المشاحنات المتبادلة بين الرئاسات الثلاث في تونس تعمق الأزمة السياسية
الثلاثاء 16/مارس/2021 - 01:52 م
طباعة
فاطمة عبدالغني
مشاحنات الرئاسات الثلاثة في تونس في تصعيد وقد تأخذ الأزمة الدستورية منحى أكثر تطورًا، خاصة في ظل تجديد رئيس الجمهورية قيس سعيد اتهامه لأطراف لم يسمها بعرقلة جهوده من أجل حل مشاكل البلاد، واعتبر أنه لو كان النظام رئاسيًا لما آلت الأوضاع إلى هذا المستوى من الخراب والدمار على حد وصفه.
وكان قيس سعيد تحدى من وصفهم بالفاسدين بأنه سيتصدى لهم بكل الوسائل القانونية، و وجّه الرئيس التونسي انتقادات حادة للائتلاف الحاكم الذي تتزعمه حركة النهضة، وللأحزاب السياسية في البلاد.
وانتقد الرئيس سعيّد من ولاية (محافظة) قابس (جنوب شرقي تونس) الأحد 14 مارس، تأكيد الائتلاف الحاكم الذي تتزعمه حركة النهضة على وجود أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية في تونس، قائلاً إنهم "لا يعيشون إلا في ظل الأزمات، لأن الأزمة وخطاب الأزمة عندهم هو وسيلة من وسائل الحكم"، على حد تعبيره.
وجدد سعيّد تأكيده عدم الانتماء لأي حزب سياسي، وأنه لن يدخل أي حزب، واعتبر أن انتماءه لا يكون إلا لتونس فقط. وتابع فيما يشبه الحملة الانتخابية المبكرة: "أحمل همومكم، وأحاول أن أتجاوز الأزمات، ولكن هذه المحاولات التي أقوم بها لا يجب أن تُقابل بالجحود وبالنكران، ومَن عاهد عليه أن يفي بعهده".
وهاجم الرئيس سعيّد الأحزاب السياسية قائلاً: "عندهم أموال للأبواق المسعورة وللخونة والعملاء، أما الأموال التي يستحقها الضعيف والمستضعف فلا وجود لها... وكل يوم يأتي أحدهم بخطاب أو اقتراح لتأزيم الأوضاع"، على حد قوله. وتوعد بالتصدي بكل الوسائل القانونية للفاسدين وللمفسدين، ومن سمّاهم "أسراب الجراد التي لم تُبقِ ولا تذر".
في المقابل وردًا على تصريحات قيس سعيد، شدد رئيس البرلمان التونسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي على أن حل الأزمة التي تمرّ بها البلاد سيكون إمّا بالحوار وإمّا بـ"القوة الغاشمة".
وأضاف الغنوشي في تصريح نقلته عنه إذاعة "شمس أف.أم" المحلية أن "الحوار ما زال مفتوحا ويمكن أن يظل مفتوحا وثورة تونس كانت سلمية وينبغي أن تستمر كذلك، وبالتالي لا يوجد طريق لحل المشاكل إلا بالحوار"، موضحا أنه لم يتلق أي ردّ من الرئيس سعيّد على المبادرة التي تقدم بها.
ومن جانبه قال رئيس كتلة حركة النهضة في مجلس نواب الشعب، عماد الخميري "نحن نرى اليوم دعوات لا يمكن إلا أن تعمق الأزمة، لأن الأطراف المحيطة برئيس الجمهورية تدفعه إلى تفعيل آليات دستورية ليس لها مقتضيات شكلية ولا موضوعية في الوقت الحاضر ولا يمكن إلا أن تزيد في إغراق البلاد في الأزمة وفي الخلافات"، وفق تصريح.
هذا وتشهد البلاد صراعا سياسيا متواصلا بين رأسي السلطة التنفيذية (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة) على خلفية قيام رئيس الوزراء التونسي، هشام المشيشي بإقصاء وزير داخليته السابق، توفيق شرف الدين، المقرب من الرئيس قيس سعيّد، في مطلع يناير الماضي، قبل أن يجري تعديلا وزاريا على حكومته في الشهر ذاته، حيث عيّن بموجبه 12 وزيرا جديدا، "أملا في ضخ دماء جديدة في الحكومة"، رغم أنه لم يمض على ولايتها سوى عدة أشهر.
وأثار هذا الأمر غضب الرئيس سعيّد، خاصة أنه لم يجر التباحث معه بشأن التعديل الوزاري، معتبرا الأمر انتهاكا للدستور، مشيرا إلى أن هناك بعض شبهات لتضارب المصالح للوزراء الجدد وشبهات فساد.
ورفض سعيّد حتى الآن التعديل الوزاري، وامتنع عن استقبال هؤلاء الوزراء، لأداء اليمين الدستورية، وعلى إثر الأزمة السياسية طلب الميشيشي استشارة من المحكمة الإدارية بخصوص التعديل الوزاري، ليأتي ردها، بأنها غير مخولة بالخوض في الأمر.
وتصاعدت الأزمة بين الرئيس ورئيس الحكومة، وتعددت على إثرها النداءات لإطلاق "حوار وطني" للخروج من الأزمة، لكن الأزمة القائمة بينهما الرئيس ورئيس حكومته جعل الحوار في مهب الريح، خاصة في ظل ربط قيس سعيد انطلاق الحوار الوطني بتقديمه استقالة المشيشي وهو الأمر الذي رد عليه المشيشي بأنه "كلام لا معنى له"، مؤكدًا أن استقالته أمر غير مطروح.
وبحسب تقارير صحفية أكد محللون أن الوضعية التي وصلت لها البلاد هي نتيجة مباشرة لمشهد سياسي متأزم وغياب رؤية واضحة وتراكمات لعدة سنوات أفضت في الأخير لانسداد غير مقبول بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وشلل في أعمال مؤسسات الدولة وتدهور كل المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية حيث بات الحوار الوطني في تونس رهين المقايضات السياسية.