنّنا سبايا وهم يملكون القرار في
أن يفعلوا ما يشاؤون بنا ….مرة حاولت الانتحار للخلاص ، قاموا بضربي بأداة حادة على
رأسي فقدت الوعي ، سالت دمائي من الانف والفم ، تركوني وسط الدم ونقلوني بعدها للمنفردة
بقيت فيها مدة طويلة حتى فقدت الإحساس بالوقت … تم سحبي من المنفردة من شعري ، وتم
سحلي مرارا ، وحرماني من الثياب من الماء من الطعام من الذهاب للتواليت …. كانت صلاتنا
بالعالم مفقودة ، لا أحد يعرف أين نحن وكيف ولا نعلم نحن ماذا يجري في الخارج…
في سجن معراته لأول مرة تمت إحالتنا للمحكمة ، والقضاء
، في البداية كان القاضي العسكري ، لا أتذكر اسمه ، كان مستعجلا لإنهاء القضية ، وطلب
مني ، كما طلبوا منّا في السجن الصمت وعدم الادلاء بشيء، وانتظار القاضي ليتحدث وأنّنا
مقابل صمتنا سنحصل على إطلاق السراح ، ضمن عفو سيصدرونه ، لكن لم يكن يهمني شيء، تحدثت
أمام القاضي عن التعذيب والاغتصاب والتحرش والضرب وظروف السجن وأنّنا مدنييون أبرياء
تم إجبارنا على الإدلاء بتصريحات مصورة تحت التعذيب ، وانهم خطفوني وأنا متجه لزيارة
زوجي المعتقل ، قاطعني القاضي وطلب إعادتي للسجن وهددني، بالفعل أعادوني للسجن وبدؤا
بضربي مجددا في اليوم التالي أدخلوني قاعة المحكمة وتم إجباري على توقيع أوراق أجهل
محتواها كانت باللغة التركية والعربية …
تضيف ناديا ” تم إحالتنا لمحكمة أخرى ، بدا أنّها
مدنية هذه المرة ، ورفضت التزام الصمت رغم تهديدهم بقتلي إن تحدثت ، لقد عرف القاضي
عن نفسه وقال إنّ اسمه هو ( احمد سعيد ) ، سردت له كيف تعرضت للتعذيب والاغتصاب ، وكيف
تعرضت بقية النساء معي في السجن ، وبقية المعتقلين للتعذيب واني شاهدة على مقتل شخصين
تحت التعذيب ، الأول اسمه ( بلال عبدو ) والثاني ( العم حسن، اب لثلاث بنات )…. توقعت
أنّ القاضي ينصت وسينصفني ، لكن تبين أنّه يود مني الحديث للتسلية ، كان يبتسم وأستهزئ
بي ، هددني بأنّ لن أخبر أحدا بهذه القصص لحماية شرفي وعائلتي ولكي لا أتعرض للقتل
والملاحقة والعودة لنفس الظروف ….
وقالت ناديا : حسن كان والد 3 بنات تعرض لتعذيب شديد ، كان قد فقد صوته من التعذيب
تأكدت من وفاته ، لقد مات في المنفردة التي نقلوها إليه ، والتي كانت قبرا …كنت أشاهد
من فتحة صغيرة ، في الباب ، تم لفه ببطانية ونقله خارجا ، كذلك فعلوا ببلال عبدو.
أفرج عن ناديا سليمان بعد قضاء 878 يوما في سجون
الميليشيات الموالية لتركيا تنقلت خلالها ضمن 9 سجون ، في 4 مدن خاضعة لسيطرة الجيش
التركي ، منها 90 يوم قضتها في سجون خاضعة لإشراف مباشر من أجهزة الاستخبارات التركية .
ولم تكن ( فرقة الحمزة ) ستكشف مصير هؤلاء النساء
المختطفات ، ومصير أخريات لو لم يتم اقتحام سجن ( الحمزات ) من قبل متظاهرين غاضبين
من ريف دمشق في عفرين بمدينة حلب ، حيث خرجوا في تظاهرات مطالبين بطرد ومحاسبة “فرقة
الحمزات” وهي فصيل تابع لتركيا بعد اشتباكات عنيفة معها.
بتاريخ 28 مايو 2020 أثيرت ضجة عارمة بعد العثور
على 11 امرأة ( بعضهن عاريات ) وطفلين أحدهما رضيع داخل سجن سري لفصيل ” فرقة الحمزة
” العامل ضمن ” الجيش الوطني” في مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة مسلحين موالين لتركيا.
مسلحي ريف دمشق ومتظاهرين فوجؤ بوجود 11 امرأة وطفلين
أحدهم رضيع ، بينهم نساء احتجزن وهن عاريات ، إضافة لمعتقلين آخرين لدى “فرقة الحمزات”.