قرار بايدن بشأن سحب قواته .. هل ينهي أطول حرب لأمريكا فى أفغانستان؟
الجمعة 16/أبريل/2021 - 01:42 م
طباعة
أميرة الشريف
إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن سحب القوات الأمريكية بالكامل من أفغانستان بحلول 11 سبتمبر ، أثار العديد من التساؤولات حول مدي إمكانية بايدن لإنهاء أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في وقت يحذر معارضو هذه الخطوة من أن السلام ليس مضموناً على الإطلاق بعد قتال استمر عقدين.
جدير بالذكر أنه قبل 20 عاما وبالتحديد في 7 من أكتوبر 2001 خاطب الرئيس جورج بوش الشعب الأميركي من قاعة المعاهدات بالبيت الأبيض، معلنا أن الحرب في أفغانستان قد بدأت.
وفي 14 أبريل 2021، تحدث الرئيس جو بايدن من القاعة نفسها ليعلن أن الولايات المتحدة ستسحب جميع قواتها المتبقية في أفغانستان بحلول 11 سبتمبر 2021.
وتشهد أفغانستان منذ فترة تصاعدا في الهجمات في مختلف مناطق البلاد، رغم أن حكومة كابل وحركة طالبان دخلت في مباحثات سلام منذ سبتمبر الماضي، فإنها لم تحرز أي تقدم ملموس في القضايا الرئيسية المتعلقة بإنهاء الحرب، ورسم المستقبل السياسي للبلاد.
وتعاني البلاد حربا منذ 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن بحكم طالبان لارتباطها آنذاك بتنظيم القاعدة الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر من العام نفسه في الولايات المتحدة.
وكان بايدن يواجه مهلة تنتهي في أول مايو حددها الرئيس السابق دونالد ترامب الذي حاول سحب القوات قبل أن يترك البيت الأبيض لكنه فشل. وسيسمح قرار بايدن ببقاء قوات في أفغانستان بعد الأول من مايو، لكن المسؤولين أشاروا إلى أنه من الممكن رحيل القوات كلها قبل 11 سبتمبر.
وقال مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض إنه بعد مراجعة صارمة للسياسة الأميركية، قرر الرئيس جو بايدن سحب القوات الأميركية المتبقية من أفغانستان وإنهاء الحرب الأميركية هناك، بعد 20 عاما.
وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة ستبدأ في سحب منظم للقوات المتبقية قبل الأول من مايو، وتخطط لإخراج جميع القوات الأميركية من البلاد قبل الذكرى العشرين لأحداث 11 سبتمبر.
وذكر أن الولايات المتحدة أرسلت قواتها إلى أفغانستان لتحقيق العدالة لأولئك الذين هاجموهما في 11 سبتمبر، ولتعطيل الإرهابيين الذين يسعون إلى استخدام أفغانستان كملاذ آمن لمهاجمة الولايات المتحدة.، مؤكدا أنه تم تحقيق هذا الهدف قبل بضع سنوات.
كما قال المسؤول إن الإدارة الأميركية الحالية ترى أن التهديدات القادمة من أفغانستان في مستوى يمكن معالجته دون وجود قوة عسكرية مستمرة في البلاد ودون البقاء في حالة حرب مع طالبان.
وقد تشاور الرئيس وفريقه مع مجلس وزرائه وأعضاء الكونغرس والحكومة الأفغانية وحلفاء الناتو، والشركاء الذين ما زالوا يعملون إلى جانب الولايات المتحدة في أفغانستان، بالإضافة إلى الدول المانحة الأخرى والقوى الإقليمية والمسؤولين السابقين من كلا الحزبين في الولايات المتحدة.
من جانبه قال عبدالله عبدالله رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية التابع للحكومة الأفغانية والمرشح الرئاسي السابق الآن ومع وجود إعلان بشأن انسحاب القوات الأجنبية خلال أشهر عدة، نحتاج لأن نجد سبيلاً للتعايش معاً... نعتقد أنه ليس هناك فائز في الصراعات الأفغانية ونأمل أن تدرك طالبان ذلك أيضاً.
وقال وحيد عمر مدير مكتب العلاقات العامة للحكومة الأفغانية إن الرئيس أشرف غني سيتحدث إلى بايدن عما قريب لمناقشة خطة الانسحاب. وأضاف إن القوات الأفغانية كانت تقوم بالفعل بالغالبية العظمى من العمليات بشكل مستقل، وستواصل تنفيذ ذلك.
من جانبها جددت حركة طالبان دعوتها لسحب جميع القوات الأجنبية من أفغانستان في الأول من مايو المقبل، وهو الموعد المحدد فيما يطلق عليه اسم "اتفاق الدوحة" الذي أبرمته الحركة مع الولايات المتحدة العام الماضي.
وكتب متحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي(تويتر) "تطلب إمارة أفغانستان الإسلامية سحب جميع القوات الأجنبية من وطننا في التاريخ المحدد في اتفاق الدوحة"، وهذا هو أول بيان رسمي لطالبان بعد أن ذكر مسؤولون أمريكيون أن الرئيس جو بايدن يرغب في سحب القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول 11 سبتمبر المقبل.
في المقابل ، تعهدت طالبان بقطع العلاقات مع القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى والدخول في محادثات سلام بين الأفغان، غير أن محادثات السلام تعثرت وتركت وضع القوات الدولية دون حسم مع اقتراب الموعد النهائي المحدد له مايو المقبل.
هذا وقد أدت هجمات 11 سبتمبر إلى دفع الولايات المتحدة إلى أطول حرب في تاريخها، لكن قرار بايدن يعكس تحول الولايات المتحدة المتزايد، بعيدا عن الشرق الأوسط في الوقت الذي تركز فيه على أولويات جديدة مثل الصين.
وقبل شهرين، أشارت وثيقة الدليل الإستراتيجي المؤقت للأمن القومي التي نشرها البيت الأبيض في بداية مارس الماضي، إلى أن الولايات المتحدة "لا ينبغي أن تنخرط، ولن تشارك، في حروب إلى الأبد، كلفت آلاف الأرواح وتريليونات الدولارات. وستعمل على إنهاء أطول حرب تشنها أمريكا في أفغانستان على نحو مسؤول، مع ضمان ألا تصبح أفغانستان مرة أخرى ملاذا آمنا للهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة".
ويري معلقون أمريكيون أن القوة العسكرية لم ولن تحل التحديات السياسية الداخلية في أفغانستان، ووفق الجزيرة نت ، أشار آدم وينشتين -خبير الشؤون الأفغانية بمعهد كوينسي- إلى أن "التوصل إلى هذا القرار استغرق 20 عاما، لأن أجهزة الأمن القومي رفضت قبول أن القوات الأميركية لا يمكنها أن تسيطر على الأوضاع السياسية في دول أجنبية"، مضيفًا بأن "القيمة الرمزية لاختيار 11 سبتمبر كموعد نهائي للانسحاب ليست مهمة، لكن الأكثر أهمية هو القيمة الحقيقية لإخراج القوات الأميركية من حرب لا يمكن الفوز بها".
يأتي ذلك على العكس من فكرة ترامب بالانسحاب الأحادي من أفغانستان، حيث نسقت إدارة بايدن مع حلفائها الغربيين الأعضاء بحلف شمال الأطلسي (الناتو) حول انسحاب مزدوج يشمل كذلك قوات الناتو المنتشرة هناك.
وقد أعلنت دول الحلف، أنها قررت المباشرة بسحب قواتها العاملة في إطار مهمة التحالف، بحلول الأول من مايو ، على أن تنجز ذلك "في غضون بضعة أشهر"، وفق بيان نشره الحلف.
ووفق تقارير أمريكية فقد كلفت الحرب الخزانة الأمريكية تريليونات الدولارات وأدت إلى مقتل أكثر من 2400 من أفراد القوات الأميركية، وما لا يقل عن 100 ألف مدني أفغاني، وأظهرت الحرب أن هناك حدودا لقوة النيران، حيث لا يمكن للقوة أن تحسم الصراع.