فرنسا ومواجهة الإرهاب بديلا عن القارة العجوز
الخميس 18/مارس/2021 - 02:06 م
طباعة
حسام الحداد
أصبح الإرهاب الدولي أحد أخطر التهديدات للسلام والأمن الدوليين، ونظرًا إلى أن هذا التهديد لم يكن في السابق بهذه الخطورة، أخذت فرنسا تحشد جهودها على جميع الأصعدة بالتعاون مع شركائها الدوليين بغية محاربة الشبكات الإرهابية على أراضيها وفي الخارج.
وفي العقدين الأخيرين أصبحت فرنسا أكبر دولة أوروبية تتلقي هجمات ارهابية من جماعات متطرفة على علاقة بجماعات الإسلام السياسي، حيث وقع في فرنسا وحدها قرابة 44% من الهجمات الإسلامية و42% من الضحايا في أوروبا.
وحسب دومينيك رينيه الاستاذ في معهد العلوم السياسية الفرنسي في حوار له مع صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية: منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى الثمانينيات، كانت الهجمات الارهابية مدفوعة بأسباب ثورية تحت شعارات العلمانيين والاشتراكيون والقوميون والانفصاليون ولكن شهد عام 1979 نقطة تحول أولى مع صعود الحركات الإسلامية وجماعات الإسلام السياسي، حيث ساهمت عدة أحداث في ظهور جماعات الإسلام السياسي للعالم، منها التدخل السوفيتي في أفغانستان، والثورة الإيرانية، فضلا عن نشاط جماعة الإخوان المسلمين في مصر وفي سوريا على وجه الخصوص، حيث باتت الجماعة مسئولة عن ولادة جميع جماعات الإسلام السياسي منذ أعوام 1980-1983، وتابع، لقد وقعت فقط في الفترة "1979-2019"، 2190 هجومًا نفذته جماعات متطرفة على علاقة بجماعات الإسلام السياسي تسببت في مقتل 6818 شخصًا.
ومؤخرا قالت مؤسسة "فوندابول"، وهي أحد مراكز مواجهة التطرف في فرنسا، أنه منذ سنوات شهدت فرنسا تصاعدا كبيرا في حجم وعدد الهجمات الإرهابية، بالتوازي مع تمدد الجماعات الإرهابية، مشيرة إلى أن فرنسا تضم 42 % من مجموع الضحايا.
وتشير المؤسسة البحثية في دراسة استقصائية عن هجمات الإرهابين في العالم بين عامي 1979 و2000، إلى أن المجموعات المتطرفة قد نفذت حوالي 2190 هجوما، وتسببت في مقتل 6818 شخصا خلال هذه الفترة في أنحاء العالم، من دون اعتبار الجرائم التي ارتكبت في ساحات الحروب.
ويقول دومينيك رينيه مدير مركز "فوندابول" للأبحاث، إن هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 مثلت نقطة تحول جديدة من خلال تكريس "عولمة الإرهاب"، وهي تشكل أعنف مجموعة من الهجمات في تاريخ الإرهاب حتى الآن، و"بحسب معطياتنا هناك تكثيف لظاهرة عنف المتشددين بين عامي 2001 و2013، حيث ارتفع عدد الهجمات بمقدار 4 أضعاف (8264)، وأكثر من 6 أضعاف في عدد الضحايا مقارنة بالفترة السابقة (38186)"..
وأشار إلى أن "الجماعات الإرهابية تعمل بقوة على تطوير أساليب عمل جديدة، على سبيل المثال من خلال تحريض الأفراد على العمل بمفردهم لا سيما من خلال الهجمات الانتحارية المميتة بشكل خاص، فيما أصبح يعرف بالذئاب المنفردة".
وذكرت دراسة جديدة للمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب أن الهجمات المتوالية التي ضربت فرنسا بنهاية عام 2020 أسهمت في تطوير النظرة الفرنسية لجماعات الإسلام السياسي بما فيهم الإخوان باعتبارهم الحاضنة الرئيسية للجماعات المتطرفة ما تبلور فى قرارات شملت حظر جمعيات دينية وإغلاق مساجد أبدت تعاطفًا مع منفذي هجمات فرنسا الأخيرة.
وتابعت الدراسة أنه حظرت الحكومة الفرنسية في 22 أكتوبر 2020 جمعية الشيخ ياسين التي تأسست فى 2004 وقررت حلها والتحقيق مع مديرها عبد الحكيم صفروى لتورطهم فى الاشتراك فى عملية قتل وقطع رقبة المدرس الفرنسي صموئيل باتى في 16 أكتوبر 2020 على يد مهاجر شاب تعود أصوله للشيشان بعد اعتراض بعض أولياء الأمور على عرض باتى صور كاريكاتير مسيئة للدين الإسلامي فى إحدى الحصص الدراسية.
ولفتت الدراسة شملت المواجهة حكم من القضاء الإداري بفرنسا بإغلاق مسجد بانتان فى العاصمة باريس لمدة 6 شهور لاتهامه بالترويج لبيانات أسهمت فى قتل صموئيل باتى عبر مقاطع فيديو بثها على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعى، فى حين اعترض مسؤول المسجد محمد حنيش على القرار مؤكدًا أنه ندد بالحادثة فور وقوعها وأنه سيقدم استئناف على الحكم الصادر ضد المسجد.
وأوضحت الدراسة أن فرنسا أعلنت في 16 يناير 2021 إغلاق 9 مساجد بعد توجيه من وزير الداخلية بمراقبة 18 مسجدًا للتأكد من عدم استخدامهم لنشر قيم تتنافى مع مبادئ فرنسا، ووضع 76 مسجدًا تحت المراقبة كما حلت السلطات جمعية بركة سيتي ذات الروابط السلفية، وحلت جمعية التجمع ضد الإسلاموفوبيا بفرنسا القريبة من جماعة الإخوان.
وكشفت الدراسة أنه اتخذت الحكومة الفرنسية عدة اتجاهات لمواجهة منابع التطرف فى البلاد، تجاوزت الإغلاق والحظر للكيانات المشتبه بها لتصل إلى القواعد التى تترعرع عليها الجماعات الإسلاموية مستقطبًا عناصر جدد أو كمداخل لاستخبارات الدول لتوظيف عملاء يهددون استقرار المجتمع.
وتابعت الدراسة أنه عملت تركيا لسنوات من أجل السيطرة على المساجد والجمعيات الدينية فى أوروبا، وعلى عكس ما يعترى هذا الملف من جمود فى ألمانيا فأن فرنسا تتجه نحو خطوات حاسمة لإيقاف اختراق أنقرة لمساجدها وتقويض سيطرتها على مناهج الجمعيات الدينية، وأوقفت فرنسا استقدام أئمة من الخارج وقصرت الملف على الداخل.