مرصد الأزهر يحذر من تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية في موزمبيق

الأحد 11/أبريل/2021 - 01:52 م
طباعة مرصد الأزهر يحذر حسام الحداد
 
تشهد دولة موزمبيق في الفترة الحالية تصاعدًا في وتيرة العمليات الإرهابية التي استهدفت البلاد، فخلَّفت تلك الهجمات آثارًا سلبية على جميع المستويات، وفى شتى الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو الأمر الذي تنبَّأ به مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، وحذَّر منه مسبقًا في أكثر من تقرير، وأكَّد على ضرورة مواجهة خطر هذه الجماعات المتطرفة بشتى الطرق.
الجماعات المتطرفة في موزمبيق
يُعدُّ الموقع الجغرافيّ المتميز لدولة موزمبيق أحد أهم الأسباب التي دفعت الجماعات الإرهابية إلى استغلال هذا الموقع، وتشكيل خلايا نائمة، مستغلة الاضطرابات المحلية، ومكابدة موزمبيق من ويل الجماعات المتمردة التي تشكل تهديدًا صريحًا للحكومة.
«تنظيم داعش الإرهابي»: الذي استغل الأزمات التي تشهدها البلاد، وإيمان بعض الشباب بفكرة الخلافة! والتي كان التنظيم الإرهابيّ يزعم إقامتها - بعد الخسائر المتلاحقة التي تكبدها في سوريا والعراق – كما استغل التنظيم حالة التمرد ضد الحكومة، وحالة الفوضى التي تشهدها البلاد لشنّ عملياته الإرهابيّة وذلك بالتعاون مع الجماعات المتطرّفة الموجودة هناك، في محاولة منه لتعزيز قوته في المنطقة كجزء من عملية "الأفرُع" التي يهدف من خلالها إلى توسع انتشاره في أنحاء عديدة من إفريقيا. وقد وصلت خسائر الأرواح التي تسببت فيها هذا التنظيم منذ أكتوبر 2017 بقيادة "أبو ياسر حسن" نحو 1200 مدنيًّا، وذلك وفق ما أعلنته الخارجية الأمريكية.
«حركة الشباب»: والتي عرفت في بدايتها باسم "حركة أهل السنة والجماعة ASWJ"، وقد بدأ ظهورها في عام 2015 كحركة دينيّة، وهي الآن تعرف باسم حركة «الشباب». وتعد خلية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي - وليست حركة الشباب الصومالية- وقد تمثلت نشأتها في إطار العمل بفكرة «الحاكمية» (وهي الفكرة التي بيَّن مرصد الأزهر مفهومها الصحيح في العديد من مقالاته وحملاته التوعوية)، وتسعى من ذلك تلك الجماعة، إلى الصدام مع الدولة، ثم تشكيل فصائل عسكريّة، ومن ثَمَّ الدخول في حرب العصابات، ثم التعاون مع منظمات إرهابيّة عالميّة.
وتمكنت هذه الحركة في عام 2018، من السيطرة على أجزاء كبيرة من شمال موزمبيق، مستغلة حالة الفوضى في تلك المنطقة، وانشغال البلاد، بل العالم أجمع بمحاربة جائحة كوفيد 19 ومواجهة تداعياته المحتملة، ولعل السرَّ في تشبث التنظيم بمنطقة شمال موزمبيق، يرجع إلى تمتعها باحتياطيات ضخمة من النفط والغاز، حيث نفَّذت هذه الجماعة العديد من الهجمات، والتي وصلت خسائرها البشرية؛ وفق ما أعلنته الخارجية الأمريكية مؤخراً إلى نحو 2000 من المدنيين، ونزوح نحو 670.000 شخصًا من منطقة "كابو ديلجادو" شمال شرقي موزمبيق، على الحدود مع تنزانيا.
الهجمات الأخيرة 
من خلال متابعة مرصد الأزهر المستمرة لأحوال المسلمين في دول إفريقيا، والتي من بينها دولة موزمبيق، نفَّذت حركة «الشباب» الموزمبيقية يوم الأربعاء 24 مارس 2021 هجومًا إرهابيًا استهدف قرية "بالما" في الجزء الشمالي لولاية "كابو ديلجادو" الغنية بالغاز، والتي يبلغ عدد سكانها حوالي 75 ألف نسمة. وأسفر هذا الهجوم عن مقتل العشرات من المواطنين وفرار المئات، من خلال عمليات قتل وذبح للأبرياء العزل. مما تسبَّب في نزوح الآلاف من سكان قرية بالما إلى الدول المجاورة، وفرار البعض إلى الغابات تأمينًا لحياتهم. أو هربًا إلى الشواطئ عن طريق القوارب أو حتى سيرًا على الأقدام.
أحوال اللاجئين
تسبَّبت هذه الهجمات الأخيرة التي استهدفت قرية "بالما" بولاية "كابو ديلجادو" شمال موزمبيق في زيادة أعداد النازحين الفارين خوفًا على حياتهم، وهربًا من الموت، وقد تخطَّت أعدادهم الآلاف. وقد وصل أعداد النازحين بسب الإضطرابات المستمرة في هذه الولاية منذ شهر أكتوبر العام الماضي، إلى نحو 670.000 شخصًا، أُجبروا على ترك منازلهم، وذلك وفق ما أعلنته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. فيما قامت حكومة موزمبيق بإعادة توطين الأشخاص المشردين داخليًا، وإيوائهم في مخيمات خاصة، تقع في 9 مناطق بولاية كابو ديلجادو.  كما حذَّرت المفوضية من هذه الزيادة المستمرة، وبيَّنت أن أعداد اللاجئين قد يصل إلى مليون شخص في يونيو من هذا العام.
وقد حذَّر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من هذه الجماعات، ونبَّه على ضرورة اتخاذ كافة التدابير اللازمة لدحر هذا الإرهاب الغاشم، واجتثاث جذوره. من خلال آليات وتدابير جدية تقع على عاتق الحكومات، يتمثل بعضها في توحيد الصف، والتوعية الدائمة للمواطنين وبصفة خاصة، للشباب الذين لديهم حِمية وغيرة تجاه دينهم، ممن تستهدفهم حركة الشباب وغيرها من الجماعات المتطرفة في إفريقيا.
ويرى المرصد أن هذه الآليات والتدابير لا تقتصر على الحكومات فحسب، بل هي واجبٌ على كل فرد في المجتمع. بأن يحصن نفسه ضد هذه الجماعات، وألَّا يدع نفسه عرضة للتأثر بهذه الجماعات التي تتبنى أفكارًا وأيدلوجيات خبيثة، تتخذ الدِّين ذريعة، وهي في الحقيقة بعيدة كل البعد عن مبادئ أي دين سماوي.
كما ينبَّه المرصد على ضرورة التكاتف على الصعيدين المحلى والدولي للقضاء على تلك الجماعات الخبيثة، التي باتت خطرًا يهدد جميع الدول الإفريقية التي ينشطون بها. وليس هذا فحسب؛ بل خطر جسيم، وقنبلة موقوتة تهدد أمن وسلامة دول العالم أجمع.

شارك