مبادرة السعودية بشأن اليمن.. بين الترحيب الدولي والمراوغة الحوثية
الثلاثاء 23/مارس/2021 - 06:19 ص
طباعة
أميرة الشريف
في ظل تفاقهم الأزمة اليمنية والصراعات المستمرة بين الحكومة وجماعة الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران والتي تصر علي التصعيد يوما بعد يوم، تنوعت آراء خبراء ومتخصصون في الشأن اليمني بشأن المبادرة التي أعلن عنها وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، لإنهاء أزمة اليمن التي دخلت عامها السابع، وأطلقت السعودية، مبادرة لإنهاء الحرب وإقرار السلام في اليمن، تضمنت خصوصاً اتفاقاً لوقف إطلاق النار تحت رقابة الأمم المتحدة، واستئناف المحادثات السياسية، وفتحاً جزئياً لمطار صنعاء الدولي، ودعت الحكومة السعودية الأطراف اليمنية للقبول بالخطة من أجل دخولها حيز التنفيذ.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في مؤتمر صحفي مشترك مع الناطق باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، العميد الركن تركي المالكي، إنه استمراراً لحرص السعودية على أمن واستقرار اليمن والمنطقة، والدعم الجاد والعملي للسلام وإنهاء الأزمة اليمنية، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني الشقيق، وتأكيداً لدعمها للجهود السياسية للتوصل إلى حل سياسي شامل بين الأطراف اليمنية في مشاورات بييل، وجنيف، والكويت، وستوكهولم، فإنها تعلن عن «مبادرة المملكة لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل إلى حل سياسي شامل»، والتي تتضمن وقف إطلاق نار شاملاً تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك وفق اتفاق ستوكهولم.
كما تتضمن فتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الرحلات المباشرة الإقليمية والدولية، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة، بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.
وتابع الأمير فيصل بن فرحان، أن المبادرة تجيء دعماً لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث، والمبعوث الأمريكي لليمن تيموثي ليندركينج، والدور الإيجابي لسلطنة عمان، ودفع جهود التوصل لحل سياسي للأزمة برعاية الأمم المتحدة. ودعا الحكومة اليمنية والحوثيين للقبول بالمبادرة، وهي مبادرة تمنح الحوثيين الفرصة لتحكيم العقل، ووقف نزيف الدم اليمني، ومعالجة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية التي يعانيها الشعب اليمني الشقيق، وأن يكونوا شركاء في تحقيق السلام، وأن يُعلوا مصالح الشعب اليمني الكريم وحقه في سيادة واستقلال وطنه على أطماع النظام الإيراني في اليمن، والمنطقة، وأن يعلنوا قبولهم بالمبادرة، ليتم تنفيذها تحت إشراف ومراقبة الأمم المتحدة.
وأضاف وزير الخارجية السعودي، كما تؤكد المملكة حقها الكامل في الدفاع عن أراضيها ومواطنيها والمقيمين فيها من الهجمات الممنهجة التي تقوم بها الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، تؤكد أيضاً رفضها التام للتدخلات الإيرانية في المنطقة واليمن، حيث إنها السبب الرئيسي في إطالة أمد الأزمة اليمنية بدعمها لميليشيات الحوثيين عبر تهريب الصواريخ والأسلحة وتطويرها، وتزويدهم بالخبراء، وخرقها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وفي أول رد فعل سعت جماعة الحوثي إلى التملص من إعلان الالتزام بالمبادرة، زاعمة أنها لا تتضمن شيئاً جديداً، لكنها مع ذلك أكدت أنها ستواصل المحادثات مع السعودية، وسلطنة عمان، والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق سلام.
في هذا السياق، رحبت عدد من الدول العربية بالمبادرة السعودية، وأبدت وزارة الخارجية اليمنية ترحيبها بمبادرة المملكة العربية السعودية بشأن وقف إطلاق النار الشامل وفتح مطار صنعاء لعدد من الوجهات، واستكمال تنفيذ اتفاق ستوكهولم.
وفي بيان لها قالت الوزارة: "نذكر بأن مليشيا الحوثي قابلت كل المبادرات السابقة بالتعنت والمماطلة وعملت على إطالة وتعميق الأزمة الإنسانية من خلال رفضها مبادرتنا لفتح مطار صنعاء ونهب المساعدات الإغاثية وسرقة مدخولات ميناء الحديدة المخصصة لتسديد رواتب الموظفين، مقابل تضليلها للمجتمع الدولي بافتعال الأزمات على حساب معاناة اليمنيين".
وأشار الى أن هذه المبادرة أتت استجابة للجهود الدولية الهادفة لإنهاء الحرب والمعاناة الإنسانية، في الوقت الذي يقود فيه الجيش الوطني مسنودا بالمقاومة الشعبية ملاحم بطولية محققا انتصارات في مختلف جبهات القتال التي أشعلتها المليشيات الحوثية في مارب وتعز وحجة والجوف والبيضاء والضالع، وهي اختبار حقيقي لمدى رغبة المليشيات المدعومة من إيران بالسلام، واختبار لمدى فاعلية المجتمع الدولي المنادي بإنهاء الحرب واستئناف المسار السياسي.
وأعرب الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، عن تأييد بلاده لمبادرة المملكة العربية السعودية التي أعلنت عنها وزارة الخارجية، الاثنين، للتوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن.
وأكد بن زايد أن دولة الإمارات تدعم بشكل كامل هذه المبادرة، التي تعد فرصة ثمينة لوقف شاملٍ لإطلاق النار في اليمن، ولتمهيد الطريق نحو حل سياسي دائم.
وثمنت مصر في بيان لوزارة الخارجية الجهود الصادقة للمملكة العربية السعودية وحرصها الدؤوب على التوصل لتسوية شاملة في اليمن تُنهي أزمته السياسية والانسانية المُمتدة، وتعمل على تغليب مصلحة الشعب اليمني الشقيق وتهيئة الأجواء لاستئناف العملية السياسية بهدف التوصل إلى حل شامل للأزمة اليمنية.
كما دعت مصر كافة الأطراف اليمنية إلى التجاوب مع المبادرة السعودية بما يحقن دماء الشعب اليمني الشقيق ويدعم جهود إحلال السلام في اليمن.
وانضمت البحرين إلى مصر والإمارات، وأعربت عن تأييدها للمبادرة السعودية، معربة عن إشادتها بالمواقف السعودية المشرفة الداعمة للجمهورية اليمنية، وسعيها الدائم لاستعادة الأمن والاستقرار في اليمن الشقيق، وما قدمته من عون ومساعدات إنسانية للتخفيف من معاناة الشعب اليمني.
كما أعربت البحرين عن تطلعها بأن تلقى هذه المبادرة السعودية الخيرة تأييداً وترحيباً من كافة الأطراف اليمنية والمجتمع الدولي من أجل إنهاء الحرب وإعادة السلم والأمن إلى اليمن وتحقيق تطلعات شعبه الشقيق في إعادة الإعمار والتنمية والازدهار.
ودعت الكويت الأطراف اليمنية للتفاعل الإيجابي مع هذه المبادرة، والالتزام التام بها؛ بغية انطلاق المشاورات وصولاً إلى الحل السياسي المنشود وفق المرجعيات الثلاث المتفق عليها. ودعت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لدعم هذه المبادرة، والسعي لإطلاق العملية السياسية التي تنهي الصراع الدائر في اليمن بما يحفظ للبلد الشقيق أمنه واستقراره ويحقق آمال وتطلعات شعبه.
ومن جانبه، أعلن نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الاردني، أيمن الصفدي، عن دعم الأردن الكامل للمبادرة السعودية، وقال الصفدي: إن المبادرة تقدم طرحاً متكاملاً منسجماً مع قرارات الشرعية الدولية للتوصل لاتفاق سياسي شامل ينهي الأزمة اليمنية، ويحمي اليمن، ويوقف معاناة الشعب اليمني ويعزز الأمن والاستقرار الإقليميين.
وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عن تأييده للمبادرة، مؤكدا أنها تمثل خطوة إيجابية نحو تسوية شاملة في اليمن، وتعكس صدق نوايا المملكة وسعيها للتخفيف من معاناة الشعب اليمني جراء استمرار الحرب.
كما رحب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، بمبادرة المملكة العربية السعودية لإنهاء الأزمة في اليمن.
وأكد الحجرف ان هذه المبادرة تعكس الحرص الكبير والرغبة الصادقة لإنهاء الازمة اليمنية ولكي ينعم الشعب اليمني بكل اطيافه بالأمن والاستقرار بعد سنوات من الحرب نتيجة انقلاب مليشيات الحوثي علي الشرعية وكذلك استمرار التدخلات الإيرانية، ودعمها للمليشيات الحوثية، تلك الحرب لتي طالت مقدرات اليمن والشعب اليمني واستقراره.
ودعى الحجرف كافة الأطراف اليمنية إلى الاستجابة والقبول بمبادرة المملكة العربية السعودية لتجاوز العقبات القائمة وتغليب مصالح الشعب اليمني الشقيق.
ومن ناحيتها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: "واشنطن تدعو جميع الأطراف إلى الالتزام فورا بوقف إطلاق النار في اليمن والدخول في محادثات لحل الأزمة. واشنطن ترحب بالتزام السعودية والحكومة اليمنية بخطة وقف إطلاق النار في اليمن".
كما رحبت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بالمقترح السعودي لوضع حد للقتال في اليمن، وقالت إن على الحوثيين وداعميهم الإيرانيين إظهار ما إذا كانوا جادين في تحقيق السلام.
وكتب عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جيم ريش: " أرحب باقتراح السعودية الموضوعي لإنهاء القتال في اليمن. يعزز هذا جهود الولايات المتحدة والأمم المتحدة للتوسط في تسوية سياسية شاملة. على الحوثيين إثبات ما إذا كانوا هم وداعميهم الإيرانيين جادين في تحقيق سلام حقيقي".
من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إن بريطانيا ترحب بمبادرة السلام الجديدة التي اقترحتها السعودية لإنهاء الحرب في اليمن، وحث الحوثيين على العمل مع السعودية لوضع حد للصراع المستمر منذ ست سنوات.
وقال راب على تويتر "أرحب بإعلان السعودية اليوم بخصوص اليمن. وقف إطلاق النار على مستوى البلاد والتحرك لتخفيف القيود على وصول المساعدات الإنسانية أمر ضروري. يجب على الحوثيين الآن اتخاذ خطوات بالمثل صوب السلام وصوب إنهاء معاناة الشعب اليمني".
ورحبت الأمم المتحدة بإعلان المملكة العربية السعودية عن نيتها اتخاذ عدد من الإجراءات لإنهاء الصراع في اليمن وترحب بالدعم السعودي لجهود الأمم المتحدة.
كما دانت فرنسا بأشد العبارات الهجوم غير المقبول الذي وقع في الرياض في 19 مارس الماضي ضد شركة أرامكو. وتؤكد من جديد تمسكها بأمن الأراضي السعودية واستقرار المنطقة.
وقالت الخارجية الفرنسية إنه يجب أن تتوقف أعمال الحوثيين المزعزعة للاستقرار في المنطقة وهجومهم في محافظة مأرب اليمنية على الفور. وتؤكد فرنسا مجددًا تحركاتها من أجل وقف الأعمال العدائية في البلاد وإعادة إطلاق المناقشات بهدف التوصل إلى اتفاق سياسي شامل وجامع ، تحت رعاية الأمم المتحدة.
ويري مراقبون بأن الحوثيون سيقبلون المبادرة بشكل مبدئي، كفرصة لالتقاط الأنفاس بعد اشتداد حصارهم في عدة مناطق يمنية، فيما توقع آخرون أن تراوغ جماعة الحوثي بقبول المبادرة ثم التراجع عنها مستقبلا.