مخططات لهدم دار الفنون طرابلس.. يد الإرهاب تطال الثقافة الليبية

الثلاثاء 30/مارس/2021 - 01:01 م
طباعة مخططات لهدم دار الفنون أميرة الشريف
 
اعتادت الجماعات الإرهابية في كل أنحاء الدول التي تشهد صراعات داخلية على تشويه وإفساد جميع المعالم الحيوية في البلاد وبالأخص التراث، وكما شهدت اليمن من قبل جماعة الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران تشوية التراث اليمني، تشهد ليبيا الأن نفس السيناريو من قبل التنظيمات المنتشرة في كل مكان، وفي محاولة جديدة لفرض تواجدها على الساحة الليبية أطلقت الميليشيات الإرهابية دعوات لهدم "دار الفنون في طرابلس"، في استهداف صريح للوسط الثقافي الليبي.
يأتي ذلك بالتزامن افتتاح رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة المعرض الفني الخاص بالفنان العجيلي العبيدي، وذلك على هامش الزيارة التي أجراها إلى دار الفنون بالعاصمة طرابلس بدعوة من مجموعة من الفنانين والمثقفين، واستجابةً لمناشدتهم بالمحافظة عليها.
والتقى الدبيبة، خلال الزيارة التي رافقته فيها وزيرة الثقافة مبروكة أوكي، عددًا من النشطاء والكتاب والمثقفين، حيث تعرف على تاريخ نشأة دار الفنون، وحجم المساهمة التي قامت بها في سبيل التعزيز من دور ليبيا الثقافي والفني من خلال احتضانها لأكثر من 600 معرض محلي ودولي، وهي مساهمة لفتت بدورها انتباه المنظمات والهيئات الدولية والمحلية.
كما عبر رئيس الحكومة عن مدى الحاجة لعودة النشاط الثقافي والارتقاء به، خاصة وأن الفنان يعتبر سفيرًا لوطنه، يمارس لغة مشتركة بين الشعوب ويمثل أداة تواصل فريدة مع المجتمعات الأخرى.
كما طالب عدد من الفنانين والمثقفين والنشطاء الذين تواجدوا في الحدث بدعم حكومة الوحدة الوطنية للثقافة وروادها، وكذلك بتوفير الدعم للمرافق الثقافية في كل ليبيا، وبالأخص دار الفنون بطرابلس؛ التي تعتبر أحد أبرز فضاءات الفن في ليبيا.
وتسببت الدعوات التي أطلقتها "جمعية الدعوة الإسلامية"، في نشر الخوف داخل الوسط الثقافي الليبي، لا سيما قطاع الفن التشكيلي، خصوصا وأنها استهدفت واحدة من أهم المؤسسات الثقافية الليبية، والتي تأسست في عام 1993، واحتضنت العديد من الفعاليات الفنية والمعارض لرواد الفن التشكيلي في البلاد، بالإضافة إلى أنشطة ثقافية أخرى من أمسيات شعرية وندوات فكرية.
وفي محاولة للحفاظ على الدار من تهديدات الإرهاب، أطلق نشطاء ومثقفون وسما على مواقع التواصل الاجتماعي حمل اسم "أنقذوا دار الفنون".
وقالت الجمعية الليبية للفنون التشكيلية في بيان لها إنه في الوقت الذي تدعم فيه الدول وتساهم وتفخر بعراقة وتاريخ مؤسساتها الثقافية باعتبارها واجهة حضارية، نجدهم في بلادنا يغلقون صالات العرض والمسارح ودور الكتب، حتى وصل الأمر إلى التفكير في هدم دار الفنون العريقة المؤسسة التي ظلت ولعقود طويلة البراح الأمن لكل المبدعين في شتى مجالات الثقافة والفنون".
من جانبها طمأنت وزارة الثقافة والتنمية المعرفية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، الأحد، الوسط الثقافي الليبي، أن هذا الصرح الثقافي والفني لن يمس بسوء.
وأعلنت الوزارة في بيان لها، أنها فتحت قنوات اتصال مع جمعية الدعوة الإسلإمية العالمية، وغيرها من المؤسسات بهدف التنسيق الكامل للحفاظ على الصروح الثقافية والفنية والتراثية بما يعزز الثراء الفكري والحضاري لليبيا.
ووفق تقارير إعلامية وصف الكاتب والروائي الليبي منصور بوشناف، قرار التهديد بهدم دار الفنون بـ"الطوفان القبلي والتصحر الذي يكتسح كل ماله علاقة بالثقافة والفنون الليبية"، وقال بوشناف إن هذا القرار "ينذر بالدمار ويبشر بعصر ثقافة القتل وإلقاء الجثث في المكبات وحرق الكتب والآلات الموسيقية".
وكتب الفنان التشكيلي الليبي على العباني، عبر صفحته بالفيسبوك، إن دار الفنون فتحت أبوابها للفنانين والمثقفين، لتتحول إلى منتدى لا نظير له في مدينة غابت فيها المنتديات والملتقيات ليأتي اليوم من لا يطيق رؤية الجمال لأنه يستفز ما بداخله من قبح وعداء لكل ما هو جميل ليتربص بأسمى ما في الحياة من قيم الحرية والفرح".
وأضاف العباني "أن بلادنا للأسف فقدت كل ما من شأنه أن يحقق الحرية وأن يبث الأمل والطمأنينة في النفوس"، مشيرا إلى أن دار الفنون ملتقى التشكيليين والأدباء والمثقفين وواجهة البلاد الحضارية، وأيقونة منها نطل على مشارف الأحلام.
من جانبها، قالت الفنانة التشكيلية الليبية سعاد الأبا: "أنقذوا دار الفنون فمن المؤلم أني سمعت أن الدار ستهدَّم، والتي هي مَعلمةٌ فنية وأدبية وثقافية في عاصمتنا الحبيبة طرابلس".
يأتي ذلك بالتزامن مع العملية السياسية وتولي الحكومة الجديدة برئاسة عبدالحميد دبيبة زمام الأمور لحين اجراء انتخابات رئاسية في ديسمبر 2021.
جدير بالذكر أنه على مدار السنوات الماضية تكررت عمليات ضبط لمجموعات وأفراد يهربون النفائس الأثرية، إلى كل يد تطلبها وقادرة على دفع المقابل الذي هو عادة أقل من ثمنها الحقيقي.

شارك