ثلاثة عوامل تنذر بعودة داعش في سوريا
الأحد 18/أبريل/2021 - 07:31 م
طباعة
روبير الفارس
كان تنظيم «داعش» يُرسي أسس عودته الكاملة من خلال إضعاف النظام ووحدات «قوات سوريا الديمقراطية»، وممارسة نفوذ أكبر في أراضيهم، وتحسين مكانته في "الهول" وسجن الحسكة. ووسط صمود نظام الأسد، وقلق «قوات سوريا الديمقراطية» بشأن العدوان التركي أكثر من قلقها من التصعيد الذي تشكله هجمات تنظيم «داعش»، على الولايات المتحدة إيلاء اهتمام أكبر لهذه القضية قبل أن تتفاقم وتتحول حتى إلى وضع أكثر خطورة. من هذا المنطلق نشر معهد واشنطن لسياسيات الشرق الأدنى تقرير مهم حول عودة داعش في سوريا للباحث بالمعهد عيدو ليفي
الذي اكد علي انه يتعين على الولايات المتحدة تخصيص المزيد من القوى البشرية لمحاربة تنظيم «داعش». وفي الوقت نفسه، تقديم دعم جوي واستخباراتي كبير إذا كانت ستدعم عمليات فعالة لمكافحة تنظيم «داعش» وتحقيق ما يشبه الأمن في أراضيها - وكل ذلك يتطلب وجوداً أمريكياً مستمراً على الأرض. هناك حاجة أيضاً إلى الدعم المالي لتحسين الأوضاع في مخيم "الهول" وإدارة [قضايا] السجناء في الحسكة . بالإضافة إلى ذلك، فإن خفض عدد القوات الأمريكية الآن سيكون بمثابة تنازل عن محافظة دير الزور لصالح تنظيم «داعش». وقال عيدو في تقريره
تشير ثلاثة عوامل إلى تنامي خطر عودة تنظيم «داعش» في سوريا:
قدرة مثبتة على شن هجمات. لم يتغير عدد الهجمات التي يتبناها تنظيم «داعش» في سوريا بشكل كبير خلال الأشهر العديدة الماضية؛ فمنذ بداية هذا العام وحتى 17 مارس وقعت 106 هجمات، مقارنة بـ 101 هجمات في الربع الأخير من عام 2020. غير أن الأرقام بحدّ ذاتها قد تكون مضلّلة لأن قدرة التنظيم على شن هجمات لا تزال كبيرة، مما يرغم الوحدات العسكرية التابعة للنظام وحلفاؤها على البقاء في حالة تأهب من خلال التسبب بالكثير من الضحايا والخسائر.
في 30 ديسمبر، هاجم تنظيم «داعش» قافلة حافلات في محافظة دير الزور تقل قوات موالية للنظام، ووفقاً لتقديرات وزارة الدفاع الأمريكية أدى ذلك الهجوم إلى مقتل 39 شخصاً. وفي 2/فبراير هاجم التنظيم عدة مواقع تابعة للنظام، مما أدى إلى مقتل تسعة عشر جندياً وعنصراً من الميليشيات. ورداً على ذلك، شنت روسيا قصفاً مكثفاً إضافياً على مواقع التنظيم في البادية، شملت 100 غارة جوية في 4-5 فبراير. إلّا أن ذلك لم يؤدي إلى زعزعة التنظيم؛ فبعد ثلاثة أيام من ذلك التاريخ ،[نجح] في قتل ستة وعشرين مقاتلاً من ميليشيا «لواء القدس» الموالية للنظام خلال عمليات في دير الزور. ووفقاً لـ "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، شن تنظيم «داعش» سلسلة أخرى من الهجمات الفتاكة في الفترة ما بين 19 و 20 فبراير. وهذه المرة، فُقد خمسة عشر جندياً (من المحتمل أن يكون قد تم أسرهم أو إعدامهم) بعد أن قام التنظيم بإضرام النار في حافلة عسكرية، وقتل خمسة عشر من رجال الميليشيا في عمليات منفصلة.
ثانيا
خصوم محبطون. كان شبح سلسلة هجمات تنظيم «داعش» يخيف قوات الأمن في الأراضي التابعة لكل من النظام و«قوات سوريا الديمقراطية»، حتى أن هذه القوات تخلت عن مدن معينة في منتصف الليل خوفاً من عدم قدرتها على حمايتها - مما أدى بشكل أساسي إلى التنازل عنها لصالح السيطرة الجزئية على الأقل لتنظيم «داعش». ويدل ذلك على عدم استعداد أي من الطرفين (قوات الأمن التابعة للنظام و«قوات سوريا الديمقراطية» على حد سواء) لتكبد خسائر كبيرة من أجل الاحتفاظ بالمناطق التي ينشط فيها تنظيم «داعش». وفي المقابل، لا يزال مقاتلو التنظيم في سوريا وأنصارهم في مراكز الاحتجاز ملتزمين إلى حدّ كبير بقضيتهم، مما يجعل الوضع محفوفاً بالمخاطر.
ثالثا
زيادة السيطرة على السكان المحليين. عند التسلل إلى مناطق النظام وتلك التابعة لـ «قوات سوريا الديمقراطية»، يستخدم تنظيم «داعش» أساليب مختلفة لزيادة نفوذه على أكبر عدد ممكن من السكان. وفي المناطق الريفية في البادية، غالباً ما يفرض حوكمة شبيهة بتلك التي تقوم بها المافيا من خلال ابتزازه للشركات، ورعاة الغنم، وغير ذلك من العمليات ضد السكان المحليين. أما أولئك الذين لا يمتثلون [لمطالب التنظيم] فيواجهون الموت أو الاختطاف أو مصادرة ممتلكاتهم، ولم يفعل النظام الكثير لمنع هذه الانتهاكات، وهو الأمر بالنسبة لـ «قوات سوريا الديمقراطية». وبالكاد تحافظ قوات الأسد على سيطرتها في بعض المناطق (السخنة، السلمية)، في حين تَقلّص نفوذ «قوات سوريا الديمقراطية» بسبب هجمات تنظيم داعش على "المتعاونين" المحليين. ومن بين العديد من زعماء القبائل والمجتمعات الذين استُهدفوا بسبب تعاونهم مع «قوات سوريا الديمقراطية»، قُتل أحد شيوخ قبيلة العُقيدات في ك/يناير. وفي 13 /مارس، نشر تنظيم «داعش» قائمة بأسماء سكان بلدة جديد عكيدات في دير الزور، مهددين بقتلهم وتدمير منازلهم إذا لم "يتوبوا".
وقال التقرير تشكّل تكتيكات تنظيم «داعش» مبعث قلق على نحو خاص في مخيم "الهول" وسجن الحسكة. وقد أصبحت عمليات قطع الرؤوس والإعدامات الفورية بمسدسات كاتمة للصوت وعمليات قتل أخرى شائعة بشكل متزايد في "الهول" (41 جريمة قتل هذا العام وحده، مقارنة بثلاث وثلاثين حادثة موثقة في عام 2020 كله). كما تتزايد الاتصالات مع الخارج - فقد أصبح من السهل لسكان المخيّم الحصول على أسلحة والتواصل مع المهربين لإدخال الناس إلى المخيم وإخراجهم منه، كما يمكن لبعض السجناء في الحسكة الحصول بسهولة على هواتف محمولة